يبدو ان وزارة والتربية أخذت تتعامل مع مناهجها كما تتعامل الشركات المتخصصة في
تأليف كتب تعليم إستخدام برامج الكمبيوتر وذلك لكثرة النسخ والتعديلات التي تطرأ على مادة هذه الكتب نظراً لتسارع عمليات التطور التكنولوجي والتغير السريع في نوعية التطبيقات التي يستحدثها مصنعوا البرامج على برامجهم ، فوزارة التربية قبل فترة قصيرة فاجأت الجميع بحذف وتعديل بعض مواضيع مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية تكيفاً مع متطلبات المرحلة وحرصاً على عقول النشء من التلوث بالأفكار المنحرفة كما تعتقد أو كما يعتقد المسؤولون على هذه الوزارة طبعاً !! لكن الغريب في الموضوع أنه وبعد فترة لم تتجاوز البضعة أسابيع أكلمت وزارتنا الموقرة مسلسل التعديل والتنقيح على مناهجها حيث قامت بإلغاء الجزء المتعلق بالغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت في عام 1990 من منهج مادة الإجتماعيات وجعله للقراءة فقط !! ، إنني لا أجد تبريراً منطقياً واحداً لمثل هذا التصرف الغريب من وزارة التربية وفي هذا الوقت بالذات إلا أنه من باب إذابة الخلافات بين الكويت وجارة الشمال ( العراق ) والعمل على بدء صفحة جديدة من العلاقات الخارجية بين البلدين ، ولكن معذرةً ، إن التاريخ ليس كعكة إسفنجية نقتطع منها ما نشتهي أو ما تشتهيه مصالحنا ونرمي ما سوى ذلك ، إنما التاريخ هو كتاب مفتوح يحمل بين طياته صفحات الخير والشر والعدل والظلم والأفراح والأحزان كل على حد سواء ودون محاباة لفئة أو طائفة أو مذهب ، ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يمزق بعضاً من فصول هذا الكتاب تماشياً مع مصالحه وأهوائه الخاصة .
ولكن السؤال الأهم هو هل تكون إعادة العلاقات بين الكويت وجارتها على حساب الحقيقة والتاريخ وأن نضحك على ذقون أطفالنا من خلال إلغاء فصول تتعلق بحقبة تاريخية مفصلية من تاريخ الكويت المعاصر ، ولكن مهلاً يا رفاق هل ألغت فتنام من دروس أبنائها حربها الضروس ضد الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إعادة العلاقات بين البلدين وهل تخلت اليابان عن ذكر تفاصيل قنبلتي هيروشيما وناكازاكي في مناهجها التربوية لإعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين أم أن كل هذه الدول أبقت التاريخ كما هو بحلوه ومره مفتوحاً وواضحاً للجميع دون قص أو لصق أو تعديل وأعادت علاقاتها الدبلوماسة دون أن تمس شعرة من صفحات التاريخ .
إن كانت وزارة التربية تعتقد أنها قد ألغت تاريخ الغزو من أذهان أطفالنا بإلغائها المقرر المتعلق بالغزو العراقي على دولة الكويت من مناهجها فإن أبناء الكويت المخلصين لن يلغوا من واجباتهم تعليم أبنائهم التاريخ وإطلاعهم على الحقيقة حتى يأخذوا العبرة والعضة من التاريخ وأن يستفيد الصغار من أخطاء الكبار ، إنني لا أستبعد في الفترة القادمة أن تلغي وزارة التربية من مناهجها نكسة 1967 وهزائم الهجوم الثلاثي على مصرفي عام 1956 لأن ذلك ربما قد يضر بالوحدة العربية !! ، إن السياسة الترقيعية التي تتبعها وازرة التربية مع المناهج ستؤدي بدورها إلى تأسيس جيل من الشباب ذو معلومات ركيكة ومهزوزة وتخلق هذه السياسة كذلك أزمة من عدم الثقة بين الطالب والمؤسسات التعليمية حيث أنه سيلاحظ أن المناهج التربوية تلغي أمور هي في واقع الأمر حقيقة لا يختلف عليها إثنان أبداً ، إن على وازرة التربية أن تعيد دراسة تعديلاتها على المناهج وفق أسس علمية صحيحة ودراسة متأنية متفحصة بدلاً من التعديل والتغيير كلما إستدعت الظروف والأهواء ذلك .