قدر الحركة الأدبية في فلسطين أن تولد من رحم النكبة ، هذه النكبة التي صبغت الأدب الفلسطيني نثره وشعره بصبغتها المأساوية . لقد مضى على هذه النكبة منذ العام 1948 ما ينوف عن اثنين وستين عاما .
يمكنني أن أصنف الأدب الفلسطيني بعد النكبة على النحو التالي :
أ – أدب فلسطينيي الداخل " 48 "
ب – أدب الشتات
ج – أدب الصامدين في الوطن الذي احتلته إسرائيل في العام 1967
سوف أتحدث باختصار عن أدب الصامدين في الوطن الذي عاصر ثلاثة عهود :
العهد الأردني . عهد الاحتلال الإسرائيلي . عهد السلطة الفلسطينية .
في العهد الأردني فقد الأدب الفلسطيني هويته الفلسطينية ، ويمكن القول إنه كان أدبا ناميا متأثرا إلى حد كبير بتداعيات النكبة وإفرازاتها . لقد كان الولاء للدولة الأردنية الهاشمية التي خرجت إلى حيز الوجود في مستهل الخمسينيات من القرن الماضي جراء تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية من ضفتي الأردن الغربية " ما تبقى من فلسطين بعد العام 1948 " ، والضفة الشرقية . برغم كل ذلك كانت المشاعر الوطنية الفلسطينية جياشة ، وظلت قصائد إبراهيم طوقان ، وعبد الرحيم محمود ، وأبي سلمى حاضرة في الساحة الأدبية الفلسطينية الناشئة .
في عهد الاحتلال الإسرائيلي عادت للأدب الفلسطيني هويته ، إلا أنه عانى الكثير من الحصارات والإغلاقات والأطواق وحالات حظر التجوال والرقابة العسكرية ، والإعتقالات والإغتيالات ، وغيرها الكثير من الممارسات الاحتلالية . في هذه الفترة كان هناك افتقار إلى دور النشر ووسائل النشر ، وإلى راع يمتلك الوسائل والإمكانيات ، وكانت هناك لا مركزية فيما يخص الفعاليات الأدبية . ويمكننا أن نسجل بدء مرحلة ما يسمى الحداثة ، وبخاصة فيما يتعلق بالشعر الفلسطيني في الثمانينيات من القرن الماضي .
عهد السلطة الفلسطينية استمرت إلى حد كبير لا مركزية الفعاليات ، والإفتقار إلى راع يملك الوسائل والإمكانيات ، والمقصود إتحاد الكتّاب الذي ما زال يعاني مشكلات داخلية كثيرة ، ووزارة الثقافة ذات الإمكانيات المحدودة والمسيطر على أنشطتها وفعالياتها من قبل شريحة من موظفيها تحتكرها . وهنا يمكننا القول بأن الحركة الأدبية الفلسطينية ، قد شهدت نموا ملحوظا ، فظهر شعراء وكتاب وكتاب قصة ورواية ومقالة جدد . لقد بدأ الأدب الفلسطيني ينمو شيئا فشيئا ، وأصبح له حضور في الساحتين المحلية الفلسطينية والعربية .
مزايا الشعر الفلسطيني
يمتاز الشعر الفلسطيني عن سواه من الشعر العربي ، أنه شعر نكبة ، شعر ثورة ، شعر مبدعي شعب بلا وطن ، لقد صور الشعر الفلسطيني أدق تفاصيل النكبة الفلسطينية وشعبها ، كما في ذات الوقت صور إصرار هذا الشعب على ثوابت ، لم يتخل عنها رغم عامل الزمن والتهجير والشتات .
مع ذلك لم يكن الشعر الفلسطيني منطويا على نفسه بين جدران هذه النكبة ، بل كانت له آفاق أخرى إجتماعية ، إنسانية ، تربوية ، عاطفية ، وسواها . إن الفلسطيني إنسان مكتمل العواطف والأحاسيس والمشاعر . صحيح أنه مجروح كونه بلا وطن ، إلا أنه لم يفقد الأمل بإشراق شمس الحرية والتحرر . وهنا فإننا نستطيع القول بأن الشعر الفلسطيني لم يكن حتى في أحلك ظروفه قاصرا عن اللحاق بركب الشعر العربي في العالم العربي .
إن الشعر الفلسطيني هو ذاكرة القضية الفلسطينية وديوانها . لقد دوّن الشعراء الفلسطينيون الحقيقيون دواوين وقصائد لاحصر لها ولا عد ، تتغنى بالقضية الفلسطينية ، لم يتركوا جانبا من جوانبها يعتب عليهم . وهنا فنحن نتذكر بكل فخر واعتزاز الشعراء : إبراهيم طوقان / عبد الرحيم محمود / أبو سلمى / والدي عبد اللطيف زغلول / فدوى طوقان .
في ذات الوقت لقد أصدرت شخصيا دواوين عدة في القضية الفلسطينية . لقد نظمت الأناشيد الوطنية والتربوية ، ونظمت لفلسطين التاريخية وتغنيت بها وبمدنها ، نظمت للإنتفاضتين ، للشهداء ، حاربت الإحتلال بحد الكلمات ، إنتقدت الأوضاع الداخلية ، إنتقدت نقدا مريرا الواقع العربي الذي لم تعد القضية الفلسطينية قضيته الأولى .
وهنا أود أن أنوه إلى أن الشعر الفلسطيني قد شهد انقلابا خطيرا تمثل فيما يسمى الشعر الحداثي " قصيدة النثر " الذي لا يعرف وزنا ولا بحرا ولا قافية ، ولا ينتمي إلى الشعر العمودي التقليدي ، ولا إلى شعر التفعيلة .
لقد خرج هذا الشكل من الشعرعلى الشعر العربي الأصيل شكلا وموضوعا ، قلبا وقالبا . أما الشكل فقد أشرنا إليه ، أما الموضوع فقد كرس نفسه للذات ، وغرق في بحر عميق من الإبهام والغموض والأسطرة والطلسمة . لقد حطم هذا الشعر عمودا راسخا من أعمدة الثقافة العربية تمثل في البحور والأوزان والقوافي .
ما عدا ذلك فإن الشعر الفلسطيني الحقيقي الملتزم له نكهته الوطنية ، وتشتم منه رائحة الأصالة والعراقة وعمق موضوعاته ، ويلتصق بالذاكرة ، وهناك أعداد كبيرة من الشعراء الفلسطينيين الراحلين ، والشعراء الذين ما زالوا على قيد الحياة ، والذين هم ملتزمون بالشعر الأصيل شكلا وموضوعا ، قلبا وقالبا .
لقد أشرت آنفا أن قدر الشعر الفلسطيني أن يولد من رحم النكبة ، إلا أن هذه النكبة لم تقعده عن المطالبة بحقه المغتصب ، والمقاومة بشتى طرقها ، ومنها المقاومة بحد الكلمة المناضلة . ومن هنا تولد ما يسمى بشعر المقاومة ، ووجد شعراء المقاومة في فلسطين 48 ، وفي فلسطيين 67 ، وفي الشتات .
لقد حاول المغتصبون الصهاينة أن يغتالوا ذاكرة الوطن ، والأدب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من هذه الذاكرة ، فكان أن تصدى لها الأدباء والشعراء والكتّاب الفلسطينيون ، مؤكدين أن ذاكرة الوطن لا تنطفىء شعلتها ما دام هناك حق وراءه مطالب . هكذا ولد أدب المقاومة الذي طبع الأدب الفلسطيني الأدب الفلسطيني شعره ونثره ، وبخاصة شعره ، وهو ما زال حتى هذه الأيام ، وإن كانت هناك سحابة صيفية تحد من هطوله الذي كان مدرارا فيما مضى .
هنا أود أن أنوه إلى أن شريحة من الشعراء الشباب ، تحت مظلة ما يسمى الحداثة وغايات أخرى ، قد أخرجت أقلامها من ساحة الوطن والمقاومة ، والتزمت موضوعات أخرى لا تمت بصلة إلى الوطن والقصيدة بعامة ، والقصيدة الوطنية بخاصة ، وإنما هي تعبير غامض مبهم مطلسم عن الذات بلغة ركيكة في أغلب الأحيان .
برغم كل ذلك ظل أدباء الوطن الحقيقيون ، وفي طليعتهم الشعراء يدافعون عنه ، ويقاومون كل محاولات تغييبه عن الذاكرة . وقد مكنت الشبكة العنكبوتية " الإنترنت " والبريد الإلكتروني بما لديهما من إمكانيات هائلة أن يصلا بالأدب الفلسطيني شعره ونثره إلى أصقاع بعيدة من العالم متخطيا حدود الجغرافية العربية . لقد حظي الشعر الفلسطيني بكل تقدير واستحسان وقبول في الأوساط الأدبية العربية ، ولدى متلقيه ، وسطع في سماء العروبة نجوم شعر فلسطينيون كثيرون .
لقد أشرت آنفا أن قدر الشعر الفلسطيني أن يولد من رحم النكبة ، إلا أن هذه النكبة لم تقعده عن المطالبة بحقه المغتصب ، والمقاومة بشتى طرقها ، ومنها المقاومة بحد الكلمة المناضلة . ومن هنا تولد ما يسمى بشعر المقاومة ، ووجد شعراء المقاومة في فلسطين 48 ، وفي فلسطيين 67 ، وفي الشتات .
لقد حاول المغتصبون الصهاينة أن يغتالوا ذاكرة الوطن ، والأدب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من هذه الذاكرة ، فكان أن تصدى لها الأدباء والشعراء والكتّاب الفلسطينيون ، مؤكدين أن ذاكرة الوطن لا تنطفىء شعلتها ما دام هناك حق وراءه مطالب .
هكذا ولد أدب المقاومة الذي طبع الأدب الفلسطيني شعره ونثره ، وبخاصة شعره ، وهو ما زال حتى هذه الأيام ، وإن كانت هناك سحابة صيفية في فضائه تحد من هطوله الذي كان مدرارا فيما مضى .
هنا أود أن أنوه إلى أن شريحة من الشعراء الشباب ، تحت مظلة ما يسمى الحداثة وغايات أخرى ، قد أخرجت أقلامها من ساحة الوطن والمقاومة ، والتزمت موضوعات أخرى لا تمت بصلة إلى الوطن والقصيدة بعامة ، والقصيدة الوطنية بخاصة ، وإنما هي تعبير غامض مبهم مطلسم عن الذات بلغة ركيكة في أغلب الأحيان .