تستطيع التفجيرات النووية فوق الغابات والأراضي المغطاة بالحشائش أن تؤجج نيرانا حامية وواسعة النطاق. لكن يصعب تقدير نتائج مثل هذه الحرائق لأسباب منها: الرطوبة، ومحتوى وكمية الوقود النووي، وأخيرا سرعة الريح الناتجة عن الانفجار النووي. ورغم أن الحرائق الهائلة المتسببة عن تفجيرات نووية يمكن أن تكون محصورة في منطقة التفجير المباشرة المعرضة آنيا للبرق الحراري الخاطف والشديد الحرارة، لكن حرائق أكبر وأكثر خطرا قد تنجم عن تفجيرات متعددة ومتبادلة ليست محصورة في مناطق معينة، بل تتساقط فوق أهداف مبعثرة منتشرة هنا وهناك عسكرية الطابع، ولاسيما مخابيء (سايلبوات) الصواريخ النووية بعيدة المدى.

 

تعتمد كمية الدخان النهائية الناجمة عن أية حرب نووية على عوامل منها: الحصيلة النهائية الكلية للأسلحة النووية التي يتم تفجيرها فوق نوع خاص من الأهداف، وعلى كفاءة التفجيرات في تأجيج الحرائق، وعلى متوسط المساحة المشتعلة لكل ميغاطن (مليون طن) من الوقود النووي، وعلى معدل كمية المواد القابلة للاضطرام بالنيران، وعلى نسبة كمية الدخان الناتج إلى كمية الوقود المحترق، وأخيرا على جزء الدخان الذي ينجح في دخول دورة الهواء الكونية بعد تعرض الدخان لأمطار تتساقط محليّا مزيلة جزءا منه. فعند الأخذ بعين الاعتبار كل هذه المتغيرات في حالة نشوب حرب نووية تستهلك أربعين بالمائة من مجموع المخزون الإستراتيجي لدى القوتين العظميين فقط، أمكن حساب كمية ما ينبعث من دخان كحصيلة لمثل هذه الحرب فوجد أنها تساوي بل وتتجاوز المائة مليون طن متري. هذا ويعتبر بعض الباحثين هذا التقدير على درجة من التواضع. وبدل هذا الرقم يقترح هؤلاء الخبراء ثلاثمائة مليون طن. إن المائة مليون طن من الدخان لو قُدّر لها أن تنتشر بانتظام كسحابة فوق مجمل الكرة الأرضية فإنها ستحجب ضوء الشمس الساقط على الأرض بمقدار خمسة وتسعين بالمائة (95%). ومعلوم أن أول السحب الدخانية لن تغطي الفضاء المحيط بالأرض كلية، لكن مناطق واسعة من نصف الكرة الشمالي وخاصة أهداف الضربات المركزية ستكون أشد حلكة حتى أن الضوء في منتصف النهار يكون شبيها بضوء الليالي المقمرة... وأيام مظلمة بهذا الشكل وإذا ما استمر الظلام فيها لأسابيع أو لشهور، فإن العاقبة المحتومة هي حصول كارثة بالنسبة للطقس: كارثة الشتاء النووي.

 

التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي.

كاتب وأكاديمي عراقي
حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الفلبين ، دولة الفلبين ، دليمان، قسم علم الانواء الجوية وعلم المحيطات. عضو هيئة تدريس في قسم علم الغلاف الجوي - كلية العلوم- جامعة الفاتح - الجماهيرية العربية الليبية 1998-2011 . وعضو هيئة تدريس وباحث في مركز علوم البحار من 2012 الى الوقت الحالي. من مؤلفاته: تاليف قاموس مصطلحات الأنواء الجوية انكليزي عربي، وفيزياء الغلاف الجوي. له مجموعة من البحوث المنشورة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية