الفساد بمفهومه العام عندنا بالمغرب نهب واسع من طرف الطفليين والبيروقراطنيين على مدى عقود لمال الشعب و الثروات الوطنية. إن أغلب التجارب التي اعتمدت على الخوصصة أظهرت بجلاء أن المفسدين الكبار عندما تراكم لديهم المال المنهوب كانوا يفترسون الملكية العامة ثم يدفعون إلى تحويلها إلى ملكية خاصة ناهبة.لذلك كان من الطبيعي أن يحكم من يملك، وأن لا يحكم من لا يملك، باعتبار أن الحكم ما هو في نهاية المطاف، إلا لحماية ما يملكون.

لقد عاينا التباكي على أكثر من قطاع عام نُهبت خيراته و أمواله، لتقديمه قربانا للخوصصة كأن المشكلة تكمن في القطاع و ليس في من نهبوا أمواله و خيراته هذا من جهة. و من جهة أخرى كيف نُخوصص قطاعات مهمة من شأنها أن تساهم في تأمين أرضية نمو كاف من أجل مواجهة التحديات الكبرى من بطالة و تحسين مستوى المعيشة ؟ علمًا أنه على المدى البعيد تعتبر الخوصصة أداة لتفتيت المجتمع والدولة.

والغريب في الأمر أن المؤسسات المالية العالمية (صندوق النقد و البنك الدولي) وضعت جملة من البلدان – من ضمنها المغرب- أمام اختيارين لا ثالث لهما: قطاع عمومي منهوب وإما خوصصة ناهبة، ربما بوتيرة أعلى.

و مهما يكن من أمر، فإن صيغ الخوصصة المكروحة لم تُظهر أي علامة إلى حد الآن على تأمين الفعالية الإقتصادية المطلوبة، و كذلك الحدود الدنيا من العدالة الاجتماعية. و بذلك يبدو أن السبيل الأكثر جدوى ليس هو التفريط في القطاع العمومي والزج به في مزاد الخوصصة العلني، وإنما القضاء على الفساد و النهب وإنقاذ قطاع الدولة و العباد و البلاد من كليهما. وذلك لتمكين القطاع العام بجانب القطاع الخاص من العمل لبناء الغد. هذا هو الطريق الذي يمكن بلادنا من مواجهة التحديات مع تحقيق كرامة الوطن والمواطن.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية