استيقظ، يا صديقي، فالمبدع في عين الإنسانية في مكان آخر، هو كنز ثمين وهبة إلاهية إلى المعذبين في الأرض.ولكنه، بالنسبة للضباع حوليك، هو مجرد وجبة!... في البدء، كانت الابتسامة على وجوه الجميع:
1- سأكون أسعد الناس حين أرى العالم يستقبلك ككاتب!...
2- أنا لا أطلب منك سوى أن تخصص لكل صديق من أصدقائك إهداء على الصفحة الأولى من كل إصدار!...
3- أريدك أن تكون من مرتبة أرنست همينغواي وألا تقبل بأقل من جائزة نوبل للآداب!...
4- أنا أريدك أن تتمم مطالب أبي الطيب المتنبي وألا تحيد عن طلب السلطة أبدا. فلا معنى لمثقف دون سلطة ولوكانت سلطة الكلمة!...
5- الأفضل أن تكون كالأعشى وتطلب المال حتى يصبح الذهب في صحون موائد فطورك وغذائك وعشائك!...
6- أنا أنتظر اليوم الذي ستصبح فيه مثل ج.ك. رولينـز تبيع مئات الملايين من النسخ وتقلب الدنيا وتقعدها مع كل إصدار وتلهب شوق القراءة في الناس ليصطفوا في منتصف الليل أمام المكتبات طلبا لنسخة وحيدة بعد نفاذ الطبعات الأولى وتدفع اللصوص لتحويل اهتمامهم من سرقة المال إلى سرقة الكتب فيغيرون على مخازن الكتب وينهبونها ويعيدون بيعها في السوق السوداء!...
7- أما أنا فيكفيني أن أرى صديقي الذي اختار الطريق الأصعب أن أراه يختار المثل الأصعب في الطريق الذي اختاره: أن يتحلى بشيء من شيم جون بول سارتر وأن يكون ما يقوله، وان يمارس ما يبشر به، وان يكتب ما يفكر فيه حتى ولو أضاع كل من حواليه وصار وحيدا معزولا...
ثم بدأت الرائحة تصل خياشيم الضباع:
1- كتابك صغير للغاية وأنا قرأته خلال نصف ساعة!...
2- لقد اخترت ثمنا غاليا لكتابك هذا!...
3- يقال أنك نميت رأسمالا هاما من خلال إصدارك الأخير!...
4- لقد اخترت توقيتا مناسبا. فصدور كتابك بصورتك الشخصية على غلافه الخلفي مهم للغاية خاصة وأننا على أبواب الانتخابات والتعريف بالمرشحين!
دهشة الأصدقاء:
- لقد أعجبني إصدارك أيما إعجاب! لكن ما يحز في النفس هو موقف فدرالية قدماء كسالى الثانوية الوحيدة بمدينة خ. من صدور عمل ثقافي جديد وميلاد مثقف جديد!...
- وما هو موقف فدرالية قدماء كسالى مدينة خاء؟
- ولكنك معني بالأمر! ألا تعرف موقفها؟!
- لا.
- حسنا. لقد قرروا أمس"قتلك رمزيا".
مطالب فدرالية قدماء كسالى الثانوية الوحيدة بمدينة خاء:
أولا: قتله رمزيا، أولا.
ثانيا: عزله عن كل الفاعلين من أصدقائه الذين يتم التعرف على اسمهم أو عنوانهم أو صورتهم.
ثالثا: عرقلة تنقل كتبه بالطعن في سيرته والتشكيك في قصده.
رابعا: منع المتعاونين معه من توزيع كتبه.
خامسا: إرغام كل من ساهم في التوزيع على سرقة المال الذي جمعه من بيع النسخ التي اؤتمن إياها.
سادسا: إرغام كل من ساهم في التوزيع ولا زال في حوزته نسخ متبقية على الاحتفاظ بتلك النسخ وبالمال ونكران معرفته إلى الأبد.
سابعا: تخويف الأصدقاء من مغبة الاستمرار في مجالسته لكونه صار يشكل خطرا على الوضع العام.
ثامنا: التوسل، عبر الأقارب والمعارف وأبناء العم والخال، لدى الصحف المحلية والجهوية والوطنية لعدم نشر أعماله مستقبلا.
تاسعا: التأثير على أرباب المكتبات والأكشاك التي تعرض كتبه لدفعهم إلى إخفائها وإبعادها عن الزبناء القراء.
عاشرا: قتله نهائيا.
نور حكمة قديمة من صديق قديم:
حين يقدمك الناس للغير، في حضورك أو غيابك، اهتم بما يقال أكثر من أي كلام آخر. إنهم، في ذلك التقديم، لا يقدمون إلا أنفسهم...
ثم بدأ الافتراس:
* كلام الجرائد:
"تعرض، ليلة أمس، الكاتب س لاعتداء منظم على طريقة الجماعات المسلحة في عرض خير شوارع مدينة خ، تحت الأضواء الليلية الساطعة: عصابة جيدة التحضير تعترض طريقه بشكل مسرحي مدروس ومعد سلفا، تشهر السكاكين في وجهه وتنهب ما في جيوبه من عناوين أصدقائه في هاتفه النقال وساعته اليدوية... دون خوف من حسيب أو رقيب.
ففي الوقت الذي يكرم فيه المبدع عند الأمم المتحضرة، يحز في النفس أن نقرأ أخبارا تتكرر كهذه في ظل صمت مطبق يخفي تواطؤا شنيعا وتشفيا غير مبرر..."
* كلام الزملاء في العمل:
- لم يأت اليوم للعمل...
- لماذا؟!...
- لا زال تحت الصدمة...
- صدمة ماذا؟!...
- لقد دوهم بيته ليلا خلال نومه ولم يسرق أي شيء. فقد اكتفى المداهمون بتغيير مكان قطع خفيفة من الأثاث لتحذيره عند يقظته...
* شكاية لدى مدير مكتب البريد بالمدينة:
""إلى السيد مدير مكتب البريد بمدينة خاء
الموضوع: استفسار حول عدم التوصل بالمراسلات
تحية طيبة
أما بعد، فيؤسفني أن أشعركم بعدم توصلي بالمراسلات التي يشعرني بها مسبقا كل من يراسلني حتى أكون في الاستقبال. لكنني منذ فترة غير وجيزة وأنا لا أجد في علبتي البريدية غير تواصيل الضرائب وفواتير الماء والكهرباء والهاتف والانترنيت...
وتأسيسا على ما سبق، ولأن الأمر لم يعد مجرد صدفة أو مصادفة، فإنني أتقدم إليكم بطلب تبرير معقول لما حدث ويحدث.والسلام."
* إعلان نتائج أول مباراة مهنية بعد ولوجي عالم الكتابة والنشر والتوزيع:
التلاعب بنتائج المباراة، تزوير مجهودات المتبارين، الترسيب التعسفي، الإهانة، الإذلال، الإقصاء...
* رد على تهديد بالاعتداء علينا لاحتجاجنا على نتائج المباراة وأشكال إخراجها:
"إلى الكاتب المحلي لنقابة خاء
الموضوع: رد على تهديد
بعد التحية
تلقيت اليوم زوالا، على لسان رسولكم المناضل خاء ، نص التهديد الشفهي بالاعتداء على شخصنا. ولأنني تعرضت مند قراري حمل القلم كسبيل للإسهام في النقد والتنوير الاجتماعيين لسلسلة من الاعتداءات، فإنه لا يمكنني سوى أخذ تهديدكم مأخذ الجد. ولذلك أشعركم أن أي اعتداء سنكون موضوعه إما من طرفكم شخصيا أو من طرف آخرين، معلومين أو مجهولين، ملثمين أو مكشوفي الوجه سيجعل من تهديدكم هذا مرجعا للاعتداء ومن رسولكم المناضل خاء شاهد إثبات. كما أنني أحتفظ بنسخة من هذا الرد لليوم الأسود. والسلام."
أنفاس الضباع من أفواه الأصدقاء:
الأول: صديقي، هل تريد تغيير العالم؟!...
الثاني: الناس مرتاحون هكذا، وأنت مالك؟!...
الثالث: هل أنت مستعد للتضحية بحياتك فداء لعوام يحاربونك؟!...
العاشر: صديقي، استيقظ!...
المئة: إنك فقط توفر للطفيليين وحثالة الأحياء فرص عمل بتمكينهم من العض في جهودك ووجودك!...
الألف:استيقظ، يا صديقي، فالمبدع في عين الإنسانية في مكان آخر، هو كنز ثمين وهبة إلهية إلى المعذبين في الأرض.ولكنه، بالنسبة للضباع حوليك، هو مجرد وجبة!...