كثيرًا ما نسمع هذه العبارة تتردد خلال المواسم الانتخابية واللقاءات النقابية، ولعل كثرة تردادها يسقط من قلوب البعض قيمتها ويرفع عن عواتقهم أهميتها، فترى ( س ) ينتخب الشخص الفلاني لا لشيء سوى الصداقة الحميمة التي تربطه به، ويترك أشخاص آخرين أفضل منه وأكثر كفاءة ولكن علاقته الشخصية بهم سطحية! وقس على ذلك في مختلف مجالات التصويت والترشيح. إن الله سبحانه وتعالى قد أرشدنا إلى أهمية الاختيار السليم ومواصفات من نرشحه لتمثيلنا أو خدمتنا بقوله عز من قائل: { إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } سورة القصص الآية (26) ، فعلام يخرج من بيننا من يختار أمينًا لا نشك في نظافة يده ولكنه ضعيف؟ أو قويًا ذا كفاءة وقدرات فائقة ولكن إخلاصه وسلامة سريرته مشكوك فيهما؟ أو – وهو الأسوأ – شخصًا لا يمتلك القوة ولا يتحلى بالأمانة! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن المهم حقًا أن نتذكر بأن اختيارأو ترشيح الشخص المناسب للمكان المناسب يحقق النفع والخير لوطننا وديننا وأسرنا ولأنفسنا كذلك، فالمسؤول الصالح ذو الكفاءة العالية لا شك في أنه سيجعل الحياة من حولنا أفضل وأكمل، وأثر النفع والضرر علينا إن اخترنا شخصًا سيئًا لن يقتصر على يوم الاقتراع ولحظة التصويت فقط، بل سيستمر طوال مدة ولايته لمنصبه بل وسنلاقيها في رصيد أعمالنا يوم الحساب.
إن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قيل: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظرِ الساعة". وذلك من فداحة الجرم الذي يرتكبه من يختار الشخص السيء في مكان القيادة، ولعِظَم الفساد الذي سيحدثه ذلك الشخص السيء خلال قيادته وإدارته لدفة الأمور.
الموضوع ليس بسيطًا إذًا ولا مكان فيه للمجاملة والمداهنة، وإنما هي أمانة توضع على عاتق كل من يملك حق التصويت والترجيح، وكل أمانة تعطى لنا في هذه الدنيا الفانية سنسأل عنها ونحاسب عليها يوم القيامة، يوم لا تنفع طائفة أو عائلة أو قائمة أو غير ذلك من الروابط الزائلة، ما لم تكن مربوطة برضا ربنا عز وجل وملتزمة بشريعة الإسلام الخالدة ... والله ولي التوفيق.