ومن طنجة إلى جاكرتا تحركّت أمة المليار ملتزميها و منحرفيها، المصلين وتاركي الصلاة ، الصائمين و المفطرين، المجاهدين والقاعدين , العلماء و العوام , المثقفين وغير المثقفين، و لم يبق مسلم يمشي على ظهر الأرض إلاّ وتحركّ ضميره و إستيقظ شعوره و إهتزّت كرامته، وشعر أنّه طعن في عقيدته ودينه و شرفه ومروئته وتاريخه و حضارته و ثقافته و جغرافيته. الإهانات الكبيرة وغير المقبولة التي وجهتها صحيفة دانماركية والتي تبعتها صحيفة نرويجية للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم شكلّت منعطفا كبيرًا وتحولا خطيرًا في العالم الإسلامي.
وقد شعر المسلمون كل المسلمين أنّهم أهينوا إلى النخاع في قدوتهم ورمزهم و نبيهم ورسولهم و حبيبهم و منقذهم الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور، ويمكن القول أنهم هدّدوا في وجودهم و كيانهم الحضاري والعقائدي و الروحي والثقافي والفكري , بإعتبار أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم الذي صاغ هذا الكيان بكل أبعاده مثّّل به في رسوم كاريكاتورية أفرغته من كل القيّم السامية والمثل العليا و الأفكار العملاقة التي جسدها هذا الرسول العملاق صلى الله عليه وسلم.
و في المقابل فإنّ الصحيفة الدانماركية ثم النرويجية رسمت صورا لشخص قد يشبه كل المجرمين و المعتوهين إلاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حاولت هذه الصحف تقديمه للقارئ الغربي على أنّه قاتل و هو الذي لم يقتل أحدا في كل غزواته، و إرهابي و مزواج للفتيات الصغيرات وغير ذلك من الأحكام المسبقة المستقرة في شعور ولا شعور الغرب سليل الحركة الإستعمارية التدميرية التي نهبت خيرات عالمنا العربي والإسلامي و عطلت مشروعهما النهضوي والثقافي بسبب الإحتلال العسكري الغاشم الذي كانت بلادنا مسرحًا له.
وكانت الصحيفتان الدانماركية والنرويجية اللتان عكستا أجواء الحقد على الإسلام السائدة في الغرب تتصوران أنّ هذه الإهانة لرجل يسكن في ضمير وشعور ولا شعور مليار ونصف مليار مسلمٍ، وكانتا تتصوران أنّ هذه الإهانات ستمر بسلام، وقد تذرعتا بحرية التعبير السائدة في الغرب والتي تحرّم على أي مسلم أو غربي تناول موضوع الهولوكست و المحرقة اليهودية، بل تحرّم إهانة الشاذين جنسيا، ففي السويد سجن قسّ مسيحي سويدي شهرا كاملا لأنّ تحدثّ عن الشاذين جنسيا بالسوء.
ومن طنجة إلى جاكرتا تحركّت أمة المليار ملتزميها و منحرفيها , المصلين وتاركي الصلاة ، الصائمين و المفطرين، المجاهدين والقاعدين , العلماء و العوام، المثقفين وغير المثقفين، و لم يبق مسلم يمشي على ظهر الأرض إلاّ وتحركّ ضميره و إستيقظ شعوره و إهتزّت كرامته، وشعر أنّه طعن في عقيدته ودينه و شرفه ومروئته وتاريخه و حضارته و ثقافته و جغرافيته.
فكان العنوان الأول لردة فعل إهانة الرسول الرمز مقاطعة البضائع الدانماركية و النرويجية، وقد أصيب الإقتصاد الدانمراكي في صميمه و نخاعه بعد ثورة الشعوب الإسلامية ومقاطعتهم للبضائع الدانماريكة في السعودية والكويت وقطر والإمارات و موريتانيا و الجزائر والأردن و في كل العالم العربي والإسلامي، وقد بدأ الرسميون الدانماركيون ينافقون ويبكون بل إنّ المفوضية الأوروبية الوقحة وبدل أن تعتذر لمقام الرسول صلى الله عليه وسلم راحت تهددّ دولا في العالم الإسلامي لأنّها شعرت أنّها أصيبت في عمودها الفقري وهو الإقتصاد.
وقد كشفت حملات الإنتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ أمة الإسلام هي الأقوى و الأعظم والأقدر و أنّ الآخر الغربي الذي يهين رسولنا صلى الله عليه وسلم هو الأضعف وهو قويّ بأموالنا وسيولتنا وخيراتنا و إقبالنا على بضائعه.
وهذا الدرس الكبير يجب أن يعمّم على كل الكتل التي تحارب الإسلام والمسلمين بدءاً من أمريكا والكيان الصهيوني و كل الإرادات الغربية التي تحتقر مشاعر المسلمين و تهزأ من أعظم نبيّ أخرج للناس.
فالمقاطعة سلاح فتّاك لا يعيد الكرامة فحسب بل يعيد الحيوية لأبقارنا ودواجننا و مزارعنا التي لا تقل جودة وعطاءا عن الأبقار الدانماركية وغيرها , كما أنّ هذا السلاح يجب أن يتواصل وخصوصا في ظل رفض الشعب الدانماركي لأي إعتذار يقدّم للمسلمين ...
ومن الدروس العملاقة المستقاة من إهانة الرسول في الدانمارك أنّ المسلمين كل المسلمين ملتفون حول حبيبهم ورسولهم و هذا عامل توحيد و قوة و يشبه إلى حدّ كبير وحدة الأنصار و المهاجرين – ونحن على باب السنة الهجرية الجديدة – و إجتماعهم حول رسولهم الكريم الذي علمهّم و علمنا أسمى القيم والمبادئ .
كما أنّ هذه الحيوية التي تجسدّت في الجغرافيا الإسلامية من طنجة وإلى جاكرتا، و هذا التوحدّ بين كل المذاهب والمدارس الإسلامية إنتصارا للحبيب المصطفى يجب أن تستثمر و ترشدّ في سبيل إعادة تفعيل كل القضايا الإسلامية المركزية الكبرى، بحيث لا نسمح مستقبل أن يهان أصل لنا أو فرع، وينسحب هذا على الإستعمار الأمريكي و البريطاني و الغربي لبلادنا الذي يجب طرده من بلادنا الإسلامية بسلاح المقاطعة و غيره من الأسلحة المشروعة.
ويبقى أنّ هذا الدين الذي يتولاه الله بالرعاية ها هو يعود إلى الواجهة ليبقى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الأقوى قبل أربعة عشر قرنا و بعد مرورها تطلّ علينا شخصيته مجددا لتبعث الحياة في أمة المليار إيذانا بأنّ هذه الأمة على موعد مع النهضة المرتقبة !!