تعد ظاهرة الوهج القطبي Aurora من أقدم الظواهر الجوية التي شاهدها الإنسان. وقد ظهرت العديد من التفسيرات لها كان قسم من تلك التفسيرات خياليا. ومن أجل أن نسلط الضوء على تلك الظاهرة وتفسيرها لا بد لنا أن نستعرض أولا ماهية الغلاف الجوي.
الوهج القطبي Aurora
إن كوكب الأرض محاط بغلاف جوي (يتكون من غازات، بخار ماء، هباء جوي) يمتد إلى آلاف الكيلومترات مشكلا السماء التي نراها، ونتيجة للتوازن بين قوة جذب الأرض على الغلاف الجوي وقوة اندفاع الهواء باتجاه الفضاء الخارجي يبقى الغلاف الجوي محيطا الأرض والسماء مرفوعة، وصدق الله العظيم الذي يقول في كتابه الكريم (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها) سورة الرعد/2. ونظرا لاختلاف مكونات الغلاف الجوي من سطح الأرض إلى الفضاء الخارجي وفي درجة الحرارة فقد قررت منظمة الأنواء الجوية WMO تقسيم الغلاف الجوي كما هو مبين في صورة المقطع الرأسي للغلاف الجوي إلى أربع طبقات وهي:
1- طبقة الغلاف الجوي المضطرب Troposphere
2- طبقة الغلاف الجوي المستقر Stratosphere
3- طبقة الغلاف الجوي الوسطى Mesosphere
4- طبقة الغلاف الجوي الحرارية Thermosphere
وعند قمة كل طبقة تسمى:
1- الطبقة الانتقالية الأولى Tropopause
2 - الطبقة الانتقالية الثانية Stratopause
3- الطبقة الانتقالية الوسطى Mesopause
4- الطبقة الانتقالية الحرارية Thermopause
1- طبقة الغلاف الجوي المضطرب Troposphere
وهي الطبقة القريبة من سطح الأرض تمتد من سطح الأرض إلى متوسط ارتفاع يبلغ 11 كم وهي الطبقة المؤثرة في جميع تغيرات المناخ وهي التي تحصل بها كل الظواهر الجوية الأنوائية (غيوم أمطار ضباب رياح ........إلخ) وتقل درجة الحرارة فيها مع الارتفاع لتصل تقريبا إلى (- 60) درجة مئوية
2- طبقة الغلاف الجوي المستقر Stratosphere
وهي الطبقة التي تلي طبقة الغلاف الجوي المضطرب بعد الطبقة الانتقالية الأولى Tropopause والتي تمتد تقريبا إلى ارتفاع 50 كم فوق سطح الأرض. تتميز هذه الطبقة باستقرارها التام أي لا تحصل فيها ظواهر جوية كما أن بخار الماء يكاد أن ينعدم فيها. تحتوي هذه الطبقة على غاز الأوزون وهو الغاز الذي يخلصنا من الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس بعد أن يمتصها، وبذلك تعمل الطبقة المستقرة كحزام واقٍ يجنب الكائنات الحية مضار الأشعة فوق البنفسجية. من خصائص هذه الطبقة زيادة درجة الحرارة مع الارتفاع لتصل إلى (0) م0 كما في صورة المقطع الرأسي للغلاف الجوي.
3- طبقة الغلاف الجوي الوسطى Mesosphere
وهي الطبقة التي تلي طبقة الغلاف الجوي المستقرة بعد الطبقة الانتقالية الثانية Stratopause حيث تتداخل هذه الطبقة من الأسفل مع الطبقة المتأينة التي سوف نشرحها لاحقا ومع الجزء الأسفل للمنطقة التي ترصد بها بعض الأحيان ظاهرة الوهج القطبي. يمتد ارتفاعها من 50 إلى 85 كم فوق سطح الأرض. وهي مثل طبقة الغلاف الجوي غير المستقر حيث تزداد درجة الحرارة مع الارتفاع. تحت الظروف الطبيعية تركيز الجزيئات في الغيوم قليل لدرجة من النادر مشاهدة الغيوم من على الأرض. لكن بعض الأحيان غيوم الطبقة الوسطى عند الشفق يكون ضوء الشمس مازال في الأفق بينما الجزء الأسفل من الغلاف الجوي يكون في ظل الأرض. تحت هذه الظروف تشاهد هذه الغيوم من الأرض كغيوم مضيئة Noctilucent cloud
الغيوم المضيئة Noctilucent cloud
4- طبقة الغلاف الجوي الحرارية Thermosphere
وهي الطبقة التي تلي الطبقة الوسطى بعد الطبقة الانتقالية الوسطى Mesopause حيث تمتد من ارتفاع 85 كم إلى ارتفاع 200كم فوق الأرض وتتراوح درجة حرارتها من -90 الى 60 درجة مئوية اعتمادا على مقدار النشاط الشمسي، وتعود الزيادة في درجة الحرارة هذه إلى امتصاص المكونات الجوية في هذه الطبقة للأشعة فوق البنفسجية التي تتميز بطاقتها العالية والتي تسمى ( (XUV أو (EUV) كما أن الجسيمات العالية الطاقة يمكن أن تنفذ في المجال المغناطيسي للأرض وتتفاعل مع الجزء العلوي للغلاف الجوي مكونة حرارة إضافية.
ولتفسير ظاهرة الوهج القطبي لابد من معرفة بعض الشيء عن الشمس
الشمس هي كرة هائلة من الغاز يفوق حجمها وكتلتها حجم وكتلة الأرض مئات المرات، وكثافتها حوالي ربع كثافة الأرض، ويتكون الغلاف الجوي للشمس من ثلاث طبقات رئيسة هي الطبقة المرئية (الفوتوسفير) والطبقة الملونة (الكرموسفير) والإكليل (الكورونا) وفي الأحوال العادية عند رصد الشمس في وقت الشروق أو الغروب بالعين المجردة؛ فإننا نرى طبقة الفوتوسفير، أما الطبقتان الأخريان فلا يمكن رؤيتهما.
وبالرغم من بعد طبقة الإكليل عن سطح الشمس إلا أن درجة حرارتها تزيد عن المليون درجة، بينما درجة حرارة سطح الشمس لا تتجاوز ستة آلاف درجة، وهذه الحرارة العالية للإكليل تجعل المواد المكونة للإكليل في حالة بلازما ويتحول الهيدروجين والهليون، وهما المكونان الأساسيان للشمس، إلى أيونات موجبة وبروتونات وإلكترونات ذات سرعات حرارية عالية، مما يمكنها من الهروب من الإكليل إلى الفضاء الخارجي رغم جاذبية الشمس العالية جدًّا.
هذه الدقائق المشحونة الهاربة من إكليل الشمس تسبح في الفضاء الخارجي لمسافات طويلة؛ حتى تتجاوز أبعد كواكب المجموعة الشمسية (بلوتو) ثم إلى فضاء ما خارج المجموعة الشمسية، وهي ما تسمى بالرياح الشمسية، وتتوقف سرعة هذه الرياح ومكوناتها وكثافتها على حالة الشمس؛ فهي في حالة هدوء النشاط الشمسي تكون لها سرعة متراوحة بين ثلاثمائة وستمائة كيلومتر في الثانية، وكثافة تتراوح ما بين 1 و10 جسيمات لكل سم3 وفي حالة هدوء النشاط الشمسي، ونتيجة لحدوث الانفجارات الشمسية في الغلاف الجوي للشمس فإن سرعة هذه الرياح تزداد إلى ألف كيلومتر في الثانية، كما تتضاعف كثافتها، وتتغير نسب مكوناتها.
هذه الرياح الشمسية بدقائقها المشحونة، وهي تشابه أشعة ألفا وبيتا الناتجة من الانفجارات الذرية والنووية على سطح الأرض، أي أنها أشعة مهلكة لكل صور الحياة على الأرض.. ولولا رعاية الله ورحمته لهذا المخلوق الضعيف الذي خلقه وهو الإنسان؛ لكان الجنس البشري وما يحيط به من بيئة حية في خبر كان. وتتجلى عظمة الله ورحمته بأن خلق حول الأرض درعا مغناطيسيًّا، لا يمكن لهذه الدقائق المشحونة أن تخترقه، بل تدور حوله إلى أن تذهب بعيدًا عن الأرض... هذا الدرع هو طبقة المغناطيسية (MagnoSphere) أو ما يسمى بحزام "فان ألن".
وفي حالة حدوث انفجار عنيف في الشمس فإن سحابة من الدقائق المشحونة تتحرك إلى الفضاء الخارجي هاربة من جاذبية الشمس، وإذا كانت الأرض في مسار هذه السحابة فإنها تصلها بعد يومين أو ثلاثة ثم تنكسر هذه السحابة على طبقة المغناطيسية للأرض ولا يصل إلى سطح الأرض منها شيء سوى قليل جدًا إلى طبقات الجو العليا بالمناطق القطبية، ويؤدي إلى إضاءة السماء في هذه المناطق لعدة أيام وهو ما يسمى الوهج القطبي (Aurora) كما في الصور (1- 10) التالية.
صوره رقم (1)
(صوره رقم ( 2
صوره رقم (3)
صوره رقم (4)
صوره رقم (5)
صوره رقم (6)
صوره رقم (7)
صوره رقم (8)
صوره رقم (9)
صوره رقم (10)