أما آخر تلك التحركات والذي أطلق عليه أسرى حماس في سجن عوفر مسمّى (براءة اختراع إسرائيلية) فهو التحول من اعتقال النواب الرجال إلى أسر النائبات وكانت أولاهن د. مريم صالح التي باتت تعد أول برلمانية في العالم تعتقل من قبل سلطة احتلال.
لقد التقيت بالسيدة مريم العام الماضي بأحد المؤتمرات وكانت حينها وزيرة شؤون المرأة بالحكومة الفلسطينية، ولمست عندئذ حبها لدينها وأمتها ووطنها بالإضافة إلى تواضعها الجم، كما رأت فيها قوة وصبر المرأة الفلسطينية وتحديها للصعاب، فهي ليست مجرد ناشطة سياسية وبرلمانية حملت على عاتقها مهمة النضال ضد الاحتلال وحماية حقوق أختها المرأة، بل إنها أم لسبعة أبناء أحدهم معاق، وحاصلة على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، ومؤسسة وعضوة في عدة جمعيات خيرية ومدنية.
إن اعتقال النائبة مريم ليس بمستغرب في ظل المسلسل المستمر من الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، ولكن الغريب هو أن يأمل البعض أو أن يوهم نفسه أن مؤتمر أنابوليس المرتقب سيكون نقطة بداية لنهاية الصراع الفلسطيني-الصهيوني دون النظر للتصعيد "الإسرائيلي-الفتحاوي" المشترك.
أعتقد كما يرى الكثيرون بأن القمة لا تملك أي أمل بالنجاح ليس لغياب سوريا عنها فحسب أو عدم تسليطها الضوء على القضايا المصيرية، ولا لأن الحكومة المشاركة لن تكون ممثلة لكامل الشعب الفلسطيني ولا بسبب فشل جميع القمم العربية-الصهيونية الماضية فقط، إنما بسبب تزايد الانكسار والخضوع "الفتحاوي" أمام العدو الصهيوني والسماح له - بل ودعوته - للمزيد من الانتهاكات بحق الفلسطينيين.
إن الجرائم الصهيونية في تصاعد دائم و"إسرائيل" مصرة على أسلوب القوة الذي ستستخدمه بالقمة أيضا ولكن بشكل مختلف في قضايا المستوطنات والحواجز والأسرى، في الوقت الذي يقوم فيه نظام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتفرج والتصفيق، فأي مفاوضات تلك التي سيجريها حليفان!
الآمال معدومة باحتمالات نجاح المؤتمر ولكن السلوى قد تكون في أن يؤدي الإخفاق إلى تزايد الدعوات لاستقالة عباس، ويبقى أحد الاحتمالات هو إشعال الشرارة لانتفاضة جديدة كما حدث بعد قمة كامب ديفيد عام 2000.
إن المطلوب من الدول العربية عدم التعاون مع حكومة سلام فياض غير الشرعية وعدم دعم مؤتمر أنابوليس الهادف لتصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من مضمونها وإلهاء المجتمع الدولي عن اقتحام مدن وقرى قطاع غزة واغتيالات المقاومين واعتقال القيادات واستئناف الحفريات تحت المسجد الأقصى.
اللهم اكتب لأمتنا كل ما فيه الخير والفلاح، اللهم يا مجيب الدعوات فك قيد أسرى المسلمين واعل كلمة الحق والدين.