لم أكتب هذا المقال اليوم كي استعرض المراحل الخاطفة التي يمر فيها القارىء العربي لبناء مرجعيته المعرفيّه, وإنّما لأن كثيراً ما تسألني القوارير بعد جلسة أدبيّه رائقة, أو أمسية فكريه سامقة, أو حتى لقاء ثقافي عابر في اجتماعٍ نسويّ, عن سؤالٍ يُورطني حقاً, ويوقعني في حيرة الإجابة.. ' ما أفضل ما قرأتِ ؟ ' . سؤال فضفاض جداً لا أملكُ في دولابي الثقافي إجابةٌ تليقُ بحجمه. ليس لأنني لا أملك قائمة مُعلبه من ذي قبل تحوي مُفضلاتي, وإنّما لسبب لا يختلف عليه مُثقفان : (( بناء الهرم الثقافي لدى القارىء النهم لا يتوقف عند قمةٍ معينه, بل يتنامى حجمه ويكبر يوماً بعد يوم, وهذا يعني أن مُفضلاته المعرفيه تتغير وتختلف بفعل ذلك التنامي )). وهذا أيضاً بدوره يضعنا أمام التالي :
1- حس التفاضل لدى القارىء النهم يتنامى مع حجم القراءات باطّراد, فكلما اتسعت دائرة قراءاته ومعارفه كلما نضجت رؤيته واتسعت آفاقه. فمثلاً: القارىء الضليع في مجال الأدب, حسّه التفاضلي فيما تحويه باحات الأدب لا يُضاهي البتّه المُتكسع في تلك الساحات عنوةً.
2- الحس التفاضلي يختلفُ من مرجعيه ثقافيه لأخرى, فالمُنطلق مثلاً في بناء آراءه استناداً على مرجعيه دينيه مُلتزمة يختلف عن الآخر الذي ينطلق من مرجعيه لادينيه مُتحرره. وهنا يجب أن لا نستغرب البتّه من تفضيل القارىء ذو المرجعيه الدينيه لكتاب يُعبر عن ذات المرجعيه لتوافق الرؤى والمُنطلقات.
3 - الحس التفاضلي يختلف من مجال لآخر, فلا يوجد شيء على الاطلاق في التفضيل. لمجال الأدب مُفضلات, ولمجال الفكر مُفضلات, ولمجال السياسية مُفضلات, وهكذا دواليك. وتلك المُفضلات الجزئية أيضاً تخضع أيضاً لأمر آخر يرتبط بالقارىء نفسه وهو ' الذائقه ', فكلٌ له ذائقته الأدبيه التي قد تختلفُ أحياناً وتتشابه أحايين أخرى مع الآخر.
لذا فإن فوضى الحيرة تلفني, وتعبث فيّ عندما تسألني أحدهم عن ذلك, فلا يمكن حتماً أن نحشر مجموعه مُفضلات لدى قارىء نهم في كبسولة سحريّه يشتريها شخص ما..يتناولها بانتظام وفق مدة زمنيّه, يصبح بعدها نسخة مُهجنه تُمارس شهقات القراءة وزفرات الكتابه في نفس الآن !.
على أيّه حال, وعلى الرغم من كل ذلك, إلا أنني حضّرت قائمة مُفضلاتي في كل المجالات, للسائرين على خطى معشوقي في الطفولة { فضولي } .. هه !
وكل معرضِ كتابٍ وأنتم تنعمون بصحة ثقافيه وافرة ؛)
صالون شهرزاد الثقافي :
جلستنا الأدبية القادمة في 27.تشرين الثاني.2008, ستكون مع الأديبة الكويتيّه الشابّه: بثينة العيسى, فللقوارير العابرين من هنا دعوة موشاة بالياسمين للحضور.