هزت مذبحة جامعة فرجينيا للتكنولوجيا الولايات المتحدة بأسرها، كما أثارت مشاعر الحزن والغضب لدى الكثير من الناس، وقام بابا الفاتيكان بالصلاة من أجل ضحايا ما وصفه بالمأساة، وعزّت حكومات دول العالم الشعب الأمريكي بالحادثة البشعة، ووسط هذه الضجة حول الجريمة صدرت تصريحات مثيرة للاهتمام من رئيس المؤسسة الدولية الأمريكية (GAI) جوان كول يذكّر فيها بأن العراق تشهد عدة مذابح كتلك يوميا!

من المؤلم جدا سماع خبر مقتل أكثر من ثلاثين شخصا في منطقة آمنة وبحادث مفاجئ، ولكن موت أناس في  بلد تشهد يوميا ما يشبه إلى حد كبير حربا أهلية لا يقل إيلاما أبدا.

تمنى كول بأن يعطي الحزن والهلع الذي سببته مذبحة فرجينيا الشعب الأمريكي صورة عن الظروف التي يعيش فيها العراقيون كل يوم، وقال "ستختفي المذبحة من عناوين الأخبار في الأسبوع القادم .. إلا أنني سأعلن كل أسبوع عن مقتل 46 عراقيا".

وأضاف بأن هذا العدد يمثل ضحايا التفجيرات فقط ولا يشكل إلا نسبة 13% من نسبة العراقيين الذي يقتلون في حوادث عنف أخرى كإطلاق النار والذين يصل عددهم لـ 500 شخص كل يوم.

إن كول محق تماما بما يقول، فرغم أن الساسة الأمريكيين مستمرون بإطلاق التصريحات التي يدّعون فيها أن الوضع الأمني بالعراق في تحسن مستمر إلا أن العنف هناك بازدياد، فبالنظر لثلاثة أيام فقط من الأسبوع الماضي نجد أن أبرز أعمال العنف والحوادث الأمنية كانت كالتالي:

في يوم الاثنين تم اختطاف 11 شخصا بالفلوجة، ووجدت الشرطة العراقية 11 جثة ملقاة بشوارع بغداد وستة بالموصل، وقتل مسلحون خمسة جنود من القوات المتعددة الجنسيات، وقامت القوات الأمريكية بقتل ثلاثة عناصر من الشرطة العراقية وأصابت رابعا بطريق الخطأ، كما قتل شرطي عراقي في حادث منفصل.
    
وفي يوم الثلاثاء قتل ثلاثة أشخاص وأصيب 17 آخرون بقذائف بالمحمودية، وقتل خمسة سائقين لشاحنات نفطية في بعقوبة، وفي تكريت قتل ثلاثة رجال شرطة وأصيب 6 مدنيين بتفجير انتحاري، وقتل وأصيب 120 مسلحا، فيما قتلت القوات الأمريكية 25 شخصا وأصابت 8، وقتل جندي من قوات التحالف وأصيب جندي بريطاني، وتم اكتشاف مخبأ لمواد كيماوية سامة.

واستمر العنف حتى يوم الأربعاء حيث قتل 128 شخصا وأصيب العشرات في خمسة هجمات متفرقة ببغداد، وقتل 5 أشخاص وأصيب 17 بثلاثة تفجيرات لسيارات مفخخة، فيما قتلت القوات الأمنية خمسة مسلحين وأصابت أربعة واعتقلت 30.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت أن حوالي ألفي مدني لقوا مصرعهم خلال شهر يناير الماضي بالعراق، ويعادل ذلك ثلاثة أضعاف أعداد القتلى في صفوف المدنيين خلال شهر ديسمبر من عام 2006، إلا أن الأمم المتحدة تقول أن أرقام الضحايا الحقيقة أكبر بكثير من الأرقام المعلنة.

إن هذه الحوادث والأرقام المخيفة تعطي نموذجا للأوضاع الأمنية السيئة في العراق وتؤكد أنه حتى بعد أربعة أعوام على سقوط نظام الطاغية صدام لا تزال البلد تدور في دوامة من العنف المدمر، إن العراق يشهد يوميا عدة مجازر كمجزرة جامعة فرجينيا، والفرق بين تلك الحادثة وما يحدث بالعراق ليس فقط في أن عدد من يموتون كل يوم في العراق يبلغ أضعاف عدد من ماتوا في تلك الجامعة، ولكن يكمن أيضا في أن هناك أعدادا هائلة من أمثال مرتكب جريمة الجامعة الأمريكية موجودة في العراق.

إن الدور المطلوب من المسؤولين المشاركين في مؤتمر دول الجوار العراقي - الذي ستستضيفه مصر بعد أيام - يجب أن لا يقتصر على شجب أعمال العنف واستنكارها، بل يجب أن يشمل حسم موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق والاتفاق على نبذ كافة أشكال العنف تجاه الأبرياء واحترام سيادة العراق وحماية الحريات.

أما أخواننا وأخواتنا داخل العراق فنوصيهم بالصبر والوحدة الوطنية ودعم التيارات المعتدلة والحرص على خيار التغيير السلمي، سائلين الله لهم الثبات والفرج العاجل.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية