نشر السيد صالح الشايجي مقالاً في صحيفة (الأنباء) بتاريخ 28/8 الفائت بعنوان (باب إلى إسرائيل)، وحاول الكاتب فيما نشره إيجاد مسوغات لقيام علاقات رسمية وشعبية كويتية مع الكيان الصهيوني! وساق لموقفه ذلك عدة مبررات منها: أولاً- موقف (إسرائيل) العقلاني خلال الغزو العراقي للكويت: وهذا تبسيط للأمور حيث أن الكيان الصهيوني لم يقف ذلك الموقف حبًا في الكويت أو الكويتيين، وإنما لأبعاد مصلحية بحتة منها عدم إرباك عملية تدمير أكبر جيش عربي آنذاك، كما أن المقابل المادي والمالي والمعنوي الذي حصل عليه مقابل ذلك الموقف كان مهمًا للغاية ومجزيًا بالنسبة له.

ثانيًا – مصلحتنا الوطنية تكمن في التطبيع مع (إسرائيل): وهذه مسألةٌ مردودٌ عليها كذلك إذ أن تاريخ الشقيقة العربية (مصر) بعد معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني، لم يشهد على ذلك الصعيد سوى ازدياد شبكات الدعارة وتهريب المخدرات والبذور المسممة!

كما أنني أتساءل عن ماهية المصلحة الوطنية التي تكمن في الانسلاخ عن الإنتماء العربي والإسلامي المرتبط باللغة والجغرافيا والدين والتاريخ والعادات! وهل تكوين علاقات اقتصادية أو سياسية مع كيان استعماري وليد سنة 1947 يستحق التفريط بكل ذلك؟

وأنا لا أشك في غيرة الأستاذ الشايجي وحبه لوطنه، لكن لنتذكر بأن عداوتنا للكيان الصهيوني المحتل للأرض والمنتهك للعرض تنطلق من أسس وطنية بجانب المرتكزات القومية والإسلامية، والباب الذي يريد الكاتب فتحه إلى (إسرائيل) هو في حقيقته باب إلى جهنم! ولا أجد في هذا المقام أجمل من الأبيات التالية للشاعر عبد الرحمن العوضي – المحامي في رثائه للشهيد القعيد الشيخ الشهيد أحمد ياسين حيث قال:

لن ينعموا في أرضنا لن يسلموا ،،، فالقدس ليسـت موطن الدخلاء
إن اليهود الحالميــــــن بدولةٍ ،،، كالســـائرين بغفلــــةٍ لفنــــــاء
قتلوك لكن العدا لم يعلمـــــوا ،،، أن الحيــــاة بمقتل الشهــــــداء
كم بالجراح تحررت أمم وكم ،،، قد خضبــــت حريةٍ بدمـــــــاء
فالمسجد الأقصى قضية أمة ،،، لا تنتهــــى بتخاذلٍ وريـــــــاء

ثالثًا – نحن في الكويت ليس لنا دم وثأر مع (إسرائيل): وهذا زعم خاطئ من واقع الحقائق ومطالعة التاريخ! حيث أن الكويت قدمت شهداء وتضحيات في الصراع العربي مع الكيان الصهيوني، وما القوات الكويتية المشاركة في نكسة 1967 وعبور 1973 عنا ببعيد، ولا ننس كذلك بأن القرار التاريخي بمنع تصدير النفط العربي للدول الغربية اتخذ في دولة الكويت وبمشاركتها أيضًا.

وإن (شعب الكويت هو جزء من الأمة العربية) كما ورد في المادة الأولى من الدستور الكويتي، وعلينا أن لا ننسى هذه الحقيقة الهامة في خضم قراءتنا للترجمات الأجنبية أو متابعتنا للتحليلات الغربية.

وأخيرًا فإنه إن كان من الطبيعي أن نعتز في الكويت وفي أي دولة أخرى حول العالم كذلك بالخصوصية الوطنية لكونها فطرةً إنسانية بجانب كونها شعيرة إسلامية من صميم ديننا، إلا أن هذه المشاعر والشعائر لن تنسينا بالتأكيد فريضة الإخوة الإسلامية التي فرضتها الآيات القرآنية الكريمة وأحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه)، وحديثه الشريف القائل: (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا)، كما أننا لن نتقاعس أو نتواني كي لا نقع في الوعيد الذي حذرنا منه النبي عليه أزكى صلاةٍ وسلام في قوله: (من لم يتهم بأمر المسلمين فليس منهم).

ختامًا: يجب أن لا تنسينا مرارة خيانة أنظمة وشعوب عربية ومسلمة للكويت حكومة وشعبًا في 1990 أن هناك من وقف معنا وامتزج دمه بدمنا، وأن ما حدث يجب أن يكون درسًا لتكريس الوحدة العربية والإسلامية بعيدًا عن العواطف الفارغة، ومن ذلك أن نربط بعضنا بعضًا بوحدةٍ اقتصادية وسياسية وثقافية تدفعنا للأمام ولا تجرنا للخلف.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية