العصور القديمة:
دلت الحفريات والنقوش ورؤوس الرماح الحجرية ومجموعة الفخاريات المتقنة الصنع التي عُثر عليها في مناطق متفرقة من البلاد بواسطة البعثة الدانمركية عام 1965، والبعثة الإنجليزية عام 1973، والبعثة الفرنسية عام 1976، على أن أرض قطر كانت مأهولة بالسكان منذ الألف الرابع قبل الميلاد، حيث استوطنها أقوام عديدة في شبه الجزيرة.
وقد تم اكتشاف حوالي مائتي موقع لآثار ما قبل التاريخ خلال الأعوام الثمانية التي اضطلعت خلالها البعثة الدانمركية الأثرية بالعمل في قطر فيما بين عام 1956 إلى عام 1965. واكتشفت عدة مواقع ترجع إلى فترات مختلفة من العصر الحجري في شرق "أم باب"، وكذلك وجدت مواقع أخرى في الجنوب الأقصى قرب "سودانثيل"، وإلى الجنوب الشرقي من "دخان" وجد موقع كبير لصناعة الأدوات الصوانية عند "أم طاقة" من المحتمل أنها ترجع إلى مرحلة العصر الحجري الوسيط الميزوليتي، وإلى الجنوب الغربي من "مسيعيد" تم اكتشاف عدة مواقع جديدة. كما دلت الحفريات على امتداد الحضارة العبيدية التي قامت جنوبي العراق وشمالي الخليج العربي إلى شبه جزيرة قطر.
أما في عصر قدماء اليونان "الإغريق"؛ فيذكر هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد أن أول مَن سكن قطر هم القبائل الكنعانية التي اشتهرت بفنون الملاحة والتجارة البحرية، كما ذكر الجغرافي الإغريقي بطليموس في خريطته بلاد العرب "اسم قطرا" حيث يعتقد أنها إشارة لشهرة مدينة الزبارة القطرية التي كانت قديمًا بين أهم الموانئ التجارية في منطقة الخليج.
قطر في التاريخ الإسلامي:
في أواسط القرن السابع للميلاد، كانت أرض قطر والمناطق المجاورة لها تابعة لحكم المناذرة العرب، حيث استجاب ملكهم المنذر بن ساوي التميمي للدعوة الإسلامية، ومنذ ذلك التاريخ دخلت قطر في موكب الحضارة الإسلامية في مراحلها وعهودها المختلفة. وكان حضور قطر قويًا في المصادر العربية الإسلامية، فقد تغنى الشعراء بقطر، وإبلها، ونسيجها، وشاعت شهرة برودها حتى ذكرت المصادر أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" لبس الثوب القطري، وكذلك لبست أم المؤمنين عائشة "رضي الله عنها" درعًا من نسيج قطر. وكان لعمر بن الخطاب "رضي الله عنه" إزار قطري مرقوع من جلد.
وتروي مصادر التاريخ العربي الإسلامي شواهد متعددة على حضور أهل قطر وبراعتهم في ركوب البحر ومشاركتهم في تجهيز أول أسطول بحري لنقل الجيش الإسلامي بغرض الجهاد تحت قيادة أبي علاء الحضرمي. وينسب المؤرخون والرحالة العرب شهرة واسعة إلى شاعر قطر وفارسها قطري بن الفجاءة، وذلك إعجابًا بشجاعته وثبات مواقفه. كما ينسب الجغرافي العربي ياقوت الحموي في مؤلفه "معجم البلدان" ميزة رفيعة إلى قطر بسبب إتقانها نسج الثياب والبرود التي كانت تُسمى بالبرود القطرية، ومهارة القطريين اللافتة في صنع الرماح وتقويمها تلك التي كانت تُعرف قديمًا بالرماح الخطية.
وفي ظل الدولة العباسية إبان القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي شهدت قطر مرحلة من الرخاء الاقتصادي هيأت لها رفد دار الخلافة في بغداد بقدر لا يستهان من الثروة، ويستدل على ذلك من المدونات المكتوبة في قلعة "مروب" الموجودة على الساحل الغربي والتي تمثل الطابع المعماري العباسي.
وفي القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي تحالف القطريين والأتراك لطرد البرتغاليين، ثم دخلت قطر بعد ذلك دائرة النفوذ العثماني، شأنها في ذلك شأن سائر البلاد العربية عام 1871، عبر حقبة امتدت قرابة أربعة قرون متصلة، بيد أن سيادة العثمانيين على المنطقة كانت اسمية، بينما كانت السلطة الفعلية بيد شيوخ القبائل العربية المحلية وأمرائها. وفي عام 1893 قام الأتراك بالهجوم على مقر الشيخ قاسم بن محمد الذي انتصر عليهم في معركة "الوجبة" حيث قاومهم القطريون بشجاعة فانسحبوا إلى قلعة الدوحة.
قطر في القرن العشرين:
حافظت قطر حتى السنوات الأولى من القرن العشرين على صلاتها بدولة الخلافة الإسلامية واعترافها بسيادتها الاسمية عليها، بالرغم من أن النفوذ العثماني في الخليج والجزيرة العربية كان في حالة انحسار متواصل، وفي تلك الظروف لم ترتبط قطر ببريطانيا من خلال معاهدة حماية واكتفت قطر باتفاقية عام 1868 التي وقعها الشيخ محمد بن ثاني مع بريطانيا. بيد أن بريطانيا نجحت فيما بعد في عقد معاهدتها مع قطر في عام 1916 وتم التصديق النهائي عليها في 23 مارس عام 1918 بعد وفاة الشيخ عبد الله بن جاسم على النسخ والترجمة.
وانتقلت بريطانيا إلى مرحلة التواجد الفعلي في قطر بعد المعاهدة المعدلة في عام 1935 وضمنت بذلك إلغاء النصوص المجمدة في المعاهدة القديمة المتعلقة بالتمثيل السياسي البريطاني في قطر، وإنشاء مكتب للبريد والبرق، وإنشاء المطارات وغير ذلك بالرغم من أن معتمدًا سياسيًا لم يأت إلى الدوحة إلا في عام 1949.
وبالنسبة إلى الأسرة الحاكمة؛ فقد كان آل ثاني تجمعًا قبليًا، استقر في واحة (جبرين) جنوبي نجد فترة طويلة من الزمن قبل أن ينتقلوا في أوائل القرن الثامن عشر. وقد وصلوا إلى شمال البلاد ثم انتقلوا منها إلى الدوحة في منتصف القرن التاسع عشر بزعامة الشيخ محمد بن ثاني. وتعود أسرة آل ثاني في نسبها إلى قبيلة تميم العربية التي تنتسب إلى مضر بن نزار، وكانت ديارها في الجانب الشرقي من شبه الجزيرة العربية، واكتسبت الأسرة اسمها من عميدها الشيخ ثاني بن محمد والد الشيخ محمد بن ثاني، أول شيخ مارس سلطته الفعلية في شبه الجزيرة القطرية في أواسط القرن العشرين.
حكام آل ثاني: الشيخ محمد بن ثاني (1850 - 1878)، الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني (1878 - 1913)، الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني (1913 - 1949)، الشيخ علي عبد الله آل ثاني (1949 - 1960)، الشيخ أحمد بن علي أل ثاني (1960 - 1972)، الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني (1972 - 1995)، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (1995 – حتى الآن).
أما عمليات التنقيب عن النفط فقد استغرقت نحو أربعة عشر سنة (1935 - 1949)، وعلى الرغم من أن بشائر الزيت بدأت تتدفق من حقل دخان في نهاية عام 1939 إلا أنها توقفت لسنوات أربع (1942 - 1946) بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها السلبية على المجتمع القطري، فقد تدهورت الأوضاع الاقتصادية لمدة عشر سنوات عجاف (1939 - 1949)، فضلاً عن تدهور صناعة الغوص وبوار أسواق اللؤلؤ وكساد تجارته، كما ساءت أوضاع البلاد التموينية فعم الغلاء وشحت المواد الأساسية. وقد بدأ تدفق النفط بكميات تجارية في عام 1949 حين أبحرت أول باخرة تحمل نفط قطر إلى أسواق العالم في ديسمبر من العام نفسه.
وعلى الرغم من عدم حصول قطر على استقلالها، إلا أنها تمكنت منذ الستينات من الاشتراك في بعض ألوان النشاط الدولي وذلك بالانضمام إلى منظمات فنية تابعة لهيئة الأمم المتحدة، كهيئة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية، كما اشتركت كذلك في مؤتمرات الدول المنتجة للنفط، واشتركت أيضًا في الدورة الرابعة عشر للجنة الثقافية التابعة لجامعة الدول العربية المنعقدة في القاهرة في 21 يناير عام 1961.
وبعد أن قررت بريطانيا الانسحاب من المنطقة بأسرها عام 1968 صدر مرسوم بقانون رقم (11) لعام 1969 المتعلق بإنشاء إدارة للشئون الخارجية، وهي التي أصبحت نواة لوزارة الخارجية الحالية. وعندما صدر أول دستور قطري في شكل "نظام سياسي مؤقت" في أبريل 1970 أقر هذا النظام تشكيل أول مجلس وزراء في تاريخ قطر، حيث صدر المرسوم رقم (35) في 29 مايو عام 1970 بتشكيل مجلس الوزراء وتعيين اختصاصات الوزراء والأجهزة الحكومية الأخرى طبقًا لما ورد بالنظام الأساسي.
واجتمع للمرة الأولى في تاريخ البلاد أول مجلس للوزراء في يونيو عام 1970 وكان يضم عشرة مناصب وزارية، جاء بعد ذلك الإعلان عن الاستقلال السياسي في الثالث من سبتمبر عام 1971.
المراجع:
قطر: الكتاب السنوي 2009/ إعداد إدارة البحوث وتحليل وتقنية المعلومات.- الدوحة: وزارة الخارجية، 2010.
جاسم بن محمد بن ثاني: أبحاث الندوة التاريخية المصاحبة لاحتفالات اليوم الوطني لدولة قطر (16 – 17 ديسمبر 2008)/ تحرير جمال محمود، أحمد زكريا الشلق، يوسف العبد الله، محمد همام فكري.- الدوحة: مركز قطر الفني، 2008.
"Qatar" Page 685 in Britannica Book of the Year, 1991.-Chicago: Encyclopaedia Britannica, 1991