صدر مؤخرا كتاب جديد للأديب والباحث السوري أحمد حسن الخميسي، بعنوان "ثقافة الأطفال الإسلامية" عن دار الحافظ للكتاب بمدينة حلب السورية، وهو يتحدث في هذا الكتاب عن تثقيف الأطفال وتربيتهم باعتبارها مسئولية إسلامية، كما يتحدث عن الطفولة والثقافة الإسلامية، وأسس الثقافة الإسلامية وخصائصها، وكتب الأطفال الإسلامية، وشعر الأطفال الإسلامي، والأجهزة الإعلامية وثقافة الطفل المسلم، والثقافة الإسلامية في صحافة الأطفال، ثم يقوم برصد ببليوغرافي لبعض مطبوعات الأطفال.

وهو في هذا كله يعتمد على مجموعة من المصادر والمراجع التي أثبتها في نهاية كتابه أو بحثه الذي جاء في 122 صفحة. غير أنه لم يقم بجهد تحديثي يذكر، وعلى سبيل المثال يتحدث عن الكاتب الإسلامي أحمد نجيب باعتباره مديرًا لتحرير مجلة "المختار الصغير"، في حين أن نجيب رحل منذ عدة سنوات، كما أنه في الفصل الخاص بصحافة الأطفال يذكر أسماء مجلات الأطفال في الوطن العربي، حصريا، ولكن سقط منه بعض المجلات المهمة، مثل: الجيل الجديد في السعودية، وبلبل وقطر الندى في مصر، وغيرهما، في حين أنه أورد اسم مجلة "سمير" على أنها لا تزال تصدر، ومن المعروف أن هذه المجلة توقفت عن الصدور منذ عدة سنوات.

وعندما ضرب الخميسي مثالا بمجلة "العربي الصغير" التي تصدر في الكويت، ذكر العدد 64 الصادر في عام 1998 باعتباره من الأعداد الأخيرة، وهذا دليل واضح على أن الباحث وضع بحثه في هذا العام أو في العام الذي يليه على الأكثر (1999)، ثم تأخر كثيرا ـ لظروف لا نعلمها ـ عن طباعته طوال السنوات السابقة، وقد جاءت موافقة وزارة الإعلام السورية على الطباعة بتاريخ 27/5/2003 كما هو مثبت بالصفحة الرابعة.

هذا يفسر عندي عدم اهتمام الباحث، أو عدم ولوجه، عالم تكنولوجيا أدب الأطفال، أو الثقافة الإلكترونية الخاصة بالطفل المسلم، فقد صدرت مئات الأعمال الخاصة بالطفل المسلم، على أقراص مدمجة، وأنشئت مئات المواقع على شبكة الإنترنت الخاصة بالطفل المسلم أيضا، كان على الخميسي وهو يتعرض لثقافة الطفل الإسلامية أن يستعرضها ويحدثنا عنها، ليكون مواكبا للثقافة الجديدة التي ينهل منها الطفل المسلم الآن، ونحن لا ننكر على المؤلف متابعته للجديد في هذا الشأن، حيث تدل بعض العبارات الواردة بالكتاب على هذه المتابعة، مثل قوله ص 77: "فقد افتتح في عام 1998 في حي المهندسين بالقاهرة، مكتبة متخصصة للطفل وللأسرة فيها ما يحتاجان إليه من كتب وأشرطة كاسيت وفيديو وبرامج حاسب آلي، فضلا عن خدمات الإنترنت".

غير أن هذا لا يكفي، وفي رأيي أن الإضافة الحقيقية التي كانت من الممكن أن تضيف جديدا في عالم ثقافة الأطفال الإسلامية، هو الوقوف عند بعض الأقراص المدمجة، وعند بعض مواقع الإنترنت، وتحليلها مضمونها الإسلامي.

أيضا لم أعرف سر عزوف الباحث عن رصد الجهود التي قدمتها رابطة الأدب الإسلامي العالمية في مجال أدب الأطفال الإسلامي، فقد أصدرت الرابطة بعض المطبوعات المهمة في هذا الصدد، والتي لم يشر إليها حتى في رصده الببيلوغرافي لمطبوعات الأطفال.

لذا يظل كتاب الخميسي مجرد تنويعات على ألحان سبق عزفها في هذا المضمار، ويظل الكتاب في رأيي ناقصا في بابه، لأنه لم يتلفت إلى عوالم ثقافية جديدة بدأت تسري في كيان المجتمع العربي عموما، وثقافة الطفل العربي المسلم على وجه الخصوص.

وفي رأيي، فإن أي جهد يبذل ـ سواء للخميسي أو باحثين آخرين ـ حول هذا الموضوع، سيظل ناقصا، ما لم يأخذ في الحسبان تأثير تلك العوالم الجديدة على ثقافة الطفل، بل إن هناك من يطلق مصطلح "طفل الإنترنت" على الطفل الذي يجلس طويلا أمام شاشات الكمبيوتر، ويبحر في شبكة المعلومات الدولية، وآن الأوان لكي نقوم بعمل دراسات وأبحاث على هذا الطفل، وعلى المواقع التي يرتادها، وأن نناشد المبرمجين والأدباء المسلمين كي يلجوا هذا العالم بأفكارهم وإبداعاتهم، وأن لا يكونوا في موقع المتفرجين فحسب.

وفي النهاية، أشكر الباحث على اهتمامه بإرسال نسخة من الكتاب عبر البريد، وعلى استعانته بكتابي "جماليات النص الشعري للأطفال" الصادر بالقاهرة عام 1996 وإثباته ضمن قائمة مراجع بحثه.

ونحن في انتظار بحث جديد لأحمد حسن الخميسي، عن أدب الطفل المسلم أو ثقافته من خلال أحدث مصادر تلك الثقافة، ونعني بها الثقافة الإلكترونية.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية