" سرقات الوسط الانشادي تصل الى محكمة العدل الدولية"
"مغنية مشهورة تسرق أحد الاناشيد بهدف الاساءة"
" مهندسو الصوت : في النهار أناشيد وفي الليل شرب ورقص"
" منشد يشتري سيارة بقيمة 60 ألف دولار من أجور النشيد"
" منشدون يجتمعون في حفلات موسيقية وسمرات طربية بهدف التأثير على جمهور الأغاني" " في إحدى دول الخليج وفي منطقة معينة اهدر دم منشدين كويتيين"
"أحد المنشدين يبلغ في المخفر عن ملاحقة شباب متنكرين"
" قناة الجزيرة تتهم أحد المنشدين بتنفيذ عمليات تفجير في الفلوجة"
"شريط أناشيد يباع بقيمة 500 ألف ريال"
كم تتوقعون حجم مشاهدة هذه المواضيع ومتابعتها؟
أترك لكم الاجابة.
كما هي الحال في السلطة الرابعة أو في الصحافة الصفراء حيث أن المانشيتات تتصدر الصحف يوميا ولا يقتصر الأمر على خبر أو خبرين فقط، انما قد تكون الاخبار الصاخبة تتجاوز المئات، وكل يوم جديد تزداد معه هذه المانشيتات والاخبار ، إلى حد يصل بالقارئ إلى مرحلة يعيش فيها تحت وطأة الصواريخ الاعلامية والقذائف الصحفية والآربيجي المكتوب وينتج عنه بطبيعة الحال حالة من السخط على الواقع والتذمر المستمر وذلك نتيجة ردود أفعاله مما يزعجه في هذه الأخبار خصوصا أن أغلبها سلبي للغاية إلى أن يصل الأمر ببعض القراء إلى مرحلة العزلة عن هذه الاخبار والعيش في طمأنينة وسلام بعيدا عن فضول التتبع وبعيدا عن الهم الذي يحمله تجاه ما لا يعنيه في الغالب.
فهي الحال نفسها في الصحافة الانشادية ، المتمثلة في المنتديات والحوارات الجانبية والمقالات المكتوبة هنا وهناك ، حيث تطالعنا الاقلام يوميا بالمانشيتات القوية والأخبار التي يضج لها الشارع العام من جمهور النشيد ومتذوقيه ويظن الناس أن عالم النشيد أكبر مما يظنون وأن هناك خفايا وأسرار لابد من الكشف عنها وضرورة اطلاع العامه عليها ، وكل كاتب يسقط همومه ومشاكله وأفكاره وبيئته على واقع النشيد ، سواء كان قريب من الفن الاسلامي وذو اطلاع ، أو ليس له أدنى رابط لا من قريب ولا من بعيد ، فما دامت صحافتنا الانشادية تعتمد على شخصيات دون ملامح وأسماء دون مسميات ، فهات ما عندك هات.
بكل تأكيد ليس أيا من العنوانين المذكورة في الاعلى موجودة أو انها حقيقة على أرض الواقع ، ولكنها حالة عامة تتعب النفوس من تردي الحال في مختلف المجالات لاسيما النفوس الطاهرة النقية المتمثلة في القارئ الملتزم فيكفيه ما يكفيه من فتن وأحوال يندى لها الجبين، مع كل هذا يضيف إليه هم اسمه النشيد ويكون محط اهتمامه وهمه، ويلبسه ثوبا فضفاضا في حين أنه أبسط وأسمى وأروع ما يتجه إليه الانسان ليروّح به القلب ويشحن به العزيمة.
فهو محرك وباعث للطاعة إن فهم القصد وهو شحذ وتجديد من كدر الحياة وثقل المسؤليات ، مثل الذي يزرع في أرض ويحرثها في كل يوم وطوال النهار ، حتى يجد له في الظهيرة ما يستريح به أو يجد في ليله ما يغدو اليه ، ليعاود الكرّة كل صباح ، فهذا هو النشيد لرجال شغلوا بعظائم الأمور حتى إذا ما كلت النفوس وملت وجدت بالتفاتتها عرضيا فنا اسمه النشيد وفنون أخرى تحرك الذوق وتغذيه حتى تشبع في النفس فراغا لا يشغله إلا الطاعة وما يعين عليها ، فمسكين ذلك الانسان الذي يتعرض الى جميع ما تمطرنا بها الأقلام على اختلاف مشاربها ومقاصدها فيكون مشحون إلى درجة فياضة ترجع عليه كرد فعل عكسي ، فالى من أشبع بالواقع المتردي سواء كان حقيقة أو تلفيق وافتراء ، لا تتعب نفسك في غير منفعة وخذ ما ينفعك وما يعينك فإن هواة جمع الهموم وتدوين الواقع السيء يحتاجون من يقرأ لهم ويشجعهم وهذا لا يعني الغاء النقد البناء والنصح والتواصي بالحق ولا يعني أننا نمنع الابداع في فن المقالة ونقل الاخبار ولكنه يختص بكل ما هو سلبي في النقد والنصح والابداع الأعوج.
وسأعرض لكم أربعة مانشيتات بنّاءه تساهم بشكل ايجابي في ما نفقده في صحافتنا الفنية أو الانشادية :
الفردية في الفن وأثرها على الاطار العام للنشيد
الفردية في العمل الفني لها ايجابياتها لأنها لا تقف عند رأي مفروض أو وجهة نظر محددة ، كما أنها تفتح مجالات أوسع وتجعل التنوع والاختلاف سمة من سمات الفن ، ولكن سلبياتها ربما تطغى على هذه الايجابيات ، فمن هذه السلبيات تشتت الجهود وعدم القدرة على مواجهة أي تحدي يطرأ على الفرد ، كمثال توضيحي : فان الفرد تكون لديه الحماسة ويقوم بعمل فني برؤيته ونظرته وامكانياته ولكنه يصعب عليه مواجهة تحدي الاستمرار أو تحدي التطوير والارتقاء ، لأنه عمل بما لديه ومن الطبيعي أنه يصعب عليه استكمال طريق يحتاج إلى الاستمرارية والارتقاء دون مساعدة أو توجيه.
كذلك من السلبيات تجاوز بعض الأعمال الفنية للإطار العام أو الشكل العام الذي يهدف الفن الاسلامي الوصول إليه وسبب هذا التجاوز هو القاعدة الغير متفق عليها في الغالب والتي انطلق منها هذا الفرد لبناء فنه أو أعماله الفنية ، وكمثال توضيحي " فالقواعد أو السمات التي ينطلق منها الفن الكلاسيكي أقرب إلى الاتجاه العقلي والمنطق بينما يجنح الفن الرومانتيكي نحو آفاق الخيال الواسعة وباختصار فإن الفن الكلاسيكي يتميز بالوضوح في حين أن الفن الرومانتيكي يميل إلى الغموض" (1) كذلك هو الحال فان الفن الاسلامي له سمات معينة لابد من توضيحها والاتفاق عليها حتى لا تختلط سماته الاساسية مع فنون اخرى أو أن الجمهور يصبح مشتتا ازاء الجهود الفردية التي تحدد سمات وقواعد خاصة بها وتنطلق منها في حين انه يحسب ضمن الاطار العام للفن الاسلامي.
أما العمل الجماعي الذي يتمثل من خلال روابط فنية أو شركات لها منهجية واضحة أو مجاميع فنية رسمية فانه يرسم ملامح واضحة وشبه متفق عليها حتى اذا ما حدث اخلال أو تجاوز فان مصدرها يكون واضح وله أسبابه المنطقية ، أما الفرد فلا يمكن أن تحكمه في اطار عام ولا يمكن محاسبته لأنه لا ينتمي إلا لنفسه ، وغالبا ما يراعي فيه المصلحة الشخصية وتدخل فيه الأهواء الشخصية وتغليب العاطفة على العقل وغيرها من الامور "ولا يفهم من ذلك أننا نلغي الجهد الفردي ونهضم إنتاجه ونهمش دوره حيث إننا نجد عناصر منتجة في المستوى الفردي أكثر مما نجدها ضمن أولئك الذي يجيدون العمل المؤسسي، وكثير من الأعمال التي توصف بأنها ناجحة في الميدان وراءها أفراد، ولكننا نريد صياغة القدرات الفردية في إطار العمل الجماعي المنظم الذي يثمر التعاون بين أفراده فيزداد التفاعل ويحسن الأداء وتتكامل الجهود، ولكننا يجب أن نتذكر أننا أمام تحديات كبيرة تواجهنا من خلال عمل مؤسس منظم، بالإضافة إلى أن فرص نجاح واستمرارية العمل المؤسسي أكبر، واحتمال الخلل فيه أقل من العمل الفردي" (2)
نريد لأعمالنا أن تنطلق من العفوية إلى التخطيط كلما كان العمل مبنياً بناءً مؤسسياً ، كان المجال لتثبيت أركانه بخطة واضحة تنفذ بإتقان ، بينما العمل الفردي تظهر فيه العفوية والمزاجية والارتجالية ، وكلها آفات في طريق نجاح العمل واستمراره.
المنشد والعزلة عن المجتمع
في الحقيقة كنت دائما أصوّر لنفسي صورة لذلك المنشد ، فقد ارتبط هذا الاسم مع كثير من الشخصيات التي عشت معها من المنشدين " السابقين " ، حيث أني أراه على أنه ملتزم في خلقه ودينه ومحبوب بين الناس وله خصوصية ب " الملتزمين" ، قليل الحديث في الغالب ، خجول ولا يحب الظهور ، منصت جيد وهادئ الطباع ، شهرته ليست كبيرة بين عامة الناس وانما جمهوره من الملتزمين وذلك بسبب قلة الاصدارات ، وفرصة الظهور الاعلامي معدومة وهي في الاساس ليست أكبر همه.
وفي الحقيقة كل هذه الصفات لا تساعد على ظهور " شخصية اعلامية " في وقتنا الحالي، فلابد على المنشد في هذا الوقت أن يرضخ لمواجهة زخم الشهرة والجمهور العام ، ويتطلب وجوده في التلفزيون والصحافة والاذاعة مع تعدد الفضائيات والصحف والمجلات ومواقع الانترنت ، وأعماله ستصبح محط الانظار من جميع الاقطار ، بسبب توفر فرص الانتشار والتسويق ، ويفرض على المنشد كثير من البروتوكولات الاعلامية والتي تساعد على انتشاره مثل المقابلات والاستفسارات واللقاءات والمجاملات وغيرها.
في هذه الحالة يصبح المنشد بين شخصيتين الاولى عامة " للجمهور " والثانية خاصة" لأصدقاءه وأقاربه وعلاقاته"، وغالبا ما يصبح لدى بيئته الخاصة نظرة أو انتقاد أو توجيه بالنسبة لشخصيته العامة المشهورة ، في حين أن الجمهور أيضا لها نظرة وانتقاد وتوجيه بالنسبة لشخصيته العامة وفضول لشخصيته الخاصة ، فيحدث نوع من أنواع الصراع مع الذات ما بين الشخصيتين وما بين البيئتين ، ويشكل ذلك ضغط كبير قد لا يستطيع أن يواجهه ، ويشكل كذلك تحدي للمنشد " الملتزم " ، خصوصا مع ارتباط فكرة أن النشيد مجرد وسيلة دعوية وأن النشيد في الغالب مجرد هواية ، فيسبب ذلك له حرجا كبيرا و قد يواجه انتقاد من جميع الجهات لأن النشيد بطبيعة الحال تختلف نظرة الناس فيه ، فاذا ما كان له رأي في مسألة معينة اعتزله بعض "بيئته الخاصة" أو نظرت اليه نظرة معينة وأخذت عنه موقفا واذا ظهر للناس بصورة لا تشبع رغبات الجمهور انتقدته واعتزلته "بيئته العامة ."
كما أن الشخصية التي تظهر لعامة الناس معرضة للأذى فلا تخلو الحياة من ضعاف النفوس ومن بقايا الجاهلية الاولى وأحفاد الطفيليين ، فربما يتبادر لهذا المنشد الاعتزال للعيش برغد السلامه واتخاذ وسيلة دعوية أخرى غير النشيد لاغلاق باب اشتدت عليه الريح ، هذا اذا لم يتبادر اليه كذلك العزلة عن الناس خصوصا اذا كانت السهام من بيئته الملتزمه أو بيئته الخاصة كما فعل أحد الدعاة قبل أيام واعتزل الناس ، ربما نتكلم عن نماذج خاصة لا تنطبق على الجميع ، مع تغير الكثير من الامور منها أن المنشد قد لا يكون ملتزما أو همه الشهره فلا يواجه ما ذكرناه سابقا نسأل الله التوفيق فان كان صوابا فمن توفيقه جل سبحانه وان من زلل فمن نفسي ومن الشيطان.
معركة ما بين كنا وصرنا
كان لدينا علماء وصار لديناء جهلاء ، كان لدينا أبطال وجيوش وصار لدينا أطفال وكروش ، كان لدينا الفاروق وصلاح الدين وعمر المختار وصار لدينا حسني ومعمر وبشار ، كان لدينا أبو الجود وأبو راتب وأبو دجانة وصار لدينا فلان وفلان وفلانة ، هذه المعادلة نتداولها في أغلب أحاديثنا نحن العرب ، نتباكى على الماضي ونندب حظ الحاضر ، ننظر إلى الخلف فقط دون التفكير بخطوة إلى الأمام ، وأي فشل أو اخفاق من الآخرين نقارنه بنجاح ومجد السابقين ، لا نحن عملنا ففشلنا ولا نحن ممن صنع مجد الأولين ، فقط كان كذا وصار كذا ، وهذه الثقافة عربية الصنع ولا يمكن أن يصدرها إلا العرب فعلامة الجودة عربية مية بالمية.
دول شرق آسيا على النقيض تماما من ثقافتنا الانهزامية فلقد تعرضوا إلى إبادات نووية وإلى حروب طائفية وإلى غزو أمريكي مدمر وعاشوا عصور من الظلام أشد مما نعانيه نحن العرب - أصحاب الثروات النفطية والطاقات البشرية المعطلة - فاليابان وكوريا الشمالية والجنوبية وماليزيا واندونيسيا وتايلند لم يعيشوا على أنقاض هيروشيما ولا استعمار الصين ولا الفقر والمجاعات ولا بؤس الحصار ، ولكنها أمم تركت الماضي لمن عاش فيه وصنعت لحاضرها ما تفاخر به دول العالم ، ربما فشلت ولكنها في الأخير نجحت وربما كانوا يشعرون بألم الماضي ولكن نشوة المستقبل في العروق
هذا ما نريده نحن شباب الاسلام ، التطلع إلى المستقبل والعمل على أساس الوصول لنجاح سلمه الفشل ، ما دامت الرؤية واضحة وحقيقية فلن يوقفها حاجز " كنا" ، نعم نفتخر بالماضي ونتألم للحاضر ولكن لابد لنا من يوم نفخر به من حاضرنا ونتطلع إلى يوم نكون فيه نموذج للنجاح.
نشيدنا كما ذكرنا يقوم على أفراد منذ بدايته ، وتواجهه مشكلات وصعوبات تطفيء بريقه أحيانا ، ولكن تطلعنا إلى نشيد له دور واضح وحقيقي هو المستقبل الذي ننشده ، نعمل على أن يكون النشيد الاسلامي فن يقارع جميع الفنون بتاريخها ، نصنع له تاريخ ممتد من جيل الصحوة إلى جيل النهضة ، فاهتمامنا ليس لذات النشيد ولكن لكونه طريقة دعوية ناجحة وفن اسلامي راقي متميز ، فلابد من تشجيع طاقاتنا التي تبدع والأخذ بيديها وعدم تهميشها ولا نكون فقط ممن يتغنى بالماضي ، نعم فلدينا نماذج أفضل من السابق بكثير ولدينا طاقات لابد من استغلالها ولدينا مبدعين لا يمكن اغفال ابداعاتهم ، واذا كان التغني بالماضي جميل فالتغني بالمستقبل أجمل فلقد كان النشيد جميلا وسيصبح أجمل وكان النشيد مؤثرا وسيصبح أكثر تأثيرا وكان النشيد وسيبقى صوت اسلامي تغنيه الحياة
في الحقيقة شعرت بما يشعر به الآباء والأجداد من حنين وشوق إلى ذكريات الماضي وما فيه من بساطة وصفاء ، في حين أننا نرد عليهم بالقول : زمانكم غير وزمانا غير ، لأننا وببساطة شديدة لم نكن في ذلك الزمن فقط نسمع عنه ونرى نماذج ممن عاشوا فيه ، كذلك هو الحال للنشيد عندما يسمعه الشباب صغار السن من أناشيد الثمانينات والتسعينات فانهم لم يعيشوا فترة هذه الأناشيد وأبعادها فقط سمعوها أو سمعوا عنها ويشاهدون نماذج ممن عاصروا هذا الفن فتكون العبارة التقليدية على لسانهم : زمن أناشيدكم غير وزمن أناشيدنا غير ، لأن دور النشيد أختلف والأذواق اختلفت وثقافة المنشدين كذلك اختلفت ، ولا نقول أنها تغيرت بالكامل ولكن الاختلاف في بعض الجوانب ، في حين أننا لابد أن ننصف ما يقدم من أعمال وابداعات ونتطلع للمزيد
خلاصة القول أن حزب " كنا" يريد الانتصار لذوقه والدور الذي كان يقدمه النشيد له والثقافة التي كان يعيشها ، على حساب أنصار " صرنا" ولكن أملنا كبير فيما يقدم على الساحة وما سيكون عليه النشيد مستقبلا ، وان شاء الله تعالى تتسارع فترة الانتقال من النشيد المحدود الى النشيد الشمولي والذي يخدم الاسلام والمسلمين في انتشار دعوتهم ورسالتهم والله تعالى أعلم.
العولمة الانشادية والفنية ونتائجها
لا وجود للحدود في عصر العولمة حيث المسافات الطويلة أصبحت أقصر والجهد المضني أصبح أيسر ، واتجاه هذه الموجة - موجة العولمة - تهدف إلى التوحد وإلى التشابه وإلى التجانس وإلى التوافق في جميع المجالات ( السياسية - الثقافية - الفنية - الاقتصادية ..الخ ).
ومدار حديثنا هو الفن بشكل عام والنشيد بوجه خاص ، حيث تأثير العولمة واضح وطبيعي ، في السابق كان الانسان يتذوق الفن في فترات بعيدة وبشكل مباشر في الغالب ، حيث كان الناس يذهبون إلى حفلات غنائية على المسرح ( مثل أم كلثوم وغيرها ) أو مجالس القراء في المساجد والموالد ( في مصر والعراق وغيرها ) ويستمعون إلى هذه الفنون بين فترة وأخرى ( مواسم ) ، في حين أن من يمتلك جهاز الراديو يعدّ محظوظا وذو اهتمام شديد بالفن حيث يعرضون بعض الاغاني أو القراءات لفترات محدودة ، لذلك كان المستمع محدود في مطربين معينين ومحدود في موسم معين ومحدود في أوقات معينة يستمع ويشاهد هذه الفنون ، وكان هناك مسافة زمنية كبيرة بين فترة وأخرى يستقبل فيها هذه الفنون.
على عكس وقتنا الحاضر ( عصر العولمة ) حيث أن الفنون تنوعت والمدارس الفنية اختلفت والفنانين في كل زاوية من حياتنا بأغانيهم وصورهم وأخبارهم ورناتهم ومقولاتهم وفضائحهم ، في الفضائيات التجارية والحكومية وفي الاذاعات المحلية والخارجية وفي الصحف الرسمية والغير رسمية والمجلات الصفراء والخضراء وفي مواقع الانترنت وفي رسائل الهواتف النقالة وفي البوسترات على الشوارع ومراكز التسجيلات بالاضافة إلى وجودها في سياراتنا وبيوتنا ومحلاتنا وهواتفنا والأماكن العامة والخاصة أحيانا.
لذلك أصبح الفن بشكل عام متوفرا وفي متناول اليد ، حتى من ليس لديه اهتمام أو ذوق فني تجده متعرض بشكل مباشر أو غير مباشر لنوع من أنواع الفن أو نوع من أنواع الفنانين ، هذا بالاضافة إلى توفر" المادة الفنية" بالمجان ، كذلك باستطاعته أن يتعرض للفن الهندي والغربي والتركي والفارسي والشامي والخليجي والماليزي والاندونيسي والمصري والافريقي والانواع المختلفة التي تقدمها هذه الفنون سواء فن سياسي أو فن ثقافي أو فن هابط غريزي أو فن طربي أو فن اسلامي أو فن منحرف أو فن ريفي أو فن قديم أو حديث والسلسلة طويلة.
كل هذه العوامل التي ذكرت تخلق ثقافة جديدة ومتجددة ، حيث تجد الفنان الخليجي يقدم اللون الهندي والفنان التركي يقدم اللون الغربي ، وكذلك تأثر فنان معين بمدرسة فنية معينة سواء كانت اسلامية أو سياسية أو ثقافية يظهر في أعماله ذلك التأثر ، ويصبح من الطبيعي وجود خلطات غريبة في الأعمال الفنية لأن الخصوصية أعدمتها العولمة والجمهور المحدود توسعت رقعته مع انعدام المسافة والحدود ، فالجميل في فن الأناشيد فترة الثمانينات أنها أناشيد خاصة في فترة الثمانينات ولها بيئة معينة وانطلقت من ثقافة محددة وأنشدها منشدون ذوو ملامح معروفة أما أناشيد هذه الفترة فبيئتها واسعة جدا وثقافتها مخلوطة بثقافات متعددة والمنشدون بطبيعة الحال ليس لهم أدوات فنية محدودة وانما الأدوات كثيرة جدا ومتوفرة بكثرة ولا تمنعهم خصوصية بلد معين أو ثقافة معينة بل كما ذكرنا يستطيعون بعد توفيق الله خلق الجديد والمتجدد دون الوقوف عند قوالب محددة.
وبتقدير الله وقضاءه أولا ثم بفضل السيدة " عولمة" اختلطت الفنون واختلفت معها ثقافة وذوق الجمهور ، فلم يعد الغالب من المستمعين لديه لوقت إلى وصلات فنية تزيد عن الساعة من الزمن أو إلى الاستماع إلى صوت واحد أو اثنين فقط أو التقيد في فن محدد ، بل التنوع مطلوب والذوق اليوم يختلف عن الذوق غدا ، وغيرها من الامور التي تغيرت وكلنا يعلم ذلك.
" كل ذلك قاد إلى تكوين ثقافة عالمية جديدة يستغربها الذين اعتادوا على ثنائية "الذات والآخر"، فهناك دعوة للاندماج تبرز في مدارس الفن والفلسفة ، وحوارات على كافة الأصعدة الحضارية والدينية. ويركز المتوجسون من العولمة على الروح الاستهلاكية العالية التي تواكب هذه المرحلة، والتي تتضح فيما يُسمى ثورة التطلعات" (3)
ومن أهم ما نتفاءل به نحن أصحاب الفن الاسلامي هو أن دعوتنا عالمية ورسالتنا ليست خاصة بنا نحن العرب بل رسالتنا للجميع ونحن نواة توصيلها ، فاذا كان التقارب الفني في النشيد يساعد على انتشار أهدافنا فلابد من التمسك به والسير به على نهج عالمي وشامل " فالإسلام دعوته عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، ووصف الخالق - عز وجل- نفسه بأنه "رب العالمين" ، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر جميعًا . فإن حضارة الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذًا وعطاءً ، بل إن حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من حقائق الكون . لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، يوحد الإسلام بين البشر جميعًا رجالاً ونساءً" (4)
أتمنى أن أكون قد كتبت جزء ولو بسيط مما أردت توصيله ، والحمدلله مع كتابتي لهذا الموضوع فاني على يقين أن القارئ الكريم مدرك لأبعاده ويستطيع اسقاطه على واقعنا الانشادي ويربط الربط الصحيح بينها وبين بعض الاحداث التطورات الفنية في مجال الفن الاسلامي بشكل عام وفن النشيد بشكل خاص فالحكمة تقول " قبل ان تكتب اسأل نفسك لمن تكتب " وانا أعرف لمن أكتب ولله الحمد وان شاء الله تصل هذه المانشيتات بطيب نية مع تجاوز أخطاءنا وهفواتنا فيها .
____________________________
1، 2، 3، 4 : منقول بتصرّف.