كثير من الامهات الحوامل ، تخشى أن تلد طفلاً خديجاً ، لما تسمع من جاراتها وصديقاتها عن فلانة المسكينة التي رزقت بطفل في الشهر السابع من الحمل وخرجت هي من دار الولادة بينما بقي هو لأسابيع في الحاضنة ... فماذا نعني بالطفل الخديج ؟ وما هي أهم الاختلاطات التي يتعرض لها ، وما هو دور الأم في العناية به؟
من هو الوليد الخديج ؟

إن فترة الحمل الطبيعية تمتد من 37 ß 41 اسبوعاً ، تحسب من أول يوم لأخر طمث رأته الحامل .
الخديج Premature : هو كل وليد يولد قبل 37 اسبوع من الحمل.
ان نسبة حدوث الخداجة Prematurity تختلف باختلاف البلدان ، ولكنها بشكل عام تتراوح من
6 – 8 % من الحمول .. أي أن 6 – 8 % من الولدان يولدون خدجاً قبل 37 أسبوع من الحمل.


ماهي صفات الوليد الخديج ؟

يكون الوليد الخديج : قليل الوزن قصير الطول صغير الحجم مقارنة بأقرانه المولودين في عمر حملي طبيعي ، وأيضاً يكون جلده رقيقاً ونسيجه الشحمي تحت الجلد قليلاً .
لكن أكثر الخدج يلحقون بأقرانهم المولودين بعمر حملي طبيعي في حوالي السنتين من العمر، حيث تصبح أوزانهم وكذلك أطوالهم وبالتالي أحجامهم ، مساوية أو قريبة لأوزان وأطوال وأحجام أقرانهم من الأخرين، وذلك في معظم الحالات .


ما هي أهم المشاكل والمضاعفات التي يتعرض لها الخديج ؟

عندما يولد الوليد خديجاً ، فان أعضاءه تكون غير مكتملة النمو والنضج ، وبالتالي فإن هذه الأعضاء تكون غير قادرة على القيام بوظائفها كما ينبغي ، وعليه فإن كل المضاعفات والاختلاطات تزداد أو تنقص بحسب درجة الخداجة ، أي بحسب بعد أو قرب الوليد من العمر الحملي الطبيعي : 37 اسبوع.
عندما تلدين طفلاً خديجاً ، يجب أن تعلمي أن وليدك سيبقى في المستشفى لفترة تطول أو تقصر بحسب المضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها ، وأيضاً بحسب بعده أو قربه من العمر الحملي الطبيعي :37 اسبوع ... وعلى سبيل المثال : فإن الوليد المولود في عمر 32 اسبوع ، يتوقع أن يبقى في المستشفى حوالي 5 أسابيع ، والآخر الذي ولد في 30 أسبوع ، يتوقع أن يظل في المستشفى مدة 7 أسابيع وهكذا ...
أما عن المشاكل والمضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها وليدك الخديج ، فهي على نوعين :


النوع الأول من المضاعفات : وهو ناجم كما سبق وأشرنا ، عن النقص الحاصل في درجة اكتمال نمو أعضائه ووظائف هذه الأعضاء ( وحدوث هذه المضاعفات أو امكانية حدوثها هي السبب المباشر لبقائه في المستشفى ) :
1. مضاعفات تنفسية : حيث يصاب الخديج بصعوبات مختلفة في التنفس و منذ اللحظات الاولى لولادته : وذلك نتيجة غياب أو نقص حاد في مادة السرفاكتانت Surfactant المسؤولة عن اعطاء الرئتين القدرة على القيام بوظيفتها في التنفس . لقد تمكن العلماء في السنوات الأخيرة من استخراج هذه المادة من الحيوانات أو تصنيعها كيميائياً ، وحقنها في رئتي الوليد الخديج لوقايته أو معالجته من هذه المضاعفات التنفسية ، ولكن ومع ذلك ، فإن هذه الصعوبات التنفسية الشديدة تتطلب أحياناً وضع الوليد الخديج على أجهزة خاصة Ventilator تساعده على التنفس وذلك لمدة تطول أو تقصر بحسب درجة الخداجة .
2. مضاعفات دموية ( فقر الدم ) : حيث يصاب الخديج بالشحوب الناجم عن فقر الدم وذلك نتيجة عجز نقي العظام الغير مكتمل النمو والنضج عن انتاج عناصر الدم من كريات بيضاء وكريات حمراء وصفيحات دموية، مما يتطلب في كثير من الأحيان نقل الدم لمرة واحدة أو أكثر ثم إعطاؤه الحديد لفترة قد تمتد أشهراً.
3. مضاعفات استقلابية ( كنقص سكر الدم ، ونقص كالسيوم الدم ) : مما يتطلب مراقبة سكر الدم وكذلك كالسيوم الدم وبشكل دوري ومنتظم ، ثم معالجة النقص الحاصل قبل تفاقمه وازدياد مخاطره ومضاعفاته.
4. كثرة الاصابة باليرقان ( الصفار ) : مما يتطلب اجراء فحوصات دموية ، ووضعه في كثير من الأحيان على جهاز خاص يبث أشعة زرقاء Phototherapy ، تعمل على شفائه، وفي أحيان نادرة لايشفى هذا الصفار الا بعملية معقدة لاستبدال شبه كامل لدمه بدم أخر فيما يعرف ب Exchange Transfusion .
5. نقص في حرارة الجسم : حيث يتطلب وضعه في حاضنة Incubator خاصة تحفظ له درجة حرارة ثابتة حتى يقترب من عمر 37 اسبوع .
6. عدم انتظام في حركات تنفسه ، وتوقف هذا التنفس للحظات أحياناً : وذلك نتيجة عدم نضج مركز تنظيم التنفس في دماغه ، مما يتطلب وضعه على أدوية خاصة Cafeine أو Theophylline تنبه عنده مركز التنفس باستمرار ، وكذلك وضعه على جهاز خاص Monitor لمراقبة حركات تنفسه وضربات قلبه، يعطي هذا الجهاز انذاراً اذا ما حصل توقف في التنفس أو عدم انتظام في ضربات القلب ، فيتدخل الطبيب بسرعة لتقديم العلاج المناسب.
7. اصابته بالأنتانات Infections : يتعرض الخديج أكثر من غيره من الولدان للاصابة بالانتانات وذلك : لعدم نضج جهازه المناعي ، ولذلك تجرى له فحوصات جرثومية وتحليلات دموية للتأكد من عدم اصابته ، أما اذا تأكدت الاصابة فإنه يوضع على الصادات الحيوية Antibiotics لقتل هذه الجراثيم لمدة تمتد من 5 ß 10 أيام وأحياناً أكثر من ذلك .
8. صعوبات في التغذية : ان حركات المص والبلع لاتظهر عند الوليد الا اذا بلغ عمر 35ß36 اسبوعاً ، فإذا ما ولد الخديج قبل هذا العمر فإنه لن يستطيع الرضاعة من أمه ولاحتى أخذ الرضاعة البلاستيكية ولذلك : يضطر الى سحب الحليب من أمه وتمريره عبر انبوب Tube مرن الى معدته مباشرة...
وفي أحيان كثيرة نضطر الى اعطائه السوائل المغذية Parental Nutrition عن طريق الوريد لنساعده على النمو وذلك لأن كمية الحليب التي نمررها في الأيام أو الأسابيع الاولى عادة لاتكون كافية ، لأننا لانستطيع أن نرفع هذه الكمية لعدم قدرة أمعائه الغير ناضجة والضعيفة على هضم كمية كافية من الحليب .
فإذا ما أعطي كمية كبيرة تفوق قدرة أمعائه على الهضم فإن ذلك يسبب له مضاعفات في أمعائه... هذه المضاعفات المعوية تزداد حين نضطر الى اعطائه حليباً اصطناعياً ، ولذلك احرصي على سحب حليبك وتقديمه له كلما استطعت الى ذلك سبيلا.


أما النوع الثاني من المشاكل : فهو ناجم عن هذا الانفصال الذي سيحدث ، انت وقد عدت الى البيت أما هو فقد بقي في المستشفى :
لقد بينت كثير من الدراسات أن هناك مشاكل نفسية واضطرابات سلوكية يمكن أن تصيبه في سنواته الاولى نتيجة هذا الانفصال القسري بينه وبينك بعيد ولادته ، وأكدت جميع هذه الدراسات على أن تخفيف هذا الانفصال المفاجئ ( منذ الولادة ) ، والمديد ( اذ يمتد أحياناً عدة أسابيع ) ممكن باتباع
النصائح التالية :
1. يجب أن تزوريه يومياً : ويجلسي بجانبه ، وتلمسيه بيديك ، وتكلميه بلسانك وقلبك ، وتغني وتناغي له بصوتك وروحك ومشاعرك وحنانك وكل عاطفتك ، وصدقيني أنه يشعر بك ويأنس بقربك وتنفرج اساريره عند تحسسه رائحتك .
2. أن تشاركي بالعناية به : عندما تسمح حالته بذلك ، كأن تغيري له ( حفاضه ) ، أو تنظفي له جسمه بقطن ناعم مبلل بالماء والصابون .
3. احرصي على تغذيته بحليبك... وحليبك فقط... كلما كان ذلك ممكناً : واسحبي هذا الحليب يومياً وعدة مرات وأت به الى المستشفى ، فإن في ذلك حماية له من مضاعفات معوية وإصابات تحسسية ، وهذا سيتتطلب منك دوماً أن تشربي الكثيرمن السوائل ، وأن تنوعي في تغذيتك ، وأن تنالي قسطاً من الراحة ، حتى تكون كمية الحليب كافية له ولا يضطر الى اعطائه حليباً اصطناعياً.
4. عند عودته الى المنزل : حاولي أن تعوضيه ايام الفراق ، فأغدقي عليه من حبك وحنانك ، وصبي عليه من وجدك وعطفك واهتمامك...فكل هذا سوف يخفف ان شاء الله من الآثار السلبية لهذا الفراق الاضطراري بينك وبين وليدك .
5. وأخيراً : لابد أن اذكرك أن العقدين الماضيين شهدا تقدماً هائلاً في العناية بهؤلاء الخدج ، حيث تطورت أساليب انعاش الولدان بعيد الولادة ، واصبح لدينا معالجات فعالة تحميهم من كثير من المضاعفات التنفسية والاختلاطات الانتانية ، وانخفضت في السنوات الأخيرة نسبة وفيات الخدج ، وكذلك قلت نسبة اصابتهم بعقابيل واختلاطات نفسية وعصبية ، وأصبحنا اليوم وبفضل من الله أولاً ، ثم بفضل هذه التطورات ، قادرين على انعاش وانقاذ حياة هؤلاء الخدج حتى ولو ولدوا بعمر حملي أقل من 28 أسبوع .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية