يبدو أن الرئيس الأسبق أحمد بن بلة اهتدى إلى أن المصالحةالوطنية الشاملة التي هي من صلب قناعته منذ أن حل حزبه الأمديا،كتعبير عن عدم رضاه عن الحالة العامة للعمل الحزبي و المعارضة الجزائرية،وكذا عن المسلك العام للسلطة الفعلية أنذاك في تبنيها للخيار الإستئصالي،ولنهجها النهج غير العقلاني في تعاملها مع المعضلة السياسية في عمومها،بأخذها لقرارات هي عند العقلاء كعبد الحميد مهري على وجه التحديد من فضلات التاريخ المتجاوز عنه.يجب أن تنطلق من أناه،بحيث يتوجب عليه أن يبدأها شخصيا مع من سجنه في ذات يوم صيف حارمن سنة 1965 الرجل لا يلتفت اليوم إلى ما قد أصابه ،وما عاناه ويعد كل ذلك ضمن السياق العام التاريخي الذي لزاما على كل فرد يتوخى المستقبل الزاهر لوطنه،ويطلب العزة لأمته أن يتجاوزه ، خاصة في الحالة التي عليها الجزائر.لأن الماضي هو ماض يجب أن يتنحى عن الذاكرة المركزية،وعن الشعور الذاتي ، لمن يريد أن يكون له دور في المسيرة السياسية . وقد عبر أحمد بن بلة على ماتريد بعض الجهات المشككة لكل ما يقوم به من جهود في خدمة مشروع المصالحة الوطنية الذي هو من بنات أفكار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،بإحالته على سجل الذكريات من أجل إحياء كل ما من شأنه التشويش على مسعاه كرجل يريد أن يتعاون مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للوصول بالجزائر إلى بر الأمان ،وعلى مسعى المصالحة الوطنية.إيمان الرجل وهو الذي بلغ من الكبر عتيا،بالخط السياسي العام للمصالحة الوطنية الشاملة وللعفو الشامل ،يندرج أيضا ضمن هم الرجل في أن يقدم شيئا في أواخر حياته-نتمنى له طول العمر-،ويعطي تدليلا قويا للجميع بأن المصالحة الوطنية يجب أن تنطلق من الداخل قبل أن تفرض من الخارج.بعبارة أدق الرئيس الأسبق أحمد بن بلة يريد أن يتأكد الجميع بأن بناء المصالحة الوطنية يجب أن ينطلق من القناعة الشخصية الذاتية ،ويجب أن يبدأ من الأنا الأعلى للإنسان. وهذه هي القناعة الذاتية التي لا يريد الإستئصاليون الذين يبحثون عن طريق آخر من أجل تحريف قطار المصالحة الوطنية عن سكته الصحيحة،أن يؤمنوا بها.وكما تشير بعض المعلومات المؤكدة من أن الرجل صادق كل الصدق فيما يقوم به،والمعلومات التي قدمها للرأي العام حول اتصالاته مع الفصائل المسلحة من أجل الوقوف على كل المشاكل العالقة،وحل جميع مشاكل المستفيدين من تدابير العفو الخاص الذي كان على خلفية استفتاء الشعب حول قانون الوئام المدني هي صحيحة.إن الإشكالية حقيقة ليست في صدقية الرجل في ما يسعى إليه،وليست في مدى معرفة نوايا السلطة في أنها اليوم أكثر من أي وقت مضى تريد أن تجد للمشكلة الأمنية حلا قبل السداسي الثاني من هذه السنة،ولعدة اعتبارات ،وقدسبق وتحدثنا عن هذه الاعتبارات في مقالات سابقة،وإنما الإشكالية تكمن في مدى بسط كل المشاكل التي يعاني منها الشعب الجزائري،بشريحة واسعة من الشباب الجزائري.فالمشكل عند الرئيس الأسبق أحمد بن بلةكما يطرحه حاليا هو محصور فقط في الأمور الأمنية ومايتبعها،لكن الحقيقة أن المعضلة الجزائرية لا تختزل فقط في ما هو أمني ،ولو أنه الأس،والأساس.بل تختزل في مشكل اجتماعي برمته،يشمل كل أركان المجتمع ،وزواياه ،وأسباب هذا المشكل ومسبباته.لأنه عندما يطرح المشكل الأمني،كمفردة من غير استلزامات أخرى، من قبل أحمد بن بلة بحيث أنه آن الأوان لإيجاد المخرج لكل الذين استدرجوا نحو العنف المسلح.فسيكون الحل في واقع الأمر يكون ناقصا غير مكتمل،ويكون حينئذ مجرد ترقيع لثوب رث.ورغم كل المغالطات التي يراد للجميع أن يتقبلها فيما يخص المصالحة الوطنية والعفو الشامل المبهم إلى حد الساعة.فإننا لا يمكننا أن نشكك ولو للحظة واحدة في حسن نية الرئيس الأسبق أحمد بن بلة الذي نعرف مسبقا من مصادر موثوقة، بأن الرجل مسعاه الحالي هو البحث عن حسن الخاتمة،وتقديم عملا يلقى به وجه الله. وقد قال ذلك بصريح العبارة في تصريحات له مؤخرا.كما لا يمكننا أن نغفل عن وضع الأطر العامة لما يجب أن يكون عليه العفو الشامل.ولو سلمنا جدلا بأن كل المشاريع التي تحصر في لجان،وجمعيات دائما مآلها الفشل الذريع،لأن أغلبية اللجان والجمعيات تنطلق من مستوى نفعي خاص.وعندنا على سبيل المثال وما نحن بصدده العفو الشامل الذي يؤطره أشخاص في جمعية تسمى باسم المصطلح الجديد،كما أن الرئيس أحمد بن بلة رئيس شرفي لهذه الجميعية إلى وقت قريب كانوايقفون ضد انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،وعملت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح علي ابن افليس.قد يقول قائل بأن السياسة العامة الحالية وعرس المصالحة الوطنية والعفو الشامل يتطلب من الجميع أن يجبوا ما كان ماضيا،ويطلقوا كل ما كان عليهم من أوزار . والدليل على ذلك أن الرئيس الأسبق أحمد بن بلة غفر غلطة عبد العزيز بوتفليقة،بحيث قال" بأن المصالحة الوطنية يجب أن تكون قناعة شخصية مستمدة من العمق الأخلاقي للإنسان،ولو كان أحد له الحق في أن يتحفظ على سياسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو يلتفت إلى الوراء،و ما أصابه من أضرار لكنت أنا أول من يعلن ذلك ولك حتمية الظرف تحتم علينا وعلى الجميع نسيان الماضي والنظر فقط نحو المستقبل".ولكن يجب التريث قليلا والتمعن في فحوى هذا المشروع وخطوطه العريضة،لأن المشروع الذي ينطلق ليتلقف من قبل أناس كانواإلى قبل سنة فقط، لا يؤمنون بالشخص ذاته لأن مشروع المصالحة والعفو الشامل هو مشروع عبد العزيز بوتفليقة،فيعني ذلك أن المشروع برمته على كف عفريت،وسيظل مجرد مصطلح يغري ببريق محاسنه دون الوصول إلى لبه،وتحقيقه على أرض الواقع.ولو نتمعن قليلا في فسيفساء الخارطة السياسية ومن يحيطون بهذا المشروع نجد أنفسنا أمام مفارقات عجيبة بل لا نجد أي فرد من الرعيل الأول المؤمن حقا بالمصالحة الوطنية ومغزى العفو الشامل الأصيل.فأين عبد الحميد مهري ،وأين آيت أحمد ،وأين مولود حمروش واين الدكتور أحمد طالب الإبراهيبيمن الخارطة السياسية.إن الدور الذي يجب أن يلعبه الرئيس أحمد بن بلة في ظل الترقب العام الشعبي،أن يضبط عقارب الساعة على الساعة الصفر من أجل انهاء كل المشاكل التي يعاني منها الشعب الجزائري .ولو أننا نعلم أن هذا لا يتم إلا بمعجزة،أو بخاتم سليمان ولكن إذا صدقت النية وعرف المشكل أنه ليس فقط أمني ،بل اقتصادي واجتماعي ،وعرف أحمد بن بلة أن مهمته ليست مجرد تشريفية ،يستغلها من يصطادون في الظلام ويتربصون بالقصع في الأعراس.وإنما تكليف يسأل عنها يوم القيامة.و أن الأعمال بالنيات ولكل إمرئ ما نوى .فهل تنجح مهمة القصد منها أولا وأخيرا حسن الخاتمة؟؟