بنات حلالة غادرن المغرب للبحث عن غد أفضل من اليوم فلم يصادفن إلا واقع بالمهجر أمر وأدهى من يوم وأمس البلد. وهكذا سقطن في الفخ فلاهن قادرات الآن على العودة إلى أحضان وطنهن خاويات الوفاض ولا هنّ تمكنّ من وجود مكان تحت شمس أرض المهجر. ثمن هجرة العار و المهانة

أغلب القنيطريات المستجوبات أكدن على أداء ثمن باهظ قصد تمكنهن من الهجرة، لكن لم يجدن إلا اليأس والمعاناة وعيشة لا تليق بالإنسان. إنهن أدين الثمن ليس نقدا فقط، وإنما أديناه من لحومهن وكرامتهن وشرفهن. ولذلك كان مصابهن أجل من مصاب الذكور واستغلال الذكور. وقد صرحت إحداهن أن جماعة من الشابات الراغبات "في الحريك" اضطرت للبقاء أكثر من شهرين في ضيافة الأشخاص القائمين على "عملية الحريك" يخدمهم ويخضعن لنزواتهم متى أرادوا وشاؤوا ويتحملن المهانة في أوضاع غير إنسانية. أليست هذه هجرة العار والمهانة.

قنيطريات ضحايا النصب و الاحتيال

أتتني أكثر من عشرة برقية إلكترونية، صادرة بعضها من إيطاليا وبعضها الآخر من إسبانيا وكلها تشير فيها صاحبتها أنهن من القنيطرة أو نواحيها، وقاسمها المشترك، أنهن تعرضن للنصب والاحتيال وكنّ ضحايا لعروض شغل وهمية تمنح لهن ظروف عمل مغرية. وأكدت 5 نساء منهن أنهن هاجرن بطريقة شرعية وحصلن على التأشيرة. لكن عند وصولهن إلى أوربا اكتشفن أن لا وجود للشركة أو المؤسسة، علما أنهن كلهن أدين مبالغ باهظة للحصول على عقد عمل.

وجاء في إحدى البرقيات، بعثتها م.س من مواليد ضواحي القنيطرة: "...لم أربح إلا التمكن من الخروج من المغرب بطريقة سهلة دون الاضطرار إلى تعريض حياتي للخطر، لكن وجدت نفسي في وضعية أشد وأقبح من وضعيتي السابقة ببلادي... لا أقوى على الرجوع إلى أهلي خاوية الوفاض ولا أتمكن من ضمان عيش كريم بأرض المهجر وهذا مايزيد من معاناتي .... وهذه الوضعية دفعت جملة من صديقاتي إلى الارتماء في أحضان المافيا أو ممارسة الدعارة الرخيصة...".

بين العمل في البيوت و امتهان الدعارة
الشرطة الاسبانية تترصد المهاجرات المغربيات

تعد%90 نسبة المهاجرات المغربيات في اسبانيا الدين يمتهنون الدعارة وذلك حسب ما أفادته إحصائيات هيئة الأمم المتحدة لكونها(الدعارة) توفر دخلا ماديا بالنسبة للمرأة المنتمية لدول العالم الثالث ولكون أغلبية المهاجرات المغربيات لم يتعودن على العمل يلجأن إلى امتهان الدعارة وهذا ما يهدد حياتهن بأمراض خطيرة كالإيدز، والمشكل الكبير المطروح أنهن يخفن التقدم للكشف عنهن خوفا من عدة أشياء كالقبض عليهن وإعادتهن إلى بلدهن.

في هذا الصدد تجرأت بعض المهاجرات بطرح هذا المشكل واعترافهن لحمل الإيدز لكن حسب قولهن لا ينتظرن حلا لكن عبرة لمن يرغب في الهجرة خصوصا النساء.
تعبت، تعبت، تعبت... هكذا بدأت ليلى 17 سنة تحكي قصتها أو بالأحرى قصتهم (عشرات المهاجرات) قالت: حلمت كباقي فتيات جيلي بأن أهاجر إلى اسبانيا، عالم تحقيق الأحلام، لأساعد أسرتي وأجلب لهم المال والسيارة... بالفعل هاجرت وتحقق ما كنت أطمح إليه لكن بعكس ما ظننت ليس بالسهولة التي كانت متوقعة. سألتها كيف ذلك؟ أجابت عند وصولي إلى اسبانيا عبر قوارب الموت عملت كمربية في إحدى البيوت الاسبانية ونظرا لضعف الأجرة قررت استبدالها لكن بمجرد خروجي من هذا العمل وجدت نفسي في الشارع في عمل خاص بالشارع، ونظرا لعدم توفيري على أوراق قانونية خضعت أوخضعنا لانني تعرفت على أخريات مغربيات من مدن القنيطرة، الرباط، الدارالبيضاء، ووجدة... لمساومات أصحاب المال والضيعات... يتخدوننا كخليلات.
وماذا بعد؟ وجدت عملا بمعمل في مدينة برشلونة أعمل داخله طيلة السنة لكن في الصيف ألجأ للعمل في الدعارة داخل نوادي مخصصة.

لماذا ذلك وأنت تتوفرين على عمل؟ لأن دخل المعمل لا يمكنه أن يمنحني ما جئت من أجله، 8 سنوات مرت حققت ما كانت عائلتي تريد لكن بعد فقداني كل شيء دون معرفة عائلتي بذلك...

لماذا لا تعودين إلى عائلتك بالمغرب؟ لا يمكنني العودة إلى المغرب لأنني ليس لي أوراق قانونية و..رغم هذه المدة، وإن كان ذلك خصوصا وأنت غير راضية على وضعك فالعودة إلى عائلتك أحسن؟ لا أقدر على مواجهة عائلتي أريدهم أن ينعموا بما فيه هم الآن والحج الذي ذهبوا إليه والداي من المال الذي بعثته لهم، لا أريد أن تقع مصيبة بسببي في عائلتي أكثر مما عندي.

وما هي إذن؟ أحمل مرض الإيدز (تبكي) عرفت الآن بعد مشقة وفوات الأوان معنى الحياة البسيطة الشريفة أعرف أنه لن ينفعني الندم بعدما خسرت كل شيء هل أعود إلى المغرب وأجلب العار لعائلتي الذي لم يتجرأ أحد يوما من العائلة على القيام به، أم ماذا لا أريد جوابا لهذا السؤال أكثر مما أريد أن أكون عبرة كما سبق القول فالموت أهون من الاستمرار في هذه المهنة. أدعو الله ليل نهار أن يغفر لي وأن يقرب أجلي...

هذا إذن ما استطعت أن أميز من كلام ليلى المرفق بالبكاء ومن جهة أكدت ليلى على أن أغلبية النساء المهاجرات نحو اسبانيا ما يجعلهن مصيدة نحو مجهول اسمه الدعارة هو عدم حصولهن على شغل قار في المغرب وحتى وإن كان فإنه لا يناسب بنيتهن.

أما رقية 26 سنة رفيقة ليلى فتقول "غالبا ما يتم استغلال الفتيات المهاجرات اللواتي يصلن عن طريق قوارب الموت إلى السواحل الاسبانية حيث يتم حملهن إلى معتقلات وهناك يمارس عليهن جنود اسبان وشرطة الجنس قبل إطلاق سراحهن وتكون هذه بداية خروجهن إلى الدعارة واحترافهن واستغلالهن بصورة بشعة لأنهم يعرفون بأن هؤلاء لا يقدرون على التبليغ عنهم مما يعرض حياتهن (حياتنا) إلى الخطر.

تقول رقية كذلك أنا حاملة للإيدز .لدي أوراقي القانونية حصلت عليها منذ السنة الأولى لي هنا باسبانيا والآن مرت 10 سنوات لم أزر المغرب فيها قط، ولأني لا أقدر على مواجهة أهلي في المغرب قررت عدم الرجوع بتاتا وأقول لهم بأنني لم أحصل بعد على الأوراق وهناك الكثيرات مثلنا قررن عدم العودة وهناك أيضا من يتنقل بين المغرب وإسبانيا لكن بطبيعة الحال دون علم عائلاتهن بعملهن هنا باسبانيا...

إذن هذه اعترافات لمغربيات عايشن امتهان الدعارة التي تسببت في حملهن لمرض الإيدز فهل إذن ستكون هذه الاعترافات عبرة؟ وماعسى أن تفعل المهاجرات هل نلومهن أم ماذا خصوصا التي تهدد حياة عدد من النساء المغربيات وأن الظروف التي جعلتهن يهاجرون إلى اسبانيا معروفة ولا من يفكر في حل هذه المعضلة.

مغربيات باسرائيل
رشيدة بنت حلالة

هناك مغربيات وصلن إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة. فهناك فتيات مغربيات كثيرات يعملن كخادمات في إسرائيل، وعمرهن يتراوح ما بين 32-22 سنة وبعضهن يحملن شهادات عليا (إجازة). من بينهن رشيدة، وهي من القنيطرة، وصلت إلى إسرائيل دون علم أهلها. تمكنت من الحصول عن عمل كخادمة في إسرائيل بواسطة إعلان نشر في إحدى الصحف المغربية.

وأغلب المغربيات المتواجدات بإسرائيل انخرطن في الدعارة. ومن صديقات رشيدة بنت حلالة عائشة من الدار البيضاء وفاطمة من طنجة وحسناء من العرائش، تحولن نقودهن إلى باريس ومن ثمة إلى المغرب. وكلما شعرن بالذنب يتعاطين للشرب حتى ينسين. وحسب موقع إيلاف فإن هناك ما يقرب من 600مغربية يعملن كخادمات أو يتعاطين للدعارة في القدس وعسقلان واللد.


قضية الوازانية

إحدى شابات مدينة وزان، ولدت بها وتربت في أحضان عائلة محافظة استقرت بالعاصمة. أتمت الشابة دراستها الجامعية وبعد التخرج استفادت من عدّة تداريب في أكثر من مؤسسة. وبعد ذلك عقدت العزم رفقة أحد زملائها إنشاء شركة مقاولات، إلاّ أن المشروع فشل نتيجة عدم التمكن من تسديد دفوعات القرض للبنك. عاشت الوزانية فترة من الزمن في البطالة إلى أن ضاق بها الحال. عزمت على "الحريك" فلم تقو على ذلك. سمعت أن الشبان يبحثون عن شابة شابات يعقدون معهن صفقة زواج أبيض مقابل 30 ألف درهم.

التقت به فاتفقا على ذلك. وفعلا، بعد إعداد الأوراق تمكنت من الهجرة. لكن هذه الصفقة لم تكلفها المال فقط، إنما كلّفتها كذلك أن تكون أداة إشباع كل نزوات الشاب بالمغرب، لاسيما وأنها كانت جميلة وأنيقة، كما اضطرت إلى الاستمرار على نفس الحال بالمهجر في مدّة بقائها معه، خادمة في النهار ومؤنسة الفراش بالليل. وبعد مدّة طردها الشاب باعتبار أن عليها أن تساهم في المصاريف وعليها أن تبحث على عمل. ضاق بها الحال واضطرت للعمل بحانة بعد أن توسط لها الشاب (الزوج الأبيض) وعوض أن يتحسن حالها مقارنة للسابق ازداد سوءا، بحيث باعتبار أنها كانت تعمل سرا وكانت لا تتوفر على أوراق الشغل، فكان لزاما عليها تحمل الزبائن ورغباتهم في الحانة، وكذلك (الزوج الأبيض) في المنزل، باعتباره يؤويها وهو صاحب نعمتها في الشغل. وبذلك أصبحت طامتها طامتين.

نساء حلالة مهاجرات في اسبانيا

بنت حلالة

فتاة من القنيطرة ، تعيش في مدريد من حوالي 4 سنوات، تريد أن تخبرنا عن قصتها. كانت تعيش حياة هادئة مع والديها وأختها: لقد اغتصب أبي أختي وهي في 18 من عمرها وسقطت حاملا ، كان يهددها إن هي أخبرت أمي، وقد لاحظت هذه الأخيرة انقطاع الدورة الشهرية عنها فسألتها وقررت أن تصطحبها عند الطبيب.. خافت أختي فأجهشت بالبكاء، كانت صدمة والدتي قوية، انهالت عليها بالضرب كالمجنونة تسألها: من؟ من؟ وقبل أن تلفظ أنفاسها من شدة الضرب على رأسها نطقت "با"، حينما علم هذا الأخير بانفضاح أمره، توسل إليها وطلب منها أن لا تعترف بالجريمة وتخفي الحقيقة حتى يبقى أحدهما خارج السجن ويوكل لها أكبر المحامين للدفاع عنها. وما أن تخطت عتبة السجن حتى طلقها وتنكر لكل شيء.

اضطرت الشابة للذهاب عند خالتها، ولما علمت إحدى الجارات التي تعمل في إسبانيا بالحدث ساعدتها على الهجرة. وهي الآن تعمل لكي تحصل على النقود الكافية لرعاية والدتها وللدفع لأي متطوع يقبل الانتقام من والدها مكانها.

خديجة
32 سنة من ضواحي القنيطرة، هاجرت إلى إسبانيا سنة 1989، أخرجها أبوها من المدرسة في السنوات الأولى ليزوجها إلى شيخ (عون السلطة) الذي يكبرها ب 30 سنة تقريبا، سبق له أن تزوج لمرات عدة قبلها، تكرهه خديجة بشدة كما تكره أباها، الذي توسلت إليه متحرقة أن يصرف النظر عن تزويجها بذلك الرجل، لكن دون جدوى، ابتلعت كمية كبيرة من الأقراص لتنتحر لكن لم تفلح. كان الزوج يمنعها من الخروج والاقتراب من النافذة أو الباب الموصد باستمرار ولا يفتح إلا عند إيابه وخروجه. كان شديد الغيرة لحد الهوس، حتى من أبنائه الذين أنجبهم في مراحل زيجاته الأولى.

وذات يوم وهو في السوق الأسبوعي، تشاجر مع ابن عمها الذي كان قد تقدم لخطبتها قبله، فأرداه قتيلا. دخل الزوج السجن وأعادها أبوها إلى البيت تاركا ابنيها عند أهل أبيهما.. لم تتحمل فراق فلذات كبدها، توسلت أباها ولم يرحم أمومتها، واحتج أنه " لن يخدم على 3 أفواه" ولم تتمكن من رؤيتهما. علمت إحدى صديقات أمها، التي كانت قد هاجرت منذ مدة إلى إسبانيا، بما حصل لها فساعدتها على الهروب والهجرة، هي الآن تشتغل مع عائلة بمدريد تحترمها وقد واعدوها بالمساعدة لتجلب أبناءها بدورهم إلى إسبانيا.

خالتها تسهل لهم مأمورية مكالمتها مرة كل شهر. رغم أنها تعيش في وضعية قانونية تخاف أن تعود إلى المغرب لكي لا تطلب في بيت الطاعة إن خرج زوجها من السجن لينتقم منها.

ثوريا
شابة من إحدى المدن الصغيرة بجهة الغرب الشراردة بني حسن، تبلغ من العمر 24 سنة، حصلت على الإجازة في الاقتصاد. أخوها الذي يكبرها حاصل على دبلوم معهد عالي لكنه لم يوفق في الحصول على شغل. توفي أبوها وتأزمت أوضاع المعيشة أكثر. تعرفت ثورية على شاب إسباني من قرطبة. ساعدها على الهجرة، عاشت معه أربعة أشهر في مالقة ثم رحلت بعد ذلك إلى مدريد. احتجت بعدم الاستمرار معه نظرا للخلاف الدائم بينهما والناتج عن انتمائهما لمجتمعين وثقافتين مختلفتين. تكابد الآن للتمكن من الاستقرار.

عائشة
من القنيطرة عمرها 32 سنة، تزوجت وهي في سن 16 مات زوجها الذي كان يكبرها بـ 24 سنة تاركا لها طفلتين. كانت تتقن الخياطة فخرجت للبحت عن عمل وقصدت " سيدات المجتمع الراقي" بالرباط وصدفة دخلت بيت أحد كبار المنتخبين بالعاصمة وربطت علاقة طيبة مع زوجته: إلا أن هذا الأخير بدأ يتحرش بها وحينما امتنعت شوه سمعتها لدى زوجته وطلب منها أن تنبه صديقاتها وأن لا يدخلنها بيتهن لأنها " بائعة هوى"، ضغط عليها ليقطع رزقها، أفهمها ذلك فاستسلمت له بعدما حاصرها وأخذ يصطحبها معه إلى أماكن اجتماعاته بمناطق متعددة و كان كريما معها إلا أنه كان يسائلني عن الجواهر والهدايا التي يشتريها لي ويطلب مني أن أتزين بها له. "كان يشتري ما لذ وطاب من الأطعمة في أفخم المطاعم وأغلاها، ونظرا لكثرة السكر لم يكن يستطع تذوق تلك الوجبات وكان يلقي بها في القمامة".

كان قلبها يتمزق وتتمنى آخذ ذلك إلى بيت عائلتها، لكن كرامتها وأنفتها منعتها من ذلك رغم أن بناتيها وأمها محرومات من تلك الأصناف ولكن ليس بيدها حيلة. كان خليلها يحب أن تتجمل وكانت تذهب مرات عديدة إلى الجوطية و تشتري ملابس، تغسلها جيدا و تكويها و تقول له أنها اقتنتها من المحلات الفاخرة و ذلك لتوفير النقود لتسليمها لأمها.. و كان يظن أنها اشترتها من أغلى المحلات بالنقود التي يعطيها إياها كانت تصرف النقود على أسرتها وتعمل على إرضائه. أصبحت تتوسله بأن يساعدها على الحصول على جواز السفر والتأشيرة وتعده بأن تسافر معه إلى الخارج.

وحينما حصلت على مبتغاها هاجرت إلى إسبانيا وقطعت كل صلة به تائبة، نادمة، كارهة الظروف التي اضطرتها لتدخل عالم النخاسة وهي تشتغل الآن كمنظفة بأحد الفنادق وفي وضعية قانونية. تعمل جاهدة لإحضار ابنتيها وأمها إلى إسبانيا لتقطع العلاقة نهائيا مع ماض بئيس لم يعرضها إلا للمهانة وانتهاك الكرامة والحاجة وبيع جسدها.

جميلة
22 سنة من نواحي القنيطرة تعيش بإسبانيا منذ 1993. كرهت وضعها في المغرب كخادمة " من دار لدار". كانت تتابع دراستها في الصف الابتدائي حينما توفي أبوها في حادثة سير وخرج أخوها منها معوقا وهما في طريق عودتهما إلى مدشرهم. كانت مشغلاتها تستغلنها من الفجر إلى وقت متأخر من الليل وليس لديها يوم عطلة تستريح فيه. ذات يوم في الحمام العمومي بالمدينة التقت بمهاجرة تشتغل بإسبانيا، بعد حوار دار بينهما وعدتها أن تساعدها على الهجرة شريطة أن تشغلها بمعرفتها، فوافقت، تركت إخوتها وأمها لكنها وعدت بإرسال النقود لمساعدتهم على تحسين ظروف عيشهم وتسديد الديون التي كانت بذمة أبيها.

نوال
27 سنة مطلقة من سيدي قاسم، تعيش بمدريد منذ سنة و نيف لأن أوضاعها داخل أسرتها سيئة ولا شيء لديها تعمله في المغرب لتلبية حاجيات إخوتها من لباس وأكل ومصاريف المدرسة. تركتهم مع أمها وتوجهت إلى إسبانيا لتشتغل وتمكنهم من عيش أفضل بفضل النقود التي سترسلها لهم حينما تعثر على عمل.

عبير
من ضواحي مولاي بوسلهام هاجرت إلى إسبانيا سنة 1997 في إطار التجمع العائلي لأن النقود التي كان يرسلها زوجها غير كافية، لديهم 6 أطفال بالإضافة إلى أختها ووالدي زوجها. تركت أبناءها عند أهلها وهاجرت إلى مدريد للبحث عن عيش أفضل لكنها صادفت صعوبات جامة لكن ليس لديها اختيار و فضلت المكابدة بديار الهجرة بحثا عن النقود التي ينتظرها أهلها بالمغرب.

و خلاصة القول أنه إذا كانت بعض النساء قد هاجرن في إطار التجمع العائلي وأخريات كن يشتغلن كخادمات عند بعض الأجانب خلال إقامتهم في المغرب وأخريات اضطررت لامتهان الدعارة رغما عنهن، فإن الكثيرات منهن قد هاجرن بفضل مساعدة وسيط ما ( أحد أفراد العائلة هاجر في السابق، صديق أو زوج صفقة أو حراك...) إذ من خلال محنتهن تبين أنه للهجرة إلى الخارج لا بد من حلقة وصل ومن وسيط يسهل مأمورية العبور، والهجرة تتطلب من المرأة إيجاد نقود، وهذا يتم في الغالب أيضا عبر مساعدة العائلة التي تطمح إما إلى تحسين أوضاعها بعد حصول المهاجرة على عمل أو تسهيل مأمورية الالتحاق بها في المستقبل، كما أن المهاجرات لم يخرجن كلهن بطريقة قانونية، مما نتج عنه ازدهار مافيا الاتجار في " اللحوم البشرية".

فإذا كان " الحريك" منطق مرفوض فهو يطبق لكونه الحل الوحيد والأوحد لتحسين وضعية أسر وشرائح اجتماعية عريضة بفعل تسارع وتيرة التفقير و التهميش والإقصاء و فقدان الأمل و عن عدم الشعور بدفء احتضان الوطن لأبنائه لاسيما الشباب منهم. و أمام هذا الوضع يبحث الشباب و الكهول، ذكورا و إناثاً، عن سبل الحريك هكذا تستغل شبكات التهجير بؤس مجتمع يرى خلاصه في الهجرة كحل للخروج من البطالة والتهميش.

هجرة قنيطريات إلى أوروبا

مدينة القنيطرة، مثل كل مدن ومناطق المغرب لها هي كذلك "سفراؤها فوق العادة" بالديار الأوربية في مجال "الحريك" والهجرة السرية. لكن الذي يهمنا في ملف هذا العدد هي صورة وأوضاع بنات حلالة بأرض الهجرة. لكن صورتهن وأوضاعهن على لسانهن هن... يحكين بمرارة مغامرتهن المؤلمة وظروف عيشهن هناك. إنهن قنيطريات-بنات حلالة- فضلن "الحريك" هروبا من الفقر والشعور العميق بالتهميش وبعدم وجود مكانا تحت شمس وطنهن.

وفي السنوات الأخيرة تضاعف عدد المهاجرات المغربيات بإسبانيا وإيطاليا حيث يوجد حاليا ما يناهز 35 ألف مغربية بإسبانيا وإيطاليا. وعرفت هجرة بنات حلالة إلى إسبانيا وإيطاليا على وجه الخصوص ثلاث مراحل متباينة يمكن إجمالها فيما يلي: ما قبل 1985 ، ومن 1985 إلى 2000 وفيما بعد 2000 . وقد تميزت المرحلة الأخيرة ببروز ظاهرة "الحريك" في حين تميزت مرحلة ما قبل 1985 بهجرة القنيطريات في الشرعية عموما أما في مرحلة مابين 1985 و2000 فقد تميزت بالهجرة المعتمدة على الزواج الأبيض والزواج- الصفقة والارتكاز على وثائق مزورة. وعموما تميزت هذه المرحلة بالتحايل على القانون.

سمات وضعية القنيطريات باسبانيا

إن معظم المهاجرات وجدن أنفسهن مجبرات على مزاولة أعمال تفتقر للشروط الإنسانية وأعمال كثيرة تحذرها كل المواثيق الدولية. وعلى رأس هذه المهن، أقدم "المهن" التي عرفتها البشرية الدعارة. فمن هن لم يمارسن الدعارة، يمتهن مهنا بسيطة، لاسيما كخادمات في البيوت حتى اللواتي يحملن منهم شواهد جامعية ودبلومات معاهد. وأغلبهن يعشن في وضعية غير قانونية وبدون أوراق الشيء الذي يعرضهن إلى أعمق أنواع التعسف والتمييز في شغلهن. فهناك العديد من القنيطريات يعملن بإسبانيا في البيوت أو مجال النظافة والتنظيف، وأغلبيتهن الساحقة يتعرضن لاستغلال كبير مقابل أجر زهيد. وهناك قليلات منهن يعملن في قطاع الفلاحة لاسيما في أليخندو وألميريا دون الايدانة لهن بأي حق من الحقوق حتى الأدنى والحيوية منها.

لماذا فكر القنيطريات في الهجرة؟

جواب على هذا السؤال هو سهل بما كان ولا يحتاج لكثرة تفكير. فجهة الغرب الشراردة بني حسن عرفت تزايدا مستمراً في وتيرة الفقر والبطالة انتشرت بين جميع الشرائح الاجتماعية حتى ذوي الكفاءات العليا. كما انتشرت الرشوة في المجتمع الجهوي بأسره، حتى أصبحت مترسخة بجهتنا.

وزادت الأزمة تعميقا بالجهة بفعل المحسوبية والزبونية والبيروقراطية وانتشار مافيا الفساد والإفساد والتخريب وسيادة السكن غير اللائق و الأحياء المهمشة... وبكلمة واقع مترد على مختلف الأصعدة وسيادة انعدام الثقة في مختلف الهيآت والمؤسسات والإدارات.

هذه الوضعية هي التي تؤدي إلى ذلك الزخم الهام من شباب الجهة والمدينة (ذكورا وإناثا) في التفكير في الهجرة بأي وسيلة. حتى أضحت الهجرة و"الحريك" هو أكثر المواضيع إثارة في المؤسسات التعليمية والمقاهي والمحلات التجارية والشوارع وعلى متن وسائل النقل العمومية... أغلب الشباب بالجهة وبمدينة القنيطرة ينشغلون بالهجرة. وهذا في الحقيقة تعبير صارخ عن معاناة شباب جهة الغرب الشراردة بني حسن قاطبة وخيبة أملهم كجيل محكوم عليه بالضياع رغم أنفه وبدون إرادته.

خلاصة القول:
يبدو أن هؤلاء القنيطريات غرر بهن في أغلبيتهن أجبرن على الاستسلام لواقع صنعه لهن الآخر. لكن هناك أخريات اخترن امتهان الدعارة عن طيب خاطر أحيانا قليلة ولانسداد الأبواب في وجوههن أحيانا كثيرة. وكلهن وجدن ضالتهن في الهجرة لحل مشاكل اقتصادية، وهذا هو قاسمهن المشترك.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية