- النيابة والأمن ... والجرائم العلنية!
- فرنسا والتشيك وسيادة القانون
- جاسم الخرافي وإنشاء الأحزاب!
- عجـز الأنظمة العربية ... يترسـخ! إذا كان الدستور الكويتي قد قرر في المادة 7 منه أن (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع) فإن من واجب جميع السلطات في الدولة أن تسعى لتكريس هذه الدعامات وترسيخها، بأن تتوخى في جميع تصرفاتها القانونية والمادية جميعها تحقيق العدل وتعزيز الحرية وإشاعة المساواة بين الناس، وها نحن نلتقي معًا في وقفات قانونية جديدة نستلهم عبرها تلك المعاني السامية التي أتى بها النص الدستوري المذكور.
تكررت في الفترة الأخيرة المجاهرة بأفعال وأقوال تجعل مقترفيها "متهمين" في نظر القانون، وتراوحت هذه الأفعال ما بين إهانة شعار الدولة وتحقير مواطنيها داخل أروقة مجلس الأمة، مرورًا بنشر إعلانات صحافية تروِّج لخدمات مخالفة للقوانين والمعاهدات المصدق عليها، وانتهاءً باعتراف علني وصريح بممارسة الفواحش والعياذ بالله!
وبدون حاجة لتكييف قانوني معين نجد أن المادة 49 من دستور دولة الكويت واضحة فيما قررته من أن (مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان الكويت)، فهل قامت النيابة العامة وأجهزة الأمن العام بدورها المناط بها من أجل ضمان مراعاة نظامنا واحترام آدابنا؟ ويكفي في كثير من الحالات أن يستدعى "المتهمين" للتحقيق الرسمي ليتحقق الردع المطلوب عن تكرار مثل هذه الأفعال المعيبة.
في الأسبوع الفائت طالعتنا الصحف المحلية بخبرين، مفاد الأول أن القضاء الفرنسي أصدر حكمًا بالسجن لنجل الزعيم الليبي الأصغر، جراء جرائم اقترفها على الأراضي الفرنسية، ومفاد الثاني أن الإدعاء العام التشيكي طلب من المحكمة العليا الحكم بالسجن على أمير قطري محتجز هناك، جراء عدة جرائم اتهم بارتكابها على أراضيها.
والمميز في الخبرين أن القضاء الفرنسي والنيابة التشيكية لم يلتفتا لكون المدعى عليهما يحملان جوازين دبلوماسيين من دولتيهما، حيث أنهما لا يمارسان فعلأ العمل الدبلوماسي بل يتخذانه غطاء بحسب قرار تلك الجهتين، مما يمثل نموذجًا واضحًا لسيادة القانون بغض النظر عن كون الأول ابن زعيم والثاني عضو أسرة حاكمة والعقبى لبلادنا العربية.
كم أثلج صدري وصدر كل قانوني تصريح السيد جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة (السلطة التشريعية) المنشور محليًا يوم السبت قبل الماضي، حيث وضع تصريحه النقاط على الحروف في مسألة إنشاء الأحزاب السياسية في الكويت، قاطعًا الطريق أمام بعض المتطفلين على الدستور ممن يغالطون أنفسهم ويقلبون الحقائق عندما يتكلمون عن عدم دستورية الممارسة الحزبية!
والعجب كل العجب أن بعض أولئك المغالطين هم (مستشارون) لرؤساء أجهزة تنفيذية عليا في الكويت! وهم على ما يبدو جاهلين لوجود النص الدستوري التفسيري الملزم التالي:
(لا يتضمن النص الدستوري –المادة 43- الإلزام بإباحة إنشاء هذه الأحزاب، كما أن عدم إيراد هذا الإلزام في صلب المادة ليس معناه تقرير حظر دستوري يقيد المستقبل لأجل غير مسمى ويمنع المشرع من السماح بتكوين أحزاب إذا رأى محلاً لذلك. وعليه فالنص الدستوري المذكور لا يلزم بحرية الأحزاب ولا يحظرها، وإنما يفوض الأمر للمشرع العادي دون أن يأمره في هذا الشأن أو ينهاه).
مرت على الأنظمة العربية الكثير من المواقف التي تؤكد عجزها عن مقاومة ما تتعرض له الأوطان والشعوب من جرائم متعددة، ابتداء من استمرار النكبة في فلسطين المحتلة مدة 57 عامًا مرورًا بالاحتلال العراقي لدولة الكويت وانتهاءً بالجرائم التي صاحبت الاستفتاء الدستوري في مصر مؤخرًا!
وعلى امتداد تلك الأزمات وحتى ساعة كتابة مقالي هذا لا تزال الأنظمة العربية تقف حائرة التفكير وخائرة القوى أمام تلك الجرائم البشعة، والتي استباحت الأموال والأرواح والأعراض على حد سواء، والطامة الكبرى في وجود فئة من القانونيين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، عبر مساهمتهم في تخليص الجناة من جرائمهم والتغطية عليهم من أجل الاستمرار فيها!
في الختام: إن عصر العولمة وتقنيات نقل المعلومات الحديثة قد أتت لنا بويلات اجتماعية عديدة، ولكن النظر للجانب الإيجابي لتلك الأدوات من الممكن أن يدفعنا لاستخدامها في ترسيخ قيم العدل والحرية والمساواة في دولنا العربية، وكل الذي أرجوه هو أن يكون انتباهنا لأهمية الإعلام والإنترنت وغيرها أسرع من انتباه أعداء الأوطان والشعوب.