لئن كانت الأرض بفجاجها لنا، نسلكها وغيرنا من خلق الله، إلا أن لأرواحنا فجاجًا ليست لهم، تُطل منها مسافات على الآخر، نراه كما هو، أو كما يحلو لنا أن نراه، فتنقلب المعاني والصور ببعد المسافات وقربها.
ومن ذلك قول شاعر المدينة وزاهدها "مسكين الدارمي" في القرن الثاني الهجري بشأن ذات الخمار الأسود:
قل للمليحة بالخمار الأسود... ماذا فعلتِ بناســـــــــــك متعبد
قد كان شّــمر للصلاة رداءه ... حتى خطرتِ له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامـــه... لا تقتليه بحق دين محمـــــــــد
وباجتهاد متواضع، ورؤية مقلوبة، رأيتُ مسافة أخرى فقلت:
قل للمليحة بالخمار الأســـــــــــود ... ماذا فعلتِ بفاســــــــــــــق ومعربدِ
ذئب خئون ســـــــــادر في معصية... يرمي الصبايا بالســـــــــهام السددِ
قد كان أعلن بالفســـــوق مجاهرًا... حتى وقفتِ له بمســــــــــــند أحمدِ
أسرجتِ في الظلمات قنديل التقى... فأضاء في قلب كئيب أســـــــــــــودِ
عالجته بتــــــــــلاوة وبدعـــــــــوة ...صعدت بجوف الليل نحو الفرقــــــــدِ
حطمت بالقرآن قيد فســــــــــوقه ... فمضى السعيد يؤم صوب المسـجدِ
التدقيق اللغوي: سماح الوهيبي