يقبع الإسكتلندي أندرو مكدونلد العضو البارز في حركة التضامن الدولي (ISM) في سجن الرملة الإسرائيلي في انتظار إبعاده إلى موطنه الأصلي الذي قدم منه في العام 2002، للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بعد أن أخبره عدد من أصدقائه الدوليين عن المعاناة الكبيرة التي يعيشونها على أيدي الاحتلال الإسرائيلي.
اختار أندروا أكثر المناطق التي تجري فيها عمليات تنكيل بالفلسطينيين ليقف إلى جانبهم ويتصدى للمستوطنين الغزاة، مدينة الخليل وتحديدا حي تل الرميدة كان وطن أندرو الجديد، إذ شكل بجسده الدرع البشري العنيد الذي يحول دون تمكن قوات الاحتلال والمستوطنين من التنكيل بالأهالي هناك، لدرجة دفعت شرطة الاحتلال إلى اعتقاله وإصدار قرار بإبعاده وعدم السماح له مجددا بالدخول إلى إسرائيل.
وبالتأكيد إن قرية بلعين الواقعة غرب رام الله بالضفة الغربية لن تنسى أندرو أبد، فقد أقام فيها لعدة شهور وتصدى مع أهاليها لجدار الفصل العنصري، وكان من بين المتضامنين الأجانب الذين أصيبوا خلال محاولة منع الجنود الإسرائيليين من الاعتداء على المواطنين.
كما أنا أهالي مخيم بلاطة قرب مدينة نابلس لن ينسوا ذلك اليوم الذي تحدى فيه هذا المتضامن جبروات الاحتلال و وقام يتقيد نفسه بأحد أعمدة منزل مواطن فلسطيني قام بتنفيذ عملية ضد الاحتلال، ورفض الخروج من المنزل في محاولة منه لمنع الجنود من هدمه، وبالفعل نجح في ذلك.
ويعتبر زملاء أندرو المرافقين له في مدينة الخليل أن قوات الاحتلال تنفذ حاليا حملة مبرمجة من أجل القضاء على التواجد الدولي هناك، وتعمل من أجل دفع المتضامنين إلى تركها، لأنهم لا يريدون شهود عيان على جرائمهم التي يرتكبونها بحق المدنيين الفلسطينيين.
وحركة التضامن الدولي دخلت الأراضي الفلسطينية مع بداية انتفاضة الأقصى ولعبت دورا هاما في حماية المواطنين في مختلف أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي، وكان لها حضور بارز في مقاومة الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة للمحافظات الجنوبية، وبناء جدار الفصل العنصري في المحافظات الشمالية.
وتركز الحركة بحسب أعضائها في المرحلة الحالية على أمرين أولهما مساعدة المواطنين في قطف محصول زيتونهم حيث تمنعهم قوات الاحتلال ويعتدي عليهم المستوطنون، والوقوف إلى جانب الفلسطينيين في المناطق التي يتواجد فيها مستوطنون إسرائيليين بين السكان مثل مدينة الخليل، إضافة إلى المسيرات السلمية المنددة بالجدار.
وتقول ناتا جولان مديرة مكتب المتضامنين الدوليين في مدينة رام الله أن النشاط الأول الذي قامت به هذه الحركة هي الانتشار في بيوت مدينتي بيت ساحور وبيت جالا بالضفة الغربية لحمايتهما من القصف الإسرائيلي، حيث كان يمتنع الإسرائيليون عن قصف البيوت التي يتواجد فيها الدوليين حتى لا يقعوا في إحراج دولي.
وتضيف جولان أن المتضامنين نجحوا في الحد من القصف الإسرائيلي الذي كان في أوجه في شهر كانون أول من العام 2000، وقد توج هذا النصر الدولي باقتحام معسكر جيش الاحتلال الذي يستخدم لقصف المدينتين، إذ اقتحم 300 من المتضامنين الدوليين هذا المعسكر وأقاموا فيه لعدة أيام ومنعوا جيش الاحتلال من مواصلة القصف.
وتستذكر جولان الاجتياح الشامل للأراضي الفلسطينية في العام 2002، وتؤكد أن المتضامنين الأجانب لعبوا دورا هاما في حماية كنيسة المهد في بيت لحم من عملية الاقتحام والتدنيس الإسرائيلية، حيث أٌقاموا فيها لمدة 40 يوما دون طعام أو ماء حتى انسحاب جيش الاحتلال من محيطها.
وعند الرئيس عرفات إبان محاصرة المقاطعة برام الله لعب المتضامنون الأجانب دورا كبيرا في إجبار قوات الاحتلال على الانسحاب من محيطها، كما أنهم خلقوا دروعا بشرية تحيط بالرئيس عرفات، حالت دون تمكن المحتلين من المساس به جسديا.
وخلال تصديهم المتكرر قدمت حركة (ISM) شهيدان من أعضائها وهما البريطاني توم هندل و الأمريكية راشيل كوري اللذين تصدى أحدهما لجرافة الاحتلال فقامت بدفنه في رمال رفح وهو حي، والأخرى أصيبت بعيار ناري في الرأس أدى إلى استشهادها، كما أقدم الاحتلال على تدمير مكتب الحركة في مدينة بيت ساحور بالكامل.
وتذكر جولان أن العشرات من المتضامنين الدوليون يصابون يوميا في العمليات التي تنفذها قوات الاحتلال في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية، فهم يقفون إلى جانب المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال تصديهم لبناء جدار الفصل العنصري ويحاولون منع جيش الاحتلال من الاعتداء على المواطنين والتنكيل بهم فيقعون ضحية لهذا المحتل.