الأسبوع المنصرم أصدر قاض إسرائيلي حكمًا بالسجن لمدة 254 عامًا على القائد المجاهد الشيخ جمال أبو الهيجا، ومن عرف الدور البطولي الذي قام به هذا المناضل الشجاع لم يخف عليه سر قسوة هذا الحكم العجيب الغريب! لقد كان الشيخ جمال أحد أبرز رموز المقاومة الباسلة في مخيم جنين العام 2002 في تلك الملحمة البطولية المشرفة حيث لم تتمكن القوات الإسرائيلية بجحافلها المؤللة من بسط سيطرتها على المخيم إلا بعد حصار دام وقتال عنيف من بيت إلى بيت وتمكنت تلك القوات من اعتقال الشيخ جمال في عملية كوماندوز خاصة شاركت فيها 4 طائرات أباتشي وفصيل من الدبابات واعتقل مع ابنه البكر عبدالسلام الذي يبلغ من العمر 16 ربيعًا، وذلك في صبيحة الاثنين 26-8-2002 وقد كان من قبل هدفًا لعملية اغتيال فاشلة نجا منها بعد أن بترت يده اليسرى.
تولى الشيخ جمال قيادة الجناح العسكري لحركة حماس في شمال الضفة الغربية وأشرف على تنفيذ الكثير من العمليات الفدائية الجريئة، وهو ما جعل الاسرائيليين يجتهدون في محاولة قتله أو أسره حتى تم لهم ذلك أثناء جولات المواجهة المريرة في مخيم جنين, وليس بمستغرب من جمال أن يكون على هذا القدر من البطولة والبسالة فهو سليل القائد الأيوبي الشهير أبي الهيجاء الذي كان له مع الصليبيين صولات وجولات على أرض فلسطين.
كلف انتهاج الخط الجهادي الشيخ جمال الكثير الكثير مما تحمله بصبر وجلد يعز مثله هذه الأيام فقد بترت يده اليسرى بعد أن أصابت طلقة قناص كتفه ما أدى الى تهتك أنسجتها وهو ما استدعى بترها في ظروف علاجية سيئة، وقد أحرق بيته بالكامل في إحدى محاولات اعتقاله، واعتقل معه ولده البكر، وسجنت زوجته في سجن الرملة لمدة عام بلا تهمة على الرغم من إصابتها بمرض السرطان الذي كانت تعاني منه، وتعرض الشيخ في المعتقل لضروب شتى من التعذيب كالضرب المبرح والشبح والمنع من النوم ونتف شعر لحيته وهو صامد صامت لا يتجاوب مع تحقيقات سجانيه حتى إنه كان يمتنع عن النطق باسمه حين يسأل عنه معللا رفضه بأن اسمه مدون لدى المحقق فلا حاجة به للإجابة! وفي سبيل تحطيم إرادته فقد رحل إلى زنزانة انفرادية ومنع من اصطحاب مرافق خاص به لأنه لا يقوى على إعداد الطعام ولا التنظيف والاستحمام بنفسه لبتر يده، وقد حذرت جمعية أنصار السجين وهي مؤسسة حقوقية فلسطينية من تفاقم الحالة الصحية للشيخ جمال بسبب سجنه الانفرادي إذ كان يحظى في السجن العمومي من قبل بمعاونة إخوانه المعتقلين.
ولد القائد الشيخ جمال في مخيم جنين العام 1959 وتتلمذ في الأردن على يد الشيخ المجاهد عبدالله عزام ـ رحمه الله ـ ثم عمل بالتدريس في اليمن والسعودية ما بين عامي 1981 ـ 1990 ثم عاد إلى مسقط رأسه وكان له في المخيم جهد دعوي وتوجيهي كبير ولذا فقد اعتقل أكثر من مرة، ومن العجيب أنه اعتقل أيضًا في سجون السلطة الفلسطينية العام 1996 لمدة ستة أشهر، وتجلى دوره القيادي الجهادي في انتفاضة الأقصى وملحمة جنين الشهيرة، وها هو يحكم عليه بهذا الحكم الجائر في وسط صمت إعلامي عربي
رهيب ويمر خبر سجنه لقرنين ونصف مرور الكرام على وسائل الإعلام العربي الذي لا يزال منشغلًا ببطولات «ستار أكاديمي» ووقائع منازلات زيزي وهشام!