شريحة كبيرة من معارضي المطالب السياسية النسائية، هم بطبيعة الحال لا يعارضون ذات المطلب بقدر ما أنهم يعارضون ما يرافقه وسيتبعه من تداعيات، وسأتطرق في هذه المقالة لنماذج من تلك الممارسات الخاطئة التي تشوه تلك المطالبة القابلة للأخذ والرد: أولاً- استخدام وسائل غير سليمة لإقرار المطالب: مثل الإشكال الدستوري الذي صاحب محاولة سابقة، ودعوة الليبراليين لحل مجلس الأمة كي يضعفوا تماسك المعارضة! واستخدام مثل هذه الوسائل يشوه بحق نبل الهدف المستخدمة من أجله.
ثانيًا- مؤيدو تغريب المرأة لا تحريرها: وهو منهج يتضح من سلوك بعض عناصر تلك المطالبة السياسية، كمعارضتهم لاقتراحات برلمانية أخرى كانت تصب في صالح المرأة الكويتية، مثل اقتراح (بدل الأمومة) أسوة بالدول الاسكندنافية المتقدمة وتقديرًا لمن تتفرغ لأداء واجب تربية أبناء الوطن ورعايتهم.
كما رأينا المطالبة العلنية لرئيس تحرير صحيفة يومية على صفحتها الأولى بإسقاط كافة القوانين (المتخلفة) من وجهة نظره بعد الانتهاء من إقرار تصويت وترشيح النساء، وخص منها قانون فصل الاختلاط بين الجنسين في الجامعة رغم كونه أقر بأغلبية حكومية وبرلمانية واضحة.
ثالثًا- ضعف أداء الجمعيات النسائية المتصدرة للحملة: حيث أنها في الغالب جمعيات هزيلة في الدفاع عن حقوق المرأة، وتمثل كما يقول الكاتب صلاح الساير "نضال الماركات الفخمة"! وهي بطبيعتها ذات صحوة موسمية تنشط في شهر تسجيل الناخبين وتختفي بعده، إذا لا نجدها تقوم بدورها المناط بها في قضايا أخرى ملحة.
رابعًا – ربط المطالبة بالضغوط الخارجية: وهي بذلك تعطي دافعًا وطنيًا بجانب الدافع الديني أو المجتمعي الذي يرتكز عليهما المعارضون حاليًا، وكان الأحرى بالمؤيدين أن يتبرؤوا من كل الهيئات والشخصيات ذات الصلة بسفارات الدول الكبرى والهيئات الدولية.
خامسًا – خلو المشاريع المقدمة من الضوابط الشرعية: فجميع الآراء الفقهية المؤيدة لانتخاب المرأة أو ترشيحها، مقيدة بوجوب وجود ضوابط شرعية تحترم، ولكن حتى هذه اللحظة لم نر مشروعًا حكوميًا أو اقتراحًا برلمانيًا يتضمن مثل هذه الضوابط! مع ملاحظة أن القانون اللبناني كمثال قريب يشمل تنظيم فصل أماكن اقتراع الجنسين وتجريم إساءة استخدام المرأة في الدعاية الانتخابية وغير ذلك من ضوابط.
سادسًا – عدم احترام الرأي الآخر: فرغم كون الأغلبية الشعبية والبرلمانية والنسائية معارضة للمطالبة بشكلها الحالي، إلا أن صحافتنا اليومية تنشر آراء الأقلية المؤيدة وتبرزها باعتبارها الصوت الأقوى خلاف حقيقة الأمر! ناهيك عن تضمين تلك الآراء بتعميمات شرعية ودستورية منافية لأصول البحث الموضوعي عن الحقيقة.
في الختام: إن عدم استخدام صيغة (التأنيث) في عنوان مقالي هذا للدلالة على أن المخالفات المذكورة أعلاه ترتكبها شريحة مؤيدة للمطالب السياسية النسائية ولا تمثل مجمل الداعمات والداعمين لتلك المطالب، أما عن موقفي الشخصي من هذه القضية فلا أحسبني بحاجة لبيانه طالما كانت المطالب المعروضة حاليًا مصحوبة بكل تلك التشوهات الشرعية والدستورية والسياسية والمجتمعية.