وهل تشكل محاور النفط من جورجيا إلى دارفور السودان خطوط الحروب المقبلة؟
وهل تكون الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وبصفتها المالكة لأكبر ترسانة حربية في التاريخ، ستكون الطرف الأبرز في هذه الحروب وتلك النزاعات؟ رغم أن الفكرة الرئيسة، التي اعتاد عليها الكثيرون، خلال القرنين الماضيين، خاصة في الدول الصناعية الغربية الكبرى، أن النفط: ليس، فقط، هو أهم مصادر الطاقة التي اكتشفها الإنسان على مدار تاريخه؛ ولكن، وهذا هو الأهم، أنه موجود بوفرة وكثافة ورخص. ولعل هذا، كان ضمن أهم الدوافع إلى الاعتقاد بأن النمو الاقتصادي بلا حدود هو أمر بديهي؛ وأنه، اعتماداً على وفرة النفط ورخص أسعاره، سوف يستمر دونما عوائق، على الأقل في المدى المنظور.
رغم ذلك، أو: رغم الاعتياد على هذه الفكرة من قبل الكثيرين، إلا أن الاعتياد إياه قارب على أن يتبدد، خاصة بعد ما أكد العديد من الخبراء أن: "إنتاج النفط العالمي سوف يصل إلى ذروته قريباً (خلال الفترة 2006-2016)، وبأنه سيكون هناك، بعد هذا التاريخ، تراجع بنسبة اثنين بالمئة كل عام من الطاقة المتوافرة للدول الصناعية".
يعني هذا، في ما يعنيه، أن الدول الصناعية الكبرى في العالم ستكون مضطرة منذ الآن، أو بالأحرى: منذ سنوات مضت ـ أي: منذ أن اكتشفت، هي، هذه الحقيقة ـ وحتى عقود مقبلة، إلى الاعتماد على إمدادات النفط، التي ستكون أقل من المطلوب، خلال أقل من خمس عشرة سنة.
لا بل يعني، أيضاً، ما هو أهم؛ إذ يعني: كافة التداعيات المترتبة على تبدد وفرة النفط، تلك التي اعتمدت عليها التنمية الاقتصادية عموماً، والصناعية منها بشكل خاص.
ولنا أن نتصور، والحال هكذا، كم وكيف النزاعات العسكرية التي سوف تنشب بين الدول بهذا الخصوص.. بل إن هذا التصور، يصل إلى حد التوقع، والتشاؤم من ملامح المستقبل القريب، خاصة إذا لاحظنا: أن معظم الحروب التي شهدها العالم، من أجل النفط خلال القرن العشرين، نشبت خلال وجود وفرة في معروض الموارد الطبيعية والطاقة، وعلى رأسها النفط.. فما بالنا، إذن، ونحن على أبواب مرحلة البداية لتبدد هذه الوفرة، وهي المرحلة التي لايفصلنا عنها سوى سنوات قلائل، هي أقل من "نصف جيل".
التنافس النفطي
ترى.. هل نغالي إذا قلنا: أن ما وصلنا إليه تواً، يفسر كافة النزاعات والحروب العسكرية، خلال السنوات القليلة الماضية على الأقل(؟!).
لانعتقد أن في الأمر أية مغالاة.. ويكفي، هنا، أن نؤكد علي المثال الذي أورده المحلل الإستراتيجي، سعد محيو، في مقال حديث له؛ نعني: "التنافس الصيني/الياباني على المداخل إلى حقول النفط الغنية في سيبيريا".
وفي ما يبدو، فإن هذا التنافس أصبح لاهباً، رغم أنه يتوارى ـ نسبياً ـ عن مقدمة الأحداث العالمية، على الأقل: من منظور ساحة الإعلام العربي، بسبب ما يحدث في العراق والسودان وفلسطين، وغيرهما من بؤر التوتر في الشرق الأوسط؛ ناهيك عن ضجة الأزمة "الإيرانية ـ الأمريكية"، ومراقبة العالم عموماً، والعرب خصوصاً، الدؤوبة، لكافة الاحتمالات المتوقعة، أو: التي يمكن توقعها، لمسارات هذه الأزمة.
فاليابان، من جهة، وبناء على اعتمادها بشكل كامل على النفط المستورد، تبذل قصارى جهدها لإقناع موسكو بمد خط أنابيب لنقل النفط بطول 2300 ميل، من سيبيريا إلى السواحل اليابانية. أما الصين، من جهة أخرى، التي أصبحت ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فترى أن النفط الروسي يمثل جزءاً حيوياً من أمن الطاقة لديها؛ ولذا، فهي تبذل، أيضاً، قصارى جهدها مع موسكو لمد خط أنابيب لنقل النفط بطول 1400 ميل، من سيبيريا إلى جنوب منطقة "داغينغ" الصينية.
ولعل هذا التنافس يتبدى بصورة أكثر وضوحاً، إذا لاحظنا: أن المتنافسين، أحدهما هو العملاق الياباني، الذي أبهر العالم بنهضة صناعية هائلة، في زمن قياسي، وفي ظروف كلنا يعرف كم كانت صعبة في بداياتها.. أما الآخر، فهو الصين، التي تستورد ثلث حاجتها من النفط، والتي انتقلت ـ للمرة الأولى في تاريخها ـ من دولة مصدرة للمواد الأولية، ولاسيما النفط، إلى دولة مستوردة له، ومن دولة ذات اقتصاد محلي إلى دولة ذات اقتصاد "عالمي"؛ بل، وهذا هو الأهم، من دولة تكتفي بإنتاجها المحلي من النفط، إلى دولة تعمل على إنشاء مخزون إستراتيجي منه، على شاكلة الولايات المتحدة الأمريكية.
بيد أن هذا التنافس النفطي بين العملاقين الأسيويين ـ ينبغي أن نلاحظ ـ لا يعبر عن حالة استثنائية، بقدر ما يمثل جزءاً من التنافس النفطي بين كافة الدول الصناعية الكبرى، خاصة وأن هذه الدول، ومعها ـ قطعاً ـ شركاتها ومراكز أبحاثها النفطية، باتت تدرك أن النفط، كـ "أهم مصادر الطاقة"، هو قاب قوسين أو أدنى من مرحلة "تبدد الوفرة" في حقول إنتاجه المكتشفة حتى الآن على الأقل.
فإذا ما أضفنا إلى ذلك، أن النفط ليس موضوعاً يختص بدولة، أو بدول، بعينها، بل هو مسألة عالمية تعني جميع دول العالم بنسبة أو بأخرى.. وأضفنا إليه، أيضاً، أن مستقبل اقتصاد النفط يبدو اليوم أقرب ما يكون إلى الغموض والتغير، بالاستناد إلى مجمل المعطيات المتوافرة حوله.
إذا أضفنا هذا إلى ذاك إلى ما قبله، يمكننا القول: أن التوقع باقتراب مرحلة "تبدد الوفرة النفطية"، لن يطلق، فقط، الشعور بالقلق لدى دول العالم، وخاصة الصناعية الكبرى منها، مما يدفعها إلى التفكير إلى الاهتمام بـ "مصادر الطاقة البديلة"؛ ولكن، أيضاً، وهذا هو الجدير بالتأمل والاهتمام، في آن، سوف يفتح أبواب التنافس النفطي على مصاريعها.
وترتيباً على ذلك، لنا أن نتصور أن المسألة لن تتوقف ـ بالطبع ـ عند حدود التنافس، وتقديم أكثر من ميزة تنافسية للحصول على "الطلب"، ولكن سوف يندفع المتنافسون إلى التلويح بـ "القوة" للحصول على ما يريدون.
ومن المنطقي، والحال هكذا، أن نتوقع نشوب نزاعات وحروب عسكرية مريرة وضارية.. أيضاً، لنا أن نتوقع مدى ما يقترب به من الصحة، ذلك الرأي القائل: "أن الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وبصفتها المالكة لأكبر ترسانة حربية في التاريخ، ستكون الطرف الأبرز في هذه الحروب وتلك النزاعات.. التي يبدو أنها سوف تدمغ القرن الحادي والعشرين بدمغها الخاص".
أليس هذا هو عين ما حدث في أكبر سابقتين مر بهما تاريخ العالم المعاصر.. نعني: ما حدث في أفغانستان، وفي العراق(؟!).
ثم.. أليس هذا هو ما يمكن أن نتوقع حدوثه على الوتر الممتد من جورجيا في أواسط آسيا، إلى دارفور السودان في أواسط أفريقيا(؟!).
وأخيراً.. ألا يمكن اعتبار أن ملامح الإجابة على هذين التساؤلين، تأتي ضمن العوامل الدافعة إلى الأزمة النفطية الي يشهدها العالم راهناً(؟!).
الأزمة النفطية
رغم بلوغ أسعار النفط الخام في البورصات العالمية مستويات قياسية غير مسبوقة، دفعت البعض إلى ربط هذا الارتفاع بالمعروض من النفط الخام والطلب "المصطنع" المتزايد عليه، الذي شهد تصاعداً اعتبره الكثيرون مبرراً مقنعاً لارتفاع الأسعار إلى مستوياتها الحالية.. رغم ذلك لم تكن الأسباب الحقيقية كلها اقتصادية بحتة، بل كانت إلى جانبها دوافع وأهداف سياسية.
بل، لعلنا لا نغالي إذا قلنا: أن من يقف خلف هذه الأخيرة، أي: الدوافع والأهداف السياسية، يتوخى إحكام سيطرته على مقدرات أسواق النفط العالمية، وإتمام إعادة رسم الخريطة النفطية الدولية، بشكل يشابه ما تم في عملية إعادة رسم خريطة العالم السياسية بعد انهيار منظومة الاتحاد السوفياتي السابق وانتهاء الحرب الباردة، مروراً بالتغيرات السياسية في شرق أوروبا وجنوب شرق آسيا، ووصولاً إلى ما سمي بـ "الحرب على الإرهاب"، كخطوة رئيسة ضمن مخطط متعدد المراحل، من بين ما يرمي إليه: إحكام السيطرة على منابع العصب الرئيس للاقتصاد والمحرك الأكبر له.. النفط.
ولعل هذا هو المحرك الأساس، من الناحية السياسية، للأزمة النفطية الراهنة؛ التي هي، في حقيقتها: ليست أزمة عارضة في الاقتصاد العالمي، بل: أزمة بنيوية.. أما العوامل الأخرى، وخاصة الاقتصادية منها، فهي، في اعتقادنا، كلها فروع لجذر الأزمة هذه.
ما يؤكد قولنا الأخير، هذا، هي العوامل التي طرحت من قبل الكثيرين كـ "اعتبارات" ساهمت في أن تأخذ الأزمة طريها إلى الظهور بهذا الشكل الحاد.
إذ، يرى البعض أن الأزمة الرهنة تعود إلى ثلاثة عوامل متقابلة ومتداخلة: مصادر النفط المحدودة من جانب، والطلب الكثيف من قبل بعض دول العالم (الصين والهند خصوصاً)، من جانب ثان، واستمرار الدول الصناعية في استهلاك تصاعدي من دون خفض يعوض استهلاك البلدان النامية من جانب ثالث.
بينما يرى البعض الآخر، أن التوتر الناجم عن تدهور الأوضاع في العراق، وكذا أزمة البرنامج النووي الإيراني، هو المسؤول إلى حد كبير عن آخر ارتفاع للأسعار، وهو ـ الارتفاع ـ المعروف بـ "زيادة المخاطر"، تلك المقدرة بين "ستة" و"عشرة" دولارات للبرميل تبعاً للظروف، والتي تشمل، أيضاً، الزيادة في تكلفة التأمين ونتائج المضاربات في سوق الأسهم (التي توظف فيها المصارف الكبرى المليارات من الدولارات).
والواقع، فإن الضغوط "الجغراسية" (الجغراسياسية)، هي التي تضاعف من حركة الارتفاع في الأسعار؛ وهنا، فإن ثلاثة عوامل تلفت الانتباه في هذا السياق.
الأول، وغالباً ما ننزع إلى نسيانه، هو تأثير النزاعات العرقية والإضطرابات في نيجيريا على الإنتاج النفطي في هذا البلد؛ إضافة إلى الإضراب الذي أصاب الصناعة النفطية في فنزويلا بالشلل (في: عام 2003)، وأدى إلى انخفاض كبير في إنتاج النفط في هذا البلد.
العامل الثاني، كان القرار الذي أعلنته منظمة الدول المصدرة للنفط، منذ فترة زمنية، بخفض سقف إنتاجها إلى 23.5 مليون برميل يومياً، وما لقيه هذا القرار من اعتراضات في الدول الصناعية، وما أدى إليه ذلك من تزايد في الضغوط والأسعار (لاحظ: أن دول أوبك لم تخفض إنتاجها فعلياً، وبقي إجمالي العرض كافيا لتغطية الطلب).
واقع آخر يجدر الالتفات إليه: إذ تشير التقارير إلى أن ارتفاع الحاجات العالمية وانخفاض احتياطي الدول الصناعية وإنتاجها، سيؤدي إلى زيادة ارتهان الولايات المتحدة حيال النفط المستورد من 55.7 إلى 71 بالمئة، وأوروبا الغربية من 50.1 إلى 68.6 بالمئة، والصين من 31.5 إلى 37.2 بالمئة؛ من دون أن ننسى سائر البلدان المستهلكة.
هذا الارتهان المتزايد في مجال الطاقة الحيوي، يفسر "حروب النفط" التي تتواجه فيها الدول الصناعية الكبرى وشركاتها النفطية من أجل السيطرة على احتياطي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ناهيك عن أفريقيا، وإضافة ـ طبعاً ـ إلى حرب العراق الأخيرة.
لهذه الأسباب دار النقاش حول أسباب الارتفاع الأخير للأسعار: أليس هو نذير "صدمة كبرى"، قد يتسبب بها، عاجلاً أم آجلاً، عدم التطابق المتزايد للحاجات مع إمكانات الإنتاج اللاهثة(؟!).
إن تطور هذه الامكانات في السنوات المقبلة، لهو أمر مرهون بالاستقرار السياسي، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط بقدر ما هو مرهون بحجم الاحتياط المتوافر في هذه المنطقة، التي تمثل "نقطة الثقل" على الوتر الممتد من أواسط آسيا إلى أواسط أفريقيا.
أليس هذا ما يوضح: لماذا هذا الإصرار الأمريكي على مشروع الشرق الأوسط "الكبير/الموسع"؛ ولماذا هذا الإلحاح الأمريكي على نفي الصلة بين تحركاتها الأخيرة وبين منابع النفط.
لقد ذهب دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي، إلى حد القول: "نحن لا نحرك قواتنا ونجعلها تدور حول العالم لمجرد السيطرة على نفط الأخرين، ليس هكذا تعمل الديموقراطيات(!!).. ومن ثم، لنا أن نتساءل: لماذا، إذن، تتحرك القوات الأمريكية، ولماذا تدور حول العالم(؟!).
الحرب النفطية
سواء كان سبب الأزمة النفطية الأخيرة، هو تعاظم اقتصاديات الصين والولايات المتحدة الأمريكية وزيادة طلبهما على النفط، أو كان الظلال القاتمة للقلاقل والاضطرابات التي لا تهدأ في العراق وآثار ذلك على المنتج من نفطه، أو تداعيات أحداث الأزمة "الإيرانية ـ الغربية"، وتأثيرها على أسعار النفط، أو زيادة الطلب العالمي على النفط مع قدوم الصيف ومع قلة المعروض منه، أو غير ذلك من الأسباب.. فإن الواقع يقول: أنها لن تكون آخر الأزمات، ويقول؛ أيضاً: إن زمن النفط الرخيص قد ولى، حسب تعبير مجلة "ناشيونال جيوجرافيك" (في: يونيو 2004)،ومصادر أخرى عديدة.
وهذا يعني، أن جهود الدول الصناعية الكبرى لن تهدأ حتى يتم تدبير مصدر طاقة بديل ورخيص يريحها ويعفيها من تزايد أسعار النفط وتوابع أزماته المتتالية.
ولكن.. ماذا لو كان بلوغ هذا المصدر، هو أبعد من المستقبل القريب(؟!).
لعل كلنا ما يزال يتذكر كيف كان لحادث المفاعل النووي السوفياتي "تشيرنوبل" (في: عام 1986؛ وهو العام نفسه الذي شهد أقل أسعار للنفط خلال حقبة الثمانينات)، أثره في عدم استمرار النمو في استخدام الطاقة النووية بنفس المعدلات التي شهدها العالم خلال النصف الثاني من السبعينات وخلال عقد الثمانينات.
ولعل هذا الاتجاه، الأخير، من المنتظر أن يتعمق أكثر خلال السنوات القليلة القادمة، مع إعلان دول مثل السويد وألمانيا عن اتجاهها للاستغناء عن توليد الطاقة الكهربية استناداً إلى المفاعلات النووية، بل ووضع برنامج زمني لإغلاق المفاعلات القائمة.. ولعل لهذه التفاعلات كان لها أثر كبير في زيادة الاعتماد مرة أخرى على النفط في هيكل الطاقة المستخدمة؛ بحيث ارتفع مرة أخرى إلى نحو 40 بالمئة (حسب تقديرات عام 2000).
أضف إلى ذلك، "المفارقة" التي مفادها: أن الجهود المبذولة من قبل الدول الصناعية المستهلكة للنفط في محاولة تكثيف البحث عنه، وإنتاجه في بلدان خارج منظمة الأوبك، قد بلغت نهايتها؛ إذ لم يتم اكتشاف النفط بكميات يعتد بها طوال التسعينات سوى في منطقة آسيا الوسطى، وبالرغم من أهمية هذه المنطقة، وغناها المحتمل بالاحتياطات من النفط والغاز، فإن الإنتاج منها لن يصبح مطروحاً في الأسواق بشكل كثيف سوى في منتصف العقد الحالي، أي: مع انتهاء بناء خطوط الأنابيب من الحقول المنتجة إلى موانئ التصدير على البحر المتوسط. ونتيجة لذلك، نجد أن نفط الأوبك ارتفعت أهميته في العرض العالمي؛ حيث عادت حصة بلدان المنظمة لتصبح نحو 40 بالمئة من إجمالي المعروض العالمي من النفط.
هذه المفارقة نفسها، تضع اليد على المعادلة التالية: "إن نهاية زمن الاكتشافات النفطية هي بداية زمن الحروب النفطية".. وهي المعادلة التي دفعت المحلل الاقتصادي، مايكل كلار، إلى القول: "إن الحاجات في الطاقة للإمبراطورية [الأمريكية]، ولأصدقائها [الأوروبيين]، سيدفعها إلى استخدام القوة بعيدأ عن كل اعتبارات ديماغوغية، من مثل الدفاع عن الحضارة والديموقراطية".
استخدام القوة ؟
نعم.. مثل ما حدث في أفغانستان والعراق.. ومثل ما سوف يحدث، إن عاجلاً أو آجلاً، في دارفور السودان، اللهم إلا إذا وصل الأمر، عن طريق المفاوضات برعاية أمريكية، إلى تحقيق المستهدف من جعل أزمة دارفور تبدو وكأنها أزمة إنسانية عالمية.. ومثل ما حدث في جورجيا، حيث وصل الأمر بالأمريكان إلى فرض الرئيس هناك لمرات ثلاث متتالية، بل وحمايته الشخصية من قبل وكالة المخابرات الأمريكية.
وماذا بعد(؟!).
وبعد.. لا ينبغي على البلدان النفطية، خاصة العربية منها، أن تسعد كلياً للمكاسب العاجلة التي تتحصل عليها من وراء ارتفاع أسعار النفط؛ فقد تؤدي نفس هذه المكاسب إلى خسائر آجلة كبيرة لا تقدر عليها خزاناتها أو ميزانياتها.
فـ "حروب النفط" التي اندلعت منذ سنوات مضت، سوف تستمر إلى سنوات قادمة.