ان ولادة مولود جديد في العائلة يكون عادة مدعاة للفرح والسرور عند الأب والأم،الا أنه أحياناً ينقلب حزناً وغماً عند أخيه أو أخته الأكبر منه سناً، وأحياناً اخرى تترك في نفس هذا الأخ أوالأخت أثاراً نفسية يصعب محيها وأعراضاً سريرية يعز حلها وفهمها .. ولذلك يجب التعامل مع هذه الظاهرة بشيء من الحكمة والتروي والنضوج ..
ان ارتكاس الأطفال حين ولادة أخ أو أخت لهم يختلف حسب شخصية هذا الطفل وعمره وكذلك موقعه من أخوته وأيضاً وهذا الأهم : حسب درجة تحضيره نفسياً لاستقبال هذا الضيف الثقيل والمزمن بالنسبة له..
أولاً : كيف يشعر الأطفال عند ولادة مولود جديد في العائلة؟

1. ان بعضهم سيشعر بالفرح والبهجة والسرور بوصول هذا القادم الجديد: فيحاول لمسه والتكلم معه، فتراه يضحك لحركاته ويغني لبكاءاته ويسأل عنه اذا غابت صرخاته وهدأت سكناته وراح مستسلماً للنوم والراحة.
2. البعض منهم يشعر بالفخر والاعتزاز : اذ ان هناك الآن من هو أصغر منه في البيت، فيشعر أنه أصبح كبيراً، وهذا القادم النحيل هو الصغير، فيبدأ يقدمه الى الضيوف والأقرباء وحتى الى أصدقائه ، وتراه أحياناً يصر على اعطائه الرضاعة، ويحاول تهدئته ان بكى او صرخ أوعلى ضجيجه .
3. وبعضهم الآخر يصاب بالإحباط: اذ يختلف هذا القادم الجديد عما تصوره قبل ولادته، فيراه نائماً طوال الاوقات ، ولايستطيع اللعب معه كما كان يتخيل ، ويجد أن هذا المولود الجديد يشكل جملة من الممنوعات بالنسبة له : فممنوع عليه لمسه كي لايؤذيه ، وممنوع عليه اللعب والضجيج كي لايوقظه من نومه فيبكي ويعكر عليه قيلولته وراحته.
4. بعضهم الآخر يصاب بالغيرة الشديدة : حيث يلاحظ بنباهته أن الوليد الجديد قد استأثر بحنان أمه وعطف أبيه وفرح جده واعجاب جدته ، ويشعر بالألم والحسرة وهو يرى كتل الهدايا تنهال عليه مع كل زائر وكل مهنئ ، وهذا يأخذه ليناغيه ويقبله، والآخر يمسح على وجهه ويرقيه، أما هو ذلك المسكين المنسي فلاأحد يلتفت اليه ويقدر شعوره ويهديه جملة من العبارات أو بعضاً من الكلمات مما كان يناله بالأمس قبل مجيء هذا البديل، فهذا الذي كان بالأمس له أصبح لغيره.


ثانياً : كانت تلك مجموعة الاحساسات الداخلية والنفسية التي تنتاب الطفل عند قدوم أخيه ، ولكن ماهي جملةالارتكاسات نحو هذا الحدث؟

في الحقيقة يكون هذا الارتكاس واحداً من اثنين:
1. بعض الطفال يصاب بنوع من الاكتئاب : فيخيم عليه الوجوم والصمت، ويقل كلامه وتتكاسل حركاته، وتضعف شهيته، ويطلب المساعدة لاقل شيء، وقد يعود ليبول في فراشه ليلاً.
2. والبعض الآخر يصبح عدائياً: اعصابه ثائرة، وصرخاته دائمة وارتكاساته طفولية، يضرب أمه وأبوه، يكسر الأشياء التي في يده لاغاظة أمه أو أبيه، وأحياناً يضرب أخيه هذا الجديد.


ثالثاً : ما هو دورك في الوقاية ثم التعامل مع هذه الظاهرة؟

أولاً : أثناء الحمل :
1. أعلمي طفلك عن هذا الذي في بطنك، وذكريه أنه كان يوماً يسكن نفس المكان.
2. طمئنيه أن ولادة أخيه أو أخته لن يفقده حنانك ولا عطف أبيه.
3. أشركيه في التحضير لهذا القادم الجديد ولو من باب المداعبة، كأن تطلبي رأيه في شراء الثياب والسرير واللعب وغير ذلك.
4. اياك أن تغيري مكان سريره، أو غرفته، حتى لايشعر أن هذا الكائن الجديد هو السبب فتبدأ الكراهية مبكرة.
ثانياً : عند الولادة وخلال إقامتك بدار الولادة:
1. أعلميه الى أين أنت ذاهبة ، وأن اخاه أو اخته سيولد في الساعات التالية.
2. أعينيه أن يتحمل فراقك، فاهتفي له دوماً، واصري أن يرافق أباه في زيارته لك.
3. ساعديه كي يتقبل وصول أخيه او اخته وذلك كأن يشتري له أو لها لعبة أوهدية ويأتي بها اليه أو اليها في دار الولادة.
4. حين يراك لأول مرة بعد الولادة، استقبليه بحرارة شديدة وغير معتادة، وان وضعت الوليد في جانب من حضنك، أصري أن تضعيه في الجانب الآخر،ولاتنسي مداعبته باستمرار والانتباه اليه في هذا اللقاء الأول ، واعلمي أن هذا اللقاء ان مر بخير فقد اجتزت مرحلة هامة وصعبة غالباً ما تسهل ما بعدها، وبالمقابل ان مر هذا اللقاء الاول له بأخيه أو أخته بصعوبة كان شعر انه مهمل أو مستبعد أو منسي ، فغالباً ما تكون المراحل اللاحقة صعبة للغاية.
ثالثاً : عند عودتك ومولودك الجديد الى البيت:
1. اياك أن تنقصي من مشاعر الحب والود نحوه، ويجب عليك ألا تكتفي أن تشيري الى هذه المشاعر اشارة بالقول عند لزوم المناسبة أو حين استجدائه لها، بل عليك أن تغدقي عليه دائما من هذه المشاعر حتى يطمئن فعلياً أن مكانته لم تنتقص وأن مقامه لم يتأثر .. ان الطفل بما أودع الله به من قدرة على التأقلم يتقبل أن يتقاسم حب ابيه وأمه له مع أخيه أو اخته ولكن بنسبة خمسين في المئة لكل منهما ، ولكن لايمكن أن يقبل أن يتنازل عن شيء من هذا النصف الخاص به أبداً ، فانتبهي جيداً لذلك.
2. اشركيه معك في العناية بالمولود الجديد، كأن تطلبي منه احضار اللعبة أو المنديل أو الحفاض أو غير ذلك ، وباستمرار.. فان تكرار ذلك ينسيه قضية الغيرة والمراقبة لحركاتك وسكناتك وارتكاساتك التلقائية الطبيعية تجاه هذا الجديد، خاصة اذا ما رافق ذلك أن بدأ يناغي له ويغني معك لتهدئته وتسكيته.
3. اياك أن تجري مقارنات بينه وبين هذا الجديد من حيث الشكل أو الهدوء والطباع وخاصة في حضور الغرباء وحتى الاقرباء، فأحياناًكثيرة يؤدي استرسالك في هذه المقارنة الى الافصاح من غير دراية منك حبك الزائد لهذا الجديد بينما هو المسكين يراقب ذلك ويسمع ويتألم لحاله ومآله .
4. ذكريه دائماً أنه كان أيضاً طفلاً صغيراً مثل أخيه، وكنت أيضاً تسهرين على راحته ومداعبته، والآن صار هو كبيراً لا يحتاج إلا عناية طول الوقت وفقط الصغير هو الذي يحتاج ذلك...
5. لا تنسي أنه يجب أخذ الحيطة والحذر وألا تتركه منفرداً مع مولودك الجديد، فربما آذاه من حيث هو يعلم غيرة منه أو من حيث لا يعلم لكونه مازال صغيراً.
6. إذا أخذت بكل هذه الاحتياطات، ولكن شعرت بأن ارتكاسه تعدى الحدود الطبيعية كأن انغلق على نفسه فأصيب بالاكتئاب أو بالعكس انقلب على نفسه فأصبح عصبي المزاج ثائر الأعصاب على الدوام فلابد حينها من طلب المساعدة عند طبيبه وأحياناً أخرى بتدخل من اختصاصيي علم النفس.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية