الصهيونية مشروع عدائي وعنصري، مثلما اعتبرته الجمعية العامة للأمم المتحدة طوال سنوات، وقد أقر بذلك وتبرأ منها عدد كبير من أبناء الديانة اليهودية ذاتها.
حدث – قديمًا وحديثًا – أن حمل مسيحيون المبادئ الصهيونية وسعوا لتطبيقها، رغم ما تمثله أبجدياتها من استحداث وطن قومي لليهود في فلسطين، على حساب التاريخ والعدالة والإنسان الذي استوطن تلك الأرض من آلاف السنين.
وهي مجموعات سميت إعلاميًا بالمحافظين الجدد أحيانًا، وعند مغالاتها في تحريف النصوص الدينية عرفت بالمسيحية الصهيونية، وينسب الرئيس الأمريكي الحالي (بوش) إلى هذه المجموعات، فهي تمثل القاعدة الانتخابية الأقوى له في دورتيه الرئاسيتين.
المستحدث اليوم هو ظهور أفراد عرب ومسلمون يتبنون الأطروحات الصهيونية تلك! رغم أن أول ما تبدأ به تلك الفكرة الشيطانية، هو سحق القومية العربية من جانب، ومحاولة تفريغ الدين الإسلامي من محتواه من جانب آخر.
ومن المؤسف حقًا وجود أقلام كويتية تروج – من حيث تدري أو لا تدري – إلى بعض مفردات الخطاب الصهيوني، مثل وجوب الاعتراف بالكيان الصهيوني القائم، والسخرية من الآمال في الانتصار عليه وتحطيم ثقة الناس بجميع الفصائل المقاومة لذلك الكيان الغاصب، وسأورد بعض الأدلة على ما أقول:
ها هو الكاتب صالح الشايجي يفاجئنا – مجددًا – بزعم خطير مفاده أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هي المتسببة بالأحداث الدامية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان الشقيقة، وذلك في مقالته المنشورة في صحيفة (الأنباء) 22/5.
وذلك بالرغم أن تنظيم (فتح الإسلام) المتهم بتلك الجرائم لم ينكر قيامه بها، محاولاً إيجاد مبررات لجرائمه تلك، وهو تنظيم مرتبط بتنظيمه الأم (فتح) أو المخابرات السورية على اختلاف في التقارير الصحافية، وكلاهما يحمل أفكار علمانية لا تمت لحركة (حماس) بأي صلة.
من المؤسف أن يصل الحقد بالإنسان على أخيه الإنسان إلى درجة تعميه عن رؤية الحقائق، وتؤدي بكاتب ما إلى عدم احترام عقول قرائه لهذه الدرجة!
ومن المؤلم أن لا يجد الكاتب الشايجي شيئًا يدلل به على مزاعمه سوى حديث شريف يوصي بإعانة الجار والتبرع له بفوائض الأطعمة وغيرها، مصرحًا أن (حماس) الإسلامية دعمت ذلك التنظيم الإرهابي المنشق عن (فتح) العلمانية، انطلاقًا من ذلك التوجيه النبوي.
في الختام أقول إن الحذر من إلقاء التهم على الآخرين واجب، فالظلم مرتعه وخيم وهو ظلماتٌ يوم القيامة، وعدم وقوف الكاتب أمام قاضي الأرض لن يغير حقيقة وقوفه ووقوفنا جميعًا أمام قاضي السماء والأرض، سبحانه وتعالى في يوم العرض عليه.
فما بالنا إذا كان المظلوم هو مسلم تجب علينا نصرته، والظالم هو كيان غاصب يحمل مشروع صهيوني عنصري يضر الإنسانية جمعاء؟ أم أن الدعاية الصهيونية قد أثرت بشكل أو بآخر حتى ببعض إخوتنا أصحاب الزوايا الصحافية؟ أرجو أن لا يكون ذلك صحيحًا وأن تكون هذه الأمور زلة لسان لن تتكرر، والحمد لله أولاً وأخيرا.