يعرض هذا الكتاب القيم الذي أعده الدكتور/عمر فتحي العياط جوانب الاستفادة من الدين في نشر الوعي الصحي السليم بين الناس، فلقد جاء الدين الإسلامي بقواعد أساسية في الحفاظ على الصحة، ولو طبق الناس تلك القواعد لانخفضت معدلات الإصابة بالأمراض إلى أدنى المستويات. وقواعد الإسلام في حفظ الصحة تكمن غالبيتها في الجانب الوقائي وذلك لحماية الفرد والمجتمع من التعرض لخطر المرض. ونعرض عليكم بعض النصائح الطبية التي أوردها الكتاب استشهادا بالقرآن الكريم والسنة المشرفة.
الإسلام يدعو إلى نظافة الجسم
قال تعالى في سورة المدثر: ( وثيابك فطهّر) سورة المدثر آية رقم 4، وهي ثاني سورة أُنزلت في القرآن الكريم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طهّروا هذه الأجسام طهّركم الله) فالنظافة والطهارة بمعنى التعقيم أو محاربة التلوث هما عماد الصحة.
ومن مظاهر النظافة التي دعا إليها الإسلام :-
الوضوء وغسيل الأيدي ونظافة الأقدام ونظافة الفم والأسنان ونظافة الأنف وشعر الرأس والثياب.
الإسلام يدعو إلى نظافة البيئة المحيطة بالإنسان
دعا الإسلام إلى مكافحة الحشرات الناقلة للأمراض وإلى نظافة مصادر المياه وإلى نظافة المسكن والشارع، ولم يترك الإسلام صغيرة أو كبيرة في نظافة البيئة إلا وأكد عليها، ولو طبق المسلمون هذه التعاليم لكانوا أصحاب أنظف وأطهر مظهر بين كافة الأمم.
تعاليم الإسلام الوقائية عند حدوث المرض المعدي
دعا الإسلام إلى عدم السخط أو الانزعاج من المرض عند وقوعه مما يجعل المسلم يقابل المرض بمعنويات عالية تساعده على سرعة الشفاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما من مسلم يصيبه أذى من شوكة فما فوقها إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها)، كما حث الدين أيضا إلى الدعاء للمريض بالشفاء.
كما دعا الإسلام إلى الاستعانة بالطبيب لمعرفة المرض ووصف العلاج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( تداووا عباد الله فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم).
وحث الإسلام على عزل المريض بمرض معدي في البيت أو المستشفى، وعلى عدم اختلاطه بالأصحاء حتى لا تنتقل إليهم العدوى، كما قال صلى الله عليه وسلم (لا يوردنَ مُمض على مصح) أي لا يدخل المريض على الأصحاء فينقل إليهم العدوى.
وقد سن الإسلام مبدأ الحجر الصحي وعزل المريض الذي لا يرجى شفاؤه عن الناس وهذا مثال في تغليب العقل على العاطفة والمنطق العلمي على المجاملات (كلم المجذوم وبينك وبينه قدر رمح أو رمحين) .
كما وضع الإسلام قاعدة في التعامل مع المرض الوبائي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه).
ولقد بدأت تدابير الحجر الصحي في العالم في القرن التاسع عشر الميلادي بعد اكتشاف العوامل الممرضة لكثير من الأمراض الوبائية ، والطاعون هو مرض وبائي يستدعي العزل والحجر الصحي لناقل العدوى سواء كان مريضا أو مشتبه في مرضه، ومن هنا نرى الحكمة والوحي الإلهي في توجيهات الرسول الكريم للناس عندما بين قبل أربعة عشر قرنا أسس الوقاية من الطاعون كمثال للمرض المعدي وهي نفس التدابير التي يدعو لها خبراء الصحة الآن.
حث الإسلام كذلك على العلاج الوقائي والتحصينات الوقائية ولا يعتبر ذلك هروبا من قضاء الله, فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله : يا رسول الله أرأيت في رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بل هي من قدر الله.
ومن آداب الإسلام في زيارة المريض :غسيل الأيدي قبل الدخول على المريض وبعد الخروج من عنده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسبا بوعد من جهنم مسيرة سبعين خريفا) والحكمة من هذه التعاليم أن الإنسان السليم قد يكون حاملا للميكروب في يديه أو حلقه فينقل الميكروبات للمريض الذي يكون ضعيف المقاومة للمرض أو قد ينقله من المريض لغيره من الأصحاء.
ومن السنة أيضا إذا عطس المسلم أدار وجهه وغطى أنفه وفمه بكفيه وذلك للوقاية من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الرذاذ كالسعال والعطس وكذلك نهى الإسلام عن البصق على الأرض حيث اكتشف العلماء بعد ذلك أن المريض بالسل ( التدرن) إذا بصق على الأرض فان الميكروب الموجود في البصاق يعيش مدة طويلة ثم يحمله الهواء مع ذرات الغبار فيصل إلى الإنسان السليم فتحدث العدوى.
اهتمام الإسلام بالوقاية من الأمراض عن طريق التغذية السليمة
لم يهتم الإسلام بنظافة الطعام والشراب فقط بل إهتم كذلك بتحديد المباح من الأطعمة فحث عليها, والمحرم من الأطعمة لحكمة إلهية. وحذر منها لضررها, وقد أثبت العلم ذلك فيما بعد.
وقد اهتم الإسلام أيضا بتنظيم عادات الغذاء توقيتا وكمَا ( بالاعتدال في الكمية) وكيفا ( بالتأني في تناوله ومضغه) وبالتشجيع على الصيام الذي أثبت العلم فوائده الطبية والنفسية.
هذه هي نظرة الإسلام للصحة كما عرضها معد الكتاب كقيمة عالية وغالية، والقاعدة الشرعية تتمثل في الآيات الكريمة " ولا تقتلوا أنفسكم " سورة النساء آية 29 , " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" سورة البقرة-آية 19. وفي الحديث الشريف :"لا ضرر ولا ضرار" أي تحريم كل ما يضر الجسم أو يضر الغير.
فمقاصد الشريعة الإسلامية تشمل حفظ الضرورات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسب, لذا تعتبر المحافظة على الصحة والوقاية من الأمراض طاعة لله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم ويؤجر عليه المرء في أخرته بعد أن يسعد بها في دنياه.
وأخيرا إن كتاب" الوقاية من الأمراض قيمة إسلامية" والذي أصدرته لجنة التوعية الصحية بمنطقة العاصمة الصحية وتكفلت بطباعته لجنة الدعوة الإسلامية. كتاب يجب أن يقرؤه كل فرد مسلم. وهو خطوة سليمة في طريق رفع مستوى الوعي الصحي في مجتمعنا الإسلامي. جزا الله خيرا كل من ساهم في إعداد وإصدار وطباعة هذا الكتاب القيم.