الجني يقتل النساء وينجو من العقوبة!
تقول الشاعرة والصحافية حليمة مظفر أنها شاهدت القاصة والكاتبة السعودية بدرية البشرلأول مرة في ملتقى المثقفين السعوديين الأول العام الماضي من بعيد جدا لكن" شاهدتها بعمق أكثر حينما سمعتها تتحدث واقفة أمام خادم الحرمين الشريفين، تلقي كلمتها نيابة عن الأديبات السعوديات في لقائه بالمثقفات السعوديات الذي عقد مؤخرا وحينها تحدثت مرتجلة كلماتها أمامه بصدق ووفاء لما تحملها معها في جعبتها من آمال". الكثير من السعوديات يعتقدون أن بدرية من الوجوه اللافتة التي تمثل المرأة السعودية الجديدة عبر شجاعتها وموهبتها وصمودها أمام الانتقادات والاحتجاجات... في الجزء الثاني تكمل البشر بوحها وشفافيتها في حوارها الخاص مع "إيلاف":
عنصرية
تعرضت الكاتبة البشر لهجوم لاذع عبر مجالس ومنتديات إلكترونية، هل تحرص على متابعة الهجوم ام تغمض عينيها واصابعها أمامه؟ تقول بدرية لـ إيلاف: "في البدايات حاولت التعرف على وجهة النظر التي تنشر حولي ولا تتفق معي، لكنني تأكدت أن معظمها هو صراخ متشنج في الهواء". وتعتقد ان بعضهم:" لا يريد أن يعرف سوى ما في جعبته، يدعي أنه المالك الوحيد للحقيقة، والمحتكر للمعرفة، وهو المتصرف الوحيد بها، هؤلاء لا يمكن أن يضيفوا لك شيئا سوى أن تتعرف على النماذج التي يفرزها، التعصب والعنصرية والجهل ورفض التغيير وهذه الأمراض الاجتماعية منتشرة كثيرا في مجتمعنا وعلاماتها بادية في منتديات الحوار الشاب للأسف". وتراقب المشهد :"كأنه مشادة تحت نافذة منزلي أسمعها ولا أرها وأرغب أحيانا بفتح الشباك لأطلب منهم البحث عن مكان آخر (يتهاوشون فيه)!!".
"حبة الهال" خرجت على نحو مدهش بدء بغلافها ونوعية الطرح في جسدها، بماذا تختلف هذه المجموعة عن "نهاية اللعبة"؟ ترد:"شكرا أولا للأطراء، ثانيا بين حبة الهال ونهاية اللعبة عشر سنوات من الارتحال في مناكب هذا الحياة والتزايد المستمر بالتعرف على خيباتها، ومتعها، ومعارفها، لكن في حبة الهال حاولت أن أقول شيئا مختلف.
فبعد مجموعتي الأولي (نهاية اللعبة) والثانية (مساء الاربعاء) أردت العودة لواقع ما قبل النفط ، قبل التغير في مظاهر حياتنا الخارجية المذهلة، والتي لم يصاحبها تغيير كبيرا في المضمون". ماذا كانت تبحث عنه؟"أردت أن أشير إلي واقع أمتلئ بالخرافة والأساطير. التفكير الخرافي الذي يؤمن بأن الجني يقتل النساء فلا يحاكم الفاعل طالما أن الجني يحمل عنه التهمة، أردت القول بأن ماضيا مليئا بهذا الكم من الخرافة وقهر النساء لن تؤدي مظاهر النفظ السريعة إلى قلب موازينه وأعرافه وتقاليده دون مشروع جاد وعميق ومركز طويل المدى، لتنويره وتعليمه، وتهذيبه وإشاعة كافة أنواع المعارف فيه وكشفه للضوء الحقيقي الشمس".
استشارة وليست استخارة
كيف استطاعت مغادرةجريدة "الرياض" والقبول بعرض"الشرق الأوسط" ماذا فعلت خلاف"الاستخارة" لإتخاذ القرار؟ تجيب:" قصدك الاستشارة!!.، لم يكن سهلا اتخاذ القرار كنتُ اكتب في الرياض زاوية شبه يومية وفي الصفحة الأخيرة، وكانت مفاصلي الكتابية قد اعتادت الركون. هذا النوع من الأمان الجغرافي والنفسي. التغير واحدا من أعداء الكمون والاستقرار، عندما جاء عرض الشرق الأوسط رفضته للمرتين الأوليين، قلت لهم أن القناعة كنز لا يفني، وقبلت فيما بعد". واكتشفت لاحقا: "أن أمثالنا العربية تشبهنا جبانه وتخاف التغيير . فقررت من يومها ألا أصدق كل ما أسمعه من الحكم والأمثال الشعبية. عرفت أن عصفور حر على الشجرة أفضل من عشرة عصافير مسكينة في اليد تتعاطى أدوية مضادات الاكتئاب لأنها لا تقوم بوظيفتها ( الغناء)".
تختلف رؤية بدرية للكتابة اليومية تعبر عنها قائلة: "على عكس ما يتصوره البعض فان الكتابة اليومية ممتعة، أكثر أمتاعا من المقال الأسبوعي وشبة اليومي. أنني أشبه الكتابة اليومية بمن يقود سيارته في طريق سريع ناعم ومفتوح، بينما الكتابة الإسبوعيه أو شيه يومية كمن يقود سيارة في طريق يذطر فيه للتوقف كل مرة عند أشارة حمراء أو من جراء الأزدحام . أعرف كم يصعب هذا التشبيه على فهم النساء في بلادي ، اللواتي لم تتهيأ لهن تجربة قيادة سيارة".
هل تفكرفي التخلي عن الكتابة اليومية لمصلحة مقالات تطبخها على نار هادئة؟ تقول: "لقد قررت أن أتفرغ للكتابة تماما، بعد أن أدركت أن مشواري العلمي يكفيه من الشهادات الفاخرة التي سأعلقها في مكتبي، من ماجستير في الأنثربولوحي ودكتوراة في علم الأجتماع الثقافي، أدركت أن طريقي المعرفي شبة الطويل، كان مجرد طريقا ليثري كتابتي لا أكثر، لهذا فأنني تفرغت لأكتب المقال الصحفي ثم أجد بعده وقتا كافيا، لأعود أعكف على روايتي التي ستخرج قريبا. لدي من النيران ما يكفي لطبخ قدرين. .فلطالما اهتممت بطبخ قدور متعدده قدر الأطفال، وقدر الزوج والمنزل، والسفر وحيدة طلبا للعلم والمعرفة وفي كل الأحوال كنت أكتب القصص واليوم الرواية".
تؤمن الدكتورة البشر انها ليست جديرة بالفتوى فيما يتعلق بتأييد زواج الأدباء من بعضهم من عدمه لكنها لا تتستر على رأيها: "لست بالمفيدة في الفتوى لمن يصلح لمن لكنني دائما ما أمنح الجائزة للحب في مسابقات الزواج، كل شيء يمكن تعويضه، لكن الحسرة على حب ذهب أو ضاع بسبب سوء تقديرنا لها في القلب وشما يتذكره المرء طويلا ولا ينساه".
ألا تعتقد أن الاهتمام الإعلامي بالروائيات السعوديات أكثر من أشقائهن الذكور؟ تخنق السؤال:" هل هذا تقييم عنصري؟ حسنا سأحسن الظن بك، ظهور النساء في المجتمعات المحافظة كمجتمعنا، دائما ما يسبب هذا النوع من الضجيج فهو أما ضجيج بمحاولات المنع والملاحقة والتشهير والمعاقبة وأما بالتشجيع والتصفير والتصفيق ، لكن في الأخير كل هذه الضوضاء تهدأ ويبقى العمل الفني هو القيمة الحقيقة و الوحيدة للحكم".
الأطفال ووالدهم
توجس من انصرافها عن القصة اثر تركيزها على المقالة، ترد:"حتى أنا كنت قلقة كثيرا، كنت أشعر أنني كمن سرق من بيته ليوضع في المصنع ، لكنني مع الوقت، شعرت أن الكتابة الصحفية تقدم للكاتب جمهور يحتاجه لينشر أسمه، خاصة في بلادنا السعودية حيث لا يسمح لبعض الكتب بالدخول ومن ضمنها كتابي، كيف يمكن أن تصل لقارئك دون هذه الصحافة؟!".
تتابع:"الكتابة الصحفية تثيرك، تجعلك على صلة بالناس، فتعرف كيف يفكر قطاع كبير من مجتمعك، ونوع الأفكار التي يتداولها هؤلاء البشر. الكتابة الصحفية مرنت قلمي ومنحته لياقة عالية وصحية و أنا اليوم اسخر هذا التجارب والمعرفة ومرونه القلم لأكتب الرواية، بل على العكس الكتابة الصحفية بعد أن أعطتني اسما جيدا ودخلا جيدا أعطتني مهارة ونضجا". غموض يكتنف الحديث عن أطفالها تبرره:"الحديث عن أطفالي من أمتع الأحاديث لقلبي ، لكنني لا أفعل هذا عادة إلا مع والدهم".
السفر
كيف تقرأ الجريدة، مستلقية، واقفة، جالسة على الأرض او على مقعد؟"أقراها في الصباح وأنا أشرب الشاي مقابل نوافذ واسعة تكشف لي الشمس وشارع حينا الذي يساعدني عادة " لأصفن" أي أسرح طويلا في ما اقرأه وأفكر". تهرب القاصة بدرية من الهم"بالكتابة والسفر، أحب الكتابة تروح عني بعض الغضب والهم، لكن عندما تتثاقل الهموم ويصعب حملها تلوح لي الطائرات التي تمر في السماء بالحل، فأقفز فائلة: نعم هذه هو: السفر السفر". وتنام مبكرا سوى في عطلة نهاية الأسبوع:"منذ اصبحت أحترف الكتابة صرت أنظم لنفسي جدولا يبدأ منذ السادسة صباحا، وهذا الجدول بالطبع يجعلني افكر في الفراش عند الحادية عشر باستثناء عطلة الاسبوع التي اترك لصديقاتي تحديد موعد نومها".