أظن أن السبيل الأجدى والأنجع للإعداد لمستقبل أفضل هو اعتماد استراتيجية تنموية متوجهة إلى الذات ومعتمدة على عوامل داخلية يتم التحكم فيها عوض جعلها ترتكز على عوامل خارجية لا يمكن التحكم فيها كما هو حاصل إلى حد الآن بالنسبة للمغرب. وعلى هذه الاستراتيجية أن تأخذ في حسبانها القيم الاجتماعية و الثقافية للبلاد. وحاجيات المجتمع كما هو معبر عليها ديموقراطيا عوض الاكتفاء بالعناية بحاجيات الأقلية المحظوظة. في نظري لا يمكن التفكير في المستقبل دون الإقرار بالإرادة اللازمة لإصلاح جذري لعملية توزيع الثروات المادية والمعنوية بطريقة لا يلعب فيها الانتماء السياسي ولا الطبقي ولا العشائري ولا الزبوني أي دور. و كما يقول الدكتور المهدي المنجرة، ليس هناك مستقبل واحد بل هناك تعدد في المستقبلات. لذلك، وجب التهييء للغد منذ البارحة و ليس منذ اليوم.
يظل المستقبل بالمغرب، عموما، خاضعا لسيرورة عامة لا تخفى على أحد. وهي سيرورة تتشكل من ثلاث مراحل :
1. الاستقرار و البحث على إبقاء الواقع على ما هو عليه
2. السعي وراء الإصلاح لمحاولة التصدي إلى التصدعات و تسكين الآلام أو إخفائها و لو مؤقتا
3. فرض التغيير بعد استفحال آليات الفقرقراطية والمكر السياسي وسياسة المكر وسيادة فقدان الثقة في آليات الدولة و آليات المجتمع.
لذلك فلا مناص من بلورة رؤية مستقبلية واضحة المقاصد، والتي مازال المغرب يفتقدها إلى الآن. وهي رؤية لابد أن تعتني بالمواطن البسيط والواقع الفعلي وليس القفز عليه كما ظل يجري إلى حد الآن. ففي نظري، رغم كل ما يقال، فإن المواطن البسيط لم يستفد بعد مما يسمى بالتغيير. و هذه، بالنسبة لي، إشكالية جوهرية تعتبر من بين العوامل المحددة لمستقبل المغرب. و يبدو أن الشيء الوحيد الظاهر والبارز الذي له مستقبل في المغرب هو الفقر. لذا وجب بلورة رؤية مستقبلية واضحة المعالم ومحددة المقاصد. ومع الأسف الشديد لازال المغرب يفتقد لمثل هذه الرؤية. كما أنه، مع الأسف الشديد، مستقبل المغرب يحدد الآن من طرف الغير وعبر إرشادات وتوصيات تبلورت خارج المغرب ومن طرف غير المغاربة.