لقد نظرت في أمر التصحيح اللغوي مليا، فوجدت أن الأخطاء يمكن حصرها في خمسة أوجه هي:
1- استخدام العامي عوضا عن الفصيح.
2- الأخطاء الإملائية التي تنجم عن طباعة حرف مكان حرف أو نسيان حرف ما.
3- الأخطاء الإملائية التي تنجم عن غلبة العادة في نطق حرف بدلا عن حرف أو إضافة حرف لا تنبغي إضافته.
4- الأخطاء النحوية، وتنقسم إلى أقسام كثيرة منها تعريف المعرف، وتسكين المنصوب، وتقديم الخبر على المبتدأ دون علة، وإعطاء تمييز غير صحيح لعدد ما، والإبقاء على ما يجب حذفه، وإضافة ما لا تجوز إضافته، وغير ذلك كثير.
5- الأخطاء في التراكيب، وكثير من هذه الأخطاء مقبول لغويا وإن كان غير فصيح.
هذا وقد تجنبت ضرب الأمثلة على الأخطاء عند تعدادها ولكنني سوف أسوق المثال عند التطرق لكيفية تصحيح الخطأ. وقد بحثت عن أفضل طريقة لتصحيح الأخطاء فوجدت أن اقتراح أسلوب بسيط يستطيع أي كاتب اتباعه أفضل على المدى البعيد من تصحيح أخطاء فردية لفلانة أو فلان. وتنقسم هذه الطريقة إلى أربعة أقسام:
أولا:
مثال: "أنتي ذهبتي إلى عاصمه الظباب في اصيف الماضي مع يماعة من الاقارب".
يحوي المثال السابق جملة من الأخطاء هي: إضافة الياء إلى "أنت"، وإضافة الياء إلى "ذهبت"، وكتابة كلمة "عاصمة" بالهاء عوضا عن التاء المربوطة، وكتابة "الضباب" بحرف الظاء، وسقوط حرف اللام من كلمة "الصيف"، وكتابة "جماعة" بحرف الياء، وعدم وضع الهمزة على الألف في كلمة "الأقارب".
إذا أخذنا المثال نفسه وصححناه باستخدام المصحح اللغوي المتوافر في برنامج MS WORD فإننا نحصل على الجملة التالية: "أنتي ذهبت إلى عاصمه الضباب في الصيف الماضي مع جماعة من الأقارب"، مع الانتباه إلى أن المصحح اللغوي في البرنامج المذكور سوف يحدد الخطأ، مثلا في كلمة "الظباب" ولكنه سيقترح كلمة "الذباب" فيجب تعديل الكلمة يدويا في نافذة التصحيح.
ولكننا نلاحظ أن كلمتي "أنتي" و"عاصمه" لم تصححان.
نخلص من أولا إلى أن كتابة المقالة في برنامج MS WORD سوف يقلص بشكل كبير من الأخطاء اللغوية والإملائية التي نقع بها جميعا.
ثانيا:
الأخطاء اللغوية والإملائية التي لا يضبطها المصحح اللغوي في برنامج MS WORD تنقسم إلى أقسام عدة:
1- تعريف المعرف: كقولنا "الغير معرف"، وهذه الجملة مضاف ومضاف إليه، وبإضافة كلمة "غير" إلى كلمة "معرف" تم تعريف كلمة "غير"، فلا يصح أبدا قولنا "الغير معرف" وإنما الصحيح قولنا "غير المعرف".
2- إضافة الياء إلى ضمير المخاطب المؤنث "أنت"، فقولنا "أنتي" لا يصح.
3- الإبقاء على ما يجب حذفه مثل: "قرأت كتابين الشعر"، فالنون في كلمة "كتابين" يجب حذفها والصحيح قولنا "قرأت كتابي الشعر"، ومثال آخر قولنا "مدرسون اللغة العربية" والصحيح قولنا "مدرسو اللغة العربية".
4- كتابة الهاء تاء مربوطة والعكس. وتصحيح هذا الأمر سهل جدا، فعند الشك في كيفية كتابة هذا الحرف انطق الكلمة مع كلمة أخرى تليها دون توقف فسيتضح فورا إن كانت تاء مربوطة أو هاء. فمثلا كلمة "هذه" تنتهي بهاء ولتوضيح ذلك اقرأها مع كلمة تليها مثل "هذه المدرسة" فكأنك تقرأها "هذهـالمدرسة"، أما كلمة عاصمة فاقرأها مع كلمة تليها مثل "عاصمة الضباب" فكأنك تقرأها "عاصمتـالضباب".
5- عند كتابة الأرقام يجب أن يخالف التمييز الرقم في الجنس للأرقام من ثلاثة إلى عشرة، ويوافق التمييز الرقم في الجنس للرقمين واحد واثنين. مثال: "قرأت كتابين اثنين" أو "أكلت دجاجة واحدة"، ولكن للأرقام الأخرى نقول "قرأت ثلاثة كتب" و"أكلت أربع دجاجات". والقاعدة نفسها تنطبق على الأرقام فوق العشرة ومثال ذلك قوله تعالى: "إني رأيت أحد عشر كوكبا" للرقم واحد واثنين، أما الأرقام الأكبر فتمييزها بعكس الرقم مثل: "صمت تسعة وعشرين يوما". كما يجب الانتباه إلى أن تمييز العدد منصوب دائما.
ثالثا:
الأخطاء النحوية يصعب تصحيحها بتنبيهات بسيطة، ولكنها أقل بكثير من الأخطاء الإملائية. ولكنني لاحظت أن كثيرا من الأخطاء النحوية يتسبب فيها اعتراض جار ومجرور لنسق الجملة، فلا يتضح بعد ذلك الحالة الإعرابية للكلمة. ومثال ذلك: "ذهب الطالب إلى المدرسة ماشيا". إذا شك أحدنا في الحالة الإعرابية لكلمة "ماشيا" (وهي حال منصوبة) فما عليه إلا أن يحذف، مؤقتا، الجار والمجرور وينطق الجملة، فسيتضح له الأمر غالبا. وسبب ذلك أن الجار والمجرور لا يؤثران على الحالة الإعرابية للجملة مطلقا. والاستثناء الوحيد هو تأخير المبتدأ بسبب كون الخبر جارا ومجرورا، ولكن المبتدأ يبقى مرفوعا مع ذلك.
رابعا:
الأخطاء في التراكيب. وأشهر هذه الأخطاء هو دخول الباء على البديل وليس على ما يستبدل. فالصحيح قوله تعالى: "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير" فدخلت الباء هنا على ما يستبدل (وهو المن والسلوى) وليس على البديل (وهو العدس والبصل والفول والقثاء). والشائع هو العكس، وهذا خطأ. فنجد أن أكثرنا يقول: "سأستبدل سيارتي القديمة بسيارة جديدة"، وهذا خطأ كما ذكرنا، والصحيح قولنا: "سأستبدل سيارة جديدة بسيارتي القديمة".
ومن الأخطاء الشائعة المهمة قولنا: "تلعب المدارس دورا مهما في تنشئة الأطفال"، وهذا خطأ لأن كلمة اللعب لا تستخدم في اللغة العربية إلا للهزل، ولا تستخدم في الجد أبدا.
ومن التراكيب غير الصحيحة قولنا: "كلما زاد الهم، كلما زادت قدرة أحدنا على احتماله". وهذا تركيب غير صحيح، فلا يصح تكرار كلمة "كلما". والصحيح كما في قوله تعالى: "كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله". وعلى هذا يصبح مثالنا صحيحا إذا عدلناه كما يلي: "كلما زاد الهم، زادت قدرة أحدنا على احتماله".
ومن التراكيب غير الصحيحة قولنا: "إما أن تأتي أو آتيك أنا"، وهذا غير صحيح. والصحيح قولنا: "إما أن تأتي وإما أن آتيك"، فيجب تكرار كلمة "إما" مع التخيير في كل مرة.
ومن التراكيب غير الفصيحة قولنا: "رأيت نفس الرجل مرتين" والفصيح قولنا: "رأيت الرجل نفسه مرتين". فالأفصح اتباع الموصوف (الرجل) بالوصف (نفسه) وليس تقديمه عليه.
ومن التراكيب غير الصحيحة تقديم الخبر على المبتدأ دون علة صحيحة مثل قولنا: "ممنوع التدخين" أو "ممنوع الدخول"، والصحيح قولنا: "التدخين ممنوع" أو "الدخول ممنوع".
ومن التراكيب غير الفصيحة إضافة الباء إلى كلمة دون مثل قولنا: "صحوت اليوم بدون منبه"، والفصيح قولنا: "صحوت اليوم دون منبه".
ومن التراكيب غير الفصيحة قولنا: "رضيت عليه"، والفصيح قولنا: "رضيت عنه"، كما في الآية الكريمة: "رضي الله عنهم ورضوا عنه".
_______________________________
هذا والله تعالى أجل وأعلى وأعلم.
ورحم الله امرؤا أهدى إلي عيوبي، ورحم الله امرؤا صحح أو زاد أو انتقد.