سامع صوت المكن الداير
بيقول لينا كفاية مزلة
نفس الصوت اللى في حلوان
بيقول صح النوم يا محلة
مصطفى زكي
حين كنا طلبة على مقاعد الدراسة في مارس 1975 حدثت انتفاضة المحلة وكنا نتابع أخبار المحلة وسمعنا عن أسماء قادة كبار للطبقة العاملة مثل شوقى أبو سكينة وحمدي حسين وغيرهم من القادة النقابيين والعماليين الذين نفخر بهم وبنضالاتهم المشرفة. ومنذ ذلك التاريخ أصبحنا نتابع أخبار المحلة الكبرى قلعة الصناعة المصرية كمدرسة نضالية كبيرة في تاريخ الحركة الوطنية والعمالية تعلمنا منها ولا نزال الكثير من الخبرات المتميزة. حين اندلعت الانتفاضة الفلسطينية كانت قلعة الصناعة المصرية من أوائل المدن المصرية التى شكلت لجنة لدعم الانتفاضة الفلسطينية وكانت تساهم في قوافل الإغاثة التى نظمتها اللجنة الشعبية لدعم الصمود الفلسطينى ونظمت عدة احتفاليات للتضامن في المحلة ، وحين تشكلت المجموعة المصرية لمناهضة العولمة كانت أيضاً المحلة الكبرى في طليعة المدن التى كونت فرع تابع للمجموعة المصرية لمناهضة العولمة بجهود مخلصة من الرفيق حمدى حسين وزملائه وعقدت عدة ندوات بهذا الشأن لتؤكد لنا أن الطبقة العاملة المصرية وقلعتها الصناعية وقادتها ليسوا بعيدين عن قضايا الوطن وهموم الأمة العربية وليسوا بعيدين عن قضايا العولمة وأهمية التضامن الأممى لمواجهة العولمة الرأسمالية المتوحشة.
ورغم أن التحركات في القضايا الوطنية هى الشغل الشاغل لمثقفى القاهرة والتي يعتبرونها كل شئ حتى دعى الصديق سامح سعيد عبود منذ شهور لتكوين لجنة للتضامن مع الشعب المصرى أسوة بلجان التضامن مع شعبي فلسطين والعراق.ولم يهتم الكثير من أفندية القاهرة بدعوة سامح سعيد لأنه لا صوت يعلو على صوت المعركة ، ولكن المحلة الكبرى لا تزال تنبض بالحياة فبادرت إلى تكوين " اللجنة الديمقراطية لحماية الفقراء " بتحالف واسع من كل القوى الوطنية والديمقراطية في المحلة الكبرى. وأصبح حمدي حسين وشوقى أبو سكينة ومصطفى فودة ومحمد الكحلاوى يتحركون مع أعضاء اللجنة من كافة القوى الوطنية لأجل حماية الفقراء في المحلة.
وكما يعكس أسم اللجنة ( الديمقراطية ) فهى مفتوحة لكل القوى الوطنية الديمقراطية بالمحلة وهى تتخذ كافة الوسائل والأساليب للدفاع عن الفقراء. وقد دعت اللجنة في اجتماعها الأخير إلى تنظيم مسيرة شعبية ضد ارتفاع الأسعار وتنظيم إضراب عن الطعام لوقف الغلاء الذى يكوى الفقراء في كل ربوع مصر ولكنه بعيد عن أضواء القضايا الوطنية الكبرى التى يهتم بها الأفندية.
بذلك كانت المحلة الكبرى سباقة إلى هذا الشكل الجماهيري الجديد ، كما كانت سباقة للمشاركة في لجنة دعم الانتفاضة ومجموعة مناهضة العولمة لتؤكد أن الوعى الطبقى كل لا يتجزأ . ولكن ليسمح لى الزملاء في اللجنة بإبداء بعض الملاحظات على الشعارات المرفوعة والتحركات المرتقبة ومنها:
ـ إن الغلاء الذى نكتوى بناره ليس من صنع الحكومة الحالية فقط وليس من صنع الحكومات السابقة ولكنه سياسة رأسمالية ينفذها النظام التابع والراكع أمام عتبات منظمات التمويل الدولية ، ولن يحلها خروج عاطف عبيد وقدوم على عبيد أو محمود عبيد فالمهم هو تغيير السياسات وليس الأشخاص . فقد خرج على لطفى وجاء عاطف صدقى وخرج ليأتى الجنزورى ثم عاطف عبيد ولكن السياسات واحدة لم تتغير.
ـ لقد تأثرت دخولنا بتخفيض قيمة الجنيه المصرى فهل تمت زيادة المرتبات والمعاشات بنفس المقدار ؟! وما هى قيمة أجورنا الحقيقية ( أى قيمة ما نشتريه من سلع وخدمات بنفس الأجر ) في الوقت الحالى؟وهل يمكن أن نقترح نسبة لزيادة الأجور تتناسب مع معدلات التضخم الحقيقى وليس التضخم المعلن ( البيانات المضروبة ) التى تقدمها الحكومة؟ ولنحسب إذا كانت المائة جنيه تساوى عشرة كيلو لحمة عام 1990 مثلا فإن المفترض لكى نعيش عند نفس المستوى أن من كان يحصل على مرتب مائة جنيه يحصل على مائتين وخمسين جنيه ليعيش عند نفس المستوى الذى كان عليه منذ 14 سنة وهكذا.
ـ هناك بعض القضايا الهامة المثارة مثل قضية رغيف الخبز وقضية أنابيب البوتاجاز وقد قررت اللجنة تشكيل لجنة لمقابلة رئيس مجلس مدينة المحلة بهذا الشأن وهى خطوة هامة وضرورية ولكن هل يمكن تشكيل لجان لمراقبة الأسعار في الأحياء والمربعات السكنية ، أو لجان لحماية المستهلك ومراقبة الأفران ومخازن توزيع البوتاجاز ونعد قوائم بتجار السوق السوداء والمتاجرين في قوت الشعب ؟ هل يمكننا تشكيل جمعيات تعاونية جديدة تساهم في توفير السلع بأسعار في متناول الفقراء ومحدودى الدخل ؟ هل يمكننا تشكيل لجان للرقابة على الجمعيات التعاونية القائمة وضمان عدالة توزيع السلع المدعمة وعدم تسربها للسوق ؟
ـ إن الدفاع عن الفقراء لا يقتصر على مشاكل الأجور والأسعار ولكنه يمتد لتحسين شروط الحياة في المناطق العشوائية المحيطة بالمحلة وضمان توصيل المرافق والخدمات لها.
ـ كما أنه يتضمن الرقابة الشعبية على التعليم والصحة والمرافق البلدية وفحص شكاوى المواطنين واتخاذ كافة الوسائل اللازمة لتبنى هذه القضايا.
ـ كذلك فإن التصدى لسياسات الخصخصة وإغلاق مصانع القطاع الخاص هو مهمة لمكافحة الفقر فالتضامن مع عمال مصنع أبو السباع أو الصميلى هو دفاع عن عمال هذه المصانع ضد الفقر والإفقار.
ـ إن قضية البطالة وتنظيم حركة مشتركة بين العاطلين هو مهمة من مهام مواجهة الفقر ، وربما يمكن تنظيم مشاريع جماعية للشباب والبحث عن تمويل لها من الصندوق الاجتماعى أو جهات التمويل المختلفة بما يساهم في مواجهة البطالة والفقر ، هل يمكن تجميع العمال الذين خرجوا للمعاش المبكر وبحث المشاكل التى يواجهونها وأساليب المواجهة الممكنة.
ـ إن الإضراب عن الطعام وسيلة من وسائل التعبير الهامة ولكن في قضية الغلاء قد لا تكون أكثر الأشكال ملائمة للمواجهة فالنظام الذى يستورد علف الحيوان ليصنع منه الخبز والذى يرفع أسعار الدواء كل شهر لن يتأثر كثيرا بالموت جوعاً فهذا يسعده ويقلل من عدد السكان الذى يشكو منه . بينما التشهير بتاجر فاسد أو مفتش تموين مرتشى قد يكون أكثر فائدة للقضية وربما يكون البيان أو الملصق أو النشرة الإعلامية أكثر تأثيراً من الإضراب والتظاهر التى هى وسائل هامة وضرورية ولكن لا يجب الإكثار منها والتساهل في استخدامها دون توافر القوى اللازمة بجعلها إضرابات ناجحة ومظاهرات مؤثرة.لنبحث عن وسائل الدفاع طويلة الأمد بعيدا عن الأساليب العالية الصوت التى قد تستنفذ القوى وتستفذ النظام وتطور المواجهة قبل أن تنضج التجربة .
ـ إن اللجنة بحاجة إلى جمع الدراسات والبحوث التى تمت عن الفقر والغلاء والتضخم في مصر والاستفادة منها في تحركاتها القادمة لكي تمتلك المادة التى يمكن أن تستخدمها في حركتها .ونشر الوعي بالقضية بمختلف الوسائل حتى يمكن تجميع وتحريك الرأى العام للمواجهة الجماعية.
ـ هل الأفضل أن تظل اللجنة تعمل على مستوى المدينة أم يمكن تكوين فروع لها في المصانع والمناطق السكنية ؟! هذا سؤال لا يمكن أن يجيب عليه سوى أعضاء اللجنة فأهل المحلة ادرى بشعابها !!!
إن حماية الفقراء هى قضية كل المهتمين بشئون الوطن وتحسين مستواه وبدون مكافحة الفقر يصبح التغيير صعب المنال فالجوع يقتل الحرية ولكن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة.فتحية لعمال المحلة طليعة للفقراء في مصر والقدوة التى نقتدى بها .