أثناء الحروب غير النبيلة يشيع ما يسمى بـ"القتل على الهويّة" حيث تكون هوية الشخص وانتماؤه سببا كافيا لقتله. أما في الحراكات السياسية النبيلة فلا يجوز أن نستنسخ المبدأ ذاته، فما أراه طوال هذه السنوات هو أننا ننزع للتصويت على الحميّة.
الطباق بين العبارتين "القتل على الهوية" و"التصويت على الحميّة" ليس طباقا لغويا وحسب، بل طباق في النتيجة، فكلاهما قتل. الأول قتل وإفناء جسدي، أمّا الثاني فقتل للروح الخيّرة التي نفخها الله فينا حيث نخنقها بخيارات غير منطقية فقط من أجل اعتبارات اجتماعية، وقتل بطيء بعيد المدى للوطن وحجود قبيح.
أعلم أن النسيج الاجتماعي في الكويت قوي ومحكم، أعلم. لكن، هل يعقل أن يكون أقوى من صوت الحق؟ حسنٌ، إذا كان ما يحدث لا يشعركم بالمسؤولية الأخلاقية ولا بالسوء من أنفسكم، فلا يمكنني توجيه كلامي إليكم لأنه قد لا يكون له اعتبار، لكني أوجهه لأولئك الذين يعلمون أن الله استخلفهم على الأرض للإصلاح فيها، وحمّلهم مسؤوليات سيُسألون عنها يوم السؤال. لأولئك فقط أوّجه كلامي، أوّجه كلامي لـ"من ألقي السمع وهو شهيد".
"العرضحالجي" شخص يجيد الكتابة يلجأ له الأميّون المتقاضون ليكتب عرائضهم نيابة عنهم و"يعرض حالهم" على المحكمة، وهل يحق لنا أن نلوم الأميّ؟ لكن يحق لنا أن نلوم من يلبس ثوب الأميّ وهو أبعد ما يكون عنه، فينتخب نائبا ليعمل "عرضحالجيا" ومخلّصلا للمعاملات. هذا العام، اسأل مرّة أخرى: العرضحالجيون، أهم قادمون؟
بعد سنوات من نقيقي –وزميلاتي- المستمر حول الموضوع، حصلنا على حقوقنا السياسية ولله الحمد وتحقق أحد البنود على قائمة الأمنيات الخاصة بي. حسنٌ، ما الخطوة القادمة؟ سيصرخ البعض "الكووتا" أو نظام المحاصصة. يؤسفني أن أخيّب ظنّكم أعزائي وعزيزاتي، لكن لا شيء أفضل من الإنصاف. فكما أن على الرجل المرشح لمجلس الأمة أن يعاني، على المرأة المرشحة أن تعاني، وعليها أن تواجه ما يواجه حتى لو عنى هذه ألاّ نرى امرأة في مجلسنا، فالمجتمعات لا تتغيّر بجرة قلم وإذا لم نكن راغبات وقادرات على تغيير الصورة النمطية، وعلى انتزاع حقوقنا بأنفسنا، ستكون هذه كارثة حقًا. على المرأة أن تتعلم أن تستقل، وتتابع، وتفكر، وتناقش، وتخرج من شرنقتها، أما دعاوى المحاصصة، فلا تعيروها اهتماما رجاءً، فليست سوى "دلع فتيات"!