دواء لعلاج الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي:
أقرّت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية علاجا جديدًا لتخفيف التأثيرات الجانبية للعلاج الكيميائي، وتعزز فعالية هذا النوع من العلاج الخاص بعلاج سرطان الأورام الصلبة، ومنها سرطان الثدي. ويعتبر هذا العلاج الأول في مجموعة جديدة من الأدوية، ويعرف باسم آبراكسان (Abraxane)، ويعمل هذا الدواء على التقليل من المواد التي تسبب تسمم الخلايا السليمة عن طريق الربط مباشرة بين المكونات الفعالة للدواء والجزيئات البروتينية المجهرية في مجرى الدم، مما يخفف من التأثيرات الجانبية المضرة المحتملة. وتفيد المعلومات الطبية إلى كون هذا الدواء لا يحوي على مركبات سامة، مما سيمكن الأطباء من زيادة كمية الجرعات الكيماوية إلى أكثر من 50 %، مما كانت عليه دون المخاطرة بسلامة المري . ويتميز هذا النوع من الأدوية بأنه لا يتطلب تحضير المريض مسبقًا لتجنب ردود الفعل التحسسية المحتملة عقب استخدامه ، ويمكن أن يعطى خلال مدة زمنية تصل إلى 30 دقيقة عن طريق الوريد.
إنتاج البروتينات
البروتينات المقصودة هنا ليست التي تأتي في الطعام ولا تلك التي يستعملها الرياضين لبناء العضلات، بل البروتينات العلاجية، فكما هو معروف فأن هناك العديد من الأمراض التي تحدث نتيجة نقص في إنتاج بروتين معين أو إنتاج بروتين مشوه. يأمل العلماء في إيجاد طريقة لمعالجة مثل هذه المشكلة، وقد بدؤوا فعلا في مثل هذا الطريق، باستخدام مستعمرات من الجراثيم المعدلة وراثيا لتعيش وتتكاثر في الأحشاء، منتجة أنواع بروتينية محددة، من دون إحداث أي تأثيرات جانبية سيئة تكون مرافقة لهذه الجراثيم. وستعالج مثل هذه الأدوية المشاكل السابقة بالإضافة إلى معالجة أمراض يكون السبب الرئيسي فيها هو عدم إنتاج البروتينات بالكميات المناسبة أو بسبب تأخر إنتاج مثل هذه البروتينات. من الأمراض التي سيكون هذا العلاج أملا جديدا في علاجها، مرض كرون الذي يصيب في اغلب الأحيان الأمعاء الدقيقة ويكون بشكل تقرحات عميقة في السطح الداخلي للأمعاء، وكذلك مرض القولون التقرحي، وبعض الأمراض المناعية الأخرى التي تنشأ نتيجة خلل في الجهاز المناعي، بالإضافة إيجاد طريقة جديدة لإيصال الأنسولين، الذي لا يمكن إعطاءه عن طريق الفم بسبب تحطمه في الجهاز الهضمي. والبكتريا المستعملة في هذا النوع من العلاج هي من نوع لاكتوكوكاس، تستعمر أمعاءنا بشكل طبيعي، ويتم تنميتها في المختبرات الخاصة بمعامل الألبان، لاستعمالها في إنتاج اللبن والجبن.
الطعام العلاجي
مثلت عملية إنتاج الدواء باستخدام الكائنات الحية الدقيقة، البكتريا، والتي سميت التقنية الحيوية (Biotechnology)، نقلة نوعية هامة جدا في عملية إنتاج الدواء . وقد فتحت أبوابا هائلة لتطور عملية إنتاج الدواء، مفتتحة الأمر بالأنسولين، احد أعظم الاختراعات في القرن الماضي، ومن ثم الإنترفيرون، الخاص بالمناعة، والإيبوتين (Epotine)، لإنتاج خلايا الدم لدى مرضى الكلى ، والكثير الكثير من اللقاحات والأدوية المناعية.
كانت هذه الخطوة الجبارة شمعة الأمل التي أعطت العلماء أفاقًا جديدة لإنتاج الدواء. وقد بدأ العلماء بعد ذلك بالتفكير الجدي لاستخدام أنواع حية أخرى لإنتاج الدواء، إلا أن جهودهم هذه كانت تصطدم دائما بمشكلة تعقيد الخلايا في الكائنات الأكثر رقيا من البكتريا. إلا أن ذلك لم يثني جهود العلماء الذي بدؤوا بالفعل في تجارب عملية لإنتاج الدواء باستخدام خلايا حية في الكائنات الراقية، كالنباتات والحيوانات.
لذلك فإن المستقبل يبشر بخير في سبيل إنتاج طعام علاجي، يحتفظ بمحتوياته الغذائية بالإضافة إلى المواد الدوائية الفعالة. ربما يأخذ البعض أن ذلك ربما سيكون له آثار أخرى تتعلق بالتغير الحاصل في جينات الكائنات الحية المنتجة للدواء، والذي قد يعود بنتائج سلبية في المستقبل، إلا أن هذا الأمر هو في قمة الأهمية الذي يضعه العلماء العاملون على هذه المشاريع في طرق عملهم.
وفي إطار هذه التقنية، هناك العديد من التجارب الواعدة، منها صنف جديد من الموز له القدرة على إنتاج لقاحات مضادة لالتهابات الكبد الوبائى و الكوليرا، و يرجع اختيار الموز لهذا الغرض لأنه يؤكل نيئاً مما يمنع تفكيك مادة اللقاح، كما انه يتمتع بطعم مستساغ مما يجعله الأنسب لاحتضان اللقاح، وقد أشارت الدراسات إلى قرب إنتاج مثل هذا اللقاح حيث تم الحصول على مؤشرات ايجابية في فئران التجارب.
كما ان هناك تجارب أخرى تعمل على إضافة مضادات حيوية من أصول نباتية لمنظفات الأسنان لمحاربة التسوس. بالإضافة إلى تجارب واعدة أخرى تعمل إنتاج العديد من اللقاحات باستخدام الذرة، ومنها لقاح الالتهاب الكبد الوبائي، وكذلك استخدام نباتات التبغ والطماطم لإنتاج مضادات فيروسية، كمضاد فيروس سارس الذي مازال العمل جاريا عليه حاليا. ويرى بعض العلماء أن مستقبل إنتاج الأدوية سيكون معتمدا بشكل مباشر على الكائنات الحية، حيث سيعمل العلماء على تكوين معامل حية لإنتاج الدواء.
الفيروسات كنواقل الدواء
راود العديد من العلماء فكرة استخدام الكائنات الدقيقة كنواقل علاجية، وقد رشح معظمهم الفيروسات لهذه المهمة، لما تمتاز به من قدرة على اختراق الخلايا الحية، من دون أن تعترضها الخلايا المناعية في كثير من الأحيان. وسيكون لمثل هذه التقنيات مستقبل باهر، وخصوصا في علاج الأمراض السرطانية، بسبب الحاجة لقتل الخلايا السرطانية من دون إلحاق الأذى بالخلايا السليمة، والذي يعني انه سيقلل من الآثار الجانبية السيئة للأدوية السرطانية.
ويحاول العلماء الوصول إلى ذلك عن طريق تدمير الخواص المسببة للمرض التي يحملها الفيروس، والقدرات التكاثرية للفيروسات، لمنع تكاثرها وتسببها بالمرض، والاستفادة منها كناقل متميز فقط. بالإضافة إلى إضافة بعض الخواص الجديدة التي تعمل على تسخير مثل هذه الفيروسات للوصول إلى هدف محدد واحد، وعدم الانتشار في غير أماكن الهدف المطلوبة.