هذا العدد الضخم يدل على أن مفهوم الإرهاب لدى الإدارة الاميركية مفهوم هلامي فضفاض واسع، ولو لم يكن كذلك لما بلغ عدد المصنفين تحت مسمى «إرهابي» هذا العدد الضخم! وهذا يستدعي من عقلاء العالم وقفة جادة في وجه هذا التهاون الذي أدى ويؤدي إلى تصفية واعتقال الأبرياء بدعوى أنهم إرهابيون من دون أن تعرف حقيقة التهم الموجهة إليهم، والأسس التي تم وفقها ترسيمهم بهذا اللقب المدمر الكريه! في إحصاء جديد للإرهابيين بحسب المفهوم الأميركي أعلن مركز مكافحة الإرهاب الوطني انه يحتفظ بقاعدة بيانات تضم 325 ألف اسم لأشخاص مشتبه بضلوعهم في الإرهاب الدولي، ولم يشر هذا الإحصاء إلى الإرهابيين المجهولين الذين لم يتم التعرف على هوياتهم!
والحق أن المراقب لا يتمالك نفسه من فرط الضحك من الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع حكاية «الإرهاب الدولي» التي يبدو أنها ستفوق في طرافتها وسخريتها السوداء حكايات ألف ليلة وليلة، مثلما تفوقت عليها في إحصاء ذلك العدد الخيالي المهول!
وهذا العدد الضخم يدل على أن مفهوم الإرهاب لدى الإدارة الاميركية مفهوم هلامي فضفاض واسع، ولو لم يكن كذلك لما بلغ عدد المصنفين تحت مسمى «إرهابي» هذا العدد الضخم! وهذا يستدعي من عقلاء العالم وقفة جادة في وجه هذا التهاون الذي أدى ويؤدي إلى تصفية واعتقال الأبرياء بدعوى أنهم إرهابيون من دون أن تعرف حقيقة التهم الموجهة إليهم، والأسس التي تم وفقها ترسيمهم بهذا اللقب المدمر الكريه!
ولك أن تتساءل عن تعداد هؤلاء الأبرياء المدرجين ظلما وعدوانا في قائمة الـ 325 ألفا هذه! ولو وعي الساسة الأميركيون حقيقة هذا الإحصاء «السخي» لأدركوا أن الحملة التي أطلقوها ضد الإرهاب لم تنجح في كبح جماحه وان الإخفاق هو الوصف الحقيقي لها في ضوء معلومات مركز مكافحة الإرهاب المذكور، فقد صرح بعض مسؤوليه أن عدد الإرهابيين قد تضاعف خلال عامين منذ خريف العام 2003، وإذا كانت غاية الحملة تقليل عدد الإرهابيين فإنها في الحقيقة قد عملت على النقيض من ذلك، بدليل تضاعف عددهم كما تنطق بذلك الإحصائية الجديدة.
إن الإدارة الحالية قد نجحت بامتياز في رفع مستوى المشاعر العدائية المتنامية ضد الولايات المتحدة في العالم كله، وليس فقط في العالم الإسلامي، وهو ما لم تنجح الدعاية الاميركية في الحدّ منه رغم ما رصد لذلك من ميزانيات خيالية حيث المراكز الدعائية والمحطات الإذاعية والقنوات الفضائية وحملة الأقلام المعروفين عربيا بـ «كتاب المارينز»، فصورة واحدة من صور الفظائع الجارية في معتقلي أبو غريب، ومعسكر اكس ري الكوبي كفيلة بإذابة جبل دعائي تجميلي، كما تذوب رشة الملح في كوب ماء!
ولذا لم يجد وزير «الحرب» الأميركي رامسفيلد غضاضة من الاعتراف بأن أميركا تخسر حربها الإعلامية، مع «القاعدة»، وان عليها أن تفتح جبهة جديدة لحربها على الإرهاب وهي الجبهة الإعلامية، وما لا تدركه الإدارة الأميركية هو أن المشكلة لا تكمن في الإعلام الأميركي بقدر ما تكمن في عقلية الإدارة نفسها التي لا تعرف إلا لغة التوماهوك والبي 52 للحوار مع الآخرين!
ألم يقترح المستر بوش على توني بلير قصف قناة «الجزيرة» كما كشفت ذلك الوثيقة التي تم الكشف عن محتواها قبيل شهور؟ إن القوة التي توفرها الترسانة الأميركية قد استحالت شيئا إلى ثغرة ضعف تتعاظم يوماً اثر يوم، فالإدارة التي أدمنت الخيار العسكري وجعلته إلهها الأوحد، وبالغت في الاحتفاء به، يصعب عليها أن تتخلى عن هذا «العملاق المؤله» وتصرف بعض قرابينه إلى جهات أخرى هي في نظرها القاصر محدودة الفاعلية أو عديمة الجدوى.