تحدّت الدانمارك عندما قررت الإساءة إلى اللاجئين القادمين من العالم الثالث , و مدت يدها إلى الأفغان الذين رفضت إستقبالهم أوستراليا و أعلنت عن إستعدادها للتوسط بين الكوريتين .
وفوق هذا وذاك وصفت الرئيس الأمريكي جورج بوش بالأحمق في أوج الغطرسة الأمريكية و الترهيب الأمريكي لأوروبا حتى تنساق وراء الخطّ الأمريكي .
كانت تعرف الكثير عن العالم العربي والإسلامي وحتى الفضائيات العربية كانت تعرفها وتعرف عدد مشاهديها , وعندما إتصلت بمكتبها لترتيب لقاء صحفي معها إتضح لي أنّها تعرف الكثير عنّا .
وعندما حصرت واشنطن وتل أبيب تعاملها مع محمود عبّاس أبي مازن دون غيره قالت آنا ليند أنّ أمريكا وإسرائيل طبعتا قبلة الموت على جبين محمود عبّاس وكانت تقصد الموت السياسي وموت المسار السلمي في الشرق الأوسط .
كان مكتبها في ستوكهولم مفتوح لأي فلسطيني و عربي ومسلم , كانت تلقائية في حياتها متواضعة إلى أبعد الحدود تتجول وحدها في الأسواق وبين الناس , وتسافر بالقطار وحدها لتزور أولادها في منطقة نيشوبينغ إحدى محافظات السويد .
كانت آنا ليند تمثّل مستقبل السويد بإعتبارها كانت ستصبح رئيسة وزراء السويد بلا منازع , وكانت تؤمن إلى النخاع بحوار الحضارات والديانات وأقامت وزارتها مؤتمرا كبيرا في ستوكهولم قبل سنوات عن أوروبا والإسلام حيث دعيّ إلى هذا المؤتمر شخصيات إسلاميّة من كل البقاع الإسلامية وربما بعض من هذه الشخصيات تتهم بالراديكالية في بلادها , لكن آنا ليند تؤمن إلى النخاع تماما كالمؤسسة السياسية والأمنية في السويد بأنّ الأمر مادام محصورا في دائرة الفكر والنقاش فلا ضير في ذلك وبالإمكان مقارعة الحجّة بالحجّة , والفكرة بالفكرة , والدليل بالدليل .
وعندما إعتقلت الأجهزة الأمنية الأمريكية محمد غزالي الجزائري الذي يحمل الجنسية السويدية في باكستان وأقتادته إلى غوانتانمو أرسلت وفدا رفيع المستوى من وزارة الخارجية والداخلية لمطالبة واشنطن بإطلاق سراحه فورا حتى لو كان مسلما يؤدي الصلاة و يحرص على الصيام , فمادام مواطنا سويديا فلابدّ أن يعود إلى ذويه في السويد خصوصا وأنّ واشنطن لا تملك أدلّة ضدّه ,وهددت بإستدعاء السفير السويدي من واشنطن ما لم يعد محمد غزالي المعتقل في غوانتنامو إلى أبيه مهدي غزالي الذي إستقبلته ليند و رئيس الوزراء السويد وهو الملتحي ويعتمر طاقية وربما لو كان يتجوّل في شارع من شوارع العالم العربي لجرى إعتقاله , لكن مادام يحمل جوازا سويديا و يتمتّع بحق المواطنة السويدية فلا ضير في أساليب تفكيره أو ممارساته العباديّة .
هذه المواقف الشجاعة وغيرها كثير خصوصا وأنّ عمرها السياسي بدأ منذ كانت طالبة في جامعة أوبسالا الشهيرة جعلتها محلّ إحترام السويديين بمختلف ألوان طيفهم السياسي , كما تتمتع بإحترام كبير من الجاليّة العربية والمسلمة في السويد , بالإضافة إلى ذلك فإنّ كل المسؤولين الأوروبيين كانوا يحترمونها وقد كانت آنا ليند الرجل الوحيد في كل إجتماعات الإتحّاد الأوروبي في بروكسل وغيرها .
[IMG]http://www.nashiri.net/aimages/ana2.jpg[/IMG]
تجدر الإشارة إلى أنّ رئيس وزراء السويد ألوف بالمه الذي إغتيل في شهر شبّاط – فبراير سنة 1986 كان هو الأخر مناهضا للأمركة وكان يتظاهر ضد السفارة الأمريكية في ستوكهولم منددا بحروب أمريكا في فيتنام وغيرها وقد ذكره ريشارد نيكسون في مذكراته ببعض الإحتقار , مازال قاتله مجهولا وغامضا , وعندما يلف الغموض الجهة القاتلة فمعنى ذلك أنّ هذه الجهة تتمتّع بإحتراف شديد و دقة أمنية متناهية حيث إختفى القاتل ولم يترك إلا بعض ما يشوّش به على المحققين أمر هويته , ورغم أنّ الأجهزة السويدية معروفة بالكفاءة الكبيرة إلاّ أنها عجزت في الوصول إلى هوية قاتل ألوف بالمه أو وصلت إليه وأخفت الأمر لأنّ هذه الجهة المنفذّة تسيطر على العالم ولا يمكن تحدّيها كما يقول بعض السويديين .
و الأمر نفسه يتعلّق بالسيدة ليند حيث كانت واشنطن وتل أبيب من أبرز المتضررين من مواقفها و تصريحاتها التي كادت تحرّض أوروبا على الخط الأمريكي والصهيوني , ولا يسمح لشخصية من وزن آنا ليند أن تخرج عن الخط الذي تريده أمريكا وإسرائيل أن يسود في أوروبا على وجه التحديد .
غير أنّ نائبة المدعيّة العامة السويدية أغنيتا بليبيري أعلنت عن إعتقال الأجهزة الأمنية السويدية لشخص عمره 32 سنة و إقتيد إلى التحقيق وهو معروف بسوابقه في مجال إستخدام السكاكين .
[IMG]http://www.nashiri.net/aimages/ana1.jpg[/IMG]
غير أنّ الجهات الإعلامية والسياسية في ستوكهولم بدأت تطرح العديد من التساؤلات ومنها أين ذهبت المصورات – كاميرات الفيديو – المنتشرة في المحلات التي كانت فيها آنا ليند ألا يعقل أنّها صورت الجاني وهو يقترف جريمته !
ألا يعقل أنّه وضع بصمات أخرى غير بصماته على السكين المتروك في موقع الحدث لمراوغة الأجهزة الأمنية !!
أسئلة تولّد أسئلة كما يقول الفلاسفة , و المضمون واحد أنّ قاتل آنا ليند لا يختلف عن قاتل ألوف بالمه وكلاهما لا يريد أن تكون السويد في خطّ الإنتصار للمظلومين في الأرض والمطالبة بالعدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان وهي مرتكزات النظام السياسي في السويد .