يعتبر مصطلح التخييل من المصطلحات التى شاعت كثيرا ...فيما يلي دراسة من بعص جوانب المصطلح
(تعريف التخييل لغة)
خَيَل: ( ) خال الشيء يخال خَيْلاً، وخَيْلَه, ويُكْسَران، و خاَلاً، وخَيَلاناً، مُحرّكةً، وَمخِيلَة ومَخَالَةً وخَيْلولة: ظنّه....
وفي التهذيب خِلْته زيداً خيلاناً، بالكسر، ومنه المثل:مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ أي يظن.
وخَيّل عليه تَخْييْلاً، وتَخَيُّلاً: وجه التُّهْمة إليه كما في المحكم. وخيَّل فيه الخير: تفرّسه
وتَخيّل الشيء له إذا تشبّه.
وقال الراغب: التخيُّل: تصُّور خَيَال الشيء في النفس....
وقال الراغب: أصل الخيال القوّة المجرّدة كالصورة المتصوّرة في المنام وفي المرآة وفي القلب، ثم استُعمل في صورة كل أمر مُتصوَّر، وفي كل دقيق يجري مجرى الخيال.
وأخال الشيء اشتبه، يقال: هذا أمر لا يُخيل. قال:
والصدق أبلج لا يُخيل سبيله
والصدق يعرفه ذوو الألباب
وخُيّل إليه أنه كذا.. من التخييل والوهم، ومنه قوله تعالى: «يُخيَّل إليه من سحرهم أنها تسعى».
والتخييل: تصوير خيال الشيء في النفس...
وشيء مُخِيل: مُشْكِل.
وكذلك باقي المعاني التي يمكن أن نلخصها بـ:
الظن وتوجيه التهمة والتفرّس والتشبه وتصور خيال الشيء في النفس والاشتباه والتوهم، والإشكال.
وقد جاء في التعريفات للجرجاني ( ):
الخيال: وهي قوة تحفظ ما يدركه الحس المشترك من صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة بحيث يشاهدها الحس المشترك كلما التفت إليها.
فهو خزانة للحس المشترك، ومحله مؤخر البطن الأول من الدماغ.
ولم تخرج بقية كتب اللغة والتعريفات عن هذه المعاني وهذا الاصطلاح( ).
توطئة:
إن دراسة التخييل والتخيل عند الجرجاني أو حازم القرطاجني، أو حتى عند غيرهما من الأدباء والنقاد والبلاغيين بَل والفلاسفة العرب، لا تكتمل ولا تتوضح إلا بمعرفة هذا الموضوع عند اليونانيين.
إذ إن نظرية الخيال في التراثَيْن العربي والغربي تدين للثقافة اليونانية التي تلقفها العرب وأفاضوا في تفسيرها والإضافة إليها.
وقد تأثر كلٌّ من الفلاسفة والأدباء والنقاد والبلاغيين بمن سبقهم من فلاسفة اليونان، كأرسطو وأفلاطون( )، ولذا أرى أنه لا بد من أن أمهد بشيء عن التخييل لدى أرسطو وبعض الفلاسفة المسلمين، حتى نصل إلى الجرجاني والقرطاجني، فإن الأخيرَيْن قد تأثرا بشكل ملحوظ بالفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا بل إن حازماً القرطاجني يكاد لا يخرج عن أقوال ابن سينا.
وابن سينا وغيره من فلاسفة الإسلام تأثروا بفلاسفة اليونان فالموضوع مترابط لا يمكن فصله، ومالا يدرك كله لا يترك جُلّه.
لقد اهتم أرسطو في تعريف التخييل وعالجه في كتابه النفس، ولم يتعرض له في فن الشعر إلا بإشارة سريعة( ).
أما رأي أرسطو في طبيعة التخيل ومدى حظه من الصدق والكذب، فيمكن إيجازه في أن التخيل ضرب من الحركة في الذهن يقابل الحركة في عالم الحس (كما مرّ آنفاً) وحركة التخيل يجب في رأيه أولاً: ألا تكون قادرة على الوجود بدون الإحساس، وأن تنتمي إلى الكائنات التي لا تحس. ثانياً: أن تجعل صاحبها قادراً على أن يفعل وينفعل بعدد كبير من الأفعال.
وأخيراً أن تكون هي نفسها صادقة أو كاذبة( ).
التخييل عند ابن سينا:
إن الكلام في التخييل عند الفلاسفة المسلمين من حيث مصدره ومفهومه فيه آراء ومواقف متباينة كثيرة، فقد اختلفوا في ذلك مذاهب شتى، ومنهم من يخلط بين المحاكاة والتخييل، ومنهم من يجعل التخييل والوهم شيئاً واحداً.
إن تأثير كل واحد منها بالآخر واستمداده من الفلسفة اليونانية وأثره في الثقافة العربية، كل ذلك يحتاج إلى دراسة مطولة متأنية تفصل بين الآراء المختلفة وتبين الفرق بين هذه المصطلحات ( ).
- ويظهر التقصي التاريخي على أن مذاهب اليونانيين في علاقة الإدراك الحسي بالتخيّل، قد انتقلت برمتها إلى تراث الثقافة العربية، ومما يدل على هذا تأثر الفلاسفة المسلمين بذلك أمثال الفارابي وابن سينا وابن رشد. وأولهم تأثراً الفارابي، وكان لأرسطو النصيب الأوفى من التأثير بفضل الترجمة، وقد حظي بعناية كبيرة.
أما ابن سينا فقد تأثر بالفارابي في كل ما كتبه في المحاكاة والتخيل والتخييل، وأفاد منه إفادة كبرى جعلته يوضح هذه الأمور ويسهب فيها ويطورها عما كانت عليه( ).
«وجدير بالذكر أن ابن سينا هو -فيما نعلم- أول فيلسوف من فلاسفة المسلمين وصف الشعر بأنه كلام مُخَيِّل، كما سنرى بعد عند تعريفه للشعر. وابن سينا هو آثر الفلاسفة عند حازم، نقل عنه في أربعة عشر موضعاً في كتابه، ولذا هناك علاقة وثيقة بين حازم وابن سينا في الفكر»( ).
تعريف الشعر عند ابن سينا:
يقول ابن سينا: «إن الشعر هو كلام مُخيِّل مؤلّف من أقوال موزونة متساوية، وعند العرب مقفّاة».
إن هذا التعريف للشعر خاص بابن سينا، وهو في الشعر عامة، ثم ينسحب على الشعر العربي بقوله: «وعند العرب مقفاة».
ولم يقف ابن سينا في تعريفه للشعر على أنه قول موزون ومقفى، كما هو شائع عند النقاد العرب، بل ذهب إلى أبعد من هذا وجعله في الدرجة الأولى «كلام مخيِّل» وهكذا يبدو دور الشعر في المتلقي. فإن المقصود عند ابن سينا بـ«كلام مخيِّل» أي «فعل مخيِّل».
يشرح ابن سينا معنى «مخيل» فيقول: والمخيِّل هو الكلام الذي تذعن له النفس فتنبسط عن أمور، وتنقبض عن أمور من غير روية وفكر واختيار، وبالجملة تنفعل له انفعالاً نفسانياً غير فكري، سواء كان المقول مصدَّقاً به أو غير مصدق. فإن كونه مصدقاً به غير كونه مخيلاً أو غير مخيل: فإنه قد يصدق بقول من الأقوال ولا ينفعل عنه، فإن قيل مرة أخرى وعلى هيئة أخرى انفعلت النفس عنه طاعة للتخييل لا للتصديق فكثيراً ما يؤثر الانفصال ولا يحدث تصديقاً وربما كان المتيقن كذبه مخيلاً.
ومما يلاحظ على هذا الكلام تركيز ابن سينا على عملية التخييل ودورها الهام في المتلقِّي، أو بتعبير آخر الاهتمام بالأثر الذي يتركه الشعر في نفس المتلقي، الذي لا تتشكل صوره بوساطة القوة الحاسة، كما هو الحال عند الشاعر في المرحلة الأولى، تتشكل مباشرة من الصور الذهنية المخيلة.
وفي كل الأحوال لا نستطيع أن نفصل فصلاً حاداً بين النص الشعري وأثره في المتلقي أو بين التخيّل الشعري والتخييل الشعري( ).
ونذكِّر أن ابن سينا لا يربط مفهوم الشعر بالمضمون الأخلاقي الديني، من حيث الصدق والكذب.
- والتخييل عند ابن سينا هو الفصل بين ما هو شعر وغير شعر، أو بين الشعر والنثر، أو بين الشعر والخطابة.
يقول: «الشعر يستعمل التخييل والخطابة تستعمل التصديق»، وليس التخييل هنا ضد التصديق من حيث الطبيعة ولكن من حيث الفاعلية والأثر في المتلقي، أو بقدر درجات الاستجابة والإذعان والنزوع لهما.
فالخطابة تستعمل التصديق للإقناع بالبرهان فتكون لها استجابة عقلية ادئة وباردة «لأنها محصورة متناهية يمكن أن توضع أنواعاً ومواضع».
وتظهر الفوارق عند ابن سينا بين الشعر والخطابة على الأسس التالية:
1- الخطابة تستعمل التصديق، بمعنى أن تقوم على محاكاة الأشياء المعروفة والمشهورة بدون زيادة أو نقصان، بأسلوب تقريري مباشر يقبله العقل والمنطق.
2- الشعر يستعمل التخييل: بمعنى أن الشعر خلق وإبداع لا يحاكي الموضوعات المشهورة والمحصورة، أي لا يقلد الأشياء وينسخها بأمانة، وعدم الأمانة بالنسخ والنقل والمحاكاة هنا –هو الكذب- من حيث الشكل- بالتقسيم المنطقي للخبر (صادق – كاذب) والكذب الفني بهذا التقسيم المنطقي للشعر مرتبط بالمستحسن في الشعر، أي بالتجديد الذي يحدث الدهشة والمتعة لدى المتلقي.
أو بتعبير آخر أن الكذب في الشعر يساوي عملية الخلق والإبداع الفني، وهذا ما جعل القدماء يقولون:
«أكذب الشعر أعذبه» ومن هنا أصبح للكذب قوة تخييلية يستعملها الشعر( ).
في قضية علاقة التخييل بالصدق أو بالكذب، يفهم من كلام ابن سينا أن الجهة منفكة، فالنفس تنفعل للكلام المخيل كما ذكرنا قوله سابقاً «انفعالاً نفسانياً غير فكري سواء كان المقول مصدقاً به أو غير مصدق، فإن كونه مصدقاً غير كونه مخيلاً أو غير مخيل». وهذه العلاقة المنفكة هي في صالح القول الصادق إذا كانت العبارة عنه بكلام مخيل، لأنه «إذا كانت محاكاة الشيء بغيره تحرك النفس وهو كاذب، فلا عجب أن تكون صفة الشيء على ما هو عليه تحرك النفس وهو صادق، بل ذلك أوجب» ويرى ابن سينا «أن الناس أطوع للتخييل منهم للتصديق، وكثير من الناس إذا سمع التصديقات استكرهها وهرب منها. وقال: «القول الصادق إذا حرف عن العادة وألحق به ما تستأنس به النفس أفاد التصديق والتخييل، وربما صرف التخييل عن الالتفات إلى التصديق والشعور به.
ومن هنا يرد ابن سينا أصل البراعة الشعرية إلى التخييل، وهذا التخييل يمكن أن يكون في خدمة الحقيقة كما قد يكون في خدمة الكذب، وهو في كلتا الحالتين إنما يخاطب قوة النزوع والشوق يجذبها إلى ما تحب ويطردها عما تكره. ومرد ذلك كله إلى عبقرية الشاعر وبراعته في القول والتعبير، لأن التخييل إذعان، والتصديق إذعان، ولكن التخييل إذعان للتعجب والالتذاذ بنفس القول، والتصديق إذعان لقبول أن الشيء على ما قيل فيه، فالتخييل يفعله القول لما هو عليه، والتصديق يفعله القول بما المقول فيه عليه( ).
وإذا عدنا إلى تعريف ابن سينا للشعر بأنه كلام مخيل نجد أن سبيل الشعر إلى التخييل هي المحاكاة بعنى التشبيه والتمثيل، فمجال الشاعر هو النفس وليس العقل، وعمله فيها هو التأثير، وطريقه إلى هذا التأثير هو التخييل.
ومعنى التخييل هنا هو مخاطبة القوة المتخيلة في النفس. وهذه القوة تعمل في صور المدركات الحسية التي تصل إلى قوة الخيال من الفنطاسيا أو الحس المشترك، وتقوم فيها بالجمع والتفريق كما تشاء، كما تقوم بهذه العملية أيضاً مع المعاني المدركة من المحسوسات الجزئية التي تنالها قوة الوهم وتحتفظ بها الذاكرة( ).
ويرى ابن سينا أيضاً «أن الشعر من جهة ما يُخيِّل ويحاكي بأشياء ثلاثة: باللحن الذي يتنغم به، فإن اللحن يؤثر في النفس تأثيراً لا يرتاب به، وبذلك التأثير تصير النفس محاكية في نفسها لحزن أو غضب أو غير ذلك. وبالكلام نفسه إذا كان مُخيِّلاً ومحاكياً، وبالوزن فإن من الأوزان ما يُطيش وما يُوقّر، وربما اجتمعَت هذه كلها وربما انفرد الوزن والكلام المخيل( ).
ونجد كذلك أن ابن سينا قد ربط بين التخييل وإثارة التعجب، وهو ربط يعني أن أخيلة الشعر تبعث في المتلقي إعجاباً بالصور التي تبدعها مخيلة الشاعر من المعطى الحسي.
إن الإعجاب في هذا السياق غير دال، فالتعجب تعبير عن ضرب من الاستحسان وإثارة الدهشة، لما يحيل عليه التدهش من تنوع وجدة يبدعها الخيال.
وفي كلام ابن سينا ما يؤذن بوضع التخييل والانفعال في مساق واحد، إذ التخييل من شأنه أن ينفعل له المتلقي بغير روية فكرية، بحيث يحدث هيآت مختلفة من تلذذ وغبطة وانتشاط من عقال، أو تألم وحزن تنقبض له النفس ويحرج منه الصدر. إن من وظائف التخييل على هذا النحو إحداث وضع كيفي من الانفعال( ).
ومن ملاحظات ابن سينا الجديرة بالاعتبار ما أورده في تعريف القوة المتخيلة، إذ ذكر أن من شأنها أن تركب بعض ما في الخيال مع بعض، وأن تفصل بعضها عن بعض. إن هذه الوظيفة المنسوبة للوعي التخيلي سوف تعود للظهور بتألق زائد عند النقاد والفلاسفة من ذوي النزعات الرومانتيكية، وهو ما عبروا عنه: بأن الخيال ينشر ويبدد ويفكك ويعيد بناء العناصر من جديد( ).
وقبل أن نختم الكلام عن ابن سينا فلا بد أن نشير إلى قضية مهمة وهو إدخاله التخييل الفني في قوالب المنطق، ومما يدل على هذا اعتباره الشعر بمثابة مقدمات فحيلة، كأنما يشاكل بينه وبين القياس، وتمييزه بين التخييل والتصديق. كما مر سابقاً معنا عندما ذكرنا نوعي الإذعان بين التخييل والتصديق.
فابن سينا يعد القول المخيل من أقسام المنطق، وعبارته في ذلك أن للمقدمات المخيلة لواحق وعوارض... وكذلك الوزن لكن القول في الوزن أولى بصناعة الموسيقيين، وأما الذي من صناعة المنطق فالنظر في المقدمات المنطقية ولواحقها وكيف تكون حتى تصير مخيلة( ).
لقد كان ابن سينا ينظر في الشعر نظر المنطقي في القضايا والأقيسة والبراهين، وإليه يرجع الفضل في إذاعة كلمة التخييل.
وقد حدد بعض الدارسين أربعة معان لكلمة التخييل عند ابن سينا، ومن دلالتها: أن الكلام المخيل موجه إلى مخاطبة الغير.
وهنا نرى أثر ارتباط الشعر بالمنطق عند العرب، فالجدل يراد به إقناع الغير ويعتمد على المقدمات المقبولة عند العلماء، والخطابة يراد بها إقناع الغير وتعتمد على المقدمات المقبولة عند الجمهور، والشعر يراد به إيقاع المعاني في نفوس السامعين، فالتخييل الشعري نظير التصديق الجدلي والخطابي.
ومن دلالات التخييل عند ابن سينا:
1- أن التخييل أمر خارج عن التصديق، فالتصديق راجع إلى مطابقة الكلام للواقع، أما التخييل فراجع إلى ما للكلام نفسه من هيئة تحدث الانفعال، ومن هنا جاز أن تكون مواد التخيلات صادقة أو كاذبة إذا أحدثت في النفس الانفعال المقصود بالشعر.
2- أن التصديقات والتخييلات بمنزلة المادة والصورة، مما يترتب عليه أن حقيقة الشعر الذاتية ليست في مادة المعاني بل في صورتها.
ومن ملاحظاته أن التخييلات الشعرية قد توجه نحو «الأغراض المدنية» من سياسة وغيرها( ).
ويمكننا أن نختم بالقول إن التخييل إبداع وابتكار عربي إسلامي من ابن سينا أفاده من مبحث أرسطو في النفس، ومن اجتهاده الشخصي في هذا المجال، وإن مفهوم التخييل عند ابن سينا مفهوم جيد لطبيعة الصناعة الشعرية ووسائلها التعبيرية.
التخييل عند عبد القاهر الجرجاني:
لم يكن الدرس البلاغي والنقدي بمعزل عن منهج الفلاسفة وقد تشبث نفر من المشتغلين بالبلاغة والنقد بما انتهى إليه الفلاسفة من نتائج، وأثاروا قضايا هي من ثمرات هذا التأثر من مثل: قضايا اللفظ والمعنى، والصدق والكذب والخبر والإشارة، وأدخلوا التخييل في قوالب المنطق. ويجد الدارس هذا التأثير أوضح ما يكون عند عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة، وحازم في منهاج البلغاء.
(مع أن للدكتور سعد رأي مختلف في عبد القاهر سنورد جزءاً منه في هذا المبحث( ).
ولم يكن عبد القاهر بِدْعاً بين المشتغلين بالبلاغة فيمن سبقوه، ذلك أنه ربط مبحث التخييل بالأخذ والسرق وما فيهما من التقليل، وقد بث فكرة التخييل في "أسرار البلاغة" ومن هذا حديثه عن الفرق بين العقلي والتخييلي، وقياسه ما نعته بالمعاني العقلية في الشعر في الاستنباط المنطقي للأدلة البينة، وإلحاقه قسماً من التخييلات بالاحتجاج والقياس بضرب من التلطف والمرانة والحذف والصنعة التي يحتال بها الشعراء، وخلاصة القول في مذهبه إنه قصد بالتخييل ما قصده المتأخرون بالإيهام وحسن التعليل، وراغ إلى ما راغ إليه الأوائل من مشكلات الصدق والكذب، مصطنعاً الموازين المنطقية التي اصطنعوها للتمييز بين معان عقلية هي نسب للتصديق يحكم بإثباتها أو نفيها، وأُخَر تخيلية لا شأن لها إلا بصورة الصيغة الشعرية، فلا يقال فيها إن الشاعر بسبيل الصدق أو الكذب، ومن هذه المعاني التخيلية طائفة مصنوعة سبيلها البرهان والقياس( ).
ولكن التخييل عند عبد القاهر فيه اختلاف عن التخييل عند فلاسفة المسلمين، فإن الفلاسفة درسوا التخييل من خلال الأثر الذي يتركه الكلام المخيِّل في نفوس السامعين، أو بتعبير آخر يركزون على سيكولوجية المتلقي، ولم يهتموا بطبيعة العمل الفني، أي بطبيعة هذا الكلم المخيّل.
أما عبد القاهر فقد حلل التخييل على أنه جزء لا يتجزأ من العمل الفني، وتحدث عن تكوّنه وإنشائه ووجوده، وبهذا يكون: الشعر كلام مخيِّل ومخيَّل عنده( ).
ومما يدل على هذا أقوال عبد القاهر وهو يتحدث عن التخييل الشعري «أعلم أن الحكم على الشاعر بأنه أخذ من غيره وسرق، واقتدى بمن تقدم وسبق، لا يخلو من أن يكون في المعنى صريحاً أو في صيغة تتعلق بالعبارة. ويجب أن نتكلم أولاً على المعاني وهي تنقسم قسمين: عقلي وتخييلي، وكل واحد منهما يتنوع، فالذي هو العقلي على أنواع، أولها عقلي صحيح، مجراه في الشعر والكتابة والبيان والخطابة مجرى الأدلة التي تستنبطها العقلاء، والفوائد التي تثيرها الحكماء، ولذلك نجد الأكثر من هذا الجنس منتزعاً من أحاديث النبي e وكلام الصحابة، ونقولاً من آثار السلف الذين شأنهم الصدق وقصدهم الحق، أو ترى له أصلاً في الأمثال القديمة والحكم المأثورة عن القدماء»( ).
ويضرب أمثلة على هذا النوع من المعنى العقلي( )، ويكمل قوله «وهذا من باب من المعاني التي تجمع النظائر... ومكانه من العقل ما ظهر لك واستبان ووضح واستنار، ومنه قول المتنبي:
وكل مكان ينبت العز طيب وكل امرئ يولي الجميل محبب
وهو صريح معنى ليس للشعر في جوهره وذاته نصيب، وإنما له ما يلبسه من اللفظ ويكسوه من العبارة، وكيفية التأدية من الاختصار وخلافه».
وهذا يبين لنا أن عبد القاهر يعتبر المعاني العقلية ليست من جوهر الشعر وإن لبست رداءه، مع أنه لا يقلل من أهميتها ومن دورها في النواحي العقلية والاجتماعية والدينية بقوله بعد الاستشهاد بـ:
حتى يراق على جوانبه الدم لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
«معنى معقول، لم يزل العقلاء يقضون بصحته ويرى العارفون بالسياسة الأخذ بسنته، وبه جاءت أوامر الله سبحانه وتعالى...»( ).
وبهذا تمثل المعاني العقلية عند عبد القاهر الحقائق الصادقة التي يقبلها العقل والمنطق، والتي تعتمد الأساليب المباشرة التي تصور الأمور تصويراً واضحاً.
ثم يمضي عبد القاهر بعد هذا القسم في بيان القسم التخييلي للمعاني فيقول:
«وأما القسم التخييلي للمعاني فهو الذي لا يمكن أن يقال فيه إنه صدق وإن ما أثبته ثابت وما نفاه منفي، وهو مفتن المذاهب كثير المسالك... ثم إنه يجيء طبقات، ويأتي على درجات، فمنه ما يجيء مصنوعاً قد تلطف فيه واستعين عليه بالرفق والحذق، حتى أعطي شبهاً من الحق... باحتجاج يخيّل، وقياس يصنع فيه ويعمل»( ).
وقبل أن نكمل قولـه وتمثيله لما ذكر، نرى بأن ما يفهم من كلامه أن المعاني التخييلية ليست صادقة كالمعاني العقلية، لأنها أعم وأشمل فلا تنحصر ولا تخضع لمقاييس حادة كالمعاني العقلية، وتتسم بطبقات من المعاني ودرجات مختلفة حتى تعطي شبهاً من الحق بقياس يصنع فيه، ونجد أن عبد القاهر تأثر بالمنطق الأرسطي، فموضوع الصدق والكذب والقياس والسبب والعلة من ضمن تحليلاته.
ونعود لنراه يستشهد على كلامه بقول أبي تمّام:
فالسيل حرب للمكان العالي لا تنكري عطل الكريم من الغنى
وهذا البيت يجري عنده على القياس التخييلي لا العقلي فيقول:
«فهذا قد خيل إلى السامع، أن الكريم إذا كان موصوفاً بالعلو والرفعة في قدره، وكان الغني كالغيث في حاجة الخلق إليه وعظم نفعه، وجب بالقياس أن ينزل عن الكريم نزول ذلك السيل عن الطود العظيم، ومعلوم أنه قياس تخييل وإيهام، لا تحصيل ولا إحكام، فالعلة أن السيل لا يستقر على الأمكنة العالية أن الماء سيّال لا يثبت إلا إذا حصل على موضع له جوانب تدفعه عن الانصباب، وتمنعه من الانسياب، وليس في الكريم والماء شيء من هذه الخلال( ).
يتبين من كلامه هنا بعض المنهج الأرسطي حيث استخدم "وجب القياس" وحلل البيت بوساطة القياس العقلي بقوله: «فالعلة أن السيل......».
فقد احتج عبد القاهر لفقر الكريم وعطله من المال والغنى بقياس فحيل، أو بتعبير آخر: تخيل معنى بوساطة معنى آخر عن طريق القياس التخييلي.
ومن جهة أخرى فقد جعل عبد القاهر للمعاني التخييلية منطقاً خاصاً بها يصفه بقوله: «ومن ذلك صنيعهم إذا أرادوا (أي الشعراء) تفضيل شيء أو نقصه أو مدحه أو ذمه فتعلقوا ببعض ما يشاركه في أوصاف ليست هي سبب الفضيلة والنقيصة... كما تراه في باب الشيب والشباب كقول البحتري:
إن تأملت من سواد الغراب وبياض البازي أصدق حسناً
وليس إذا كان البياض في البازي آنق في العين وأخلق بالحسن من السواد في الغراب، وجب لذلك كله ألا يذم الشيب: لأنه ليس الذنب كله لتحول الصبغ وتبدل اللون... ولو عدم البازي فضيلة أنه جارح وأنه من عتيق الطير ولم تجد لبياضه الحسن الذي تراه، وكما لم تكن العلة في كراهة الشيب بياضه. لم يكن هو الذي غض عنه الأبصار... كذلك لم يحسن سواد الشعر في العيون لكونه سواد فقط، بل لأنك رأيت رونق الشباب ونضارته ورأيت بريقه وبصيصه يعدانك الإقبال ويحضرانك الثقة بالبقاء ويبعدان عنك الخوف من الفناء.
وعلى هذا موضوع الشعر والخطابة أن يجعلوا اجتماع الشيئين في وصف علة الحكم يريدونه وإن لم يكن في المعقول ومقتضيات العقول، ولا يؤخذ الشاعر بأن يصحح كون ما جعله أصلاً وعلة كما ادعاه فيما يبرم أو ينقض من قضية وأن يأتي ما صيره قاعدة وأساساً ببينة عقلية، بل تسلم مقدمته التي اعتمدها بينه وكذلك قول البحتري:
في الشعر يكفي عن صدقه كذبه كلفتمونا حدود منطقكم
أراد كلفتمونا أن تجري مقاييس الشعر على حدود المنطق... مع أن الشعر يكفي فيه التخييل والذهاب بالنفس إلى ما ترتاح إليه من التقليل...
ولا شك أنه إلى هذا النحو قصد وإياه عمد، إذ يبعد أن يريد بالكذب إعطاء الممدوح حظاً من الفضل والسؤدد ليس له ويبلغه بالصفة حظاً من التعظيم يجاوز به من الإكثار محله لأن هذا الكذب لا يبين بالحجج المنطقية والقوانين العقلية وإنما يكذب فيه القائل بالرجوع إلى حال المذكور واختباره فيما وصف به والكشف عن قدره وخسته ورفعته أوضعته، ومعرفة محله ومرتبته( ).
ويفهم من تفسير عبد القاهر الجرجاني لقول البحتري ما يلي:
1- رفض الصنعة الشعرية القائمة على حدود المنطق بمعنى أن الشعر لم يكن قسماً من أقسام المنطق.
2- الشعر ليس عملاً عقلياً ولا قولاً محققاً.
3- يكفي في الشعر الكذب عن الصدق، الكذب هنا ليس الكذب الأخلاقي بل الكذب الفني بمعنى الإبداع والبعد عن النسخ الحرفي للأشياء. يعني أن الصورة الفنية ترتبط بإحساس الشاعر أكثر من ارتباطها بأصلها الخارجي الذي هو مقياس صدقها الأخلاقي.
4- الشعر هو ما ترتاح إليه النفس ولو رفضه العقل( ).
ثم ينتقل عبد القاهر الجرجاني إلى جوهر قضية المعاني التخييلية ويعالجها من خلال قول القائل: «خير الشعر أكذبه» فيقول: «وكذلك قول من قال خير الشعر أكذبه»، فهذا مراده لأن الشعر لا يكتسب من حيث هو شعر فضلاً ونقصاً وانحطاطاً وارتفاعاً بأن ينحل الوضيع من الرفعة ما هو منه عار، أو يصف الشريف بنقص وعار، فكم جواد بخَّله الشعر وبخيل سخّاه وشجاع وسمه بالجبن، وجبان ساوى به الليث وذي صفة أوطأه قمة العيوق وغبي قضى له بالفهم وطائش ادّعى له طبيعة الحكم ثم لا لم يعتبر ذلك في الشعر نفسه حيث تنتقد دنانيره، وتنشر ديابيجه ويفتق مسكه فيضوع أريجه( ).
ويفهم من كلامه:
1- الشعر يقوم على المعاني التخييلية.
2- استقلالية المعاني التخييلية عن الواقع الخارجي وقوانينه.
3- الكذب في الشعر، معناه الإبداع الفني في التغيير والصدق في التعبير( ). ثم يقابل عبد القاهر الجرجاني بين قول «خير الشعر أكذبه» ومعارضة هذا القول «خير الشعر أصدقه» ويستنتج هذا القول من هذا البيت:
بيت يقال إذا أنشدته صدقاً وإن أحسن بيت أنت قائله
فيقول: «فقد يجوز أن يراد به أن خير الشعر ما دلَّ على حكمة يقبلها العقل، وأدب يجب به الفضل، وموعظة تروض جماح الهوى، وتبعث على التقوى، وتبين موضع القبح والحسن في الأفعال، وتفصل بين المحمود والمذموم من الخصال، وقد تنحني بها نحو الصدق في مدح الرجال، كما قيل: كان زهير لا يمدح الرجل إلاّ بما فيه»( ).
إن رأي عبد القاهر الجرجاني بأن «خير الشعر أكذبه» هو ما يقابله عند فلاسفة المسلمين وبخاصة عند أبي سينا –كما مرّ بنا- الشعر يستعمل التخييل بمعنى الكذب لقوله «الخطابة تستعمل التصديق والشعر يستعمل التخييل». كما أن مفهوم عبد القاهر للشعر في هذا الجانب يلتقي مع مفهوم ابن سينا عندما يقول –كما مر بنا- «الناس أطوع للتخييل منهم للتصديق».
وفي رأينا أن هذا المفهوم للشعر عند عبد القاهر الجرجاني والفلاسفة المسلمين وبخاصة ابن سينا: (خير الشعر أكذبه) أو الشعر يستعمل التخييل، والناس أطوع للتخييل منهم للتصديق) هو مفهوم عربي أصيل للشعر.
ثم يكمل الموضوع فيقول: «فمن قال "خيره أصدقه كان ترك الإغراق والمبالغة والتجوز إلى التحقيق والتصحيح، واعتماد ما يجري من العقل على أصل صحيح، أحب إليه وآثر عنده، إذ كان ثمره أحلى وأثره أبقى وفائدته أظهر وحاصله أكثر ومن قال "أكذبه" ذهب إلى أن الصنعة إنما يمد باعها، وينشر شعاعها، ويتبع ميدانها وتتفرع أفنانها حيث يعتمد الاتساع والتخييل ويدعى الحقيقة فيما أصله التقريب والتمثيل، وحيث يقصد التلطف والتأويل ويذهب مذهب المبالغة والإغراق في المدح والذم والوصف والبث والفخر والمباهاة وسائر المقاصد والأغراض وهناك يجد الشاعر سبيلاً إلى أن يبدع ويزيد، ويبدئ في اختراع الصور ويعيد ويصادف مضطرباً كيف شاء واسعاً ومدداً من المعاني متتابعاً، ويكون كالمغترف من غدير لا ينقطع والمستخرج من معدن لا ينتهي»( ).
إن كلام عبد القاهر واضح جداً في الفصل بين المفهومين، وليس بحاجة إلى شرح. ويوضح مدلول الكذب في الشعر ومدلول الصدق فيه ويقارن بينهما إلى درجة يجعل الكذب هو أساس الصنعة الشعرية الحقة ونسيجها الأصيل.
فجملة القول إن الكذب في الشعر على نقيض معناه الأخلاقي فهو في مجال الشعر يعني:
1- حرية التعبير المطلقة.
2- الاتساع والتخييل.
3- الحقيقة فيما أصله التقريب والتمثيل (وجه الشبه بين الأشياء).
4- التلطف والتأويل (التعبير عن الرؤى والمقاصد).
5- المبالغة (التعبير عن الإحساس العميق حيث الرضا الممكن عما يختلج النفس – وتسد مسد النقص اللغوي في التعبير المطلق).
6- الإبداع والزيادة (التجاوز والتخطي – الخروج عن المألوف السائر التجديد الدائم بمعنى الإضافة والزيادة).
7- اختراع الصور الفنية باستمرار حيث تقدم مدداً من المعاني المتتابعة( ).
ولم يقف عبد القاهر الجرجاني عند هذا الحد في التخييل، بل تحدث عن أنواع أخرى للتخييل مثل:
1- التخييل بتعليل حسن.
2- التخييل بغير تعليل.
ويعرف عبد القاهر التخييل المعلل بقوله: «وهو أن يكون للمعنى من المعاني والفعل من الأفعال علة مشهورة من طريق العادات والطباع ثم يجيء الشاعر فيمنع أن يكون لتلك المعروفة ويضع له علة أخرى. مثاله قول المتنبي:
يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب ما به قتل أعاديه ولكن
الذي يتعارفه الناس أن الرجل إذا قتل أعاديه فلإرادته هلاكهم وأن يدفع مضارهم عن نفسه، وليسلم ملكه ويصفو من منازعاتهم، وقد ادعى المتنبي كما نرى العلة في قتل هذا الممدوح لأعدائه غير ذلك»( ).
وأما التخييل بغير تعليل، يشير هنا إلى دور التشبيه والاستعارة والمجاز في هذا النوع الذي يعرفه بقوله: «وهذا نوع آخر من التخييل، وهو يرجع إلى ما مضى من تناسي التشبيه وصرف النفس عن توهمه إلا أن ما مضى معلل. بيان ذلك أنهم يستعيرون الصفة المحسوسة من صفات الأشخاص للأوصاف المعقولة، ثم تراهم كأنهم قد وجدوا تلك الصفة بعينها، وأدركوها بأعينهم على حقيقتها وكأن حديث الاستعارة والقياس لم يجر منهم على بال»( ).
ويوضح هذا النوع عندما يشرح أبيات ابن الرومي:
نفس أعز عليّ من نفسي قامت تظللني من الشمس
شمس تظللني من الشمس قامت تظللني ومن عجب
«فلو أنه أنسى نفسه أن ههنا استعارة ومجازاً من القول وعمل على دعوى شمس على الحقيقة لما كان لهذا التعجب معنى، فليس ببدع ولا منكر أن يُظِلَّ إنسان حسن الوجه إنساناً ويقيه وهجاً بشخصه( ).
ويمكننا أن نلخص رأي عبد القاهر ومفهومه في التخييل بقوله: «وجملة الحديث الذي أريده بالتخييل ههنا ما يثبت فيه الشاعر أمراً هو غير ثابت أصلاً، ويدعي دعوى لا طريق إلى تحصيلها، ويقول قولاً يخدع فيه نفسه ويريها ما لا ترى، أما الاستعارة فإن سبيلها الكلام المحذوف في أنك إذا رجعت إلى أصله وجدت قائله وهو يثبت أمراً عقلياً صحيحاً ويدعى دعوى لها شبح في العقل»( ).
فهنا يحكم على التخييل بالكذب المطلق ويعده من الخداع، ولا علاقة له بالاستعارة. ومن هنا يمكننا أن نفهم رأي د.سعد مصلوح المخالف لآراء غيره من الدارسين في عبد القاهر حيث ينفي د.سعد تأثر الجرجاني بابن سينا في التخييل ويبين بأن التخييل عند عبد القاهر إنما هو الإيهام والكذب أو القياس الشعري الخادع وأنه نوع من الكذب البارع، وأن عبد القاهر يدور في فلك هذا المعنى بعد مزجه بفكرة المنطقية عن المادة والصورة في الشعر( )، ومهما يكن فقد أدرك عبد القاهر أن الشعر بصورة عامة يحتوي على معان عقلية ومعان تخييلية؛ الأولى ليست من جوهر الشعر، والثانية من جوهره.
التخييل عند حازم القرطاجني
إن مفهوم التخييل الذي بدأه الفلاسفة، اتسع عند البلاغيين وصار له حظ أوفى من الدراسة عند عبد القاهر الجرجاني كما رأينا وإن اختلفت آراؤهم، ثم اتضحت أصوله وتبلورت معانيه عند حازم القرطاجني. ويمكن القول إنه بحازم أصبحت مفاهيم التخييل تشكل نظرية كاملة المعالم واضحة الأهداف في تقويم الشعر.
وما أن يصل الدارس إلى حازم حتى يتبين له التخييل بوضوح وعلى منهج ابن سينا، فحازم استجاب لكلام ابن سينا بل لعله أول من تمثل رأي ابن سينا (فيما ظهر لنا)، حيث يعد أبو الحسن حازم القرطاجني امتداداً لتأثر الدرس البلاغي بالفلسفة اليونانية كما في كتابه «منهاج البلغاء»، وقد ردد حازم في كثير من المواضع آراء ابن سينا، وإن كان قد أشار إلى غيره كالفارابي، إلا أن ابن سينا كان آثر الفلاسفة عند حازم، وأشد نفوذاً وتأثيراً.
سبق أن قلنا:
إن مفهوم التخييل عند حازم أصبح نظرية متكاملة، ولذلك ليس من السهل إيجاز نظريته، ولا بد لكل دارس من أن يقسم بحثه إذا أراد أن يتحدث عن التخييل لدى حازم، مِثْل: تأثره بابن سينا، وأثر التخييل عنده في الأغراض الشعرية، وكذا أثره في المعاني وتأثيره بالنفس. وعلاقة التخييل بالتحسين والتقبيح، والإقناع وقضية الصدق والكذب وغير ذلك( ).
يتبين من عرض حازم للتخيل متابعته من سبقوه في فهم الشعر على غرار القياس والتقسيم الصوري، والمماثلة بين الشعر وبين القضية في أشكالها المختلفة، واعتبار الأقاويل الشعرية قسماً من المقولات، قد تصدق فيها المقدمات أو تكذب، إذْ لا عبرة هنا بالصدق أو الكذب لأن مدار الشعر على الكلام من حيث هو مخيل. وهذا يدخلنا إلى قضيتي الصدق والكذب، والفرق بن الشعر والخطابة وعلاقتهما بالإقناع والتصديق.
فقد ربط حازم بين الصياغة الشعرية وتقسيم المناطقة للمقولات إلى برهاني وجدلي وخطابي.
فيقول: "إن ما قام من الأقاويل القياسية على التخييل والمحاكاة هو قول شعري سواء كانت مقدماته برهانية أو جدلية أو خطابية، يقينية أو مشتهرة أو مظنونة، وإن ما بني على الإقناع خاصة أصيل في الخطابة دخيل في الشعر، وما بني على غير الإقناع لا يرد في شعر ولا خطابة"( ).
ويفهم من هذا أن وقوع الأقاويل الصادقة في الشعر صحيح، ولكن الشعر يختص باستعمال المقدمات الكاذبة، أو بمعنى أدق الموهمة الكذب، لأنه لا ينافي الكذب كما لا ينافي الصدق. لذلك يقتصر على النسبة إليه كل كلام مخيل مقدماته كاذبة. ولكن الشعر في هذه الحال يكون شعراً باعتبار "ما فيه من المحاكاة والتخييل لا من جهة ما هو كاذب كما لم يكن شعراً من جهة ما هو صادق بل بما فيه أيضاً من التخييل"( ).
وهكذا نجد أن حازماً تابع المناطقة في بيان الأقاويل الشعرية المخيلة وجعلها على قاعدة الصدق والكذب، وتأثر بالفلاسفة وبخاصة ابن سينا، وبسط الفكرة على طريقة المناطقة في التفريع والاستقصاء وردّ الخبري للقاعدة إلى خمسة أشكال فقال: "فقد تبين... أن الشعر له مواطن لا يصلح فيها إلا استعمال الأقاويل الصادقة، ومواطن لا يصلح فيها إلا استعمال الأقاويل الكاذبة، ومواطن يصلح فيها استعمال الصادقة والكاذبة واستعمال الصادقة أكثر وأحسن، ومواطن يحسن فيها استعمال الصادقة والكاذبة أكثر وأحسن، ومواطن يحسن فيها استعمال الصادقة والكاذبة أكثر وأحسن، ومواطن تستعمل فيه كلتاهما من غير ترجح( ).
ومن يتابع كلام حازم يجده يحذو حذو ابن سينا عندما يتحدث عن التخييل والتصديق، بل ينقل حازم كلام ابن سينا في هذا: "والمخيل هو الكلام الذي تذعن له النفس فتنبسط الأمور أو تنقبض عن أمور من غير روية وفكر واختيار، وبالجملة تنفعل له انفعالاً نفسياً غير فكري سواء كان المقول مصدقاً به أو غير مصدق به، فإن كونه مصدقاً به غير كونه مخيلاً أو غير مخيل، فإنه قد يصدق بقول من الأقوال ولا ينفعل عنه، فإن قيل مرة أخرى أو على هيئة أخرى انفعلت النفس عنه طاعة للتخييل لا للتصديق، فكثيراً ما يؤثر الانفعال ولا يُحدث تصديقاً، ... والناس أطوع للتخييل منهم للتصديق"( ).
ومن هنا نجد أن حازماً جعل التخييل قوام الشعر، والإقناع قوام الخطابة، وعالج على أساس هذه المقولة كثيراً من القضايا التفصيلية الخاصة بالفن الشعري، وأهمها قضية الصدق والكذب في الشعر التي أعطاها من اهتمامه قدراً كبيراً، وأقامها على أساس فرق ما بين الشعر والخطابة من حيث التخيل والإقناع. وقد تابع حازم ابن سينا في مخالفته التقسيم التقليدي لمراتب الصدق والكذب في الأقاويل هذا التقسيم الذي يجعل مراتب الصدق تنازلية مبتدئاً بالقول البرهاني فالجدلي فالخطابي فالسوفسطائي حتى يصل إلى القول الشعري الذي هو كاذب بالكل لا محالة( ).
لقد كان حازم شديد الفتون بالتعبير عن مذهبه في الخيال بأساليب متنوعة، تدور أحياناً على فكرة يلم بها، ثم يشققها ويقلبها ويستنفد مضمونها بضرب من الاستقصاء وذلك حسب طريقة المتفلسفين وكأنه رغب في أن يقنن للشعر وأن يضع للخيال الفني معايير يقاس بها ويعرض عليها، ومن هذا القبيل حديثه عن أنحاء التخييل الأربعة. المعنى والأسلوب واللفظ والوزن، وتقسيمه التخييل الشعري على طريقة الفلاسفة والمتكلمين إلى ضروري وعارض مستحب، وعبارته في ذلك "أن التخييل في الشعر يقع من أربعة أنحاء: من جهة المعنى، ومن جهة الأسلوب، ومن جهة اللفظ، ومن جهة النظم والوزن، وينقسم التخييل بالنسبة إلى الشعر قسمين: تخييل ضروري وتخييل ليس بضروري ولكنه أكيد أو مستحب... والتخاييل الضرورية هي تخاييل المعاني من جهة الألفاظ، والأكيدة والمستحبة تخاييل اللفظ في النفس وتخاييل الأسلوب وتخاييل الأوزان والنظم، وآكد ذلك تخييل الأسلوب( ).
ولم يكد حازم يفرغ من التصنيف الرباعي حتى راغ إلى تقسيم ثنائي أدرج بوساطته تخييل المعاني من جهة الألفاظ تحت ما نعته بالضرورة، وأدخل تخييل الأوزان والألفاظ والأساليب فيما هو غير ضروري ولكنه بالتعبير الفقهي مستحسن ومستحب. ولا شك أن للتخييل الواقع من قِبل الضرورة رتبة أعلى من التخييل الآخر، وكأنه يعالج مشكلة المفاضلة بين اللفظ والمعنى بواسطة هذا التصنيف الذي يغلب عليه المصطلح الفقهي، وكأنه أراد بتخاييل المعاني من جهة الألفاظ أن يحدد خاصية أساسية للخيال تتمثل في تخيل المجردات وتجسيد المعاني بإبرازها في الصور المحسوسة. ولإيقاع التخييل في النفس عند حازم طرائق ومسالك تنحل إلى التصور والمحاكاة والتداعي بواسطة ما تنشئ الذاكرة من علاقات. وهذه الطرق عنده تكون "بأن يتصور في الذهن شيء من طريق الفكر وخطرات البال، أو بأن تشاهد شيئاً فتذكر به شيئاً أو بأن يحاكي لها الشيء بتصوير نحتي أو خطى أو ما يجري مجرى ذلك، أو يحاكي لها صوته أو فعله أو هيأته... أو بأن يحاكي لها معنى بقول يخيله لها".
لقد عرض حازم ما يبديه الخيال من فعالية ونشاط في النحت والتصوير والموسيقى والمسرح والشعر، معتبراً التصوير الذهني طريقاً من طرق وقوع التخييل، برغم ما بين التخييل والتصور من تمايز واختلاف ولعله تأثر في ذلك بابن سينا ومذهبه في أن الخيال يعين على التصور والإدراك في بعض العلوم التي تحتاج إلى التخيل كالأشكال الهندسية( ).
ولحازم في المنهاج تقسيم آخر للتخييل من جهة متعلقاته، يدور على تصور الموضوع والأداة، أو على ما يسميه النقاد المحدثون المضمون والشكل، فثم تخييل واقع في المضمون، وأداة هذا التخيل ماثلة في الشكل وثم تخيل للمضمون وللشكل بواسطة الأنساق والأسلوبية وما تضم من معان وألفاظ. وأجرى حازم هذين النوعين من التخيل على نمط ما تداوله البلاغيون واللغويون من حديث عن الدلالات الأوائل والدلالات الثواني. فتحدث عن التخييل الأول والتخييلات الثواني، وعول في وصف التخيل الثاني على ما أثر عن طائفة من النقاد والبلاغيين الذين كانوا يتناولون الصيغ الشعرية فيحللونها ويصفونها بمعجم لغوي مشتق من العقود المصنوعة من كرائم الأحجار، ومعاجم أخرى مأخوذة من التصوير والأزياء التي كان الصناع يتفننون في تفصيلها وتزيينها، ومن هذا القبيل ما تصادف عندهم من تقويم انطباعي يدور على التنضيد والتسهيم والتوشية وما شاكل هذه الألفاظ يقول حازم "وينقسم التخييل بالنظر إلى متعلقاته قسمين: تخيل المقول فيه بالقول، وتخيل أشياء المقول فيه وفي القول من جهة ألفاظه ومعانيه ونظمه وأسلوبه. فالتخييل الأول يجري مجرى تخطيط الصور وتشكيلها في فرائد العقود وأحجارها. وتلك الصيغ والهيئات هي التخاييل الثواني فهي تجري من الأسماع مجرى الوشي في البرود، والتفصيل في العقود من الأبصار. والنفوس تتخيل بما يخيل لها للشاعر من محاسن ضروب الزينة فتبتهج لذلك، ولهذا نقلوا إلى بعض الهيئات اللفظية التي من هذا القبيل، أسماء الصناعات التي هي تنميقات في الموضوعات فقالوا الترصيع والتوشيح والتسهيم في تسهيم البرود، وكثير من الكلام ليس بشعري باعتبار التخييل الأول، يكون شعراً باعتبار التخاييل الثواني"( ).
ثم بدأ يفصل ويستقصي كعادته من هذا تعبيره عن التخاييل الأوائل والتخاييل الثواني من خلال تصور يرد التخيل الأول إلى الكلي ويعزو الثاني إلى الجزئي وإذا أخذ حازم بهذا التصور، رد التخاييل إلى ثمانية أقسام: أربعة للتخيل الكلي الأول ومثلها للتخيل الجزئي الثاني. يقول حازم في هذا السياق: ".... للمخيلين في التخييلات التي يحتاجون إليها في صناعتهم أحوال ثمانية، الحال الأولى يتخيل فيها الشاعر مقاصد غرضه الكلية التي يريد إيرادها في نظمه أو إيراد أكثرها.
الحالة الثانية أن يتخيل لتلك المقاصد طريقة وأسلوباً أو أساليب متجانسة أو متخالفة، ينحو بالمعاني نحوها ويستمر بها على مهايعها.
الحالة الثالثة أن يتخيل ترتيب المعاني في تلك الأساليب، ومن أهم هذه التخيلات، موضع التخلص والاستطراد.
الحالة الرابعة أن يتخيل تشكل تلك المعاني وقيامها في الخاطر، في عبارات تليق بها، ليعلم ما يوجد في تلك العبارات من الكلم التي تتوازن وتتماثل مقاطعها، ما يصلح أن يبني الروى عليه، وفي هذه الحال أيضاً يجب أن يلاحظ ما يحق أن يجعل مبدأ ومفتتحاً للكلام وربما لحظ في هذه الحال موضع التخلص والاستطراد. فهذه أربع أحوال في التخاييل الكلية.
الحالة الخامسة وهي أول حال من التخاييل الجزئية، أن يشرع الشاعر في تخيل المعاني معنى معنـى بحسب غرض الشعر. الحالة السادسة أن يتخيل ما يكون زينة للمعنى وتكميلاً له، وذلك يكون بتخيل أمور ترجع إلى المعنى من جهة حسن الوضع والاقترانات والنسب الواقعة بين بعض أجزاء المعنى وبعض، وبأشياء خارجة عنه ما يقترن به يكون عوناً له على تحصيل المعنى المقصود به.
الحالة السابعة أن يتخيل لما يريد أن يضمنه في كل مقدار من الوزن الذي قصد. عبارة توافق نقل الحركات والسكنات فيها، ما يجب في ذلك الوزن في العدد والترتيب بعد أن يخيل في تلك العبارات ما يكون محسناً لموقعها في النفوس.
الحالة الثامنة أن يتخيل في الموضع الذي تقصر فيه عبارة المعنى عن الاستيلاء على جملة المقدار المقفى معنى يليق أن يكون ملحقاً بذلك المعنى وتكون عبارة المعنى طبقاً لسد الثلمة التي لم يكن لعبارة الملحق به وفاء بها ومن هذا قول المتنبي في مدح سيف الدولة:
نهبت من الأعمار مالوحويته لهنئت الدنيا بأنك خالد( )
إذن الكلام لا يكون شعراً إلا باعتبار التخاييل الثواني التي هي التخاييل الشعرية، وهذا يعني أن التخاييل الثواني تشمل كل خصائص التجربة الشعرية وتشكلها.
ولكن هذا لا يعني أن التخييل الأول غير مهم ولا دور له، فالتخييل الأول بالتعبير المنطقي هو المقدمات الأساسية للشعر، وهو الذي يقدم المادة الأولى للبناء الشعري، وبهذا تكون التخاييل الثواني تابعة له من حيث الدرجة، ومختلفة عنه من حيث النشاط والوظيفة( ).
وإذا انتقلنا إلى جهة أخرى نجد أن حازماً قد اهتم كثيراً في أثر التخييل عند المتلقي، ودوره في توجيه السلوك، وهو بذلك يظهر دور الشعر الفعال في الجماعة، فالشعر عملية تخييلية تؤثر في المتلقي وتعدل من سلوكه. يقول: "....وتقوم في خياله (أي السامع) صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها، أو تصور شيء آخر بها، انفعالاً من غير روية من الانبساط أو الانقباض( ). (ونذكر هنا أن حازماً يتبع مفهوم ابن سينا للتخييل) ويقول أيضاً في هذا الاتجاه: "وكان القصد في التخييل والإقناع حمل النفوس على فعل شيء أو طلبه أو اعتقاده أو التخلي عن واحد واحـد من الفعل والطلب والاعتقاد بأن يخيل لها أو يوقع في غالب ظنها أنه خير أو شر بطريق من الطرق التي يقال بها في الأشياء إنها خيرات أو شرورات"( ).
وهذا يؤدي بنا إلى نظرة حازم إلى تقسيم أغراض الشعر التي خالفت فيها من سبقه من البلاغيين.
فهو قد رفض تقسيمات قدامة والرماني وابن رشيق ورأى فيها خللاً أو نقصاً( )،وقدم تقسيماً آخر هو: "أن مقصد الشعر هو استجلاب المنافع واستدفاع المضار ببسط النفوس إلى ما يراد من ذلك وقبضها عما يراد بما تخيل لها من خير أو شر"( ) ويصل حازم من خلال فهمه للتخييل إلى رفض كل معنى أو أسلوب أو كلام في الشعر إذا لم يحقق التخييل، فهو ينظر إلى الشعر العربي على أنه حقيقة فنية، وأن القيمة الجمالية للشعر العربي كامنة في التخييل، وهذا التخييل يكون معدوماً إذا كانت معاني الشعر مبهمة، وهكذا يربط حازم جمال الشعر بمدى استجابة المتلقي، وهذا أدى به إلى القول ليس كل كلام موزون ومقفى شعراً "إن الشعر كلام مخيل موزون مختص في لسان العرب بزيادة التقفية إلى ذلك، والتئامه من مقدمات مخيلة، صادقة كانت أو كاذبة لا يشترط فيها بما هي شعر غير التخييل"( ).
ومن تعريفه للشعر يظهر أن الشعر يتحول إلى هيكل أجوف إذا فقد معانية العريقة وفقد القدرة التخييلية، ولا يعني هذا أن الوزن غير مهم، ولكن حصر مفهوم الشعر بالوزن والقافية هو ما يأباه حازم.
خــــاتمة
إن مفهوم التخييل قد بدأ عند الفلاسفة المسلمين بأصل، وإن كانوا استمدوا أو استفادوا من اليونانيين شيئاً، وإن ما استفادوه كان من خلال نظرة الفلاسفة اليونانيين للنفس، وليس للشعر، فالتخييل نظرية إسلامية أصيلة، قَنَّنَ لها في مظهرها الفلسفي ابن سينا،وتبناها من بعده الفلاسفة المسلمون والبلاغيون، وصاغها ووسعها حازم القرطاجني، حيث تمثّلت فكرة التخييل عند حازم تصوراً عاماً للصناعة الشعرية، وأنه البلاغي الوحيد الذي اعتنق هذه الفكرة بحيث تكاد تكون نظرية عامة يطبقها على طبيعة فن الشعر ووسائله التعبيرية( ).
وقد حقق حازم تقدماً على عبد القاهر الجرجاني بمفهوم التخييل حيث جعله أعم وأشمل وذا فائدة إنسانية، ويخالف الجرجاني في الفصل في الشعر بين المعاني العقلية والمعاني التخييلية، ويرى حازم أن المعاني العقلية مثل المعاني التخييلية صالحة للشعر المخيَّل الذي يؤثر في نفوس السامعين.
وأذكَّر بأنني لم أتطرق إلى نقد آراء مَن ذكرت من أرسطو وابن سينا وعبد القاهر والقرطاجني، ولم أبين آراء النقاد والدارسين، وأنني اكتفيت بعرض النظرية أو مفهوم التخييل، إذ إن المناقشات والاعتراضات تحتاج إلى روية وإمعان تفكير، وأرى أنها تستحق دراسة ماجستير للغوص في هذه النظرية.
وحسبي أنني اجتهدت في تقريب هذا المفهوم (التخييل)، وذكرت أصله وتطوره، وأجريت دراسة موجزة حوله مع عدد من العلماء الفلاسفة والبلاغيين (أرسطو – ابن سينا – عبد القاهر الجرجاني – حازم القرطاجني).
فإن أصبت شيئاً فذاك من توفيق الله، وإن ظهر نقص فهذا شأن الإنسان. وما من أحد يكتب شيئاً ويعيد النظر فيه إلى وقال لو قدّمْتُ أو أخرت أو حذفت أو زدت لكان أحسن كما روينا عن أساتذتنا.
ولله الحمد في الأولى والأخرى،،،
)المصادر والمراجع(
1- الجرجاني : عبد القاهر، أسرار البلاغة، دار المعرفة للطباعة والنشر دلائل الإعجاز مكتبة القاهرة 1961.
2- القرطاجني : حازم بن محمد، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تح: محمد الحبيب ابن الخوجة، تونس 1966م.
3- بدوي : د. أحمد أحمد، أسس النقد الأدبي عبد العرب، مكتبة نهضة مصر ط1، 1958م.
4- جيده : د. عبد الحميد، التخييل والمحاكاة في التراث الفلسفي والبلاغي دار الشمال طرابلس لبنان، ط1، 1984م.
5- مصلوح : د.سعد، حازم القرطاجني ونظرية المحاكاة والتخييل في الشعر، عالم الكتب القاهرة، ط1، 1400هـ-1980م.
6- نصر : عاطف جودة، الخيال مفهوماته ووظائفه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984م.
المعاجم
7- الجرجاني : علي بن محمد، التعريفات، مكتبة لبنان بيروت، 1969م.
8- الزبيدي : محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، دراسة وتحقيق علي شيري دار الفكر بيروت لبنان، 1414هـ - 1994م [مادة خيل، مجلد"14"].
9- ابن منظور : محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر بيروت، 1375هـ 1956م. [مادة خيل، مجلد11]