بعد أن تأكد فوز (حماس) في الانتخابات التشريعية، وقبيل تشكيل حركة المقاومة الإسلامية للحكومة الفلسطينية، قامت حركة (فتح) بسلسلة تعيينات وقرارات أقل ما توصف به أنها (غير ديمقراطية) ولا تحترم تطلعات وقرارات الشعب الفلسطيني المرابط في الأرض المحتلة! وتصادر إرادته الواضحة باختيار شعار (الإسلام هو الحل). كما قام سفراء السلطة الفلسطينية بالتحريض ضد استلام الحزب الفائز – حماس – للحكومة في بلادهم، وخرج (أبو علي شاهين) عضو المجلس الثوري في (فتح) وغيره علنًا ليحرض الدول العربية على تلك الحركة المباركة، ويحذرهم من تأثيرات ذلك على دولهم، وكأنه لا يكتفي بدكتاتورية تلك الأنظمة وتسلطها على شعوبها، بل يريدهم أن يضعوا على كاهل شعبه بعضًا من تلك المظالم!
واستمرأت (فتح) البغي واستمرت بالتضييق حتى بعد تشكيل (حماس) لحكومة شرعية، فقام رئيسها (أبو عباس) البهائي الديانة بنقل صلاحيات العديد من الأجهزة إلى سلطته أو أشرك فيها أناس من سلطته! فأصبح التلفاز والإعلام والجمارك والمعابر والأمن والجزء الأكبر من الأموال بيد الرئاسة الفلسطينية بدل الحكومة المنتخبة.
والخطر الحقيقي أن الحصار السياسي والاقتصادي الذي تسببت به (فتح) وأعانت عليه، لم يضر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحدها، لكنه مس بالدرجة الأولى حياة الشعب الفلسطيني المرابط والمجاهد هناك! إذ أن 60% من سكان (غزة) فقراء، وشح الأغذية والأدوية مستمر، والرواتب لم تصرف منذ ثلاثة أشهر أو أكثر، وغير ذلك من مظاهر الفقر والقهر.
إنها تصرفات عبثية وغير مسؤولة إن أحسنا الظن في السلطة الفلسطينية، و(عميلة) مأجورة إن تمعنا فيها جيدًا ... نعم! فأقل ما يتضح للمطالع الموضوعي أن القائمين حاليًا على (فتح) مجموعة من العملاء والمنتفعين، قد يكون بينهم مخلصون وشرفاء لكنهم قليلون ومغلوب عليهم.
إن الشأن الفلسطيني ليس شأن الفلسطينيين وحدهم حتى لا نتكلم فيه، بل هو شأن أرض إسلامية محتلة وإخوة مسلمين قابعين في سجنٍ صهيوني كبير، لذلك أقول أنه من الواجب علينا ما يلي:
أولاً. دعم الحكومة الفلسطينية المنتخبة مباشرة أفرادًا ومؤسسات ودول: فهي تعبر عن مبادئ أصيلة نعرفها وتضم مجاهدين أفذاذ معلومين وتشكلت من أساتذة جامعات ومتخصصين لا خلاف على كفاءتهم وقدراتهم، فلنحول زكاتنا وصدقاتنا إليهم بلا تردد، وقد أفتى فضيلة الشيخ أ.د. عجيل النشمي بجواز تقديم موعد إخراج الزكاة لإغاثة المنكوبين في فلسطين المحتلة وفق التفصيل الشرعي الذي تضمنته فتوى فضيلته.
وشبهة وقوف (حماس) ضد الكويت أثناء احتلالها في 1990م مردود عليها لأن تلك الحركة المباركة كانت أول منظمة تستنكر الغزو الغاشم في العالم أجمع، وقد نشرت في مقالات سابقة نماذج من بياناتها في أول أيام الاحتلال العراقي الظالم.
وشبهة نعيهم للقيادي في القاعدة – أبو مصعب الزرقاوي – مردود عليها كذلك من خلال بيان (حماس) الذي استنكر ذلك النعي المدسوس فور صدوره، وحتى لو لم يتم النفي فإن اللغة الغريبة التي صيغ بها النعي وشت بكونه ملفق، والعجيب أن السادة (الهاشم) و(المهري) و(الجار الله) قرأوا التصريح المدسوس الغامض، لكنهم لم يقرأوا حتى الآن بيان التوضيح والنفي الموزع عبر الوكالات الصحافية حول العالم!
ثانيًا. الضغط الرسمي والشعبي على (فتح) للابتعاد عن الحكومة المنتخبة وتركها تنفذ برامجها: وعدم تصعيد الأمور إلى حرب أهلية متوقعة عبر ارتكابها جرائم حرق المجلس التشريعي وقطع الطرق الرئيسة واختطاف كوادر (حماس) واغتيال ناشطيها! فلتحقن (فتح) الدماء الفلسطينية بعدما استباحت القضية والسلطة والأموال الفلسطينية لسنوات طويلة.
ثالثًا. استنكار كل الجرائم الصهيونية البشعة كلما ارتكبت: فلا يعقل أن تكون كثرة الجرائم واستمرارها على إخوتنا وأخواتنا هناك، مبررًا للتكاسل حتى عن واجب النهي عن المنكر باللسان! إن (الساكت عن الحق شيطان أخرس)، فلنستنكر الجرائم التي ترتكب بحماية (الفيتو) الأمريكي ولنفضحهما في كل اللقاءات الشخصية والشعبية والرسمية.
ختامًا إنني أتساءل عن ماهية الدور الذي من الممكن لحركة علمانية الأفكار وديكتاتورية القرار أن تلعبه لحل القضية الفلسطينية؟ إن (فتح) باختصار محتاجة إلى (إغلاق) قبل فوات الأوان ... أو فلنقل قبل فوات مزيدٍ من الأوان! ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.