حالةٌ من الشجن أصابتني، ودمعةٌ فرت من عيني، عندما أعلن قائد الطائرة، اقتراب ميعاد الهبوط في مطار الملك خالد الدولي بالرياض. فها أنذا أعود إلى الرياض بعد ثماني سنوات من رحيلي عنها (عام 1998) حيث كنت أعمل في إدارة النشر العلمي والمطابع بجامعة الملك سعود. ثماني سنوات، كنت أتابع خلالها معظم ما يحدث أو يدور في المملكة العربية السعودية، من أحداث وحوادث وتغيرات وتطورات ثقافية وسياسية وعمرانية.
تمنيت العودة لأسير في الشوارع
وفي كثير من اللحظات كنت أتمنى العودة فقط لأسير في شارع الوزير وشارع الخزان، وشارع الظهيرة، وشارع العطايف، وأزور البطحاء والمنفوحة والسويقة والديرة، وأرى بوابة التميري وسوق الذهب وبرج التلفزيون، وحديقة الفوطة التي كنت أسكن أمامها، وأصلي الجمعة في الجامع الكبير الملاصق لقصر المصمك، وأركب إحدى السيارات التي تسير في طريق الملك فهد، متجهة إلى مقر جامعة الملك سعود بالدرعية، وهو الطريق الذي كنت أسلكه سنوات بسيارتي (المازدا الحمراء) ذهابا وإيابا، بل أركب أحد أتوبيسات النقل الجماعي، وأطوف المدينة من البطحاء حتى الروضة، مرورا بشوارع: الجامعة والستين والأربعين في الملز، وطريق خريص، أو أركب سيارات الميكروباص (عليا / دلة) وأمر على مبنى الغرفة التجارية الصناعية، ومكتبة تهامة، بشارع الضباب، وأدلف إلى شارع العليا العام، وأهبط أمام مبنى العقارية، وأعرِّج على مبنى المركز الثقافي المصري.
لقد مرَّ شريط الذكريات سريعا، وقفزت الأشياء والشوارع والأحياء والأسواق والمعالم السعودية أمام ناظري، بعد أن أعلن قائد الطائرة أنه حانت لحظة الهبوط، وأن درجة الحرارة الخارجية 22 درجة، وهو أجمل طقس في مدينة الرياض على مدار السنة.
لحظة المواجهة
ذهبتُ إلى الرياض ـ بعد ثماني سنوات من الفراق ـ للمشاركة في ندوة "منهج الأدب الإسلامي في أدب الأطفال" التي يقيمها المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية بالعاصمة السعودية، بالتعاون مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتُقام في مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة تحت رعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز ـ أمير منطقة الرياض خلال الفترة من 1 ـ 3/2/1427هـ الموافق 1 ـ 3/3/2006م.
ومنذ استلامي دعوة المشاركة عن طريق البريد الإلكتروني، ثم عن طريق البريد التقليدي، وأنا أفكر في لحظة المواجهة بيني وبين مدينة الرياض، أكثر من تفكيري في موضوع البحث نفسه. إلى أن حانت اللحظة المرتقبة، لحظة خروجنا ليلا من المطار، وركوبنا سيارة الفندق الذي سنقيم فيه بالعليا، والقريب من المقر الجديد لرابطة الأدب الإسلامي العالمية.
برجا المملكة والفيصلية
لاحظ أصدقاء الرحلة من أعضاء الوفد المصري المشارك بالندوة، وهم: كاتب الأطفال المعروف عبد التواب يوسف، والدكاترة: عبد الرؤوف أبو السعد، وسعد أبو الرضا، ونعمة عبد الكريم أحمد، وحسن شحاتة، ويحيى خاطر، لاحظوا مدى انشغالي بالطريق، وتأملي للمباني، وتلفتي لكل حجر، وكل مساحة خضراء أو صفراء نمر بها، وعند دخولنا طريق الملك فهد، أشرأب عنقي طويلا لبرجين كبيرين لم أرهما من قبل في مدينة الرياض، وكانا واضحين تمام الوضوح من أي مكان وأي اتجاه. وعرفت أنهما: برج المملكة، وبرج الفيصلية، على التوالي، وتذكرت أن أرضهما كانت تُحفر عميقا قبيل مغادرتي الرياض، ولكن لم أتصور أن ما سيُبنى في هذا المكان سيكون بهذا الحجم العملاق، وهذا الارتفاع الشاهق، الذي غطى على ارتفاع عمارات الملكة أو عمائر الملك خالد بشارع الخزان.
بدأنا نقترب من الفندق، وفي كل لحظة تظهر أمامي أسواق ومحلات ومبانٍ ومطاعم لم تكن موجودة، وقت أن غادرت الرياض، ومن ناحية أخرى كانت هناك محلات وأسواق ومطاعم ومبانٍ محفورة في الوجدان، ولي ذكريات معها، مثل مكتبة العبيكان (التي طبعتْ طبعة جديدة من ديواني الأول للأطفال "أشجار الشارع أخواتي") ومكتبة جرير، ومكتبة الشقري، ومكتبة الملك فهد الوطنية وحديقتها، ومؤسسة الملك فيصل الخيرية، وأسواق الكمبيوتر بالعليا، وغيرها.
أنفاسٌ لم تهدأ في الحجرة 113
ها أنذا داخل الفندق، وبعد إجراءات بسيطة، أستلم المفتاح الإلكتروني، أو البطاقة الممغنطة التي توضع في مكانها، فتعطي إشارة خضراء، ليفتح باب الحجرة رقم 113 التي سأقيم فيها ست ليالٍ وخمسة أيام، فقد وصلنا قبل بداية فعاليات الندوة بيومين لنتمكن من التقاط أنفاسنا، ولم تكن تهدأ أنفاسي قبل محاولة الخروج ثانية والذهاب إلى شارع البطحاء العام، وشارع الخزان، وهما الشارعان اللذان سكنتُ فيهما عددا من السنوات، ولكن الساعة تقترب من الحادية عشرة والنصف مساء، وبدأت حركة المواصلات تهدأ قليلا، فعمدت إلى تليفون الحجرة لأتصل بأصدقائي القدامى من مصريين وسعوديين وفلسطينيين وسوريين وأردنيين ويمنيين وغيرهم.
كان أول من اتصلت به صديقي خليل محمد خليل (الذي أهديته قصيدة "الشاعر والحاسوب" المنشورة بديواني "تغريد الطائر الآلي") ولكنه لم يرد، فاتصلت به على المحمول أو النقَّال، أيضا لم يرد، فأدركت أنه نائم نوما عميقا (هكذا كان نومه قبل أن أغادر الرياض)، ولم أكرر المحاولة مع تليفونات الأصدقاء الآخرين، وقلت: الصباح رباح.
بين الميكروباص وسيارة الأجرة (الليموزين)
نهضتُ من نومي مبكرًا، وحاولتُ رؤية الشوارع السعودية من شرفة الحجرة رقم 113 ولكن لم أستطع رؤيتها جيدا، فالحجرة تطل على شارع جانبي صغير.
بعد تناول الإفطار أغريت أصدقاء الرحلة بالسير في شوارع الرياض قبل أن نزدحم ببرنامج الندوة، فلم يستجب سوى د. عبد الرؤوف أبو السعد، ود. حسن شحاتة (الذي قضى ثلاث سنوات من قبل في حي الملز بجوار فرع الجامعة للبنات).
عندما عرفتُ أنهما يريدان التسوق، أشرتُ عليهما بأسواق البطحاء، وكان في نيتي أن نركب ميكروباص (العليا / دلة) المتجه إلى البطحاء من أمام الفندق، وكان الغرض أن أرى المزيد من شوارع الرياض، وأن أشاهد المباني والمحلات ووجوه الناس على مهل، وهذا ما يحققه ركوب الميكروباص الذي يتوقف كثيرا ليركب راكب جديد، أو ينزل راكب آخر، ولكن أصر د. شحاتة على أن نركب سيارة أجرة (ليموزين) ولم يعرف هدفي من ركوب السيارة الميكروباص الذي سيحقق لي متعة المشاهدة والرؤية والتفاعل أكثر مع المكان.
السائق الكذَّاب
اتفقنا مع سائق سيارة الأجرة (وكان بنجلاديشيا) على مبلغ معين، وركب ثلاثتنا وعندما دخلنا شارع البطحاء، قلت له توقف هنا (أمام عمارة المعجل التي سكنت إحدى شققها من قبل). وعند نقده المبلغ المتفق عليه (عشرة ريالات)، أراد أن يأخذ أكثر من حقه (خمسة عشر ريالا)، فأصررنا على دفع المبلغ المتفق عليه، وحدثت مشكلة معه، وتدخل بعض المارة، واتصل السائق بكفيله السعودي عن طريق الهاتف الجوال، وهو يوهمنا أنه يتصل بالشرطة.
تحسست جيبي لأتأكد من وجود جواز سفري، تحسبا لأي موقف، وأخذت الهاتف منه لأتحدث مع الشرطة، اكتشفت أن الذي يتحدث معي كفيله السعودي الذي طلب مني دفع الأجرة المتفق عليها للسائق، فقلت له: إن المتفق عليه عشرة ريالات، والسائق يكذب عليك.
لم تنحل المشكلة إلا بتدخل بعض المارة، فدفعنا أزيد قليلا من المتفق عليه، حتى نكسب وقتنا بدلا من هذا الجدال العقيم الذي سببه السائق الكاذب.
همست في أذن د. حسن شحاتة، وقلت له: أما كان من الأفضل ركوب سيارة الميكروباص ذات التعريفة المحددة سلفا (ريالان لكل راكب). فضحك، وطلب مني أن أدله على محلات متخصصة في بيع البطاطين والألحفة وأغطية السرير الجيدة.
تجولنا في المنطقة، وعدنا ثانية في سيارة أجرة، ولم نكن بمفردنا، كانت معنا مشترواتنا، ولم نتفق على مبلغ معين، فقد اتفقنا مع السائق السابق وأخلَّ بالاتفاق، ووضعنا في موقف محرج.
دفعنا للسائق الثاني عشرة ريالات، فأخذها شاكرا، وكنا نتوقع منه أن يطلب المزيد، ولم يحدث.
أمسية المركز الثقافي المصري
في المساء كنت على موعد مع أ. عبد التواب يوسف، للذهاب إلى المركز الثقافي المصري بالعليا للمشاركة في أمسية عن أدب الأطفال، تم الإعداد لها ـ قبل سفرنا ـ مع كل من الكاتب الصحفي السيد الجزايرلي، ود. عصام بركات ـ المستشار الثقافي التعليمي بالسفارة المصرية.
تذكرت أيام افتتاح ذلك المركز بالرياض، وأمسياتنا الشعرية والثقافية به، وكان أول مستشار له د. حلمي الشاعر، وكان سفيرنا المصري في السعودية آنذاك الدبلوماسي محمد فتحي الشاذلي.
الآن سفيرنا المصري بالرياض الدبلوماسي محمد عبد الحميد قاسم، الذي حضر أمسيتنا الثقافية عن أدب الأطفال، وحضر معه أعضاء البعثة الدبلوماسية المصرية، وبعض المستشارين الثقافيين العرب، وعدد كبير من المصريين العاملين بالرياض، وأساتذة الجامعة، واكتشفت أنني أعرف الكثير منهم منذ أن كنت أعمل بالمدينة. وكان لمعظمهم تعليقات ومداخلات وإضافات بعد أن انتهى كل من عبد التواب يوسف وأنا من الحديث.
"الجزيرة" وحديث ذو شجون
في اليوم التالي بدأنا نستعد لحفل افتتاح الندوة بمركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة، بحي الصحافة خلف مبنى مؤسسة الجزيرة الصحفية. والحديث ذو شجون عن مؤسسة الجزيرة وإصداراتها الصحفية ومنها: جريدة الجزيرة وجريدة المسائية، اللتان كنت أكتب فيهما خلال السنوات 1984 ـ 1996 وتوقفت عن الكتابة فيهما، عندما ألمح المحرر الثقافي بأن هناك خطة لتغيير الأقلام والتوجهات، وفهمتُ أنه يقصدني، ويقصد قلمي، من وراء هذه العبارة، فلم أسلمه أية مادة صحفية بعد ذلك وحتى الآن.
وزالَ العبءُ من على كاهلي
قرأتُ ملخصا لبحثي الذي شاركت به في الندوة، وكان بعنوان "التقنيات الرقميَّة وتحقيقها لغايات أدب الأطفال الإسلامي"، مساء الخميس 2/3/2006، وأعتقدُ أنه لاقى أصداء طيبة، وتعليقات وإضافات، وأسئلة. وأحسست أن عبئا كبيرا زال من على كاهلي، فصحوتُ نشيطًا صباح الجمعة، وركبت سيارة الميكروباص، وذهبتُ للصلاة في الجامع الكبير بالديرة، وتجولت في شارع التميري، وكانت كل محلات الذهب وغير الذهب به مغلقة، ومشيت في شارع البطحاء العام، أشاهد المباني والمحلات التي كان معظمها مغلقًا، عدا محلات التموينات (البقالة)، حتى وصلت إلى منزل صديقي الشاعر د. حسين علي محمد في أول شارع غبيرة من ناحية شارع البطحاء، وانضم إلينا الكاتب الشاب علي الغريب (المشرف الثقافي لموقع لها أونلاين) وتناولنا طعام الغداء، وتحدثنا في كل شيء، وطلبت من الغريب أن يبحث لي عن نسخ من كتابي "معجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين" في مكتبات الرياض، نظرًا لضيق الوقت، ووعدني بذلك. وتبادلنا بعض الكتب والإصدارات.
استمرت أعمال الندوة حتى مساء الجمعة 3/3/2006 حيث أُعلنت التوصيات، وأُسدل الستار على ندوة "منهج الأدب الإسلامي في أدب الأطفال" على أمل اللقاء في ندوات أخرى، تقيمها الرابطة في أحد مكاتبها الإقليمية الأخرى في استانبول أو عمَّان أو الرباط أو القاهرة أو لكنو بالهند، أو إسلام أباد، أو غيرها.
خاطر يأخذ بخاطري
التقيت صديقي د. أحمد حسن صبرة، الذي يعمل بكلية الآداب ـ جامعة الإسكندرية، والمعار حاليا لجامعة الملك سعود، وأصرَّ على استضافتي مع زميل دفعته د. يحيى خاطر على العشاء، واقترحتُ أحد المطاعم بشارع الخزان القريب من سكني القديم، والذي كنت أتناول طعامي فيه خاصة، عندما أكون بمفردي (بدون عائلتي). وأصرَّ صبرة على الاحتفاء بنا في مطعم أفخم من الذي اقترحته، واحتكمنا إلى رأي خاطر الذي أخذ بخاطري، ورجَّح كفتي، لما عرفه عن شغفي بهذا المكان، فذهبنا إلى شارع الخزان، ومررنا على مركز الملك عبد العزيز التاريخي ليلا، فلم أر الكثير من معالمه.
المفتاح المكسور والحبس الاختياري
كان عليَّ أن أغادر الفندق صباح السبت، ولكن وجدتني أغادره آخر مساء الجمعة بعد انتهاء الندوة، حيث اتصلت بصديقي خليل الذي أتي بسيارته (المازدا البيضاء) التي عاصرتُ زمنَ شرائها، ونقلت حقائبي إلى سكنه، بالقرب من مجمع محاكم الرياض بالديرة.
كانت خطتي أن أبدأ صباح السبت تجوالا جديدا في شوارع الرياض، وأذهب إلى السويقة وشارع التميري وما يجاوره من شوارع قديمة، وأحياء شعبية لها رائحتها الخاصة، وعبقها التاريخي، بعد أن يذهب خليل إلى عمله بالجامعة.
صحوتُ مبكرا، رغم أننا سهرنا نستعيد أيام الرياض، ونتذكر أصدقاءنا القدامى، ونجلس أمام النت، ونراسل بعض الأصدقاء السهارى، وندردش معهم عبر برامج الشات.
بعد تناول إفطاري، أخذت استعد للنزول والتجوال والتسوق.
كان خليل قد ترك لي نسخة من مفتاح شقته، وأغلق الباب بمفتاحه من الخارج. وعندما أعلنت عن خروجي بوضع المفتاح داخل طبلة الباب، فإذا بالمفتاح ينكسر داخل الطبلة، وتتبدد كل محاولات فتح باب الشقة من الداخل.
لم أشأ الاتصال بصديقي حتى لا يترك عمله ويعود إلي، ويفتح الباب من الخارج، وفضلت الحبس الاختياري داخل شقته، وجلست أمام النت أرى مواقعي المفضلة، وأتصفح بريدي الإلكتروني الذي زادت رسائله غير المقروءة إلى أكثر من خمسمائة رسالة منذ أن غادرت الإسكندرية صباح الاثنين 27/2/2006. وقمت بالرد على بعضها، ومسحت الكثير منها، إلى أن عاد خليل من عمله، وعرف ما حدث، وعاتبني لأنني لم أقم بالاتصال به من تليفون شقته.
كان خليل منهكا، فهو لم ينم في الليلة الماضية، وخرج إلى الجامعة مباشرة، وعند العودة مرَّ على سوق السمك، واشترى لنا أسماكا مشوية وأرزًا (صنوايت) مطبوخًا، وانضم إلينا الصديق القديم المهندس صفي الدين زايد (الذي صمم غلاف كتابي "جماليات النص الشعري للأطفال" الصادر عام 1996).
عمارة القادسية وتيار الوعي
تركنا خليل ليأخذ قسطا من الراحة، وذهبت في سيارة صفي الدين إلى شارع الخزان، ومررت على العمارة التي سكنت إحدى شققها (كان اسمها عمارة القادسية)، ودلفت إلى المدخل ووقفت قليلا، وبدأ شريط الذكريات وتيار الوعي يعمل أمام المصعد، كدت أركب المصعد، وأضغط على مفتاح الطابق الخامس، ثم أضغط على جرس الشقة رقم 55، ثم تنبهت إلى خطورة الموقف، وأفقت على صوت صفي الدين، الذي يدعوني لنكمل مسيرنا في شارع الخزان.
بعد جولة قصيرة اضطررنا للرجوع لمشاهدة مباراة الزمالك والأهلي على القناة الفضائية المصرية، وقد توقعت أن تنتهي بالتعادل السلبي أو الإيجابي، حتى لا تضيع فرحة فوز مصر بكأس أفريقيا، بين جماهير الناديين الكبيرين، وبالفعل انتهت المباراة بالتعادل السلبي.
لم يزل أمامي بعض الوقت لمعاودة التجوال، فذهبت إلى أسواق المنفوحة القريبة، وابتعت بعض الهدايا، وعدت إلى خليل والبريد الإلكتروني والشات.
معارضة الحساوي
لم أشأ أن أغادر الرياض دون السلام على الأصدقاء والزملاء القدامى بإدارة النشر العلمي والمطابع، وكان بعضهم يريدون أن يمروا علي بالفندق للسلام واللقاء، ولكن أشفقت عليهم أن يحضروا ولا يجدونني، فأنا مرتبط ببرنامج الندوة، ولم أجلس في الفندق كثيرا، لذا أخبرتهم أنني سأمر عليهم صباح يوم عودتي إلى مصر، خاصة أن الطائرة ستقلع بعد الظهر.
استيقظت صباح الأحد مبكرا، ونزلت مع خليل، وذهبنا إلى الجامعة، وقضيت ساعات في لقاء الأصدقاء القدامى من المصريين والسعوديين والفلسطينيين والسوريين والأردنيين والسودانيين والصوماليين والهنود والباكستانيين وغيرهم، وفوجئت أن بعضهم كان يتابع بعض أعمالي المنشورة في المجلات والجرائد وعلى شبكة الإنترنت، وأحدهم أخبرني أنه شاهدني بالقناة الخامسة المصرية (قناة الإسكندرية) وأخبر زملاءه بذلك.
أصرَّ عبد الرحمن راشد الحساوي (أبو بدر) المدير الإداري الذي كان من أكثر المعارضين لتركي العمل، والعودة إلى مصر عام 1998، على تناول الغداء في بيته، ولكن أخبرته بأن ميعاد إقلاع الطائرة لا يسمح بذلك. وتعرفت على مدير النشر العلمي الجديد (القوصي). أما د. الدربي المشرف العام على النشر العلمي والمطابع، فلم أتعرف عليه، فقد حان وقت الذهاب إلى مطار الملك خالد الدولي، قبل حضوره إلى الإدارة. ولكن عرفت أن جامعة الملك سعود تستعد للاحتفال بمرور خمسين عاما على إنشائها خلال الشهور القادمة، وأنهم سيدعون بعض الذين سبق لهم العمل بالجامعة من بعض البلاد العربية والأجنبية، فغادرت المكان على أمل العودة ثانية للمشاركة في الاحتفال الذهبي بالجامعة.