احتفل شعراء مصر، من خلال لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، التي يرأسها الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، ببلوغ الشاعر الكبير فاروق شوشة سبعين عاما من رحلة عمره ذات الإنجازات الكبيرة على مستوى اللغة والإبداع الشعري الغزير والمتنوع شكلا ومضمونا. وقد امتلأت قاعة المؤتمرات بالمجلس طوال يوم الأربعاء 24/5/2006 بأصدقاء فاروق شوشة ومحبيه، من شعراء وأدباء ونقاد وإعلاميين، التفوا جميعا حوله في تظاهرة حب ووفاء وتقدير للرجل وإبداعه.
قدم حفل الافتتاح د. عماد أبو غازي ـ نائبا عن د. جابر عصفور أمين عام المجلس الذي لم تمكنه ظروفه من حضور تلك التظاهرة التي تحدث فيها أحمد عبد المعطي حجازي عن فحولة السبعين، وتحدث د. صلاح فضل عن بداية جديدة لشاعر في السبعين، وقال إن أعمال فاروق شوشة تكريس للجمال، سواء جمال اللغة أو جمال الشعر. تحدث أيضا في الجلسة الافتتاحية د. مصطفى ناصف، ود. محمود الربيعي الذي تناول لغة الشعر المعاصر من خلال قصيدة "أروع من عينيك لا" لفاروق شوشة.
ثم قام د. عماد أبو غازي بتسليم درع المجلس الأعلى للثقافة للشاعر المحتفى به، وقدم د. مسعد عويس درع الشباب والرياضة لفاروق شوشة، وقامت الشاعرة شيرين العدوي بإهداء باقة ورد باسم الشعراء.
*****
بعد الاستراحة بدأت الجلسة النقدية التي ترأسها الشاعر د. حسن طلب، وشارك فيها د. أحمد درويش الذي تحدث عن الديوان الأخير لفاروق شوشة "أحبك حتى البكاء"، وقال إن العنوان يطرح تساؤلات الغواية، ويبكي فيه الشاعر عصرًا يتهاوى، وفنا يضمحل، وأحلاما تنزلق مسرعة إلى هوة الإحباط. ثم تناول بالتفصيل حروف الفصل والوصل بين الحب والبكاء.
د. عبد اللطيف عبد الحليم (أبو همام) تحدث عن الرؤية الشفَّافة والموحية في شعر فاروق شوشة، وقال إن الاتزان عصمه من عهد عشناه في بدايات الثورة، وأن خليقة "الاتزان" ربما كانت أهم وليجة إلى فهم العالم الشعري لفاروق شوشة، وشخصيته.
أما د. محمد عبد المطلب، فتحدث عن الأبنية الأسلوبية عند فاروق شوشة، وقد لفته لفظة "العري" التي ترددت كثيرا (67 مرة) في الدواوين الخمسة الأولى، ثم أخذت لفظة أخرى مكانها هي "الخلو" أو "الخلاء"، في الأعمال التالية، وهذا يدل على أفقين: الأول حلم العودة إلى الجنة الضائعة، التي لا يعرف فيها العري. والأفق الثاني: أفق العودة إلى الطفولة، حيث الطفولة لا تعرف عريا.
ويرى د. محمد عبد المطلب أن شعرية فاروق شوشة، شعرية منفتحة تقبل التأويل والاحتمال.
د. محمد فتوح أحمد تحدث عن الرؤية الإبداعية في شعر فاروق شوشة، وذهب إلى أن التصوف ضرورة في شعره، ثم علَّق على قصيدته "شبيه زماننا" بالديوان الأخير "أحبك حتى البكاء"، كما تحدث عن علاقة الشاعر بالتراث، والتزامه بعملية التنقية من هذا التراث. ويرى د. فتوح أن في المسرح الشعري خلاصا لرؤى فاروق شوشة الإبداعية، ويدعوه إلى ارتياد هذا الأفق الإبداعي، مثلما فعل صلاح عبد الصبور، وأحمد شوقي من قبل.
د. وفاء إبراهيم قامت بتحليل قصيدة "لغة"، من خلال النقد الجمالي، وهي قصيدة تدل على تجربة شاعر يأسى على اللغة العربية وما آل إليها من ضعف وترهل، وأن مشكلة اللغة مطروحة من خلال الشاعر والفيلسوف، باعتبارها لغة توفيقية.
د. يوسف نوفل تحدث عن التطور الحادث في شعر فاروق شوشة في الديوان الأخير "أحبك حتى البكاء".
بعد ذلك أعطى د. حسن طلب الفرصة للمداخلات والتعليقات والتعقيبات، فتحدث د. أحمد كشك، ود. محمود الربيعي، والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، ود. محمد حماسة عبد اللطيف، والشاعر بشير عياد، وقلت في تعقيبي: "من المعروف أن لشاعرنا الكبير فاروق شوشة دواوين شعرية للأطفال: ملك تبدأ خطوتها، وحبيبة والقمر، والطائر الصغير، والأمير الباسم، وكنت أتمنى أن تدور دراسات وأبحاث أيضا حول تلك الأعمال الشعرية للأطفال التي قدمها الشاعر، إلى جانب دواوينه الأخرى".
***
في المساء رأس الجلسة الشاعر فؤاد طمان، وفيها تحدث فاروق شوشة عن تجربته الشعرية، أعقب ذلك أمسية شعرية قدمها الشاعر أحمد بخيت، وفيها قرأ من أشعار فاروق شوشة، الشعراء: أحمد عبد المعطي حجازي، وأحمد سويلم، وحكمت الشربيني، وحلمي سالم، وسيد حجاب، وعبد المنعم عواد يوسف، وفؤاد طمان، وفولاذ عبد الله الأنور، وكمال نشأت، ومحمد حماسة عبد اللطيف، ومحمد محمد الشهاوي.
***
غاب عن الاحتفالية مهندسها أو مقررها، الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، لسفره إلى سلطنة عمان للمشاركة في مهرجان شعري، بمناسبة اختيار مسقط عاصمة الثقافة العربية لعام 2006.
وقد وزع على الحاضرين أحدث إصدارات المجلس الأعلى للثقافة، وهو كتاب بعنوان "فاروق شوشة: سبعون عاما من الإبداع الشعري" أعدَّه وقدَّمه د. محمد حماسة عبد اللطيف، ووقع في 512 صفحة، وشارك فيه نخبة من الشعراء والنقاد.
وفيه يقول الشاعر الراحل أحمد مخيمر، عن فاروق شوشة الذي تخرج من كلية دار العلوم عام 1956، وكان عمره عشرين عاما:
فاروقُ شوشةُ شاعرٌ متمكِّنٌ
دارُ العلومِ بشعرِه تتباهَى
لو أنَّه في أمّةٍ وثنيةٍ
جعلتْه للشعرِ الجميلِ إلاها
أما الشاعر د. محمد حماسة عبد اللطيف، فيحيي فاروق شوشة في احتفاليته بقوله:
فاروقُ والشعرُ فرعا كرمةٍ بَسَقَتْ
صفّى لها ماءها في الغيبِ راووقُ
وصوتُه كصليلِ الوَحْي منطلقًا
يمدُّه من خفيِّ اللوْحِ تحقيقُ
صوتٌ شجيٌّ به الأسماعُ عالقةٌ
كأنه بالجَوى الفطريّ مخفوقُ
عفوًا إذا قلتُ شعرًا في تحيتِهِ
وهلْ يُحيَّا بغيرِ الشعرِ فاروقُ