جدل حول الميزانية وسقوط تفاحة آدم!

مكتبان متلاصقان كأنهما توأمان سياميان، 15 فرداً بين صحافيين و فنيين يشكلون فريق موقع"العربية نت" الذي يتقاسم أفراده رقائق الخبز بالجبنة و الأخبار والهموم، ينتقل بين المكتبين رئيس تحرير الفريق الدكتورعمار بكار ممسكاً برقبة كوب قهوة لونه أحمريتمدد على صدره شعار" نسكافيه " إلى جانب مسبحته الفضية الثمينة التي تبدو كأسورة ترفض مغادرة معصمه. يقع المكتبان و بجوارهما مكتب بكار أمام مكتب المذيع تركي الدخيل في الطابق الخامس الذي يضم مكاتب العلاقات العامة و التسويق إلى جانب مكاتب مجلس إدارة مجموعة "ام بي سي".

سفينة وأصابع
تتعثر في طريقك إلى مكاتب "العربية نت" بمشاهدة فتيات جميلات يعملن في التسويق و يتركن روائحهن خلفهن في الأزقة و صورهن في الذاكرة، المكتب الأول يضم الفريق الفني للموقع، الوجوه و الأصابع منهكة أمام شاشات الكمبيوتر، السوري طلال فهمي (31عاماً) مصمم موقع العربية الإلكتروني يقضي نحو 10 ساعات يوميا أمام جهازه للعمل على تحديث و صيانة الموقع المزدهر، طلال الذي يستقبلك بإبتسامة مدوية و لحية صغيرة يعترف أن فريق "العربية نت" واجه مشكلة عند تدشين الموقع بسبب تشابه فكرته مع موقع"ميكروميديا": " تجاوزنا المشكلة بعد تغيير شكل الموقع بعد حين ".
فهمي الذي خطفته العربية بعد لقاء أجري معه في اذاعة " بانوراما " حول تصميم المواقع يعمل بجدية لتطوير الموقع فنياًعلى نحو يجعله متميزا و مختلفا. بمحاذاته تماما يجلس الأردني محمد العقاد(28 عاماً)- مسؤول ملف المواد التفاعلية- يبدو و كأنه خرج من الحلاق للتو، شعره مصفف بعناية ككلماته التي يطلقها بتركيز و دقة كبيرين، يأمل محمد أن تحظى الصفحة المستقلة التي سيخصصها الموقع للمواد التفاعلية بالنجاح: "نملك عدة افكار سترى النور وشيكا، نرجو أن تكون كما يشتهي المتلقي".
أمامهما يجلس المصحح اللغوي الموريتاني محمد معاوية (30عاما) يرتدي سترة بنية فاتحة أسفلها قميص أبيض، يتكلم بصوت خفيض كأنه سفينة تمشي بأطراف أصابعهاعلى البحر، يحتج معاوية مثلناعلى صياغة البرامج التي ينشر تفاصيلها موقع العربية، يقول: " المفروض أن يتم تنقيح المواد و البرامج قبل نشرها لكن إدارة العربية تتعاقد مع شركة في الأردن تتولى تفريغ البرامج ثم ترسلها بالايميل و يتم طرحها مباشرة".
يعترض المصحح اللغوي في العربية الذي سبق له العمل بالمغرب في عدة مواقع و صحف على استخدام اللغة العامية في البرامج متمنيا أن تكون اللغة العربية الفصحى هي السمة المشتركة.
و يعتقد محمد أن موقع العربية: "فريد و متميز، اقرب إلى مجلة إلكترونية بتبويبه و خارطته".

تفاحة آدم وعجز
محررو العربية يحتشدون في المكتب الثاني، يتناوبون على الكلام و الصمت، يطالب مصطفى الحفناوي -محرر اقتصادي- بضرورة عمل الصحافي في جريدة ورقية قبل الانتقال الى صحيفة إلكترونية : " ما تعلمناه في الصحف التقليدية هو ان مانكتبه فيها يعتبر كوثيقة تطاردك طوال حياتك، أما في الانترنت فربما تستطيع تصويب الخطأ في حالة وقوعه، ينبغي أن ننمي الشعور بالمسؤولية لدى الصحافي الإلكتروني الحديث".
مصطفى القادم من صحيفة" الشرق الأوسط " عمل لمصلحة العديد من الصحف قبل انتقاله للعربية قبل عام تقريباً من بينها جريدة"الأهالي" المصرية.
الشاب الفلسطيني إسلام(27عاما) المتخصص في اختيار صور الموقع يرجع نشر صور مثيرة على "العربية نت" لـ"كسر الجمود في صفحات تكتظ بالأخبار السياسية".
ينفي إسلام تزوير بعض الصور في الموقع كوضع صور لإيرانيات على انهن سعوديات :"مصداقيتنا لايمكن أن نفرط بها من أجل صورة، اخلاقيات المهنة تمنعنا من القيام بمثل هذه الممارسات".
على يسار إسلام شاهدت السعودي طلال الحمود - مسؤول الصفحات الرياضية -، يرتدي (تي شيرت) أنيق و جينز، يده اليسرى يمسك بها هاتفه الشخصي بينما يحرك الفأرة بيده اليمنى، عرفت الحمود مبكراً قبل عدة سنوات ، وعلى وجه التحديد عام 1999عندما زاملته في جريدة "الحياة" اللندنية، اختلف كثيرا عن الصورة التي رسمتها له في ذهني، بدا أكثر تشويقا و مرحا، أقصر مما توقعت لكن مشبع بالدفء و النضارة، أرى في عينيه وجه صديقنا المشترك عائض الحربي، بعد أن فرغ من مكالمته و الترحيب بي، سألته عن سبب مغادرته المبكرة لجريدة "عكاظ": " عملت مع مجموعة لا تقدر العمل الصحافي". كيف؟ يرد: " نائب رئيس تحريرعكاظ السابق الدكتور أيمن حبيب ظلمني لأسباب أخجل من ذكرها ". و حول محاباته لكتاب دون آخرين في صفحات العربية الرياضية كونه ينشر لأسماء محددة بصفة دائمة؟ أجاب طلال:" أعمد دائما على قطف أجمل المقالات التي تنشرها الصحف الرياضية بعيدا عن ميولي و علاقاتي، اختلف مع الزميل وليد الفراج مثلا، لكن هذا لايعني أن أغض النظرعن بعض زواياه الجديرة".
انتقل الحمود إلى "العربية نت" من "الحياة" بعد ان وعدته الإدارة بتوفير نحو 18 شخصا تحت ادارته في القسم الرياضي :" لم تنفذ الادارة وعودها، وفرت 3 متعاونين، و تم الاستغناء عنهم بعد فترة وجيزة بسبب عجز في الميزانية".
يعتمد طلال في الصفحات الرياضية على أخبار الوكالات و اعادة صياغة بعض التقارير و الأخبار بحبور : "امكاناتنا فرضت علي هذا الايقاع مؤقتاً، نحن بحاجة إلى مراسلين ميدانيين لتحقيق تطلعاتنا".
أفاد الصحافي الرياضي أن ازدياد عدد الزوار وراء استمراره : " أشعر أني أتقدم و هذا مايدفعني للاستمرار".
يعيش الحمود و عائلته في الشارقة قادما من حي الصفا بجدة، هرب من غلاء دبي إلى الامارة المجاورة.
أما زميله حيان نيوف(25 عاماً) -أحدث عضو في العربية نت- فقد عانقني بحرارة بعد أن قدمني إليه الزميل عمار كونه يكن لـ "إيلاف"محبة كبيرة برزت جليا في سروره و كلماته و تفاحة آدم التي تكاد تقفز من عنقه من شدة السعادة، يقول نيوف :" ( إيلاف ) لها فضل كبير عليّ، لا يمكن أن أنسى دورها في انتشاري، لا يمكن أن أنسى اللحظات التي قضيتها مراسلا لها في دمشق، سأظل كاتبا و متواصلا معها ماحييت".
تعاقدت العربية حديثا مع نيوف الحاصل على اجازة في الادب الانكليزي و الذي يملك خبرة لائقة في التحرير، الترجمة، و الإخراج.

صحن فضائي لاذع
الكياسة تمشي على قدمين، انه العنوان الأقرب لعمار بكار رئيس تحرير موقع العربية نت، ترك الكرسي الذي يقع خلف مكتبه و جلس أمامي عندما طلبت ان أحاوره، فتح أزرارسترته بهدوء، وضع هاتفه النقال على الطاولة، منحني نفسه.
بكار الذي يبدو اكثر وسامة في الواقع من الصورة التي ترافق مقالته في صحيفة " الاقتصادية " التي يكتب فيها نفى أن "العربية نت" اقتبست فكرة تصميم الموقع من "ميكرو ميديا"، يبين: "أشرفت على تصميم الموقع منذ البدء، صدفة بحتة وراء التشابه، ربما لا أحد يصدق لكن هذه هي الحقيقة". يستشهد الدكتور عمار بقول الجاحظ في هذا السياق: " الانسان يحفظ القصيدة ثم ينساها ثم يتأثر بها ".
نحو مليون دولار سنويا ميزانية"العربية نت" حسب رئيس تحريرها الذي يقول أنه ازاءها أمام خيارين: "استقطاب مراسلين، أو صنع فريق مركزي مميز". اختار عمار بناء فريق متمكن في المركز الرئيس بدبي ومعتمداً على مراسلة خارجية واحدة في السعودية.
استطاع فريق "العربية نت" المكون من نحو 15 شخصا بين صحافيين وفنيين من الانتشار بوضوح بعد عام من انطلاقها بفضل انتقاء المواضيع المميزة التي تذيعها الوكالات، الصحف، وفضائية العربية وتقديمها بطريقة لافتة، يضيف بكار: " لم يمنعنا عدم وجود شبكة مراسلين من التميز، الأسبوع الماضي استطعنا الظفر بعدة انفرادات من بينها: زنا المحارم الذي نقلته جريدة الحياة، وحوار مع زينب التي ارتدت عن الإسلام، فضلا عن التغييرات الإدارية التي ستشهدها الصحف المصرية".
يتابع عمار: "لايمكن ان نقارع الصحف اليومية عبر متابعاتها الميدانية الدائمة ولكن نحاول أن نقدم وجبة طيبة وشهية للقارئ وفق امكاناتنا وأسلوبنا والحكم للمتلقي".
ألا يخشى بكار أن يختفي موقع "العربية نت" بعد أن غاب " باب " الذي كان يرأس تحريره؟ ابتسم قليلا فأجاب: "أولا (باب) مازال موجوداً، فاختيار الاسم الذي شغلني لفترة طويلة ساهم كثيرا في ذيوعه واحصائياته ممتازة حالياً، لكن". يركض خلف (لكن): "في أواخر التسعينات بدا جليا أن الانترنت قادم للمنافسة لا محالة مماجعل رجال الأعمال يتجهون نحو الاستثمار فيه، يكلفك أحدهم ببناء ناطحة سحاب، ثم تبني الأساسات وفق هذا الطموح ثم يطلب منك التوقف، حينها لم تستطع اكمال ناطحة السحاب ولاتستطيع عبر أساساتها ان تبني عمارة متواضعة!". يقول رئيس تحرير "باب" السابق: "بدأنا في (باب) بميزانية معلنة تصل الى 20 مليون دولار".
بكار الذي يرأس تحرير" العربية نت" وفق ميزانية و صلاحيات واضحة يعمل جاهدا على تنمية ميزانية الموقع عبر خطط طموحة تتمثل في التعاون مع جهات اقتصادية و استثمارية لتشييد مواقع إلكترونية برؤوية فريق "العربية نت": "بدأنا فعلا في هذا المشروع الذي سيكون له مردود مالي ومعنوي إيجابي".
بكار الحاصل على الدكتوراة من جامعة أوكلاهوما في التحفيز الإبداعي سجل نجاحات مهمة في مسيرته الأكاديمية والصحافية، أحرز المركز الأول في شهادة الثانوية العامة عام 1990، القسم العلمي، والتحق بجامعة الامام محمد بن سعود بالرياض، تخصص: صحافة رغم قبوله في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران- شرق السعودية- نظرا لولعة بالاعلام و الصحافة منذ نعومة أظفاره فضلا عن دعم والده الدكتور الشيخ عبد الكريم بكار، تابع دراسته العليا على حسابه الخاص بعد أن انصرفت جامعة الإمام عن ابتعاثه بسبب مقابلة نشرها في "مرآة الجامعة"- تصدرها الجامعة التي يدرس فيها- مع الشيخ مناع القطان اعترف في سياقها الأخير إلى وجود" صحن لاقط للقنوات الفضائية على سطح منزله " مما سبب انزعاجا حادا ألقى بظلاله على علاقة عمار بجامعته عام1994، يقول لـ "إيلاف": "منعت من المشاركة في الجريدة رغم ان المقابلة تمت مع مدير عام الدراسات العليا في الجامعة و اجاباته موثقة بخط يده".
و عمل بكار في صحف "المسلمون"، "عكاظ" و عدد وافر من مطبوعات الشركة السعودية للأبحاث والنشر.
ادارة وبرامج
انطلق موقع "العربية نت" بعد عام من بدء بث قناة العربية الإخبارية التي انطلقت في شهر آذار(مارس)2003، يدير القناة المتخصصة السعودي عبدالرحمن الراشد،مدير البرامج والأخبار اللبناني نخلة الحاج، ويساعده الدكتور الفلسطيني نبيل الخطيب، ويرأس التحرير في القناة كل من : اللبناني عبدالستار اللاز(رئيس تحرير التغطيات الخاصة)، المصري هشام الديب، المصرية مديحة سلطان. ويدير تحريرها: الأردنية دانة صياغ ، اللبناني إيلي نصيف ، المصري أحمد مسلم ، اللبناني وصفي الأمين.
و تقدم الفضائية نحو 14 برنامجا أسبوعيا مجدولا خلاف البرامج الوثائقية و الأخبار: من العراق : إيلي ناكوزي، بالعربي : جيزال خوري ، إضاءات: تركي الدخيل، نقطة نظام: حسن معوض، تحت الضوء: مهند الخطيب، مشاهد و آراء: ميسون عزام، عبر المحيط: هشام ملحم، استفتاء على الهواء: أحمد حسني، الطبعة الأخيرة: راوية العلمي، السلطة الرابعة: جيزيل حبيب، محطات : مراسلو العربية، العين الثالثة : أحمد عبدالله، روافد : احمد الزين، مهمة خاصة : مراسلو العربية.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية