إن الإسلام والمسلمين هم في مرمى هجمات استهدافية مخطط لها، تنضح أحقادًا وكراهية واتهامات باطلة لا اساس لها من الصحة، واغلب الظن انها سوف تتوالى ولن تقف عند حد. ويؤكد هذا الطرح اعادة نشر هذه الرسومات بشكل واسع وتحد سافر غير متورع للمسلمين من قبل العديد من الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية الغربية. *) بداية أود أن استعرض حالات باعتبارها مثالا لا حصرًا تمثل حملات الاستهداف العدواني المتعمد والمتكرر والمتوالي على الاسلام من قبل جهات كرّست نفسها للإساءة له عقيدةً ورموزًا وفكرًا ومنهجًا وسلوكًا. وهي في استهدافها هذا بعيدة كل البعد عما تدعيه كذبًا وبهتانًا أنه حرية رأي وتفكير وتعبير، ذلك أن هذه الحرية لم تكن في يوم من الأيام ولن تكون ساحة لرجم الديانات السماوية بسهام التحقير والاستخفاف والتشويه والتطاول عليها، وعلى وجه الخصوص الديانة الاسلامية دون سواها من الديانات، والتي وجهوا لها ولمعتنقيها والمؤمنين بها إهانة متعمدة في الصميم.
*) وكمقدمة لهذه الحالات الاستهدافية أعود إلى أرشيف الهجمات الإعلامية العدوانية على الاسلام على سبيل التذكير ببعضها. وهنا ابدأ بما قام به الكاتب البريطاني " شارلز مرور" المدير السابق لصحيفة "ديلي تلغرا " من توجيه إساءات بالغة للرسول الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم في مقالة نشرتها له هذه الصحيفة، متهمًا الرسول – حاشاه – بشذوذ المزاج الجنسي .
*) ومن ذات الارشيف أقف عند مجلة "ريدرز دايجست" الهولاندية الواسعة الانتشار التي اختارت عضو البرلمان الهولاندي من أصل صومالي "حيرزي علي" وهي مرتدة عن الإسلام، اختارتها هذه المجلة كأشهر شخصية أوروبية للعام 2005، وذلك لقاء مااسمته دفاعها عن حقوق المرأة المسلمة، ومحاولة إنقاذها مما زعمته هذه المجلة من براثن القهر والقمع اللذين يمارسهما الاسلام عليها.
*) والحديث لا ينتهي عند هذا الحد، ذلك أن عملية الاختيار لهذه المرتدة من قبل المجلة الهولاندية يجيء تحديا متعمدا وسافرا للمسلمين والاسلام في هولاندا والعالم الإسلامي. وللتذكير فان "حيرزي علي" هذه، هي التي انتجت الفلم الهولاندي " الخضوع 1 " الذي اساء الى الاسلام كثيرًا، وأحدث في حينه تداعيات وردود افعال خطيرة.
*) واستكمالا، فقد صدمت الجالية الاسلامية في هولاندا التي حرق لها أكثر من عشرين مسجدا ومركزا ومدرسة، بصدور حكم قضائي هولاندي باعطاء هذه المرتدة الحق في انتاج فلم ثان هو "الخضوع 2 ، وهو متمم لفلمها السابق " الخضوع 1"، والذي تتهم فيه الرسول الكريم – حاشاه – بانه داعية لدين متخلف يهدر حقوق المراة والأسرة. وقد برر القاضي حكمه القضائي بان ما قالته "حيرزي علي" عن الإسلام ورسوله هو عبارة عن رأيها الشخصي، وإنها لم ترتكب جريمة او تخالف القانون الهولاندي. وعلى ذكر هذه المرتدة، فنحن لا ننسى طابورا من المرتدين قد سبقوها وحظوا برعاية من يقف وراء مثل هذه الهجمات. وهل ننسى سلمان رشدي الهندي وآياته الشيطانية، والكاتبة تسنيم البنغالية ؟
*) ونعرج على الولايات المتحدة الاميركية لنقف عند مستجدات الهجمات الاستهدافية على الإسلام، ونختار منها مثالا لا حصرا هجمة مذيع اميركي يعمل في اذاعة اميركية في احد برامجه على حجاج بيت الله الحرام واصفًا إياهم بالرعاع المتخلفين. أما الهجمة الثانية فهي تتمثل في منتجات شركة اميركية تباع بواسطة الانترنت قامت بطبع رسومات عليها تسيء اساءة كبيرة للاسلام بعامة والقرآن الكريم بخاصة.
*) والى هنا، وأخيرا وليس آخرا، فإننا نصل إلى الهجمة المعادية الشرسة التي شنتها صحيفة " ييلاند بوسطن " الدنماركية بنشرها اثني عشر رسما كاريكاتوريا اساءت الى الرسول الكريم محمد عليه افضل الصلاة والتسليم. وزيادة في رقعة الاستهداف جغرافيا، لم تتورع صحيفة نرويجية اخرى من اعادة نشر هذه الرسومات تحت عنوان "لمن فاته مشاهدتها". وقد أفادت مصادر مطلعة ان كتيبا سيصدر في الدنمارك يشتمل على هذه الرسومات الخبيثة. ولسنا هنا بصدد سرد كل تداعيات هذه الحادثة الاثيمة والنكراء، فشرحها يطول، ولا نظن ان احدا في العالمين العربي والاسلامي لم تصله اخبارها على كافة الصعد.
*) إنها والحق يقال في مجموعها وتواليها هجمات استهدافية تفرزها نزعات عنصرية حاقدة، وهي دون ادنى شك شكل قذر من اشكال الحروب الدينية البغيضة المعلنة سرا وجهارا على العالم الإسلامي، العربي وغير العربي منه، لا يمكن قراءة مراميها واستقراؤها الا انها تحمل في طياتها احتقارا للاسلام والمسلمين، واستخفافا بهم، وتشويها متعمدا لكل مناحي ثقافتهم التي يشكل الاسلام غالبية عناصرها، وهي فيما تستهدف الصاق تهم العنف والقسوة والاكراه والارهاب بهم وبرموزهم الدينية ، وفي مقدمتها شخصية الرسول الكريم محمد عليه السلام.
*) ما يهمنا هنا - باعتبار ان الديانة هي ديانتنا، والرسول الكريم رسولنا – ردود الافعال الاسلامية على هذه الهجمات الاستهدافية. والواقع أن المتتبع للردود على هذه الهجمات سوف يصدم كونها كانت اما معدومة تمامًا، وإما أنها خجولة متواضعة مشرذمة، الأمر الذي جعلها تشكل تربة خصيبة لهؤلاء الذين يقفون خلفها مما أدى إلى استفحالها وتماديها واتساع رقعتها.
*) إلا أننا هذه الأيام وبحمد الله نقف على اعتاب مرحلة جديدة لصحوة إسلامية، فالخطب جلل، والتحدي خطير. وهنا لا بد من التنويه الى ردود أفعال دول إسلامية سباقة – أنظمة وشعوبا - بحد ذاتها، ومثالا لا حصرا المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، مملكة البحرين، الجماهيرية الليبية، فلسطين، قط ، لبنان، وغيرها. وقد تراوحت ردود افعالها ما بين اتخاذ خطوات سياسية، أو احتجاجية شعبية وبرلمانية. إلا أن أشدها وطئا وتأثيرا سلاح المقاطعة التجارية الذي اشهرته دول الخليج العربي والفلسطينيون.
*) واستكمالا، فان الأمر لا ينبغي له ان يقف عند هذه الحدود. ثمة عدة ملاحظات يجب التنويه لها ينبغي ان تؤخذ بالحسبان. أولى هذه الملاحظات إن الإسلام والمسلمين هم في مرمى هجمات استهدافية مخطط لها، تنضح أحقادًا وكراهية واتهامات باطلة لا اساس لها من الصحة، واغلب الظن انها سوف تتوالى ولن تقف عند حد. ويؤكد هذا الطرح اعادة نشر هذه الرسومات بشكل واسع وتحد سافر غير متورع للمسلمين من قبل العديد من الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية الغربية – فرنسا، ايطاليا، هولاندا، أسبانيا، بريطاني ، المج ، وغيرها، والباب مفتوح على مصراعيه، وذلك تضامنا مع الدنمارك على حد الادعاء.
*) عربيا واسلاميا ثمة ملاحظات ننوه إليها. أولاها أن سقف ردود الانظمة السياسية الاسلامية كان منخفضا، والأهم من ذلك ان هناك العديد منها الدول لم يسمع لها صوت حتى الآن. والملاحظة الثانية تتمثل في غياب صوت الازهر الشريف الذي يفترض ان يكون مدويا. والملاحظة الثالثة تتمثل في تقصير وسائل الاعلام العربية والاسلامية في مقابل هذه الهجمة التي اتخذت من وسائل الاعلام الغربية مطية لها. والملاحظة الرابعة وقد لا تكون الاخيرة تخص موضوع الرفض لهذه الهجمة والذي لا ينبغي له ان يقف عند حدود الشجب والاستنكار، فثمة وسائل سياسية واقتصادية اذا ما كان هناك اجماع عليها سوف تكون لها نتائجها الفاعل .
*) وكلمة أخيرة، أننا لا نجد ما نختم به حديثنا خيرا من قوله تعالى في قرآنه الكريم " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (سورة الحجر الآية: 9). ولا خيرا من قوله تعالى في مدح رسوله الكريم " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (سورة القلم: الآية 4). ولا قوله تعالى في نصرة نبيه رسول العالمين " إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ "(سورة التوبة الآية: 40). ولا قوله تعالى في لعن الحاقدين على الرسول الكريم " إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" (سورة الكوثر الآية: 3). صدق الله العظيم .