لم ينتظر مولود حمروش رئيس الحكومة الأسبق في بداية التسعينات نهاية مهلة جمع التوقيعات المقدرة بخمسة و سبعين ألف توقيع موزعة على خمسة و عشرين ولاية على الأقل حتى قرر الإنسحاب من سباق الرئاسيات المزمع إجرؤها في 08 أبريل من هذا العام .سبب إنسحاب مولود حمروش أوعزه إلى كون اللعبة الإنتخابية قد أغلقت لصالح مرشح واحد هو الرئيس عبد العزيز بو تفليقة ،و كان قرار إنسحاب مولود حمروش كما قال جاء بعد تفكير عميق و تحليل للواقع السياسي الجزائري و بعد أن لمس نية مبيتة في أن عبد العزيز بوتفليقة سيعمل كل ما في وسعه ليظفر بعهدة ثانية خصوصا و أن جل الوزراء في حكومة أحمد أويحيى أظهروا و من غير مواربة تدعيمهم المطلق للرئيس عبد العزيز بو تفليقة مما يعني أن مسألة إختيار الرئيس قد حسمت و الإنتخابات الرئاسية قد تمت و ما بقي هو فقط مجرد بروتوكول شكلي ليس إلا.
لكن على رغم إعلانه الإنسحاب المبكر من اللعبة الإنتخابية الرئاسية فلا يزال متمسكا بالعمل داخل المجموعة عشرة بعد أن كانت عشرة زائد واحد قبل أن تنسحب حركة حمس وتنضم لحلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .والمجموعة العشرة بعد أن تبين لها أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيجند كل وسائل الدولة في خدمته .. ودليلهم الزيارات التي يقوم بها لولايات الوطن ،والتي تندرج ضمن الحملة الإنتخابية المبكرة .على عكس المرشحين الآخرين الذين سحبوا استمارات الترشح ،و لا يزالون يعانون جمع التوقيعات.مولود حمروش سبق الجميع في إعلان انسحابه وقد يلتحق به آخرون لو بقي الوضع السياسي على ما عليه .. لكن ليس الآن ولكن بعد أن يفصل المجلس الدستوري في ترشح الشخصيات الحرة. لأن هذه الشخصيات تريد أن تدخل الحملة الإنتخابية من أجل كسر الحاجز السلطوي والوصول إلى الشعب .. وتبيين ما اصطلحت على تسميته بخر وقات الرئيس الدستورية.وبما أن الجيش قد فصل في أمر حياده فإن اللعبة الإنتخابية قد تأخذ منعرجا آخر على عكس ما هو مسطر اليوم لدى المجموعة التي تدعم عبد العزيز بوتفليقة.وقد يكون كتاب ابن شيكو مدير جريدة "le matin"بوتفليقة بهتان جزائري" الذي يكشف حقيقة شخصية عبد العزيز بوتفليقة التسلطية يدخل ضمن هذه المهمة من أجل الإطاحة به .وهناك سيناريو قد يلجأ إليه المرشحون في حال ما أراد بوتفليقة التفرد بالإدارة لصالحه.وهذه المرة الإنسحاب قد لا يكون عشية الانتخاب ولكن في بداية الانتخاب ولكن قبل إتمام تنفيذ الخطة التي لا تخرج عن التشهير به والبرهنة على أن هذه الإنتخابات مجرد فبركة وأول بنود هذه الخطة قد نفدها مولود حمروش .
لجان المساندة .. هل تعني فوز بوتفليقة؟
ليس صحيحا في أن كل المساندين لعبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثانية هم على يقين بأن المعركة ستحسم لصالح عبد العزيز بوتفليقة وبالتالي لصالحهم ،ولو أن الأغراض الشخصية هي التي دفعت بهذه اللجان نحو المساندة لعل وعسى يكون لهم نصيب في الكعكة بعد فوز بوتفليقة .وكون هذه اللجان دائما مع توجهات السلطة ومع الواقف.. فهي لا تدري بأن الموازين قد تختل ويجدون أنفسهم خاسرين إذا لم يكونوا كالشاة العائرة بعد ذلك.وهناك تحاليل وقراءات تقول أن عبد العزيز بوتفليقة يعيش أيامه الأخيرة في الحكم.. لأن تجديد ولاية ثانية معناه الدفع بالجزائر نحو مشاكل لا حسر لها .. وهذا ما تسعى إليه مجموعة العشرة من أجل فضح ممارسات الرئيس وخروقاته للدستور .خصوصا وأن المؤسسة العسكرية قد أعلنت الحياد التام مما يعني اللعب سيكون على المكشوف .ويبدو أن بوتفليقة شخصيا قد فهم الرسالة من الجيش عندما بدأ حملته مبكرا مسخرا في ذلك التلفزيون ووسائل الإعلام الثقيلة العمومية لصالحه.وحتى التحالف الأخير بين حمس والتجمع الوطني الديمقراطي.. والحركة التصحيحية لجبهة التحرير الوطني بقيادة وزير الخارجية عبد العزيز بلخادم وإن يرمي إلى الوقوف إلى جانب عبد العزيز بوتفليقة وبرنامجه .. فهو في الواقع برهنة على أن الديمقراطية في الجزائر عند هؤلاء لا تزال مجرد حكايات في الصالونات.. وما يفهمونه سوى الاتكاء على الحائط الواقف.ولأن اللعبة مغلقة كما يقول مولود حمروش قد يكون وراء تحالف الجميع إلى جانب عبد العزيز بوتفليقة. والأصل أن الجميع تعالف.. بغرض شخصاني لا دخل للمصلحة العليا فيه.
طالب الإبراهيمي .. المرشح القوي
ولو أن اللعبة مغلقة بإحكام مسبقا يبقى حديث الشارع ،ومخابر صناعة القرار في الجزائر عن الشخصية المثقفة نجل الشيخ البشير الإبراهيمي يأخذ حصة الأسد أمام كل المرشحين .فلا أحد له القدرة على الوقوف الند للند أمام عبد العزيز بوتفليقة سوى الدكتور طالب الإبراهيمي .فالرجل يحمل رصيدا شعبيا كبيرا .. وحظوة لا بأس بها في الخارج .. في فرنسا وأمريكا.وهذا ما يعزز مكانته الإنتخابية في 8أبريل .وتقول نتيجة سبر للآراء أجريت أن طالب الإبراهيمي هو رئيس الجمهورية لخمس سنوات القادمة..لو أجريت الإنتخابات في جو ديمقراطي ،و لم تتدخل قوى تزويرية.ويكفي أن الدكتور طالب الإبراهيمي قد حاز على المرتبة الثانية وهو منسحب في انتخابات 1999 .وهو الشخصية الوحيدة بعد ابن افليس الذي أعلن عن ترشحه لرئاسيات 8 أبريل مهما كان الثمن على عكس مولود حمروش الذي غادر الملعب قبل الوصول إليه لأن اللعبة مغلقة والانتخابات قد حسم في أمرها.
الخارطة الرئاسية....
ستعرف الساحة السياسية خليطا من البرامج ومن الشخصيات من كل الأطياف الأديويلوجية.. فمن الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي المقرب من الإسلاميين والوطنيين.. وابن افليس الوطني والذي يملك رصيد جبهة التحرير الوطني .. وعبد الله جاب الله الذي يمثل نسبيا التيار الإسلامي ولو أن الناخب يعرف حجم الرجل من الناحية الاحترافية لأن رئاسة الجمهورية ليس بالشيء الهين خصوصا في الظرف الحالي والتطورات العالمية..كذلك لويزة حنون التي تحالفت مع التجمع الوطني الديمقراطي من أجل جمع التوقيعات وهي تمثل التيار المشاكس الذي يجعجع من غير طحين .. إلى سعيد سعدي الممثل للتيار الديمقراطي اللائكي. جميع هذه الوجوه ستواجه عبد العزيز بوتفليقة .. وإذا ما كان هناك الدور الثاني فعبد العزيز بوتفليقة سيخسر لا محالة .. لأن التحالف الحقيقي سيبدأ في تلك اللحظة .. ولكن من سيكون في الدور الثاني من المجموعة ؟.إذا لم تكن اللعبة مغلقة فطالب الإبراهيمي مرشح لكي يكون في الدور الثاني .. وقد يفوز في الدور الأول .. أما لو كانت اللعبة مغلقة فالجميع سينسحبون ويتركون الساحة .. وسيكون لهذا الأمر حديث .لأن فصل القلاقل والاضطرابات لا قدر الله سيبدأ بعد الإنتخابات.. لو تمت اللعبة وهي مغلقة لصالح مرشح واحد.