في هذا المقال يستعرض الصحفي الجزائري عبد الباقي صلاي كيفية دخول الإسلاميين للعبة السياسية في الجزائر، وطريقة استجابتهم للظروف التي واجهتهم، ويقارن ذلك بمسار الحركة الإسلامية في تركيا، فيقول:
قد تكون الفرصة التي أتيحت للإسلاميين في الجزائر في العشرية الأخيرة من القرن الماضي من الفرص النادرة التي لو وجدت من يحيطها بالعناية المركزة،ويسيجها بسياج العقلانية، والنظرة الثاقبة،والبصيرة النافذة، لكانت ثمارا يانعة لكل التواقين للحل الإسلامي، ولمشروع الدولة الإسلامية. لكن على الرغم من كل ما قيل في التيار الإسلامي ، بادئ ذي بدء أنه لا يملك تجذر شعبي، وليس له امتدادات سياسية داخل الأوساط النخبوية والشعبية، وعلى قلة خبرته ميدانيا، وعدم نضجه سياسيا تمكن من تجميع كل القوى الشعبية إلى جانبه، كما تمكن من بسط يده على كثير من الأوساط النخبوية، ونذكر على سبيل المثال العقيد المرحوم محمدي السعيد الذي يعد أحد كبار المجاهدين الذين قلدوا الرتب لأكثر من جنرال وعلى رأسهم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، كما شغل الدنيا بما سوف يكون عليه مستقبل الجزائر بعد خمسين سنة، أو أكثر وقد رأينا كيف انبرت الأبواق الإعلامية في الغرب على وجه التخصيص تدافع عن الطرح العلماني الذي يجب أن تبقى عليه الجزائر، وأول هذه الأبواق كان البوق الفرنسي الذي لم يستسغ ظهور تيار إسلامي ينازع التيار العلماني الفرانكوماني الموالي للأطروحة الجزائر فرنسية وإن لم تكن كذلك فهي موصولة عاطفيا بالتاريخ المشترك بين الشعبين الجزائري الفرنسي، ومحكومة بلغة يقول عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنها غنيمة حرب spoil of war .
لقد استطاع التيار الاسلامي في الجزائر افتكاك مكانته عن جدارة داخل المحيط السياسي، وضمن السياسة الأحادية التي كانت ممثلة في الحزب الواحد، وأن يكون فعلا البديل الحقيقي للسلطة القائمة آنذاك، وبشهادة الجميع أن الانتخابات التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في دورتين متتاليتين الأولى في البلديات وكانت في 12 جوان 1990، أما الثانية فكانت في 26 ديسمبر 1991 هي الانتخابات الوحيدة التي جرت بكل شفافية، وبكل المقاييس الديمقراطية وما يريده الشارع العربي من حرية انتخاب من يريد. لكن موازين القوى لم تكن أبدا إلى جانب التيار الإسلامي الذي لم يهنأ بهذا الانتصار، ولم يستطع أن يحافظ على المكاسب الحقيقية التي جاءته صاغرة رغم أنف النظام الجزائري القائم ساعتئذ، فتدخلت قوى الشر من الداخل والخارج لتمنع هذا السيل الجارف الذي كاد أن يعصف بكل أحلام أباطرة السياسة العالمية بأن مهدت الطريق للتدخل في اختيار الشعب، وحرمان الجزائر الفتية ديمقراطيا من ولوج عالم الديمقراطية الحقيقية من الباب الواسع. فكانت استقالة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد كما يعلم الجميع باكورة احتقان سياسي أدى إلى خراب ودمار وطحن أكثر من مائتي ألف قتيل، فضلا عن أن أكثر المناطق في الجزائر أضحت قاعا بلقعا. فهل أخطأ الإسلاميون في الجزائر عندما اختاروا عن طواعية الدخول في اللعبة الديمقراطية التي سرعان ما انقلبت السلطة الفعلية عليها لتعلن أنها ترفض أن يكون وجه أفغانستان حاضرا في الحظيرة السياسية الجزائرية، ولو بسلطان الديمقراطية، أم أن الكياسة هي التي كانت تنقص الجانب الإسلامي الذي لم يدرس جيدا الساحة السياسية داخليا وخارجيا التي كانت ملغمة، لينقاد نحو معركة غير متكافئة، فكان مصيره الذي رأيناه؟
العجلة قضت على التيار الإسلامي في الجزائر؟؟
رغم النصائح التي قدمت للتيار الاسلامي في الجزائر بعدم خوض مغامرة اللعبة السياسية من منطلق أن التيار نفسه لم يكتمل بنيانه بحيث يكون قادرا على مقارعة القوى الحقيقية في السلطة، وإن كان ولابد إنشاء حزب إسلامي فيجب مراعاة المصلحة الشرعية، وهي النصيحة التي قدمها الشيخ أحمد سحنون رحمه الله، إذ يعتبر إنشاء حزب إسلامي من فروض الكفاية فيقول "إن إنشاء الحزب الإسلامي تحكمه المصلحة الشرعية، فهو في تصورنا فرض على الكفاية، إذا نهض به البعض سقط الحرج عن سائر المسلمين الذين يكون واجبهم آنذاك المساندة والدعم وشد الأزر والنصح والنصرة، وأما تعمد سائر الفعاليات الإسلامية إلى إنشاء الأحزاب فإن هذا مسلك قد يأتي بالنتائج العكسية إذ يشغل الصف الإسلامي بالصراع الداخلي عن المعركة الحقيقية ويتحول الواجب إلى محظور باعتبار النتائج المترتبة" إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح وتبخر مع هبوب رياح التغيير السياسي، الذي أقره دستور 1989 والذي يسمح فيه بإنشاء جمعية ذات طابع سياسي. وكانت بعض الأطياف الاسلامية تنحو منحى ما قيل في أن التيار الاسلامي برمته لم يزل جنينيا، والفرصة لم تحن كي يدخل المعترك السياسي، ويكون ممثلا في حزب إسلامي، وهو شأن المرحوم محفوظ نحناح الذي أبى أن يتحزب، ورفض أن ينحصر عمله الإخواني- نسبة لحركة الاخوان المسلمين- في شكل حزب صغير، وفضل البقاء كما هو يضطلع بالعمل الخيري وتربية النشء ضمن جمعية الإرشاد، كذلك عبد الله جاب الله ضمن حركة النهضة ، وبنفس التفكير رفض دعوة الدكتور عباسي مدني من أجل تكوين حزب إسلامي يكون الممثل الحقيقي لكل التيار الاسلامي المتواجد في الجزائر ورفض كل من محفوظ نحناح وعبد الله جاب الله للدخول في التنظيم الحزبي ، لم يكن نابعا من الحرص على تفعيل العمل الإسلامي، والتمكين بتقسيم الأدوار حيث يكون كل واحد على ثغر من الثغور وإنما كان مبنيا على المصلحة الضيقة الآنية، وليس على أي أمر آخر.بدليل أن كل شيئ تغير بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في 12 جوان 1990بأغلبية مقاعد البلديات، إذ أصبح كل من كان يتلعثم، ويتلكأ في الدخول الساحة السياسية والقبول بالديمقراطية التي كانت كفرا بواحا، جاهزا ليكون ضمن الصفوف الأولى ليمثل بمشروعية التيار الشعبي ويحوز على المصداقية التي خشي أن يسيطر عليها حزب عباسي مدني، فأنشئت أحزاب أخرى إسلامية من دون مراعاة ما كان يقوله لهم أب الحركة الإسلامية الشيخ أحمد سحنون"المسلم الرسالي الذي ينطلق في تصرفاته من الضوابط الشرعية ينظر إلى مسألة إنشاء الحزب بمنظار المصلحة العليا للإسلام وللأمة ذلك أن إنشاء الحزب قد يفتح مجالا جديدا لتوظيف الطاقات وتجنيدها،ولكن في نفس الوقت يحدث بؤرة جديدة للصراع ويفتت القوى المتماسكة فيتحول الصراع من صراع جهادي سلمي من أجل تحقيق المشروع الإسلامي إلى صراع فتة ،تتواجه فيه القوى الإسلامية على حلبة المغالبة السياسية ولربما نسي الناس حينئذ القضية المشتركة فأصبح الموقف الحزبي يقتضي ضرب المنافسين داخل الصف الإسلامي قبل توجيه الصراع إلى خصوم المشروع الإسلامي" وهذا الذي حدث للأسف الشديد،إذ أصبح التيار الإسلامي في الجزائر- وهناك من يرفض أن يعترف بهذا- يتطاحن فيما بينه على قضايا هامشية.وقد رأى الناس ما حدث للجبهة الإسلامية للإنقاذ قبل إضراب جوان 1991 وخروج قياديين عن الخط الجبهوي،واتهام عباسي مدني بأنه يقود الجماهير نحو المذبح،كما اتهم فيما بعد أحمد مراني وهو عضو مؤسس عباسي مدني بأنه تحصل على مليون دولار من السعودية،وللأسف هذه التهمة موجودة لدى كثير من القيادة لحزب جبهة الإنقاذ،لكن من جهة أخرى كان المتربصون لهم قد أعدوا لهم كل عدة للإجهاز عليهم وتحويلهم إلى مجرد قطاع طرق خونة يريدون الوصول إلى السلطة باسم الإسلام، وهنا عرفت السلطة حجم التيار الاسلامي،بعد أن أخرجت كل الرؤوس القيادية من جحورها،ويقول لي الشيخ عبد الله حموش أحد مؤسسي الجبهة الاسلامية للإنقاذ،ومؤسس جريدة المنقذ لسان حال حزب الإنقاذ،أن النظام الجزائري على تركيبته المخابراتية لم يكن فعلا مهتما بنا كتنظيم إسلامي،إلا بمقدار ضئيل ولو أننا،حاولنا فهم الساحة قبل الغوص في اللعبة الديمقراطية ،وفزنا بنسبة ضئيلة لكنا مقبولين من طرف النظام،وهذه حقيقة أكدها الجنرال خالد نزار في حوار أجرته معه "لوفيغارو مغازين في 2001"ّبأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ كانت تكون مقبولة من قبل النظام لو فازت فقط بـ30 بالمائة من الأصوات،لكن أن تستحوذ على أكثر من هذه النسبة فهذا يصبح غير مقبول،ويجب أن يكون هناك تدخل سريع لمنع تكرار نظام الطالبان في أفغانستان".
وعندما انتبهت السلطة بشكل مطلق لهذا التيار الإسلامي الذي أصبح مهددا لمصالح العصب السياسية من داخل النظام نفسه،كما أصبح يشكل خطرا على النظام العربي إن في المغرب العربي،كتونس والمغرب وموريتانيا،أو الدول العربية التي كانت تعيش حالة من الارتباك ،وحالة من الهستيريا بعد نجاح أول تجربة ديمقراطية في الجزائر.عاجلته بخلق القلاقل من حوله،ودفعه من غير أن يدري نحو عنف أعمى،قضى عليه في المهد.
تجربة الإسلاميين في الجزائر مقابل تجربة الإسلاميين في تركيا..
مهما كان البون شاسعا بين التيار الاسلامي في الجزائر ونظيره في تركيا فإن المقارنة يمكن أن تكون فقط من خلال المنطلقات التي لا يختلف في جوهرها أي منهما،وهي التمكين للدولة الإسلامية وعودة الحكم الاسلامي والحضارة المزدهرة التي تميزت بها حقب التاريخ يوم أن كان المسلمون هم الأسياد في أصقاع الدنيا،قبل أن ترتد بهم الأحوال ويصبحوا مجرد قشة في نهر ملوث لا يعيرهم أحط الأقوام أي قيمة.وهذا بديهي فكل تيار إسلامي يجب أن يعلن في قرارة أهدافه بأنه يسعى لإقامة الحق،ودولة التشريع الإسلامي وليس التشريع الوضعي البونابرتي،ولكن وضع التيار الاسلامي في الجزائر يختلف عن باقي التيارات الإسلامية التي شاركت سواء من بعيد أو من قريب في الحكم وتمرست على الكولسة السياسية،و المطبات التحالفية كما هو بالنسبة للتيار الاسلامي في تركيا الذي له تجربة فريدة من نوعها في الحكم،وفي تسيير أموره،والقدرة على التفاعل مع النظام العلماني الأتاتوركي،وكثير من المحللين يؤكدون على أن التيار الاسلامي في الجزائر كانت له القدرة في أن يبقى متماسكا،لو فهم التركيبة السياسية الحقيقية للنظام الجزائري،وليس هذا فحسب فهم التحولات العالمية،واستعمال خطاب يتحاشى الهجوم،وتخويف الآخرين.
وقد يقول قائل بأن النظام الجزائري لن يسمح للتيار الإسلامي بالوصول إلى سدة الحكم مهما كان خطابه بدليل أنه قبل بكل اللعبة الديمقراطية،لكن الحقيقة التي قد تخفى على الأكثرية أن التيار الإسلامي في الجزائر نفسه لم يكن له هدفا محددا، في ما يخص بناء الدولة،ومستلزمات البناء الذي يشدد على التدريج اللهم إلا ما كان يحمله من شعارات هي بالفضفاضة،ولا تعني الكثير يستطيع أي كان في الشارع أن يقولها.وقد سئل علي بن حاج في إحدى التجمعات عن مشروع معالجة مديونية الجزائر فرد بكل بساطة" أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ عندما تتمكن من الحكم سوف تقبض على السرّاق الذين نهبوا البلاد،وتدفع مستحقات المديونية"،وعندما نسمع مثل هذا الكلام من مسؤول ثاني في الحزب فماذا يتبادر إلى الأذهان؟ وقد حملت خطابات قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ كل التأويلات من طرف عقلاء الإسلاميين في كل العالم بأن الحزب دخل المعركة بدون سلاح،وهو دخول يعرف بالانتحار وليس بالشجاعة.عكس التيار الإسلامي في تركيا الذي وإن لقي المحن فقد فهم حقيقة اللعبة،وعندنا حزب العدالة والتنمية الذي يعلن بصوت جهوري أنه غير إسلامي،رغم تأكيدات بعض الأصوات الاسلامية التي يهمها أن يصرح الطيب أردوغان بأنه إسلامي،ويلقى بعدئذ حتفه على يد المقصلة العلمانية التي تنتظر مثل هذه التصريحات بفارغ الصبر،وقد سجن الرجل على خلفية إلقاء بعض أشعار شاعر باكستان محمد إقبال،منذ مدة قليلة جدا،وقبلها في 1993 كان نفسه أردوغان قد اتهم من المحكمة العليا التركية على خلفية خطاب وجود في شريط كان قد ألقاه في ألمانيا.
وإنني شخصيا معجب بسياسة حزب العدالة والتنمية،كما أنني معجب بحزب السعادة الذي يرأسه رجائي قوطان الذي جمعتي معه جلسة حميمة وتبادلنا الأحاديث عن التنوع السياسي في تركيا وعمل الإسلاميين الذين لا يصطدمون أبدا مع المشروع الأتاتوركي،وهدفهم هو خدمة الشعب التركي،والبرهنة على أرض الواقع وليس بالخطب العرمرمية،التي لا تطعم من جوع، كذلك معجب بالدور الذي يلعبه كل واحد منهما في ترسيخ قاعدة العمل،أولا ثم يأتي الخطاب والقول ثانيا.والذي يزور اسطنبول اليوم يعرف كيف أن الإسلاميين في تركيا هم فعلا صناديد ميدانيا،وبعملهم على مستوى البلديات استطاعوا أن يصلوا إلى رئاسة الحكومة التي تشير كل المؤشرات بأن أردوغان أجرى عدة إصلاحات على مستوى الاقتصاد،وعلى مستوى حتى تفكير الفرد التركي. أما وأن يقول الآخرون عنهم بأنهم يجب أن لا ينسوا بأن يقولوا بأنهم إسلاميون، فمن المؤكد بأن العمل الواعي،المعرفي وحده الكفيل بأن يميز بين الأشخاص.ورأينا كيف أن البروفيسور نجم الدين أربكان استطاع أن يبين للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون واتفاقية داماتوالتي تجرم كل متعامل في مجال الاستثمار مع ليبيا وإيران، بأنه يعمل فقط ضمن قناعته ومن أجل مصلحة تركيا. ورأينا كيف أن أمريكا بجبروتها انصاعت لقرار نجم الدين أربكان عندما أمضى عقدا لشراء الغاز الطبيعي من إيران بـ 20 مليار دولار ‘لى مدار 22 سنة.
إن الفرق الوحيد بين التيار الإسلامي في الجزائر والتيار الإسلامي في تركيا-مع المعذرة إذا لا يحبون أن يقال عنهم هذا-هو أن الأول اختار القمة من غير تدرج فتدحرج للأسف الشديد، أما الثاني فاختار التدرج فتألق،واستفاد الشعب التركي من جليل أعماله.لكن هذا لا يعني أبدا بأن تكرار سيناريو 1991 لا يمكن له أن يتكرر،وأن يكون للتيار الإسلامي في الجزائري الحظوة مرة أخرى، وكما صارحني أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ الشيخ مدني مزراق "بأن حزب الإنقاذ كان وسيلة،وبما أن هذه الوسيلة ترهلت فلنبحث عن وسيلة ما دام جوهر المشروع سوف يبقى إلى يوم الدين".
تقووّا اقتصاديا تقووا سياسيا…
البروفيسور نجم الدين أربكان أول ما انتبه إليه هو الاعتماد المالي، وحنكة التصرف في هذا الاعتماد، وإليه ترجع مقولة "تقوّوا اقتصاديا تقووا سياسيا"، لأن كثيرا من القضايا السياسية لا يمكن لها أن تنجح إلا بواسطة المال،وليس هذا فحسب فجميع السياسيين الذين يدخلون الحلبة السياسية إن كانوا من غير الميسورين ماديا فلن يستطيعوا مغالبة الإغراءات. و هذا ما حطم صراحة التيار الإسلامي في الجزائر الذي بدلا من الصبر، والاعتماد على طول النفس،وغرز الأرجل اقتصاديا،كي تكون لهم المكانة سياسيا،راحوا يغالبون السلطة وجميعهم موظفين لدى الدولة، ولدى نفس السلطة.والخطأ الأكبر الذي وقع فيه الإسلاميون في الجزائر هو اللجوء إلى رجال أعمال لا علاقة لهم بالتيار الإسلامي، كما حدث مع حركة مجتمع السلم التي رشحت في قائمتها رجال أعمال يتاجرون في الخمر،كما هو الشأن بالنسبة لرجل الأعمال جيلالي مهري.
إن الدور الذي أراده الإسلاميون في الجزائر لعبه بدءا بالجبهة الإسلامية للإنقاذ التي لم تعد تذكر ، وأصبحت في خبر كان،أنهم أرادوا أن يغيروا فتغيروا،وبالتالي برهنوا للعالم بأنهم ليسوا في مستوى المسؤولية الحضارية كما يدعون، والحديث عن التيار الإسلامي ليس المقصود الذين دخلوا في غمار السياسة لكن كل من دخل في اللعبة من أجل تحقيق مأرب،من بعض الانتهازيين الإعلاميين على سبيل المثال الذين يكذبون على الناس، وبعض الماكرين الذين استعملوا الدين لدغدغة عواطف العوام من الناس لإيهامهم بأنهم المهدي المنتظر.ويكفي أن بعض من يظنون أنهم قادة إسلاميين كانوا يناصبون العداء للشاذلي بن جديد الرئيس الذي كانت له علاقة قوية مع الشيخ محمد الغزالي رضي الله،وكان بعض الجهلة من الإسلاميين من سب الشيخ لأجل كتابه"السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" الذي أحدث ضجة ليس في الجزائر فحسب، بل في كل الأقطار العربية رغم أن للشيخ فيما بعد الفضل في منح الإسلاميين الرخصة القانونية من طرف الشاذلي بن جديد نفسه، بأن يكون لهم منبرا بدلا من المغارة، ويكون لهم مكان على الساحة شأنهم شأن الشيوعيين،وكان الشيخ الغزالي يبكي ويحترق على ما سوف تؤول إليه الجزائر، لأن الشيخ يعلم أن الأعداء دهاة، وهؤلاء الإسلاميين مجرد هواة، تسيطر عليهم الطفولة العقلية، همهم أن يتقعروا في الكلام ويحسبوا أنفسهم مظلومين والحق دائما بجانبهم. وأختم بمقولة دائما كان يرددها الشيخ الغزالي رحمه الله الذي استفاد منه الجزائريون البسطاء ولم يستفد منه من نقصدهم بالكلام"إن هؤلاء لم يحسنوا فهم الإسلام ولا العمل به… إنهم عبء على الدين وعائق أمام انطلاقه".