انتهت انتخابات مجلس الأمة في يوم الخميس 29/6 الفائت، وحملت نتائجها أخبارًا سارة للإصلاحيين في الكويت، حيث زاد عدد نوّاب كتلـة التسعة وعشريـن الذين أيدوا تقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس دوائر قبل الانتخابات. وفي الحقيقة فإن الأخبار الطيبة لم تقتصر على تلك النتائج، فقد ظهرت عدة إشراقات برتقالية أسعدتني وحملت الأمل لي وللكثيرين:
أولاً. حسم التوجه: حيث كان توجيه سمو أمير البلاد واضحًا، بأن حل مجلس الأمة يهدف إلى معرفة رأي الشعب الكويتي بشأن الدوائر، حيث حاول البعض تصويره منقسمًا بين "الإرادة البرتقالية" و"العدالة الزرقاء".
لكن نتائج الانتخابات جاءت حاسمةً في بيان أن ما عبرت عنه التيارات السياسية والجمعيات الشعبية والقوائم الطلابية والتجمعات الشبابية هو رأي الأغلبية المطلقة من أبناء وبنات الوطن الراغبين بتقليص الدوائر الانتخابية.
ثانيًا. الحصانة العقلية: فقد حاولت بعض الصحف اليومية والمنابر الإعلامية تغيير قناعات الشعب الكويتي عبر تشويه الحقائق وإطلاق الإشاعات، ولكن النتيجة أتت عكسية تمامًا! إذ انتفض الناخبون للالتفاف حول كل من حاربته تلك الصحف والمنابر.
باختصار لقد فشلت تلك الحملات المغرضة في تحقيق أهدافها وخسرت إضافة إلى ذلك احترام الناس، حيث أن المصداقية كالزجاج الذي إذا انكسر فإنه لا يعود كما كان أبدا.
ثالثًا. التحركات الشبابية: التي كانت بلا شك المحرك الرئيسي في الانتخابات والأحداث التي سبقتها، فقد بدأ تنسيق التيارات السياسية من الواجهات الطلابية والشبابية القريبة منها، وقد ارتفع سقف المطالبات النيابية باجتهادات الشباب وتجمعات ساحة "الإرادة" أمام مجلس الأمة الكويتي.
كما أظهر الشباب احترافًا كبيرًا في التعامل مع وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة، ونذكر على سبيل المثال تحركات (اتحاد الطلبة) و(نبيها خمسة) و(شباب ضد الفساد) و(مجموعة كويتيون) الجماهيرية والالكترونية والإعلامية قبل وخلال فترة الانتخابات.
رابعًا. الإيجابية النسائية: حيث ازدحمت المقار الانتخابية وأماكن الاقتراع بالنساء من كل الأعمار والشرائح، وكان لتسجيلهن التلقائي ومشاركتهن المنقطعة النظير أكبر الأثر في توسيع القاعدة الانتخابية رغم بقاء الدوائر على عددها الحالي.
وإن الفوز الذي حققه الإصلاحيون مقابل الحكوميين، وانتصار "المبادئ المجردة" على "الخدمات الشخصية"، وعلو صوت "المصلحة العامة" فوق حناجر "المصالح الخاصة"، هي النتيجة التي سترسخها خطوات الإصلاح السياسي بإذن الله تعالى.
خامسًا. الوحدة الوطنية: فلم تفلح محاولات تقسيم المجتمع الكويتي إلى داخل وخارج أو قبائل وحضر أو سنة وشيعة، فرأينا أبناء "الرميثية" يصوتون لمرشحين إصلاحيين بغض النظر عن طائفتيهما، وشاهدنا ناخبي "الفحيحيل" يفضلون النزاهة المالية على المغريات المادية، وشاركنا أهل "الروضة" فرحة فوز الإصلاحيين على ذوي المواقف الغامضة.
كان العمل جماعيًا وفضَّل الناخبون اللون البرتقالي وأصبحت الدوائر الخمس شعار الكويت كلها، ولم يتبقَ أمام الحكومة الجديدة إلا أن تنحاز لصوت الأغلبية البرلمانية والوحدة الوطنية والإصلاحات السياسية والرغبة الأميرية السامية بحسم الاختلاف "الصوري" بقرارٍ جريء وواعي.
وخلاصة القول أن هذه الإشراقات من (انحياز) الشعب للإصلاح، و(حصانة) الناخبين ضد التأثيرات، وتحرك (الشباب) في قضايا جادة، وإيجابية مشاركة (النساء) كما وموضوعًا، وحفاظ الجميع على (الوحدة) الوطنية، هي إشراقات خمس حملتها لنا هذه الانتخابات، ومع الدوائر الخمس ستكون لدينا بإذنه تعالى إشراقات أكثر وأكبر، والحمد لله أولاً وأخيرًا.