إلا أن المؤيدين حاولوا الزج بالدستور قسرًا لدعم وجهة نظرهم، بحجة كون قانون الانتخاب بشكله الحالي يمثل مخالفة لمبدأ المساواة فيه، وهي حجة باطلة لكون المساواة المعنية دستوريًا هي (المساواة القانونية) وليست تلك المطلقة والمجــردة مـن كل قيدٍ وشرط، إذ لو كان المعنى كمـا يدعــون لوجدنا من شباب الكويت من يطعن في دستوريـة قانون التجنيد الإلزامي – الموقف حاليًا – بحجة عدم مساواته في الواجبات العامة بين شباب الكويت وفتياتها!
× الوقفة الثانية – كلية الحقوق والتوعية القانونية : في مطلع شهر مارس الجاري عقدت الكلية مؤتمر (دور القطاع الخاص في التنمية) وتناول فيه المحاضرون والحاضرون الأبعاد القانونية لمساهمات القطاع الخاص في إدارة وتطوير الخدمات المختلفة والقطاعات العامة لدولها في ضوء التجارب الكويتية والمصرية والفرنسية.
وكم كانت مميزة مداخلة د. بدر اليعقوب ضمن إدارته لإحدى جلسات المؤتمر، حيث أشار إلى ضرورة توفير أدوات رقابة ومحاسبة فاعلة في المجتمعات التي ترغب بخصخصة قطاعاتها العامة، مثل: الحريات الصحفية والإعلامية والرقابة البرلمانية والسياسية والشفافية المالية والإدارية، حتى لا تفشل تجارب التخصيص الليبرالية كما فشلت تجارب التعميم والتأميم الاشتراكية من قبلها.
× الوقفة الثالثة – جرائم في وضح النهار!: أن يتناقل الناس تسجيلاً مصورًا لمواطنة تسيء للكويت وشعبها دون أن تحرك الأجهزة التي أناط بها الدستور الحفاظ على أمن المجتمع ساكنًا هو خطأ فادح لا يغتفر.
ولعل أبرز أسباب الغلو والتطرف في الأمور هو تقاعس المسؤولين عن مهامهم الدستورية في حفظ (النظام العام) للمجتمع من أمن وصحة وسكينة وآداب عامة، فينبري لتلك المهمة شباب أغرار يحركهم الحماس بلا حكمة أو خبرة أو صلاحية قانونية.
× الوقفة الرابعة – جمعية الشفافية الكويتية: قد حرمني خطأ إجرائي من نيل شرف المساهمـة - ولو بالقليل من الجهد – في تأسيس هذه الجمعية المنشود إشهارها قريبًا، وهي تختص بمحاربة صور الفساد الإداري والمالي والسياسي المختلفة، وبمراقبة نزاهة عمليات الاقتراع والفرز في مختلف الهيئات المنتخبة في البلاد، وستشكل – حال إشهارها – إضافة جيدة بإذن الله القدير إلى سجل دولة الكويت المميز إقليميًا في مضمار كفالة الحريات وسيادة القانون.
وإن كنت – شخصيًا – لا أحبذ إدخال الشخصيات النيابية أو الحكومية ضمن عضويتها لرفع الشبه ودفع التهم التي سيحاول البعض تلفيقها للنيل من استقلالية الجمعية، لكني أتساءل عن سبب تجاهل إدخال النائب د. ناصر الصانع فيها طالما تم تسجيل النائبين علي وباسل الراشد! وهو النائب الكويتي الأنشط إقليميًا ودوليًا في مجال محاربة الفساد الإداري وتحقيق الشفافية السياسية.
على أية حال فإن اندفاع شريحة واعية ومثقفة من أبناء وبنات الكويت لتأسيس الجمعية يعتبر بادرة رائعة تستحق التجاوب الحكومي الأمثل معها، على أمل أن نرى جمعية الشفافية الكويتية مشهرةً في القريب العاجل إن شاء الله، بعدما أتمت جمعيتها العمومية التأسيسية بنجاحٍ وحضور كبيرين.
ختامًا: إن كفالة حرية إصدار الصحف ونشر التوعية القانونية وإصدار قوانين الشفافية المالية والنزاهة الانتخابية وإشهار الجمعيات الشعبية الداعمة لها، تعتبر كلها خطواتٍ هامة في درب بناء دولة القانون والعدالة التي أنشأها أجدادنا الأوائل منذ وطأت أقدامهم الطيبة تراب هذا الوطن العزيز.