إن مشكلة السمنة عند الأطفال تعد الآن من أهم المشكلات الصحية التي تواجه مجتمعنا العربي. فالوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية تساعد على تراكم الدهون وخاصة مع قلة حركة الطفل وعدم ممارسة الرياضة وجلوسه بالساعات أمام شاشات الكمبيوتر والبلاي استيشن والتليفزيون وغيرها. ومما يزيد المشكلة تعقيدًا هو اعتقاد معظم الأمهات أن اكتساب الطفل وزنا إضافيا هو دليل على صحة الطفل بينما هوفي حقيقة الأمر مرض من الأمراض الخطيرة ومشكلة لا تدرك خطورتها أمهات هذا الجيل.

وتأتي مسئولية سمنة أطفالنا على الأم بالدرجة الأولى. ويعتبر علماء التغذية أن مشكلة بدانة الطفل تبدأ من السوبر ماركت. فالأم هي التي تشجع الطفل على تناول الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية من حلويات وكاكاو وسكاكر وغيرها وذلك بشرائها وبكميات كبيرة. وقد ثبت أيضا أن ارتفاع مستوى الدخل والذي يتيح الفرصة لشراء تلك الأغذية بدون داعي وبكميات كبيرة يشجع الطفل على تناولها بلا قيود.

وقد أظهرت الأبحاث أن الوجبات السريعة تعمل على تنشيط الجين الخاص بالسمنة بصورة مرضية! وقد تنبهت إلى هذا الخطر أكثر من 20 ولاية أمريكية ومنعت طلاب المدارس من تناول هذه الوجبات؛ لوجود علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم وارتفاع نسبة الكولسترول. ووجود علاقة بين مشروبات "الصودا" التي عادة ما تكون مصاحبة لهذه المأكولات بالإصابة بهشاشة العظام، فضلا عن أنها تتسبب في عسر الهضم عند تناولها مع الطعام وعند إضافة الأطعمة المقلية كالبطاطس والأغذية التي تحتوي على المواد الحافظة والملح لكي نحصل على "وجبة كاملة" أو "كومبو" تكون المحصلة هي الحصول على "خطر كامل"، كما يوضح الدكتور مدحت المسيري أستاذ الفيزياء الطبية بجامعة القاهرة‏ في بحث له عن مشاكل الوجبات السريعة.


ولكن ما هي خطورة السمنة عند إصابة الأطفال بها؟

للأسف إن الأطفال زائدي الوزن يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والسكري عند بلوغهم، كما أن تناول الوجبات السريعة بما تحتويه من دهون وتوابل يؤثر في كيمياء المخ ويؤدي إلى ضعف الذاكرة وخمول العقل ويسلب الإرادة فيصبح قرار التوقف عنها في غاية الصعوبة تماماً مثلما تفعل السجائر وعقاقير الإدمان. وتسهم الوجبات السريعة والجاهزة كثيراً في إصابة الأطفال بالربو، لخلوها من الخضر الطازجة والفيتامينات والمعادن، كما أن خلو هذه الأطعمة من الألياف الضرورية لانتظام الحركة الطبيعية للأمعاء يخلّ بوظيفتها، ويؤدي إلى اضطرابات في عملية الامتصاص. والبدانة التي تعتبر أول عرض لتناول الوجبات السريعة في طريقها بالفعل لأن تصبح السبب الأول للوفاة في بريطانيا، محتلة مكان التدخين.

يؤكد العلماء البريطانيون‏ في دراسة حديثة‏ أن الجيل الحالي من الأطفال في بريطانيا أكثر عرضة للأمراض الخطيرة؛ حيث إن 10% من الأطفال مصابون بالسمنة‏، و20% من الأطفال يعانون الوزن الزائد. وفي الولايات المتحدة تؤدي السمنة إلى وفاة 300 ألف شخص سنويًّا، وتأتي بعد التدخين الذي يتسبب في وفاة 400 ألف شخص.


أرقام خطيرة عن السمنة لدى الأطفال

أثبتت دراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية ان نسبة السمنة بين الأطفال بلغت على المستوى العالمي 3,3 في المئة وأن هناك تفاوتاً كبيراً بين الدول في تلك النسب بين الأطفال. ففي دول معينة، كتشيلي وأرمينيا والجزائر، على سبيل المثال، تتجاوز نسبة البدانة الـ5 في المئة في حين تتجاوز الـ15 في المئة في أوزبكستان.ومع انتشار مطاعم الوجبات السريعة والجاهزة في المنطقة العربية، ارتفعت نسبة البدانة فيها فبلغت بدانة الأطفال في مصر درجةً تدعو إلى القلق (15 في المئة) بعدما كانت 6 في المئة في ثمانينات القرن الماضي. كما تراوحت النسبة في منطقة الخليج العربي بين 16-20% ويعزو الباحثون السبب الى تناول الوجبات السريعة والجاهزة، والأكل بين الوجبات، وإهمال الخضر والفاكهة وعدم الحركة.


وما الحل إذا؟

طبعا الحل يتوقف أولا وأخيرا عليكي عزيزتي الأم: هذه النصائح نقدمها إليكي باختصار للوقاية من مخاطر زيادة وزن طفلك:
- شجعي طفلك على الإكثار من الحركة من جهة ولا تدعيه يجلس لساعات طويلة أمام شاشة التلفزيون والكمبيوتر وغيرها.

- عودي طفلك على ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، وخاصة الجري والمشي لمسافات طويلة وقيادة الدراجات والسباحة وكرة القدم .

- ضرورة عدم الخضوع لرغبات الطفل والامتناع عن تقديم الأطعمة التي توفرها مطاعم الوجبات السريعة للاطفال أو محاولة تقليلها بقدر الإمكان (مرة واحدة بالشهر مثلا).

- حاولي أيضا الامتناع عن تقديم المعجنات والحلويات والاستعاضة عنها بالفواكه.

- حاولي عند تحضير الطعام لطفلك ان يكون منخفض السعرات الحرارية، اذ يمكن استبدال الحليب ومشتقاته كامل الدسم بالمنزوع الدسم، وكذلك الحال بالنسبة لغير ذلك من الأطعمة التي يمكن ان تعتمد على الكثير من الخضار والحبوب الغنية بالألياف الغذائية.

ويجب أن تعلمي عزيزتي الأم إن الريجيم الخاص بالطفل لا يعني حرمانه من تناول الطعام أو تجويعه انما يعني بشكل أساسي تعديل طريقة تغذيته تدريجيا، فقد يكون صعباً منع الطفل من تناول الحلويات او المعجنات او الأطعمة الجاهزة كالشيبس والمشروبات الغازية وغيرها ولكنه لن يكون صعباً التخفيف من كمية هذه الأطعمة والمشروبات واستبدالها بالأغذية المفيدة التي تحافظ على صحة الطفل وتقيه من الامراض.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية