إن ظاهرة الإستحواذات التي تشهدها الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية أو غير المدرجة صحيّة وتنم عن دراسة جيدة للواقع الإقتصادي من قبل متخذي القرار ، ونؤكد أن التوقيت مناسب جدا للتخلص من الشركات الورقية وتخفيف العبء على السوق خاصة وأن قطار الإندماجات والإستحواذات قد بدأ في الكويت والمنطقة لأسباب عدة ومنها ما تشهده الأسواق العالمية من هزات اقتصادية خاصة وأن جميع الدراسات والتقارير ومنها تقرير صدر اخيراً عن الاتحاد الدولي لشركات الاستحواذ والدمج بناء على دراسة أعدتها شركة ميرغرماركت تشير إلى أن الاندماجات والاستحواذات تساهم في تحسين المناخ السائد حالياً نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية. إلا أن التقرير حذر من أن سياسات الأبواب المغلقة المعمول بها حالياً بحاجة إلى إجراءات عاجلة لإعادة الثقة لدى المستثمرين المحتملين.
ونشير إلى أن من أسباب اتخاذ تلك القرارات الإستراتيجية عدة عوامل منها الرغب لدي صناع القرار في توحيد الجهود الإدارية والفنية والكوادر البشرية في الشركات المتماثلة وذلك لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتباطؤ النمو في الاسواق ، بالإضافة إلى الرغب في توفير السيولة المالية للتوسع المحلي أو الإقليمي وأخيرا لإجتياز المتطلبات القانونية الجديدة للإدراج في سوق الكويت للأوراق المالية الكويتي على اعتبار أنها شددت على مسألة الإدراج سواء من حيث المدة أو رأس المال أو الربحية .
ونتفاءل في هذا المجال من عمليات الاستحواذات التي سيشهدها السوق الكويتي على اعتبار أنها تحمل عدة ايجابيات من شأنها دعم الإقتصاد الوطني على وجه العموم والسوق الكويتي على وجه الخصوص ولمواجهة آثار المنافسة المختلفة ، أما سلبيات تلك الاستحوذات تكمن في القانون المنظم لتلك الإستحواذات والذي يجب تعديله وتقنينه بصورة جديدة تتناسب وحماية المستثمرين والمساهمين بما فيها قوانين الشفافية.
ونخلص إلى أن عملية الاندماجات تحكمها قواعد قانونية قننها المشرع الكويتي في قانون الشركات التجارية ومنها لا بد من عرض مسألة الاندماجات على الجمعية العمومية للمساهمين لأخذ موافقته وفق أغلبية معينة مع وجوب نشر قرار الإندماج في الجريدة الرسمية على أن لا يعمل به إلا بعد مرور 3 اشهر من تاريخ النشر ، وكذلك لا بد من أن يتخذ الاندماج احدى صورتين وهم الاندماج بالمزج أو الضم وكل حالة تختلف قانونا عن الأخرى ولها اجراءاتها القانونية وهذا الأمر يعتبر من الأهمية لعدم وقوع الكيانات المختلفة في مطبات قانونية قدر تعرضها لبطلان مثل تلك الإندماجات .
ونؤكد في هذا المقال أن عملية الاستحواذات والاندماجات بشكل عام ستفرض نفسها خلال تلك الفترة الزمنية لتكون كيانات قوية وقادرة على المنافسة ومواجهة الضروف المحلية والدولية، فاجتماع رؤوس الأموال وتوحد الادارات وتبادل الأفكار والعمل بروح الفريق الواحد ، وتوحيد الجهود كل ذلك سيبني كيانات اقتصادية قادرة في هذه المرحلة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات عدة تساعد هذه الكيانات القوية على إنشاء فرص عمل جديدة ، خصوصا إذا قلنا أن البيئة الاستثمارية في الكويت غير بعيدة عن دخول منافسين اليها لذلك يستدعي الامر الاندماج او التحالفات الاستراتيجية حتى تظل المنافسة وتبقى على وجودها الفاعل كما يساعد الشركات العائلية للتطوير عملها بالإندماجات وفق مفاهيم الحوكمة الحديثة.
ونبين أن هذه الاستحواذات والاندماجات التي ستشهدتها الساحة الإقتصادية في الكويت ستكون نقطة البداية لتحالفات في السوق الخليجي سواء على أكانت اندماجات أو تحالفات إستراتيجية ومن بين تلك القطاعات قطاع البنوك على اعتبار المنافسة التي قد تشكلها اتفاقية التجارة العالية - الجاتس بالاضافة إلى ما خلفته الازمة المالية العالمية وأن تلك الاندماجات ستكون وفقا للمثل الشعبي: "مكره أخاك لا بطل".
وفي الختام: نؤكدا على أهمية دراسة ما ستخلفه اتفاقية التجارة العالمية على الدول النامية، مشيرا إلى أهمية على التعاون الخليجي المشترك في ذلك ومع مراعات تبسيط الاجراءات القانونية للاندماجات وللاستحواذات لمواجهة الأزمة المالية العالمية.