تأملت جسمها الدقيق جدا، وقلت فعلا جسمها لا يصلح لأي شيء آخر، سوى الباليه.
تحدثا معًا باليابانية، فلم أفهم شيئا، ثم استأذنا ـ بانحناءة رأسيهما ـ للدخول إلى غرفتهما، فأحنيتُ رأسي لهما.
[IMG]http://nashiri.net/aimages/ballet1.jpg[/IMG]
الكاتب بجوار ملصق دعاية حفل الباليه بفارنا
في المساء رأيتهما في بهو الفندق، وكانت واتاناكي مشرقة جدا، ومتألقة جدا، بعد أن وضعت مكياجها الذي يناسب استعراض الباليه.
ثم بدأت تخرج من مصاعد الفندق الثلاثة، عشرات الباليرينات في أحجام مختلفة، ولكن أدق الأحجام وأصغرها كانت واتاناكي.
ثم ظهر قائدهم ـ شاب رياضي لم أستطع تحديد جنسيته ـ وبإشارة واحدة منه، وقف الجميع صفا واحدا في أقل من دقيقة. أملى عليهن تعليماته، وأشار بيديه إلى أكثر من باليرينا، فتقدمن أمام الصف. أخذ يفحص مكياجهن جيدا، ويدقق في عيونهن، وفي آذانهن، وفي ملابسهن، ثم أمرهن بالرجوع إلى الصف.
في أقل من دقيقة كان الصف يتجه إلى خارج الفندق، وكأنه صف من الجنود يسير إلى معركة فاصلة.
خرجتُ وراء الصف لأرى إلى أين ذاهبون. فاتضح أن دار الأوبرا التي ستقدم عروض الباليه لا تبعد سوى أمتار عن الفندق.
نظرتُ إلى الأم اليابانية، وهي تسير إلى جوار الصف، وتتأمل ابنتها بعينين دامعتين فيهما قدر كبير من السعادة والخوف.
رفعت يدي محييا واتاناكي لأشجعها، نظرتْ إليَّ ولم تبد أي استجابة.
حاولت أن اقترب من الأم لأشعرها بوجودي، ولكنها لم تر شيئا من حولها سوى ابنتها.
أخذت أنظر إلى كل المشتركين، علني ألمح وجها مصريا أو عربيا، فلم أجد سوى الوجوه الآسيوية والأوربية، مشرقة متألقة متلألئة في صلابة وتحد وجمال.
حين حاولت الحصول على تذكرة دخول لأشاهد فتاتي اليابانية، لم أجد أحدا في شباك التذاكر، بينما كانت الأم تقف في فخر واعتزاز بجوار بوابة الدخول الرئيسية.
حين فتحت البوابة الرئيسية لدخول الجمهور، هممت باللحاق بها، لكنها كانت أسرع مني في الدخول إلى الصالة لتشاهد ابنتها الباليرينا، وهي تصعد إلى سماء الفن العالمي.