نشرت في مجلة الوعي الإسلامي، العدد 555، ذو القعدة 1432/سبتمبر-أكتوبر 2011، صفحة 61.
قيل قديما "خطأ مشهور، خير من صواب مهجور". وإذا كان المعيار هو الشهرة، ألم يأنِ للصواب أن يكون مشهورا ومعمولا به؟
في هذه الزاوية، نقبض على خطأ لغوي مشهور سوّل له إهمالنا أو جهلنا أن يظهر على اللافتات أو المنتجات أو في وسائل الإعلام. هذا، لننبّه وننوّه ونصحّح، لا لنفضح. ليكون الصواب هو المشهور والمجهور، وليستقيم درب لساننا العربي.
(الصورة من فضائية الجزيرة)
لأننا اكتهلنا، شخنا، هرمنا
الخطأ: هرمنا
الصواب: اكتهلنا
"لأننا هرمنا، هرمنا ..."
هكذا قالها التونسي، ماسحا على رأسه مرتين من الخلف إلى الأمام كما لو كان يتم جزءا من وضوء مفقود منذ ثلاثة وعشرين عاما. هكذا قالها، عارضا رأسه المشتعل شيبا.
أحمد الحفناوي، صاحب المقولة، يبلغ الرابعة والستين من العمر وفقا لأحد مواقع الإنترنت. وبالتالي فإن قوله "هرمنا" غير دقيق إلا إذا أخذت على سبيل المبالغة، أو على سبيل التعميم. فإذا كنا سنتوخى الدقة في اللفظ، كان الأجدر القول "لأننا اكتهلنا". فالكهل في العربية هو من كان بين الثلاثين والخمسين، وفي قول آخر –أكثر تفاؤلا!- من كان بين "ثلاث وثلاثين إِلى تمام الخمسين". وقد يكون هذا غريبا على البعض، إذ يظن أن الكهولة تعني التقدم الشديد في السن، بينما هي في الحقيقة مرحلة وسطى بين الشباب وبين الشيخوخة.
أما الشيخوخة فهي المرحلة التي تبدأ بعد الكهولة. ووفقا للمعاجم، فإن الشيخ هو "من أدرك الشّيخوخة، وهي غالبًا عند الخمسين، وهو فوق الكَهل ودون الهَرِم."
أما الهَرَم، فهي ما يأتي بعد الشيخوخة، وغالب الظن أنها تبدأ في الثمانين. فالهرم هو "أقصى الكِبَر". وجاء في محيط المحيط: الشيخوخة "من الخمسين إِلى الثمانين"، وهذا يعني أن الهرم فعلا يبدأ في الثمانين. وجاء في الحديث الشريف "...هرما مفنّدا" أي مضعفا، وفيه يرد الإنسان إلى أرذل العمر.
يقول زهير بن أبي سلمى: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا لا أبا لك يسأمِ
إذا هي الكهولة (من 30-50 عاما)، ثم الشيخوخة (من 50-80 عاما)، ثم الهرم (بعد الثمانين).
فيه دسم، إلا أن دسمه خالٍ!
الخطأ: خالي الدسم
الصواب: خال من الدسم أو منزوع الدسم
سأحسن النية، وسأفترض أنهم يقصدون أن الزبادي فيه دسم، إلا أن دسمه خالٍ؛ خالٍ من شيء ما لم يحددوه! فقد يكون خاليا من الفيتامينات أو من الدهون المشبعة أو الكولسترول. والله أعلم بما يقصدون.
طبعا الصحيح هو قولنا "منزوع الدسم" أو "خالٍ من الدسم". أما قولنا "خالي الدسم" فعبارة حمّالة أوجه، إلا إذا كان قصدهم تسليه صيام الصائمين بالتفكر في معنى العبارة الغريبة، فهذا أمر آخر يشكرون عليه!