كانت وسائل الترفيه في الماضي تنحصر ببساطتها في اللهو البريء والقراءة الممتعة والرياضات المفيدة والألعاب الخالية من العنف والضراوة. ولكن تأتي تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين بما لا تشتهيه الأنفس. مابين الألعاب الالكترونية والفيديو جيم والكمبيوتر والتلفزيون والإنترنت. والتليفزيون ذلك الصديق الوفي لكل اسرة لا يستغنى عنه فرد ولا مجتمع وقد يعتبره البعض نعمة والبعض الآخر يجدونه نقمة وخاصة على الأبناء. ذلك الجهاز السحري هو ليس كما يعتبره البعض مجرد جهاز للترفيه وإنما هو أيضا جهاز تثقيفي تعليمي. بديلا للكتاب والمجلة والجريدة وأيضا الراديو والكاسيت.
ولكن مشكلة التليفزيون أنه سلاح ذو حدين فبالرغم من فوائدة التي لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها إلا أنه لا يخلو من الخطورة.
كيف يؤثر التليفزيون في أبناءك؟
تحذر الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال من أخطار التليفزيون على الأطفال وتتناول بكل صراحة جوانب الخطورة والتي يغفلها الكثير من الناس. وفيما يلي نعرض أهم النقاط التي يجب على الآباء والأمهات تداركها. فعندما يجلس أبنك أو ابنتك أمام جهاز التليفزيون يجب أن تضع النقاط التالية في اعتبارك:
إحذر الوقت الضائع:
ينصح الأطباء ألا يزيد وقت الجلوس أمام التليفزيون عن ساعة ونصف يوميا وفي الولايات المتحدة تتجاوز مدة مشاهدة الأطفال للتليفزيون أكثر من 4 ساعات يوميا وربما تزيد المدة في منطقتنا وخاصة في وقت الإجازات. وللأسف فإن تضييع الوقت أمام التليفزيون أو حتى ألعاب الفيديو والكمبيوتر قد يكون على حساب أشياء كثيرة مفيدة للطفل مثل القراءة و اللعب والرياضة والجلوس مع الأسرة والأصدقاء.
التليفزيون وزيادة الوزن، ارتباط وثيق:
أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يمكثون وقتا طويلا أمام التليفزيون يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن والأسباب كثيرة منها قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة بسبب الساعات الطويلة التي يقضيها بالإضافة إلى تناول المكسرات والوجبات الخفيفة والمشروبات دون اكتراث , كما أننا لا ننكر أيضا التأثير العكسي والسلبي للإعلانات على تغذية الطفل, فالطريقة المُغرية التي تتناولها إعلانات التليفزيون وخاصة فيما يختص بالأغذية الغير صحية كالمشروبات الغازية والحلوى والكاكاو تجعل الطفل تلقائيا يُلح في طلب تلك الأغذية مما يؤدي إلى زيادة الوزن.وقد أكدت دراسة علمية أجراها باحثون في جامعة "هيرتفوردشاير" ببريطانيا أن الأطفال دون السابعة الذين يشاهدون الكثير من إعلانات التليفزيون يكتسبون عادات سلوكية سيئة مثل الطمع والإلحاح في طلب السلع المعلن عنها في التليفزيون بصورة متكررة قد تزيد 5 مرات عن أولئك الذين يشاهدون عددا أقل من هذه الإعلانات. وذكرت هذه الدراسة أن الأطفال الذين تعرضوا لحملات إعلانات ألعاب الأطفال بشكل مكثف زاد طلبهم بشكل مثير عن طلبات أقرانهم الذين تعرضوا لنفس الإعلانات لفترة أقل، وأن أولئك الذين شاهدوا التليفزيون مع آبائهم كانوا أقل عرضة لتأثير الإعلان ولجشع المعلنين. وأظهرت الدراسة أن مشاهدة الإعلانات مع الأمهات أو الآباء قد تعدّل من هذه السلوكيات؛ لأن وجود شخص بالغ يمكن أن يساعد الطفل على تمييز الفرق بين الإعلانات والبرامج العادية.
ممنوع لأقل من سنتين ولا أكثر من ساعتين:
أثبتت الأبحاث الطبية أن مشاهدة الأطفال للبرامج الهادفة التثقيفية والتعليمية يزيد من معدلات الذكاء ومن مقدرة الطفل على القراءة وحل مسائل الرياضيات, وهذا جميل ولكن الدراسات أثبتت أيضا أن التليفزيون لا يفيد الطفل الذي يقل عمره عن السنتين إذ أنه من المفضل أن يقضى الطفل في ذلك العمر وقته في تنمية المهارات اللغوية والتفاعل الإيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه لتنمية سلوكياته الاجتماعية ومهاراته اللغوية. فتعلم طريقة التحدث واللعب مع الآخرين أكثر فائدة من مشاهدة التليفزيون.ولذلك توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بعدم تشجيع الأطفال أقل من سنتين على مشاهدة برامج التليفزيون حتى ولو كانت رسوم متحركة كما وأن المدة المسموح بها للأطفال فوق سن السنتين هي ساعتين على الأكثر يوميا.
أحذر العنف والجنس والتدخين:
كما وأننا لا ننكر مدى التأثير الخطير للتليفزيون على تصرف الطفل وخاصة عند مشاهدته مشاهد العنف أو الجنس أو التدخين أو شرب الخمور والتي قد لا يستطيع الآباء والأمهات منعها عنهم مما تؤدي تلك المشاهد إلى سلوكيات انحرافية وميل إلى العنف والانحراف الأخلاقي. وتبين أن الطفل الذي يجلس أمام التليفزيون 4 ساعات يوميا ممكن أن يشاهد حوالي 8000 عملية قتل حتى انتهاء مرحلة الدراسة الثانوية. وقد ثبت أن مشاهد العنف والقتل حتى وإن كانت أفلام كارتونية قد تولد الاحساس بالخوف والقلق والاكتئاب كما تؤدي إلى الكوابيس والأرق لدى الأطفال.
التليفزيون و القوى العقلية:
كما تبين أن المشاهدة المكثفة للتليفزيون تؤثر تأثيرا سالبا على القوى والوظائف العقلية التي تقف خلف التخيل الابتكاري بصورة عامة ، كما تؤثر على مستوى الوعي عند الأطفال وتكسبهم أنماطا من السلبية واللامبالاة، وأن الأطفال الذين يشاهدون التليفزيون لفترات طويلة يفقدون الإحساس بالزمن وعدم الحاجة أو الرغبة في ممارسة أية أنشطة عقلية أو حركية؛ وهو ما يساعد على نمو الإحساس بالبلادة والبطء الاستجابي والانفعالي.
هل ممكن أن نعيش بدون تليفزيون؟
دراسة للدكتورفتحي مصطفى تحت عنوان: "أثر إدمان الأطفال للتليفزيون على نموهم العقلي والمعرفي"، وذلك ضمن الأبحاث التي ناقشها مؤتمر "دور تربية الطفل في الإصلاح الحضاري -و بناء على تجربة أُجريت عمليًا على مجموعة من الأسر- أثبتت تلك الدراسة أن الأسرالعربية يمكن أن تعيش بدون تليفزيون، خاصة بعد الإيجابيات التي أظهرتها التجربة، وأهمها: بيت أكثر هدوءا والشعور الحميم بالتعاون الأسري. والمزيد من المساعدة من جانب الأطفال في أعمال البيت، وأداء الواجبات المدرسية على نحو كامل، والذهاب إلى الفراش مبكرًا. وفرصة أكبر لممارسة اللعب، وممارسة أنشطة الفك والتركيب. والمزيد من القراءة، وعلاقات أفضل بين الوالدين أنفسهما، وبينهما وبين الأطفال. وتزايد الزيارات الاجتماعية، وزيادة معدل الأنشطة المنزلية للأمهات، من حيث إعداد أفضل للوجبات، وحياكة الملابس، وتنظيف الأثاث، وترتيب البيت وتنظيفه وتجميله. وبالتالي يمكننا أن نعيش حياة أفضل بلا تليفزيون. ولكن يجب أن نكون واقعيين. ففي خضَم الفضائيات والأقمار المفتوحة والمشفرة وذلك الكم الهائل من المحطات الفضائية والبرامج نستطيع أن نجزم بأنه لا يمكن أن يعيش الانسان بدون تليفزيون. ولكن شيء من التقنين والتعقل مطلوب لمواجهة التحدي, ولذلك نعرض عليكم بعض التوصيات والنصائح التي قد تفيدكم في الحد من الإسراف في مشاهدة أبناءكم للتليفزيون.
نصائح للآباء والأمهات:
1.حدد وفت جلوس أبنك أو أبنتك أمام التليفزيون أو الكمبيوتر أو ألعاب الفيديو بحوالي ساعة إلى ساعتين يوميا . ولا تجعله يؤدي الواجبات المدرسية أمام التليفزيون, كما يُفضل عدم وضع التليفزيون في غرفة نوم الطفل.
2.تجنب التعامل مع التليفزيون كجليس أطفال، بل يجب أن يشارك الأهل أطفالهم في مشاهدة البرامج ومناقشتها معهم عند الحاجة؛وشرح الجوانب المفيدة في البرامج ومعاونة الأطفال على تجاوز جوانبها الضارة دون أن تترك بصمات سلبية على المخ أو الوجدان، وتزداد أهمية هذه المشاركة في حالة الأطفال الأصغر من عشر سنوات الذين قد يصعب عليهم – في براءتهم – التفرقة بين الحقيقة والخيال في البرامج؛ ومن ثَمَّ يزيد احتمال تضررهم عقليًّا أو وجدانيًّا.
3.- تشجيع الأطفال على القيام بنشاطات متنوعة تنمي قدراتهم العقلية والوجدانية كبديل لمشاهدة التلفزيون، خاصة بمشاركة الأهل لهم فيها.
4.اختيار الأهل للبرامج التي يشاهدها الأطفال، بالتوافق معهم، مع محاولة توجيههم للبرامج التعليمية وتجنب البرامج المحتوية على محتوى غير مناسب وتلك التي يتضارب توقيتها مع نشاطات الحياة العادية (مثل الواجبات والدراسة)، وإذا تعذر هذا التوافق، فيجب أن يجد الأهل وسيلة تمنع الأطفال من تشغيل جهاز التلفزيون دون رضاهم.أو تشفير المحطات الغير مرغوب في مشاهدتها.
5.تجنب تناول الطعام، أو الوجبات الخفيفة، أمام التلفزيون.
6.لا تتوقع أن يقاوم طفلك مغريات الإعلانات, وخاصة إعلانات الألعاب والحلوى والكاكاو والمشروبات الغازية. عَلم طفلك أن الهدف من الإعلانات التجارية هو جعل الناس يشترون ما لا يحتاجونه.